الجزء الرابع من الفصل الواحد والعشرون رواية الرقيقة والبربري
استيقظ رامي في صباح اليوم التالي على صوت العصافير وهي تزقزق قرب نافذة الغرفة، ونسيم النيل الرطب ينساب إلى صدره من الشرفة المفتوحة. فتح عينيه ببطء ليرى نور نائمة إلى جواره، تحتضن الوسادة ووجهها مدفون فيها، تتنفس بهدوء شديد ووجنتاها متوردتان بلون الخجل الطبيعي كطفلة أرهقها اللعب طويلًا.
ظل يراقبها بصمت، يتأمل ملامحها الناعسة، شفتيها المضمومتين، وخصلات شعرها التي غطت جزءًا من وجهها فأعطتها جمالًا مضاعفًا. شعر بقلبه يضج بالعاطفة والحنان، فأطراف أصابعه اشتاقت لملامستها دون أن توقظها، فتقدم قليلًا ومد يده يزيح خصلات شعرها السوداء برفق شديد، وابتسم وهو يرى وجهها كاملًا أمامه.
اقترب منها أكثر حتى التصقت أنفاسه بأنفاسها، وهمس بصوت منخفض دافئ
_ صباح الخير يا أحلى حاجة حصلتلي في الدنيا كلها.
تحركت نور قليلًا، وفتحت عينيها ببطء، وبمجرد أن رأته قريبًا منها إلى هذا الحد ارتجف قلبها من المفاجأة، وابتسمت بخجل ناعم وهي تقول بنبرة مبحوحة وناعسة
_ صباح الخير يا رومي ..
ضحك بخفة ومرر أصابعه على وجنتها بحنان شديد حتى أغمضت عينيها من إحساسها بدفء لمسته، ثم انحنى عليها أكثر حتى كادت أنفاسه تدغدغ أذنها وهمس بصوت أجش خافت
_ عارفة لو ينفع أبدأ يومي كده كل يوم.. والله ما هطلب من الدنيا حاجة تاني.
شعرت بارتعاشة خفيفة سرت في جسدها كله من قربه، وازدادت حمرة وجنتيها وهي تحاول إبعاد عينيها عنه خجلًا، لكن يده أمسكت بذقنها برفق وأعادتها تنظر إليه، ثم طبع قبلة طويلة على جبينها قبل أن ينهض.
نهض واقفًا بجوار السرير، وارتدى بنطاله سريعًا ثم مال عليها وقال
_ أنا هعملك فطار حلو أوي النهاردة.. وهخليكِ تدوقي أحلى أكل من إيدي .. يلا يا حلوة قومي ورايا.
ابتسمت بخجل وهي تتبعه بنظرها، فمشهد رامي وهو يتحرك في الغرفة بكتفيه العريضين وجسمه القوي كان يثير في قلبها ألف شعور مختلف… شعور بالحب.. بالإثارة الهادئة.. بالاطمئنان… والأمان.
دخل المطبخ الصغير في العوامة، وبدأ يعدّ الإفطار: بيضًا بالخضروات، وجبنًا أبيض وزيتونًا وخبزًا بلديًا ساخنًا، وصنع كوبين من الشاي بالنعناع، وانتشرت الرائحة في المكان كله حتى جعلتها تنهض رغم خجلها.
خرجت إليه بخطوات حافية بطيئة، ترتدي فستانًا خفيفًا وردي اللون، وشعرها الطويل مسدل بحرية على ظهرها وصدرها. كانت لا تزال ناعسة، لكن عينيها كانتا تلمعان بالدهشة حين رأته واقفًا أمام المطبخ يعد الطعام بنفسه.
اقتربت منه وقالت بخجل
_ إيه الريحة الحلوة دي؟
التفت إليها ببطء، ونظر إليها من أعلى لأسفل يتأملها بنظرات طويلة جعلت قلبها يخفق بعنف، ثم ابتسم وترك كل شيء في يده، اقترب منها ولف ذراعه حول خصرها، جذبها نحوه حتى التصق جسدها بعضه ببعض، ثم همس في أذنها بنبرة أجشت
_ ريحة إيه دي يا حبيبتي .. أكل إيه وهم إيه ان شاءالله عن حد ما كل تعالي هنا كدة إيه الفستان دااا
شدها رامي من خصرها وعينيه تكاد تأكل الفستان فوقها فأغمضت عينيها من قوة تأثير صوته وهمسه وقربه، وشعرت بأن جسدها كله يذوب وهي تشعر بحرارة أنفاسه على رقبتها وخدها. رفعت يديها ببطء حتى أمسكت بقميصه عند صدره، وقالت بخفوت
_ حلو يا رومي ؟
ابتسم وأمسك بوجهها بكلتا يديه، رفعه قليلًا ليجبرها على النظر في عينيه وقال
_ حلو أوي .. يجنن .. اللون البينك دا اتخلق علشانك انتي بس مينفعش أي ست تلبسه تاني من بعدك ! ..
ثم قبلها برقة على شفتيها قبلة خفيفة لكنها حملت كل معاني العشق والطمأنينة، وبعدها أخذ يدها وأجلسها أمام الطاولة التي أعدّها بعناية على البلكونة المطلة على النيل.
جلست نور تنظر للمائدة بدهشة وسعادة
_ حاسة إني في الجنة من كتر الجمال ..
جلس أمامها وأخذ يضع لها الطعام في طبقها بنفسه وهو ينظر في عينيها بنظرات طويلة دافئة لا يشيح عنها طرفه
_ أنا قولت كدة بردو !!هي حنة فعلا ماهو استحالة انتي تكوني بني آدمة عادي كدة انتي أكيد حورية !
ابتسمت بخجل وخفة على أسلوبه المُسلي ليبادلها الابتسام وقد نال مراده بمداعبتها بكلماته .. وبدأت تأكل وهي تنظر له بطرف عينيها نظرات عاشقة، وكلما نظرت إليه وجدته يحدق فيها بنظرة طويلة عميقة كأنه يلتهم ملامحها حبًا وشوقًا، فيزيد خجلها وسعادتها ويزيد هو عشقًا بها.. حتى بدا له أن هذا الصباح، بكل ما فيه، ليس سوى حلم جميل لا يريد أن يصحو منه أبدًا.. لم يكن يتخيل في حياته أن بعد سنوات زواجه من نور .. سيختبر هذه المشاعر!
__________________________________
_ دا أنا تسلم ايدي .. يسلم كل ثباع في ايدي مش ايدي بس .
ارتفع صوت رامي بينما تدخل نور المطبخ وهي تضحك على كلامه ، كانت تحمل الأطباق بعدما أصرت على غسلهم قبل تناول الشاي الموضوع في حافظ الحرارة ..
لكنها فجأة وجدته يقترب منها بخطوات ثابتة، عينيه لا تتركها أبدًا… قلبها بدأ يدق بسرعة وهي ترى نظرة عينيه الممتلئة بالشوق والحب الشديدين ...
_ انتي عارفة يا نور إنك خطر عليا أوي .
قالها بنبرة هادئة لكنها كانت نبرة موترة بالنسبة لها لتقول في خجل
_ خطر إيه بس يا رامي … سيبني أكمل غسيل الأطباق علشان نشرب الشاي قبل ما يبرد !
ردت وهي تحاول الهروب .. كان يعلم خوفها لكنه قرر أنه سيجعلها تواجه مخاوفها بل وتتجرأ على الواقع وعلى الحياة وعلى صدمات الماضي كله ، لذلك ابتسم ابتسامة جانبية خبيثة ومد يده بسرعة وحملها من خصرها ووضعها فوق الرخامة بكل سهولة .
شهقت نور بينما تطالعه بعيون واسعة، شعرت بساقيها ترتعش بينما تضع يديها على صدره حتى تتوازن.
قرَّب وجهه منها حتى حست بحرارة أنفاسه على وجنتها ، ضغط بيديه على خصرها وقال يهمس صوته خشن وواطي جدًا
_ عارفه إيه مشكلتي معاكي يا نور؟
هزت راسها بجهل بينما لم تستطع أن تجيبه من شدة خجلها ونبضها الذي ذاد حتى خبط في صدره بقوة .. فابتسم وقال وهو ينظر داخل عينيها مباشرة
_ مشكلتي إن كل ما ببصلك… بحس إني عايزك دلوقتي… حالًا… مش بعد شوية… مش بعد يوم… دلوقتي !
ابتلعت ريقها بصعوبة ليهمس هو بصوت منخفض وهي تنظر داخل عينيه بتسليم كامل
_ وتقوليلي أنا بتاعتك يا رامي .. أنا معاك .. أعمل إللي أنت عاوزه !
راتفعت نبضاتها وهو يسير بشفتيه فوق زراعها الناعم لتغمض عينيها .. لا تعرف كيف تقاوم ولا كيف تتقدم ! لا تفقه أي شيئ أمامه .. تخاف نعم تخاف لكن لمساته وكلامه .. نظراته وأنفاسه .. لم ترحم !
شعرت بجسدها يرتعش .. وشعر هو بذلك أيضًا ..
ابتسم ابتسامة واسعة جدًا وهو يرى عينيها مغلقة تاركة نفسها لغلبة السعور ، ضمها إليه واقترب منها أكتر وقال بحب عميق
_ يا رب ما أعيش يوم من غيرك يا نور … يا رب.
ظلت تاركة نفسها بين زراعيه وهمسه ولمسته عبرا عن شوق لا تسعه الحياة ... وكل ما استطاعت فعله هو احتضانه في المقابل …..
ثم ابتعد رامي وهو يقول ..
_ يلا يا قلبي الشاي هيبرد ..
ثم رحل تاركها مازالت فوق الرخامة !
_ آه آسف! ..
عاد رامي ومسكها من خصرها لينزلها من فوق الرخامة وعينيه لم تبارح عينها لحظة متعمدًا الاحتكاك بها .. ثم تركها .. لتنظر نور في أثره مندهشة ! بل ضائعة في بحر المشاعر التي أغرقها فيها ! .. أما هو .. فشعر باضطرابها .. وهذا أرضاه للغاية .. يقترب مما يريد تحقيقه ! ولن يبرح حتى يجعلها هي .. من تطلب ! بل تُطالب مرات عديدة باقترابه ! ...
نهاية الفصل الطويل 💗💗💗💗💗
تعالوا قناة تلجرام اسمها rakafalef 💗💗💗 الفصول هناك نازلة بدري عن الفيسبوك والوتباد💎🤍
التفاعل المطلوب منكم هو ١٠٠ طبعا يا جواهري الحلوين 🤍💎💎💎💎 وبكرة فصل كمان طويل لو التفاعل تم خصوصا بوست الفيسبوك .. 💗💗💖
_________________________________