الفصل السادس والخمسون بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات
عشق أولاد الذوات
دخل فواز الغرفة .. غرفة رنيم القديمة التي قرر أنها ستكون غرفتهما الرئيسية فلم يجد راحته في سواها
أضاء النور الخافت ليرى رنيم نائمة على الفراش فاقترب منها في رفق حتى لا يزعجها ليقترب من وجهها ويجد علامات الإرهاق واضحة عليه ..
خلع ملابسه وحذائه وتمدد جانبها لتعتدل رنيم وتفتح عينيها ببطئ فوجدته متمددًا بهيئته التي تعشقها ودون أن تتحدث داعب خصلات شعرها وهمس وقد سحرته عيناها
_ أنا روحتله علشانك
ابتسمت رنيم ليسرح فيها فواز ويغوص في عقله ليعرف أهميتها وأهمية وجودها بجانبه
رانيم، زوجة فواز وحبيبته، التي كانت دائمًا الداعم الأكبر له في كل لحظات ضعفه وقوته. كانت تعرف عمق الجرح الذي يحمله في قلبه بعد اكتشاف حقيقة والدته، وكانت ترى الألم الذي يعيشه كل يوم بسبب ذلك. لكن رانيم لم تستسلم لهذا الحزن، كانت تؤمن بأن فواز بحاجة إلى مواجهة مشاعره، خاصة تجاه والده زين الذي يرقد في المستشفى.
كانت رانيم تدخُل إلى حياته في تلك اللحظات الحرجة بلطف وحب، تحاول بإصرار أن تقربه من والده. كانت تتحدث معه بحنان، تقول له
_ فواز، مهما كان اللي حصل في النهاية دا أبوك... هو غلط ويمكن الحياة كانت قاسية عليك وعليه ، لكن مينفعش تسيبه كدة .. افرض جراله حاجة هتقدر تسامح نفسك ؟ ...
لم تكن تحاول أن تضغط عليه بقسوة، بل كانت تفتح قلبها له، تعطيه مساحة للتفكير وتحنّن قلبه تجاه والده. كانت تدرك أن فواز عنيد، لكن بحبها وصبرها كانت تعرف كيف تصل إلى أعماقه، حيث يعيش الطفل المجروح الذي كان يحتاج إلى التسامح والسكينة.
فواز، رغم عناده الشديد وصراعه الداخلي، شعر بصدق كلمات رانيم وتأثيرها. جزء منه أراد أن يرضيها، لأن حبه لها كان أكبر من كبريائه. كان يعرف أن رتيم تريد له السلام الداخلي، وأن زيارته لوالده ستكون خطوة نحو ذلك. في النهاية، قرر أن يذهب إلى المستشفى، ليس فقط من أجل والده، ولكن أيضًا من أجلها.
عندما عرفت رنيم أن فواز قد ذهب أخيرًا لزيارة والده، شعرت بفرحة غامرة. عيناها امتلأتا بالدموع، لأنها كانت تعرف كم كان هذا القرار صعبًا عليه. لم يكن الأمر يتعلق فقط بمسامحة والده، بل بمواجهة كل مشاعر الخيانة والحزن التي كان يحملها بداخله. فرحت رنيم ليس فقط لأن فواز ذهب لوالده، ولكن لأنها شعرت أن الحب الذي يجمعهما قد جعله أقوى، وجعل قلبه أكثر لينًا.
_ بحبك
هتفت ثم اقتربت من شفتيه وقبلتها في رقة شديدة ثم وضعت إصبع الإبهام فوقها تتلمس حرارتها وتستشعر جمالها ليمد شفتيه للأمام بجاذبية ثم قبل إصبعها بينما يجيب
_ أنا كمان بحبك أوي
ثم شدها نحوه من خصرها سائلاً بنبرته المخملية المثيرة
_ ريم قالتلي ان الولاد معاها
_ ههه وحتى لو مش معاها أنت مش بترحم يا حبيبي
رفع حاجبه بخفة لإجابتها المتلاعبة التي همست بها فوق شفتيه ليرفعها فواز بين يديه فتشهق كعادتها خائفة كل مرة أن يستشعر وزنها الثقيل ...
_ تعرفي انك عروسة؟
قال لتميل عليه وتهزهز قدميها في استمتاع ومازال هو لم يتحرج واقفًا مكانه بينما اقول
_ لأ مش عارفة .. مش مكتوبلي استفرد بيك
ضحك فواز ثم وضعها برفق فوق الفراش قائلاً
_ أنا هستفرد بيكي
ومال عليها لترتفع ضحكتها المدللة تضمه لها مستقبله مشاعره وعطفه ولهيبه ...
________
خرجت رنيم لترى أطفالها ثم عادت لتجد فواز فواز يسند ظهره على خشبة السرير فقال وهو يتأمل وشاحها بخبث
_ اقلعي وتعالي
ضحكت بخفة وهزت رأسها فمهما كان حاله لسانه لا يتهذب أبدًا ولا يكف عن أفعاله المنحرفة
نفذت ما قال وبخطوات بطيئة شقية اقتربت منه حتى اقترب هو منها وشدها نحوه
_ انتي لسة بتفكري
ضحكت في مشاكسة بعدما سقطت فوق قدميه لتمسك لحيته وتتأمل وجهه الوسيم قائلة كالمجنونة به
_ أنت حلو كدة إزاي هاااه .. حلو كدة ازاااي أنا عاوزة أفهم
_ سيبي دقني يا بت
أشاح بوجهه لينقذه من بين أصابعها التي قرصته في شغف فعضت شفتيها ثم قالت بينما تنظر ليده الخشنة
_ لما تسيب أنت الأول
غمزها فواز مجيبًا
_ وأنا ماسك إيه؟
ضيقت عينيها في غيظ مصطنع ليشدد من إحتضانها أكثر
_ مش عاوزة تقولي !
_ احترم نفسك
قالت ليرتفع صوته ساخرًا
_ انتي هتعمليلي فيها مؤدبة
ارتفعت ضحكاتها المدللة حتى ملئت الغرفة وردد صداها في قلبه ليهتف تزامنًا معها
_ الله يامو عزيز
مالت على عنقه ثم قبلته هناك فوب إحدى حسناته المغرية ولم تكن إلا لحظات حتى شغفها بحبه ...
فواز بعد مواجهته مع إخوته تغيرت حالته كثيرًا ومع الأيام كان حزنه وصدمته تخف رغم الغصة الموجودة ورغم الألم لكنه تحسن ووجود رنيم بجانبه وأطفاله كان ينسيه كل شيئ ليكن هذا هو اللطف الذي يرسله الله على عباده مع كل ابتلاء ....
_____
زين استيقظ وتعافى لكنه مازال في المشفى وطلب رؤية فواز عدة مرات لكنه رفض ...
فكر فواز في ذلك بينما رنيم في حضنه لا تفارقه .. رائحته تنعشها وتثير فيها كل معاني الفرح والنشوة وهو يرتاح وينسى معها العالم لكن اليوم مختلف .. فوالده أرسل له رسالة صوتيه بصوته الحزين عن طريق هاتف فايز يطلب منه بل يتوسله أن يزوره ...
_ بتعمل إيه ؟
سألت رنيم وهي ترى فواز يميل بجذعه ناحية الدرج الموجود بجانب الفراش فلم تفهم ماذا يفعل بزراعه الطويل المزعج ذاك
_ عاوز سجاير
أجابها ومازالت عينيه تبحث لتسأل في حيرة
_ هي لسة هنا ؟
_ أنا كنت بنام هنا !
قالها فواز بابتسامة بعدما أخرج السجائر والولاعة من الدرج أمامها فانبهرت لكنه لم تفهم كليًا ليوضح لها بينما يشعل السجائر
_ كنت بنام هنا وانتي بعيدة عني .. مكونتش قادر أنام غير على سريرك
مطت رنيم شفتيها للأمام في تأثر ثم حضنته بقوة وملامح وجهها البريئ ملأها الشجن ليقول
_ كنت صابر بسببها والله تخيلي
_ مكونتش أعرف
قالت في خفوت ليقول بينما يخرج نفس السجائر من بين شفتيه
_ انتي متعرفيش حجات كتير ..
وضع يده في شعرها يداعب خصلاته قائلاً في عشق
_ أنا عارف إن غلط معاكي كتير بس والله بحبك .. وجودك جمبي بيقويني ومحتاجك يمكن اكتر مانتي محتاجاني ، حتى دلوقتي أنا صابر بسببك ! قادر ابتسم واعيش بسبب وجودك ..
_ كلام رومانسي وكدة
قالت رنيم في دلال ليجيبها
_ بقيت راجل مبالغ فيه
فارتفعت ضحكتها ثم أطفئ فواز سيجارته وعادت التكشيرة تحتل وجهه ما إن رأى على شاشة هاتفه رسالة من فوزي يطالبه بالقدوم ورؤية والده ..
لاحظت رنيم لتقول
_ هو طلبك تاني ؟
_ أيوة
أجاب لتسأل في حذر
_ هتروح ؟
_ لأ
تنهدت ومن نبرته عرفت أنه لا يريد الحديث أكثر لترتاح فوق صدره ثانية وقالت في دعم
_ المرادي مش هطلب منك حاجة أنت مش عاوز تعملها
ثم قالت في ذكاء .
_ بس أنت لو عاوز تعرف القصة كاملة .. مفيش غيره هيقولها !
رد فواز بسخرية مريرة
_ أهي القصة الكاملة دي هي إللي أنا خايف منها
نظرت له لتجده يصارع في الحديث .. كأن الكلمات التي ستخرج ستعري روحه أكثر وتذيد وضعه حرجًا
_ حاسس إني مكسوف وحاسس بالعار
قالت رنيم بقوة
_ ليه تحس بالعار على ذنب مش ذنبك . .. أنت نضيف
_ مش أوي
هز رأسه نافيًا وابتسم بسخرية فهو قد فعل من الأخطاء ما يكفيه لجعله قذر مثل مَن أنجبته تمامًا ...
_ لأ نضيف .. طالما بتعرف غلطك وتعتذر وترجع عنه تبقى نضيف !
شددت رنيم على كلماتها لينظر لها في انصات .. يسمع منها وكلماتها لتداويه ثم قالت وهي تنظر داخل عينيه
_ لازم تعرف كل حاجة .. على الأقل أعرف مين مامتك .. إيه إسمها وايه حكايتها !
كلماتها أشعلت نيران الفضول داخله ليستنشق من سجارته التالية التي أشعلها نفسًا عميقًا ثم أسند رأسه على خشبة السرير مغمضًا عينيه محاولاً استدراك الراحة واتخاذ قراره ...
نهاية الفصل يا جواهر 🤍💎
___