الجزء الثالث من الفصل السادس عشر رواية الخادمة الصغيرة الجزء الثاني
نور الشمس كان ضارب في وشها… عينيها تقيلة، وجسمها كله واجعها من الوضعية اللي نامت بيها… كانت قاعدة على طرف السرير، وراسه متوسدة صدرها، وإيدها ملفوفة حوالين كتفه.
اتجمدت ثواني… عقلها بيحاول يستوعب المنظر… قلبها اتقبض بعنف وهي بتفتكر كل حاجة حصلت امبارح… بصت على راسه اللي غرقان في صدرها… حسيت بدوخة من هول الموقف… هي ازاي عملت كدة ؟؟!!
"انا… انا نيمته في حضني… انا… كنت بدفيه بجسمي !"
بعدت عنه بسرعة… حسيت بالدم بيجري في عروقها بحرارة غريبة… حرارة مليانة خجل من نفسها ، ذل، وقهر… قامت بسرعة وهي بتتنفس بعنف… ايدها بتترعش وهي بتبعد شعرها عن وشها… دموع غيظها كانت مالية عنيها.. مسحت هدومها كأنها اتلوثت من قربه وكانت بتمسح بعنف كأنها بتضرب نفسها !!
بصت عليه… لقت نفسه هادي، ووشه أهدى بكتير من امبارح… ملامحه مستكينة… كأنه طفل صغير بيحتمي فيها… كأن كل العنف اللي فيه اختفى للحظات وبقى بني آدم محتاج حد يحبه… بس هي عارفة… عارفة الحقيقة كويس… عارفة ان ده كله لحظة ضعف وهيرجع تاني أسوأ من الأول.
قالت لنفسها بغل وهي بتعض شفايفها بغضب شديد
مش هضعف تاني… مش هضعف تاني… مهما حصل…
بصت عليه للمرة الأخيرة… وبعدين بسرعة وراحت للحمام بتاع الأوضة ... قبل ما قلبها يخونها… وقبل ما الرحمة اللي فيه تهزم الكراهية اللي بنته بدموعها سنين طويلة ..
رجليها بتترعش وهي داخلة الحمام وبتسند على الحوض .. بتبص لنفسها وهي مش قادرة تستوعب إللي بيحصل ومش طايقة نفسها … دموعها متعلقين في رموشها ومش قادرة تنزلهم ... كل حاجة بتوجعها… كل حاجة مخنقاها.
رجعت قفلت الباب وراها بهدوء… سابت ضهرها يستند على الباب وهي بتنهار في صمت… كل حاجة بتلف حواليها… حاسة انها مش عايزة تعيش… مش عايزة تتنفس.
وفجأة… الباب اتفتح بعنف من غير ما تدرك… نسيمة دخلت وهي وشها مليان غضب واحتقار… بصتلها من فوق لتحت وضحكت بسخرية خبيثة وقالت
_ لما ملقتهوش في أوضتنا قولت أكيد هو عندك… سحبتيه عندك يا رضا بعد ما خانك؟!
رضا بصتلها بصدمة وسكوت… مش قادرة تنطق.
نسيمة قربت منها خطوة… بصوتها العالي ولسانها اللي مبيعرفش الرحمة قالت
_ أنا مشوفتش واحدة معندهاش كرامة زيك… مش عايزك! قالك مليون مرة مش عايزك! مش طايقك! خانك… خانك مع طوب الأرض كله… مع العفيفة ومع الرخيصة ومع كل الستات!
ضحكت ضحكة صغيرة وهي بترفع حواجبها بتصنع
_ وانتي هنا… من أول ليلة لوحدكوا… سحبتيه لأوضتك! يا نهار اسود! انتي بتلمي اللي بيرميكي؟!
فضلت رضا واقفة… مابتتكلمش… عينيها مليانة دموع… بس نظرتها كانت قوية… متكسرتش قدامها… حطت إيدها على قلبها كأنها بتحميه من كلامها السام… وقالت بصوت واطي لكنه ثابت
_ اطلعي بره.
نسيمة قربت وشها منها أوي وقالت لها بهمس مقزز
_ بره؟ أنا هنا ست البيت… أنا لو منك أطلع… أطلع من الدنيا كلها.. ماهو أختار من زمان ورجعتي لقيتي مراته وعياله وبيته وحاله ! جاية تعملي إيه هاه ؟ فاكرة نفسك ليكيى قيمة عنده !!
قربت منها نسيمة وهي قاصدة تهينها أكتر وبتقول
_ متفكريش إللي هو بيعمله دا حب تؤ تؤ تؤ .. دا شفقة وتوبة ! أصل جلال بقى حاج .. بقى راجل محترم وبيعرف ربنا وتاب فعاوز يصلح غلطته معاكي ويخليكي تسامحيه مش أكتر .. انما حب وغرام .. مفيش منه دا يا حبيبتي ! ومتحلميش ان جلال الصواف يحبك حتى لو بقيتي السفيرة عزيزة .. هتفضلي رضا ! رضا الخدامة بتاعته إللي بيصبحها ويمسيها بعلقة وشتيمة .. متحلميش بالحب ! الحب بعيد عنك أوي.
رضا فضلت متصنمة مكانها وهي بتسمع كلام نسيمة ومش باين على وشها أي تعبير ...
وهنا نسيمة ضحكت تاني ومشيت… وسابت رضا واقفة مكانها… ولكن نسيمة مكانتش تعرف ان رضا ... فضلت واقفة مكانها وهي بتقسم لنفسها إنها مش هتنسى الإهانة دي..
وهنا بقى ..ظهرت ابتسامة على وش رضا .. ابتسامة شريرة وخبيثة ! ابتسامة رددت وراها
_ أنتوا إللي جبتوه لنفسكوا ...
وفعلا .. رضا في اللحظة دي قررت وبكل وضوح وبدون ذرة ندم ...الانتقام منهم واحد واحد .. هتندم نسيمة على كلامها حرف حرف .. هتندمها انها كانت عشيقة جوزها ..وهتندم جلال انه خانها وهتعرف كل واحد فيهم مقامه الحقيقي ...
غسلت رضا وشها وبصت لنفسها في المرايا ... ونظرتها كانت مظلمة لدرجة إنها فعلت جواها روح ..روح انتقامية رهيبة مش هتهدى إلا لما تاخد حقها وبطريقتها ... وعليها وعلى أعدائها ومعندهاش أي حاجة تخسرها .. كرامتها وراحت من زمان .. عيالها وماتوا .. أهلها ومفيش ..
تقريبا وهما بيعادوها نسوا .. إنها معندهاش أي حاجة تخسرها ..
---
