الجزء الثاني من الفصل الواحد والعشرون رواية الخادمة الصغيرة الجزء الثاني
هي ابتسمت ابتسامة دافية جدًا…
ابتسامة حقيقية من كلامه مقدرتش تمنعها ومهما كان كرهها لجلال .. إلا إن كلامه غصب عنه تسرب لقلبها وانه مقدرش غيرها ولا ميز غيرها .. خلاها تحس بفرحة في قلبها .. حتى لو فرحة صغيرة ودفينة .
وهو…وقف قدامها لدقايق وهو لسه ماسك إيديها، حاسس إن نفسه يعيش كدة باصصها ولامسها بس ..
_ خدي عمري كله بس افضلي اضحكي وابتسميلي كدة ! ...
قال جلال بعيونه الشقية وهو بيبصلها وهي ضيقت عيونها ! جلال الصايع إللي جاي يلعب بكلامه الحلو وياكل دماغها بكلمتين ..
_ دول مش كلمتين من بتوع جلال .. دا أنا عمري كله بيتلخص في اللحظة دي !
نسيمة حسّت قلبها بيتحرق في مكانه…بس محدش اهتم…
لأن رضا وجلال كانوا لوحدهم في عالمهم…
عالم مفيهوش غيرهم....
لكن رضا ابتسمت بسخرية وشاورلته بعيونه انه يقعد وكأنه بتقوله" مش هتضحك عليا بكلمتي" ..
_ طب تعالى اقعد اقعد .. عملت إيه في الأرض؟
جلال اتنهد وحس بغصة في قلبه انها مش قادرة تصدق حبه أو كلامه الحلو ..ولكنه قعد جنبها ورضا مخافتش ولا اتهزت ورفعت حاجبها تسمعه وهو بيتكلم عن مشروع الوصية ..
وهنا نسيمة إللي كان قلبها بينزف وهي بتفتكر كل كلمة جلال قالها لرضا ادامها .. تعبيره عن حبه .. انه ينحني ويبوس ايديها .. اتمنت انها تولع في رضا وهي عايشة وتعذبها لحد الموت !! ... فكن لما جلال قعد وجات عيونها في عيونه حاولت تسحب منه أي كلام بدل ما رضا تاخده ليها لواحدها ولسة بتقرب وبتقول
_ صباح الخير يا حاج !
_ عايز قهوة !
دا كان رد جلال إللي خلى رضا تضم شفايفها على بعض في تفشي وتوسع عيونها مزهولة بتمثيل مبالغ فيه عشان تقهر نسيمة وتأكد على احراجها والإهانة إللي اتعرضت ليها !!
_ حاضر ياحاج ..
ما كان من نسيمة إلا انها تقول كدة وتقوم تمشي جري على المطبخ وهي أصلا كان نفسها تهرب بأي شكل !!! ..
نسيمة اول ما دخلت المطبخ جرت على الخرامة توقع كل حاجة من عليها بعنف شديد وهي بتنهج من الغيظ والحقد وشدت حجابها قلعته وفضلت تتنفس بصعوبة شديدة وعينيها كلها بقى لونها أحمر من الحقد وهي بتنوي جواها لنوايا .. ابليس كان شريكها فيها !! ...
________
جلال شرب قهوته إللي جابتها نسيمة ومشت وكان بيتكلم مع رضا وبيشرحلها كل حاجة هتتعمل وبعدين أنهى كلامه وهو بيقول بنبرة هادية لكن وراها حسم رجالة الأعمال
– ومازن هييجي النهاردة ينزل معايا… معادنا كمان ربع ساعة.
رضا كانت قاعدة قدامه، رجل على رجل، بتلعب بطرف شعرها بخفة وهي بتقول بحدة فيها استنكار
– ومحدش قالي ليه؟
رفع جلال عينه عليها وقال بنبرة فيها لمحة سخرية حادة
– ليه؟ هتنزلي وسط الرجالة؟
ردت بسرعة ونبرتها عالية شوية
– آه أنزل! دي كانت أمي!!
رد عليها من غير ما يرمش
– لأ… مش أمك.
اتنهدت رضا بعمق وقالت بصوت هادي لكن جواه وجع دفين
– ولا فريدة كانت أمي!… بس الظاهر إني جدعة بزيادة طول عمري ومبنساش المعروف.
سكت جلال لحظة وهو بيبصلها بنظرة تقيلة… فيها حاجات كتير… إعجاب، انكسار، غيرة، حزن…
وبعدين قال بنبرة أهدى .. غيرة لأنها عاوزة تنزل عسان مازن وحزن لما فكرته باللي فات ختى لو بجملة واحدة ! ... حاول يهدى ويتكلم بهدوء وبالعقل ويقنعها تقعد
– وانتي لما تنزلي معانا في عز الحر والتراب والقرف كده هتبقي جدعة؟… دي بهدلة على الفاضي… اقعدي هنا و ارتاحي خالص وكل الأخبار هتجيلك
رفعت رضا راسها ببطء وقالت بعنادها الهادي
– أنا عايزة أشوف مازن.
اتعصب جلال وكان هيطق من الغيرة
– رضا…
– أميرة!
صححتله بنفس أسلوبه فهز دماغه وهو بيقول بصوت مبحوح فيه اعتراض
– لأ… هي رضا!!… أميرة دي اسم سخيف جدًا.
بصلته بنظرة طويلة وقالت ببرود قاتل
– مطلبتش رأيك!!
ابتسم ابتسامة صغيرة جدًا… ابتسامة راجل عارف إنها لو قالت كلمة خلاص، فأنهى الحوار بهدوء
– خلاص… تعالي.
ردت عليه بسرعة وهي بتقوم بكبرياء
– كده كده كنت هاجي… أنا كنت ببلغك مش بطلب الإذن.
وقفت رضا وراحت أوضتها بسرعة…
جابت تليفونها من على الكومود ووقفت شوية قدام المرايا…
بصت لنفسها وهي بتظبط شعرها حوالين رقبتها…
خرجت تاني وهي ماسكة شنطتها الصغيرة…
وقفت قدامه… عينيها بتلمع بالعند والقوة اللي عمره ما هيقدر يكسرهم فيها…وقتها رفع عينه عليها وبص لها ببطء…
نظرة عيننه كانت عنيفة جدًا…نظرة راجل مش راضي… غضبان…لكن بيكتم غضبه جواه…
قرب منها بخطوة كانت خطوة تقيلة، مليانة رجولة وثقة ونبرة امتلاك...
قبل ما تنطق، قال بصوته الخشن الهادي:
– ورجليكي…
عينه نزلت ببطء على الجيبة وقال بنبرة منخفضة لكن تقيلة:
– رجليكي اللي باينة من الجيبة دي؟
اتشدت رضا شوية، وقالت بنبرة عادية بس فيها لمحة من التحدي
– الجيبة مش قصيرة… دي عادية.
