الجزء الرابع من الفصل الرابع والعشرون رواية الرقيقة والبربري

 الجزء الرابع من الفصل الرابع والعشرون رواية الرقيقة والبربري 




_________________________________


في اليوم التالي .. كانت نور بجانب رامي.. يجلسان فوق سطح السفينة .. صامتة .. عينيها على الماء ... لكن هقلها لم يكن على المنظر .. تشعر بشيئ خاطئ في رامي ! .. لكنها لم تتحدث وفضلت الصمت حتى لا تزبد من ضيقه .. 


كلنت منشغلة في تفكيرها حتى لم تكن منتبهه  للموسيقى الناعمة  في الخلفية، على طاولة بجانب رامي جلست نور قريبة من الحافة .. 


ترتدي فستان أبيض بسيط من الكتاب ، شعرها مفرود بنعومة على كتفها، ويديها متشابكة فوق ساقها ، يظهر على وجهها الارتباك من صمت رامي ومن الأجواء الغريبة حولها ...


أما رامي كان في مكان أخر .. يريد أن يتكلم .. لكنه تجنبها فأي قرب بينهما أو أي كلام سينتج عنه تصرفات لن يُحمد عقباها .. 



لمحت نور فتاة تنظر لرامي من بعيد .. تتغير ملامحها وتتحمس وهي تراه .. هل تعرفه ؟ سألت نفسها 


ثم، جاءت تلك الفتاة.


خطواتها الواثقة اخترقت الزحام كأنما تشق طريقها في عرضٍ مسرحي، وعندما توقفت أمام رامي، انحنت نحوه قليلاً وهمست باسمه، بنبرة دافئة فيها شيء من الذكريات القديمة.


تأملتها نور وهي تدخل بضحكتها العالية، شعرها مسبسب وملابسها ملفتة ومكياجها تقيل... عندما رأته هتفت 


البنت بضحك مستفز 


_ يا لهوي! رامي؟! إيه الصدفة العجيبة دي؟!


التفت نور لها في دهشة ورامي تجمد مكانه وهو يعلم تمامًا هوية الفتاة ! عينيه زاغت ووجهه اصفر وهو في موقف لا يحسد عليه .. أكملت الفتاة وهي تتأمله من أخص قدميه حتى شعره 


– بس فينك أنت اختفيت كده مرة واحدة؟ 


ابتسم رامي، تلك الابتسامة التي تعرف نور جيدًا أنها ليست نابعة من القلب، وإنما خليط من الحرج والتوتر. نهض واقفًا، يرد التحية، ثم نظر إلى نور سريعًا وكأنه يحاول طمئنة نفسه أنها لن تغضب عليه .. 


رامي اتشد، وقف، ابتسم ابتسامة باهتة وهو يقول 


ـ إزيك... ؟!


ضحكت الفتاة


_ ايه دا مش فاكر اسمي !يا باشا ده أنا فاكرة كل حاجة، أيامنا في الجونة، وشرم، والهزار اللي ما كانش بيخلص.. 


رمشت نور بعينيها، نظرت إلى رامي الذي بادلها النظرة بقلق واصح وارتباك وقلبه يدق كالطبول 


قالت نور بينما تنظر للفتاة 


_ مين دي يا رامي !


رامي ضحك ضحكة رخوة جدًا، وقال وهو يدفع الكرسي برجله 


– دي؟ دي... كانت بتشتغل معانا في الإنتاج الفني!


تفاجئت الفتاة وضحكت وهي تنظر له  


– إنتاج فني؟ لا وأنت كنت بتنتج عالآخر..


ضحكاتها العالية المتتالية جعلت نور يضيق صدرها وقلبها وهي تنظر لرامي الذي يغتصب ابتسامة على وجهه وكان الوضع عادي لكنه من داخله كان يعرف أنه ليس عاديًا أبدًا وميت من الرعب !!! 


اقتربت الفتاة أكثر منه ونظرت لنور ينظرة تقيمية ثم قالت بهمس وصل بسهولة لنور 


– دي واحدة جديدة؟


رامي قال بسرعة 


– مراتي يا مدام، مراتي!


ثم صمت وعلى وجهه ملامح البكاء فهذه المرأة جائت لتخرب عليه زواجه بالتأكيد ... 


رفعت حاجبها وضحكت



– يا روح قلبي! طب حقك عليا، كنت فكراك لسة 

بتلعب في دوري المحترفين!


نور نظرت لرامي بجمود ليقول رامي 


_ آه آه فعلا احنا عملنا اعلانات في الدوري !!   


كلمات بلهاء خرجت منه في محاولته لمداراة ما تقوله الفتاة لكن نور سألت بصوت حاد نادرًا ما يخرج منها 


– اعلانات ايه ؟


رامي ابتسم ابتسامة صفراء وقال


– حاجة كد  كان إعلان يعني للشركة وخلص .. 


اقتربت المرأة و تكلمت بصوت عالي وهي تقول بينما تغمز  


– اعلان ! هه لا ده كان فيلم أكشن على الآخر !


نظرت نور لهما وقالت ببرود خالف النيران التي اشتعلت داخلها 


– واضح إن عندك مواهب أنا معرفهاش !!


– يا رب المركب تغرق .. 



قال هامسًا لنفسه وهو في هذا المأزق .. قبل ان تودعه الفتاة وترحل 


وهنا فقط تحرّكت نور... وقفت ببطء، نظرت إلى رامي نظرة قصيرة لكنها مشحونة بكل ما لا يُقال، ثم أدارت وجهها ومشت في الاتجاه الآخر..لم تنطق بشيء، لم تحتج إلى توبيخ أو لوم أو حتى دموع.

كانت كرامتها قد تكلمت عنها... وتركت رامي ينظر في أثرها في زهول مما حدث للتو !


مصائبه تلاحقه أينما ذهب .. هذه راقصة كان يعرفها .. ولم يكن يتخيل أن الصدفة يمكن ان تجمعه معها وبحوذته نور زوجته ! .. 


توجه للغرفة خلف نور حتى يصالحها .. لكنها لم تستجيب... 


ظل صامتًا لم يجد ما يقوله .. دخلت نور الحمام ثم خرجت ونامت حتى بعد المغرب ورامي لم يتحدث ونيرانها اشتعلت أكثر حتى قررت أنها سترهق قلبه مثلما فعل !!! .. ستذيقه العذاب وتجعله يجرب نيران الغيرة ! ..


____________________________




إرسال تعليق

الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.