الجزء الثالث من الفصل الثاني والعشرون رواية الرقيقة والبربري
لم يخلو بقية اليوم من لمسات رامي وتلميحاته دون أن يقترب من نور .. يغدقها بالحنان والحب .. والإثارة .. ثم يبتعد .. تاركًا إياها متعطشة لقربه أكثر .. لكنه يريدها أن تطلب المزيد .
في اليوم التالي ... دقات على باب المركب ... ثم جرس !! ..
كان قلب نور يخفق بسرعة، يسبق خطواتها الخفيفة نحو باب العوامة حين سمعت طرقات المندوب… لكن قبل أن تلمس يدها المقبض، وجدت يدًا قوية تمسك ذراعها وتوقفها في مكانها…
رفعت عينيها سريعًا لتجد رامي واقفًا أمامها، عاري الصدر، وعضلاته تنقبض بحدة مع انقباض حاجبيه وهو يقول بنبرة هادئة لكنها تحمل قلقًا واضحًا
_ رايحة فين يا نور؟
بلعت ريقها بتوتر وردت بخفوت وهي تحاول إخفاء حماسها
_ ده… ده المندوب… الأوردر بتاعتي وصل …
نظر إليها طويلًا بعينيه الداكنتين، كأنه يقرأ خبايا صدرها وخوفها وحماسها في آن واحد ثم تضايق من فستانها القصير الذي ترتديهه وكانت تهم لتفتح الباب به ، ثم قال وهو يرفع حاجبه باستغراب حاد
_ مندوب إيه اللي هييجي هنا يا نور…؟ وبعدين هتفتحيله كدة ؟ استني هنا… أنا هفتح..
لم تجد فرصة للاعتراض، ترك يدها وتوجه للباب بخطواته الواثقة الواسعة، فتحه بحدة فرأى المندوب واقفًا متوترًا، يحمل كرتونة يبدو أنها تحتوى على محتويةت كثيرة .
قال المندوب سريعًا بخوف
_ الطلب بتاع أستاذة نور… الدفع كاش لو سمحت.
ظل رامي يحدق فيه بصمت بارد، حتى اقتربت نور من خلفه بخطوات خفيفة، مدت يدها بسرعة وأخذت الكرتونة ، بينما وجهها يشتعل خجلًا وحرجًا… قالت بصوت منخفض مرتبك
_ شكرًا… شكرًا… رامي الفلوس بسرعة…
دخل رامي خطوات ثم عاد ومعه محفظته وهو ينظر لها بطرف عينيه بدهشة مغموسة بسخرية هادئة… ناول المندوب النقود دون أن يزيح عينيه عنها، ثم أغلق الباب ببطء شديد.
التفت إليها فرآها تضم الكرتونة لصدرها وكأنها تخاف أن يخطفها منها، وكانت عيناها الواسعتان مليئتين بالكسوف واللهفة في آنٍ واحد… كأنها طفلة صغيرة تحمل لعبتها الجديدة ولا تريد أن يراها أحد.
ظل يحدق بها طويلًا… يراقب وجنتيها المتوردتين ونظراتها الهاربة، ثم ابتسم بخبث خفيف وقال بصوت عميق وهو يهز رأسه قليلًا
_ يا ترى يا نوري… طالبة إيه يخليكي مكسوفة كده… ومتحمسة كده… ها؟
لم تجبه، بل أسرعت بالهرب إلى غرفتها، وأغلقت الباب وراءها بسرعة جعلته يضحك بخفوت… وضع يده في جيبه وظل واقفًا مكانه يفكر في حماس
_ قمصان نوم… ولا بيچامات مايصة … ولا إيه…؟ يا رب… يا رب تطلعي طالبة اللي في بالي… علشان ساعتها… مش هتطلعي من تحت ايدي سليمة !
ثم هز رأسه مبتسمًا بخبث راضٍ، وتحرك ببطء نحو غرفته، وهو يفكر في نور… الصغيرة… الخجولة… التي تحمل دائمًا بين يديها مفاجآت… لا تنتهي...
أما نور في الداخل كانت قد بدلت ملابسها بسرعة وبدأت ترى القطع التي اشترتها ومع كل قطعة كانت تموت من الخجل حتى رمت كل القطع أرضًا ... كيف ستقف بهذه القطع أمام رامي !! .. لن تستطيع أبدًا ...
لكنها تذكرت هيفا وكلماتها .. نظرتها لها وتلميحاتها لها وكأنها طفلة وليست أنثى بالغة ومتزوجة ! .. تذكرت ملابس هيفا الجريئة لتنظر للقطع المرمية أرضًا .. وتقرر ! هل سترتدي هذه القطع أم تترك رامي زوجها يغرق في بحر الشهوات مع نساء أخريات !! .. هل تتركه لباقي النساء يجذبنه ويحاولن الحصول عليه ؟؟ أم تتجرأ ولو لمرة واحدة ... احتدت نظرات نور وقد أخذت قرارها !!
__________________________________
رامي في الخارج كان يحاول أن يشغل عقله عنها .. يحاول ألا يضغط عليها .. لقد حاول وتقرب لها لكنها لم تأخذ خطوة .. تنهد رامي وهو يتابع عمله من الجهاز ونور مختفية في الغرفة من الساعة التي استلمت فيها الطلب ...
_ رامي !
صوت ناداه من خلفه ... صوتها ! .. التفت رامي لها .. وهنا .. كانت الصدمة هذه المرة من نصيبه ..
---