الجزء الثاني من الفصل الثالث رواية الخادمة الصغيرة الجزء الثاني
رامز فضّل ساكت لحظة بيتابع حركاته اللي بان عليها عدم الاتزان والجنان والاضطراب ، باصص له بنظرة تقيلة، وهدوء صعب، كأن الكلام بيوزنه قبل ما يطلعه…
وبعدين قرب، وقال بنبرة صادقة ومليانة وجع
– ولا تلومها…ولا تلومه...لوم نفسك بس.
الكلمات نزلت على جلال زي الضربة اللي مفيهاش رحمة، جسده ةتشد، وعينيه وسعت، كأنه اتعرّى أدام نفسه ...
رامز كمل، وصوته بدأ يطلع أكتر، لكن مش بالصريخ…
بوجع راجل شاف اللي ما يتشافش:
– متعملش نفسك ضحية ومظلوم .. أنت اللي طردتها وهي لسه ما قامتش من النفاس...رميتها… رميت عرضك ومراتك يا جلال... رميت الست إللي بتقول انها لسة على ذمتك ...
جلال حاول يفتح بقه، لكنه ما لحقش…
الصدمة في كلام رامز كانت أسبق من أي رد،
لسانه اتحبس، وعينه نزلت للأرض، كأنها مش قادرة تواجه الحقيقة.. مش قادر يفتكر إللي عمله كل ما يفتكره يكره نفسه ويكره سنينه ويتمنى انه يموت أو يختفي ...
رامز قرب أكتر، صوته ناعم لكنه حاد
– ما تجيش دلوقتي وتلومها وتعيب فيها وتسألها ليه ما بصّتش في وشك ولا عملتلك حساب .. أنت ياما ظلمت وأذيت .. أنت مخلتش حاجة معملتهاش فيها زمان .. وبعد كل السنين دي جاي تغير وتزعل !
جلال عيونه احمرت وملقاش كلام يقوله وساب نفسه يسمع كلام رامز إللي هيفوقه
_ مستني منها إيه؟تسامح؟تبتسم؟ترجع ليك؟
بعد مل اللي حصل؟
سكت لحظة، وعينيه لمعت بمرارة، وبصله وقال
– أنا نفسي..أنا اللي ما كنتش في مكانك،
أنا مش مسامح نفسي لحد النهاردة،عشان كنت طرف في الموضوع ده.
في اللحظة دي، جلال اتجمد.
ما بقتش فيه طاقة حتى للغضب.
كأن الكلام خبطه على روحه مش على ودنه.
وقف ساكت… صدره بيتحرك ببطء،
عينه دمعت، بس ما نزلتش…
بس كانت باينة.
أول مرة يتهز كده…
أول مرة يحس إنه خسر حاجة كانت جوّه إيده…
وسابها تروح.
_ متنساش تاخد الدوا وتهدى وتفكر شوية .. أنا هنزل القاهرة هخلص شغلنا وهاجي بعد بكرة .. أتمنى متعملش أي مشاكل لحد ما أجي ..
_ متسيبنيش لواحدي هنا ..
قال جلال بنبرة فيها استنجاد .. لكن رامز قاله
_ مش هسنفع نأجل الشغل أكتر من كدة ..
وبعدين مسك جلال من كتافه وبصله في عينيه وقال
_ أنت اتغيرت .. مبقتش جلال بتاع زمان .. أنت راجل دلوقتي قوي وعندك انجازات وعملت تغييرات كتير أوي.. أنت أهدى من كدة .. عايزك تهدى يا جلال وتدي لنفسك فرصة انك تتنفس .. خلي بالك من نفسك وأنا مش هتأخر وهحاول أخلص بسرعة وأرجع ..
جلال سكت وراح قعد ورا كرسيه ورامز بصله بأسف .. اليوم دا مكانش متوقع انه ييجي .. كانوا فقدوا الأمل انها ترجع وفكروها ماتت ...لكن جلال كان دايما حاسس انها عايشة وموجودة في نفس الدنيا وبتتنفس نفس الهوا اللي بيتنفسه ...
دخلت نسيمة بعد ما خبطت ومعاها كباية فوق صينية ومعاها شريط حبوب وأدوية تانية ..
_ السلام عليكم... معاد الدوا يا جلال ..
مبصلهاش رامز لأنه أصلا مش بيطيقها ولكنه مش بيتعرضلها بأي شكل من الأشكال وخرج ونسيمة بصت في أثره بحقد لأنها هي كمان بتكرهه وبتتمنى يختفي من حياة جلال ...
دخلت نسيمة بعد ما قفلت الباب وادت لجلال الدوا وهو ساكت
_ مش عاوز ..
_ ليه مش عاوز لازم تاخد الدوا .. سكرك مش مظبوط الأيام دي خالص ...
قالت نسيمة بنبرة حادة فبصلها جلال مستغرب لكنها رققت صوتها تاني وقالت
_ امسك يا حبيبي الدوا .. ربنا يشفيك ويجعل تعبك في ميزان حسناتك ..
أخد منها جلال الدوا .. وبعد ما أخده حس انه عاوز يعيط .. عايز ينهار ..
_ تعالى في حضني يا جلال ..
مراحش لكنها هي قربت وأخدت راسه في حضنها .. فضل جلال ساكت .. مقدرش يعيط .. لكنه بادلها الحضن .. قالت نسيمة
_ مش مهم .. أنا عارفة إيه مزعلك .. متزعلش على رخيص .. هي ظهرت على حقيقتها وبانت .. خانتك مع أقرب صاحب ليك وخدته وسافرت ورجعت من غير حجاب ولا حياء تحضنه ادام الناس ..
جلال كان في عالم تاني كأنه مش سامعها فقربت منه نسيمة تمسك خده وتقرب منه كأنها خلاص عايزة تبوسه لكنه بعد وقال
_ أنا عندي مشوار ...
وقام جلال وسابها بعد ما أخد موبايله ومفاتيحه .. وفضلت نسيمة تبص في أثره في نظرات مش متفسرة ... ولكن نسيمة هي أكبر بكتير ..وأخبث بكتير .. مما هي عليه ...
_______
