الجزء الأول من الفصل الثاني والعشرون رواية الرقيقة والبربري

 الجزء الأول من الفصل الثاني والعشرون رواية الرقيقة والبربري 


كانت نور تجلس على طرف السرير، منشغلة بترتيب حقيبة صغيرة وضعت فيها عطورها وفرشاة شعرها وأشياءها الخاصة، حين شعرت به يقترب منها بخطوات بطيئة هادئة… رامي كان دائمًا يعرف كيف يدخل دون أن يثير أي صوت، لكنه رغم ذلك يثير كل ضجيج قلبها.


جلس بجانبها بهدوء، حتى شعرت بحرارة جسده بجوارها، وضع كفه برفق على ظهرها، ثم مرره نزولًا حتى خصرها ببطء شديد… لم تكن لمسته تحمل شيئًا فاضحًا أو مباشرًا، بل بدت بريئة جدًا… لكنها جعلت كل خلية في جسدها تنتفض خجلًا.


_ بتعملي إيه يا قلب رامي؟


سألها بنبرة دافئة صافية جدًا، فترددت وهي تشعر بنبضها يتسارع قبل أن تقول بخفوت


_ بخرج الحجات بتاعتي علشان أستعملها …


لم يرد عليها، فقط مالت رأسه قليلًا حتى لامس جبينها من جانب، قُبلة خفيفة جدًا، بالكاد شعرت بها… لكنها حرقت قلبها دفعة واحدة.


ثم ابتعد قليلًا ونظر لوجهها بنظرة طويلة، وعيناه تلمعان بشيء لم تستطع تفسيره، ابتسم برقة وقال وهو يرفع خصلة صغيرة سقطت على وجنتها


_ شعرك وهو سايب كده جميل … بيخلي شكلك قمر…


أمسك الخصلة وأعادها خلف أذنها برفق شديد، كانت حركته هادئة، بسيطة، عادية جدًا… لكنها خبيثة في أثرها عليها..


_ طيب يا حبيبتي .. أعملي حسابك إننا بكرة الصبح ان شاء الله عندنا معاد ... 


نظرت له نور وأثر عليها تحوله المفاجئ من النعومة للكلام العادي لكنها تخطت ذلك وسألت 


_ معاد إيه  ؟ 


تنهد رامي ثم اقترب منها أكثر ونظر داخل عينيها ثم قال 


_ انتي عارفة إني بحبك أوي صح ؟ 


سأل لتهز رأسها بالموافقة فقال 


_ ويحترمك وبقدرك .. ومش زعلان منك في أي حاجة .. 


_ فيه إيه يا رامي ؟ 


سألت في قلق ليقول 


_ أنا حجزت مع دكتور نفسي ! 


صمتت نور قليلاً وساد صمت بينهما ، ثم تحدثت قائلة 


_ بس أنا مش مجنونة .. 


ردها جعله يصمت هو الآخر ثم عاد ليشرح 


_ أنتِ مش مجنونة .. أنتِ تعبانة ! ، والتعب والعلاج مش عيب ولا غلط ! 


_ أنت شايفني محتاجة علاج ؟ 


لم تصدر ردة فعل منفعلة بل سألت ليجيبها بينما يمسك وجهها بين يديه ويقترب منها أكثر قائلاً بنبرة حنونة 


_ أنتِ جميلة أوي يانور .. وكل حاجة فيكي حلوة ، لكن .. الصدمة إللي اتعضرتيلها وانتي صغيرة لسة مأثرة فيكي لحد دلوقتي ! الدكتور هيحل كل دا ان شاء الله.. 


نظرت له نور وسكتت .. لم يعرف فيما تفكر .. لم يستطع التخمين لكنها سحبت نفس ملئت به صدرها ثم وقفت من فوق الفراش ونظرت له قائلة 


_ لأ.. أنا كويسة الحمدلله.  


ظل ينظر لها ولم يتجرأ على التلفظ بأي حرف .. هز رأسه ثم وقف وخرج من الغرفة ... 


ضيق ! ضيق شديد احتل صدره .. نور لا تريد العلاج ولا تشعر بأنها في حاجة له ! ... موقف صعب وُضِع فيه . 


أما نور فنظرت من النافذة وقلبها يعصف داخل صدرها وموجات النيل الخفيفة ونسيمه جعل شعرها يتطاير لتنظر له وتشرد .. تذكرت كلمات هيفا وتألمت فقد لمست فيها جرحًا عميقًا .. لن تخضع لعلاج هي بالأساس ليست بحاجة له .. هي زوجة جيدة .. تهتم بالبيت .. تهتم بزوجها .. ماذا ينقصها ؟ أغضمت عينيها مدركة تمامًا لما ينقصها لكنها تستطيع التغلب على خوفها .. تستطيع أن تتغلب على كل ذلك وتقترب منه دون خوف .. دون خجل .. أساسًا الخجل غير مطلوب وخصوصًا رامي لا يريده ! ... 


ستصلح حياتها وتقنع رامي أنها طبيعية لا تحتاج لعلاج .. فقط تحتاج لحنان واحتواء .. لأن يفهمها ويلاحظها .. أن يعتني بها ويعطيها من وقته وحبه .. 


تركت النافذة وذهبت لترتدي شيئًا من ملابسها .. لكنها لم تجد شيئ ملائم ! .. فساتينها كلها فساتين عادية لا تصنف كفساتين خاصة يستطيع الزوج وحده رؤيتها ... لتشعر بالإحباط ! ..

 فتحت هاتفها وأخذت تبحث عن محلات على الانترنت لتشتري منها ! نعم فكرة أتتها وستنفذها ! ... 


اختارت نور بعض القطع وتفاجئت من التنوع .. أشكال وأنواع كثيرة حتى انها انصدمت من جرأة بعض القطع ! ترددت نور قبل الطلب .. لكن في النهاية .. طلبت ! ... 


رمت الهاتف بعدما ألغت الطلب فهي لا تعرف أين هما بالضبط ! فخرجت لتبحث عن رامي وتأخذ منه العنوان ... 




إرسال تعليق

الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.