الجزء الثاني من الفصل السادس عشر رواية الخادمة الصغيرة الجزء الثاني
كان قلبها بيخبط بعنف وهي طالعة على أوضتها… مش قادرة تفهم ايه اللي جواها دلوقتي… خوف؟ غضب؟ شفقة؟ قرف؟… ولا يمكن كل دا مع بعضه.
دخلت الأوضة وهي بتتنفس بسرعة… لقت جلال نايم على السرير، وشه باهت جدًا… عينيه مقفولة لكنه كان بيتنفس بصعوبة… صدره بيطلع وينزل بحركة بطيئة، ووشه كله عرق.
اتجمدت مكانها شوية… كانت عاوزة تسيبه… تسيبه يموت لو عاوز… تسيبه ينتهي من الحياة اللي ضمر حياتها… بس حاجة غريبة جوه قلبها ما خلتهاش تقدر.
قربت منه… لمست جبينه بإيدها… كان سخن جدًا… حرارته مولعة!
شالت إيديها بسرعة وكأنها اتلسعت… وقفت شوية بتفكر…
"اسيبك؟ ولا ألحقك؟… لو مت ... فموتك مش هيريحني …ولو عشت .. بردو وجودك مش هيريحني "
حست بألم كبير وهي بتبص عليه .. ألم وغضب في كل مرة بيهاجموها وهي بتبص عليه … بتفتكر كل حاجة… صوته وهو بيشتمها زمان… ايده وهي بتضربها… عنفه… قسوته… كراهيتها ليه اللي بقى ملهاش نهاية… بس في نفس الوقت… فاكرة ضحكته… فاكرة حضنه الأول… فاكرة اللي اتنين كانوا لسه عيال ومش فاهمين الحياة.. فاكرة الليالي والأشواق .. والحب ! فاكرة جلال الصغير إللي كان بيسحرها وفاكرة جلال إللي كان بيهينها ! ..
اتنهدت بعمق وهي بتقول لنفسها
"أنا مجنونة… مجنونة بساعدك… بس أنا مش زيك… أنا مش هسيب حد يموت كدة… حتى لو كنت انت…"
دخلت الحمام بسرعة… جابت فوطة مبلولة بمية ساقعة… عصرتها وخرجت… حطتها على جبينه… جلال اتنهد بصوت واطي جدًا وهو بيترعش من البرد.
شالتها ومسحت بيها وشه… كل شوية كانت تغمسها في المية وتطلعها… عينيه اتفتحت شوية… نظرة مشوشة جدًا… مش قادر يشوفها ولكنه حاسس بيها … ارتاح للمستها… ارتاح لريحتها… ارتاح حتى وهو نص واعي.
بصتلها… وبصتله… قلبها اتقبض وهي شايفة تعبه… جسمه الضخم بقى ضعيف أوي قدامها… صوته كان واطي جدًا لما قال
– رضا…
اسمه على لسانه وجعها… خلى عينيها تتملى دموع… قربت منه شوية وقالت بحدة وهي بتعصر الفوطة تاني
– اسكت… متتكلمش خالص… لو مت قدامي دلوقتي هبقى أسعد واحدة في الدنيا.
ابتسم ابتسامة ضعيفة جدًا… ابتسامة وجع… وقال بصوت مبحوح
– بس… انتي لسه هنا… لسه معايا…
سكت… عينيه اتقفلت تاني… وفضلت هي قاعدة جنبه… تعمل له كمادات… وتمسح عرقه… وكل شوية تقول لنفسها
"آخر مرة… آخر مرة أساعدك…"
بس جواها كانت عارفة… ان قلبها عمره ما هيبقى حجر… وان كراهيتها ليه… مهما كانت… عمرها ما هتقدر تقتل الرحمة اللي جواها...
بدأ جلال يترعش ويتأوه بتألم وسنانه بتحتك ببعضها .. دخل في حالة غريبة ومضاعات كبيرة وشديدة...جرح جلال مش عميق خالص وسطحي وكان ممكن يلم من غير خياطة ولكن الخياطة هتساعده أكتر خصوصا ان الجرح في الرقبة .. غطته رضا ولكن جلال بدا يتنفض
_ جلال !!! .. جلال فيه إيه؟؟
من شدة تعبه مكانتش قادرة تفهم إيه إللي بيحصل رغم انها دكتورة .. فجأة قربت ليه وخدته في حضنها ..ملقتش طريقة تانية تدفيه بيها غير دي !
خدته جوا حضنها وهو لسة بيترعش بقوة ومش عارفة تعمل إيه أو تتصرف إزاي وكأن كل معلوماتها ضاعت وتبددت وكل إللي في بالها انها تشدد من احتضانه أكتر لصدرها لحد ما يهدى .. وفعلا .. بعد وقت ! جلال هدئ .. نام ..وهي كمان .. نامت ومحستش بنفسها غير تاني يوم والشمس طالعة ... عشان تتصدم باللي هي عملته امبارح وكأنها كانت مغيبة عن الوعي .
---
