الجزء الرابع من الفصل السابع عشر من رواية الرقيقة والبربري

 الجزء الرابع من الفصل السابع عشر رواية الرقيقة والبربري 





________________________


_ أنت رايح فين ؟ 


مسكت هيفا زراعه وعيونها كلها صدمة وغضب لينزع نفسه منها ويقول 


_ هرجع بعربيتك لنور ! 


صدمة قوية استقبلتها في وجهها بجملة واحدة حملت كل المعاني التي يجب عليها أن تعيها وتفهمها جيدًا ! 


كان صوت قلبه يسبق خطاه، يلهث في صدره كعدّاء فقد بوصلته وسط الظلام... أدار رامي محرك سيارة هيفا بجنون بعدما أخذها منها ، وصوت الهاتف لا يزال يتردد في أذنه، ذلك الصوت المحمّل باللوم والعتاب، كأن الكلمات تشتعل داخله نارًا لا تنطفئ.


ضغط على زر الاتصال مرة أخرى، وبمجرد أن أجابه رأفت، اندفع يسأله بصوت متهدج 


_ لقيتها ؟ 


لم تأتيه إجابة تريحه بل كلام أخر جعل قلبه ينشق نصفين حيث صرخ رأفت في الهاتف، و صوته امتلئ بالوجع 


_ كل ده بسببك! بنتي راحت مني! بسببك!


رمى رامي يده في الهواء، وكأن الكلام طعنة في صدره


_ مراحتش! ولا عمرها هتروح! متقولش كده، هنلاقيها! والله هنلاقيها!


ثم أغلق الهاتف، وأطلق العنان لمحرك السيارة، كأن الطرق كلها تؤدي إلى نور... كأن قلبه لا يهتدي إلا بنورها.


دخل رامي منزل حماه أخيرًا بخطوات سريعة ليرى البيت كله منقلب رأسًا على عقب والرجال منثورون في كل مكان حتى شعر بأن القيامة قد قامت .. لكنها قامت بالفعل فنور حياتهم قد ضاع ولا يعرفون له سبيل ! 


ما إن رآه حتى اذداد وجهه ضيقًا ومع المتابعة مع الرجال شد رامي شعره ولم يصلوة لها بعد ليتسائل كالمجنون 


– متعرفش ليها صحاب؟ حد ممكن تكون راحت له؟ ليكوا قرايب؟ أي حد ممكن تلجأ له؟ 


خرج صوت رأفت مترددًا، مشوشًا بالغضب والقلق


– معندهاش حد... هي عمرها ما كانت اجتماعية، أنت عارف كده ! 


أطبق رامي كفه ، ليكمل رأفت وعيناه تضيقان بالغضب 


– لو كنت بتحبها، كنت عرفت إنها ملهاش أي حد... غيري! وغيرك للأسف! 


ساد صمت ثقيل، لكنه لم يصمت.. تابع كمن يفتح بابًا كان مغلقًا في صدره منذ زمن


– أنا قلتلها من زمان... انتي بتسندي على حيطة مايلة، وكنت شايف الحيطة دي وهي بتقع، وحذرتها! لكن هي اللي عملت في نفسها كده، بإيديها بس العيب عليا إني سبتها لدماغها وعملتلها إللي هي عوزاه وجوزتهالك 



تنفس رامي على الطرف الآخر بعمق لكن رأفت لم يصمت ، زاد صوته غضبًا 


_ عمرك ما شلت همها ، ولا اهتميت بيها! فضلت نفسك وكرامتك عليها، وهي كانت بتنهار قدام عينك!


اشتعلت الدماء في عروق رامي، انفجر بصوته الغاضب 


_ و وانت مخدتش بالك منها ليه؟! مش هي عندك؟ مش المفروض تكون في حضنك؟ إزاي خرجت وانت في البيت؟! إزاي سبتها تمشي من غير ما تحس؟! 


رد رأفت بصوت مبحوح من القهر 


_ البنت كانت مكسورة بعد ما شافتك مع الكلبة بتاعتك اللي مسافر معها ومقولتلهاش حتى ازيك ولا عاملة ايه ولا اعتذرت على اللي عملته معاها !، حبيت اسيبها لوحدها شوية .. فكرتها نايمة في أوضتها! ما كنتش أعرف إنها هتمشي ولا تفكر تسيب البيت! لو كنت أعرف كنت محلتهاس تفارق حضني أبدا وأذيتك زي ما أذيت بنتي 


تجمد رامي في مكانه، الذنب يلتف حول عنقه كسلسلة من نار... لكنه لم يحتمل المزيد.انفجر


– أنا؟! أنا آخر واحد ممكن يأذيها! أنا بحبها يا باشا!


_ بتحبها يا كداب يا كلب ! انت مبتجبش غير نفسك 


صرخ فيه رأفت ليرد عليه رامي الغضب وهو يهدر 


_ وأنت كمان مبتحبهاش وأناني ! في واحد مخلي بنته متعرفش أي حاجة في الدنيا زيك كدة ! طول عمرك بتقرر عنها وتختار لها كل حاجة وادي أهي نتيجة عمايلك وانانيتك وغرورك .. بنتك اللي عندها ٢٥ سنة تايهه في الشوارع !! 


انصدم رأفت وظل ينظر لرامي الذي صعد صدره وهبط في وتيرة سريعة من شدة غضبه وانفعاله ... كاد أن يتحدث بعد لحظات لكن قاطعه رامي وهو يشد في شعره من التوتر وينهي هذا الصراع والعراك الذي وقع بينهما 


– كلنا غلطنا! أنا وهي وانت! بس الوقت مش وقت لوم! الوقت وقت نتحرك!


صمتٌ ثقيل ساد، يتنفس كل منهما بصوت مسموع، يختنق كل منهما بمرارة العجز.


ثم قال رامي، بصوت منهك 


– أنا هنزل أدور عليها... في كل مكان... وهفضل أدور لحد ما ألاقيها...


لكنه لم يكن مستعدًا للجملة التالية التي فجّرت فيه ما تبقى من وجع


– تعرف؟ أنا مكانش لازم أكلمك... لأني اكتشفت إنك مالكش لازمة... أنا هدور على بنتي في كل مكان، وهجيبها حتى لو تحت الأرض.. وساعتها... ساعتها هتطلقها ورجلك فوق رقبتك!


لم ينطق رامي. ظل صامتًا، مجبرًا، مقهورًا. ليس ضعفًا... بل خوفًا من أن يزيد اشتعال النار التي بينهم، وهو الآن بحاجة لكل ثانية ليتحرك، لا ليتشاجر.


خرج رامي من المنزل ، وأطلق العنان لسيارته، يقود كأن الطرق كلها تؤدي إليها.....


في منتصف الطريق، تذكر فجأة...

أماكن معينة، زاروها سويًا في آخر أيامهم... أماكن عديدة راحاها سويًا .. مقهى صغير قريب من البيت ولكن رغم قربه إلا أن طريقه صعب الوصول إليه !


عادت إليه الذاكرة كوميض برق... 


– لو كانت هربت... مش هتهرب بعيد عن الأماكن اللي كانت بتحس فيها بالأمان معايا ! ... لو لسة بتحبني هتكون هناك ! 

ضغط على دواسة البنزين، قلبه يدق بإصرار، وبندم...

لعلّه يعثر عليها قبل أن يُفقد نورها إلى الأبد.

استنوا الجزء الخامس من الفصل  .. الفصل بيطول مني مش راضي يخلص😂😂😭

---


إرسال تعليق

الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.