الفصل الأربعون من رواية عشق أولاد الزوات
عشق أولاد الذوات
دخل فايز وفوزي وزوجاتهم إلى الغرفة بعدما تحسنت حالة رنيم وسمح بدخول الجميع فلا حرج عليها وكانت آثار البنج قد ذهبت عن رأسها .. الجميع دخل وبارك ما عدى زين الدين الذي جلس في الخارج متأثرُا بشده .. لكنه مازال على كرهه لرنيم وعدم تقبله لها .. يرفض أن يقبلها غصبًا عنه .. رغم لهفة قلبه وسعادته الشديدة ... دمعت عينيه بعدما استمع بكاء الطفلين ..
إنهم أحفاده من فواز .. فواز العزيز ! .. مالك قلبه وإبنه الأول والغالي .. شعر بقلبه يتهدج داخله ويريد أن يذهب ليحملهم لكنه منع نفسه فما بينه وبين رنيم لا يسمح له بالإنضمام لهم ..
_
________
بعد مرور يوم واحد فقط على ولادة التوأم، كانت رنيم ما زالت متعبة وتستريح في سرير المستشفى، بينما كان فواز يقف بجانبها، ينظر إليها بعينين مليئتين بالقلق والندم. قلبه كان يهفو إليها، إلى حب قديم لم ينسَ، وندم يلاحقه على كل لحظة أخطأ فيها بحقها.
بينما كان فواز يتأملها، دخل زين الدين إلى الغرفة أخيرًا بنظرة حازمة، وصوت لم يعتد اللين
_فواز، لازم تخلصوا موضوع الورق بسرعة . الولاد دول لازم يتسجلوا باسمك
فواز، الذي كان قلبه يتسارع في صدره، لم يحتج إلى الكثير من الإقناع. كان على استعداد تام لأن يعيد الأمور إلى نصابها، لأن يصلح ما أفسده الزمن والأخطاء. قال لوالده بحماس
_ أنا موافق يا بابا، مستعد دلوقتي نتجوز. أنا فعلاً عايز نرجع لبعض، مش بس عشان العيال، بس عشان هي... رنيم.
رنيم، التي كانت تتابع الحديث من سريرها وطفل بين زراعيها والآخر فوق السرير في لفته ، نظرت إلى فواز بدهشة. لم تكن تتوقع أن يكون الأمر بهذه السرعة، ولا أن فواز سيكون متحمسًا بهذا الشكل. شعرت بثقل الكلام، وبأنه ضاغط عليها في أكثر لحظات حياتها هشاشة. قالت
_ يعمي إيه نتجوز ! سجلهم بإسمه وخلاص من غير ورق مش هتغلب يعني
حاول فواز تهدئتها، اقترب منها وقال
_ يا حبيبتي مينفعش !
_ أنا مش حبيبتك ومش عاوزة اتجوزك
هدرت فيه ليحاول تهداتها _ ممكن متتعصبيش ارجوك
هنا لم يحتمل زين ذلك الدلع ليقول
_ وعوزاهم يبقوا ولاد حرام ولا إيه؟ انا كان عليا مش عايزك بس ولاد ابني مش هيبقوا ولاد حرام أبدا ...
_ متكلمش رنيم كدة ..
قالها فواز لوالده بقوة ثم نظر لها في حنان واردف بعدما سحب يدها
_ أنا بتقدملك يا رنيم للجواز والمرادي ادام ابويا وادام كل الناس
رنيم سحبت يدها منه بلطف والجملة التي قالتها تمنت سماعها طوال عمرها ، لكنها كانت حازمة
_فواز، الكلام سهل. أنت عارف إيه اللي بينا، وإزاي وصلنا للنقطة دي. الجواز مش مجرد حل سهل عشان العيال يتكتبوا باسمك. الموضوع أعمق من كده
زين الدين، الذي لم يكن يملك صبرًا لمزيد من النقاش، تدخل بحزم أكبر وحاول أن يكون لطيفًا في الكلام
_ رنيم، دي مصلحة ولادك، مش مصلحة أي حد تاني. فواز بيحبك وعايز يصلح الغلط. فكري فيهم، فكري في مستقبلكم
نظر فواز لوالده في غضب ليصمت زين الدين ثم قال فواز بنبرة قوية صادقة وهو ينظر داخل عينيها
_ اسمعي مني كلامي دا وافهميه كويس وبعدها قرري .. وأنا هعمل كل اللي انتي عوزاه .. مفيش اي اجبار يا رنيم
أنا عاوز اتجوزك عشانك مش عشان ولادنا .. أنا لسه بحبك. وعايز أكون جنبك وجنب ولادنا. إحنا الاتنين بنحب بعض ونستاهل بعد كل دا نعيش مع بعض وهما معانا ....
رنيم شعرت بأن الضغط يزداد، والعيون كلها عليها تنتظر قرارها. عرفت أن فواز يريد أن يفعل الصواب، لكن مشاعرها كانت متشابكة، مليئة بالجرح والخوف. وفي تلك اللحظة، كان القرار ليس سهلاً، لكنه أصبح ضروريًا، لأجل أطفالها الذين لا يزالون ضعفاء وفي أمس الحاجة إلى الاستقرار.
بعد صمت طويل، وزفرات مليئة بالحيرة، نظرت إلى فواز بعينين مليئتين بالأسى، لكن أيضًا بالإصرار
_ماشي يا فواز، أنا هوافق، بس عشان ولادنا مش عشان أنا بحبك زي ما بتقول .بس لو هنبدأ تاني، يبقى لازم يكون بنية صافية، وإنت عارف إني مش هقدر أتحمل أي غلط تاني
فواز ابتسم، رغم الألم في عينيها، كان يعرف أنها خطوة صغيرة لكن كبيرة في نفس الوقت. قال لها بلطف
_وعد، أنا مش هخذلك تاني...
ثم قالت بينما نظرت لوجه زين الدين
_ أبوك مالوش دعوة بينا وولادي أنا حرة فيهم .. محدش تاني هيقرر أي حاجة عني أو عنهم أنا المسؤولة الأولى والوحيدة
قال فواز بابتسامة _ موافق
عادت مرة اخرى لتقول
_ واشتري لينا بيت تاني ... مش عاوزة أقعد معاه في نفس المكان
نظر لها زين الدين في كره لتبادله النظرة ليقول فواز
_ الدنيا كلها تحت رجلك يا حبيبتي انتي بس اختاري !
نظرت لشفتيه فجأة .. هذه التي تتحرك وتخبرها ما تريد سماعه .. تخبرها ما يريحيها ليلاحظها فواز وقال هامسًا في خبث
_ المأذون ييجي وهسيبهالك
خجلت رنيم وارتفعت حمحمات زين الدين ليعتدل فواز لكن كل خلية في جسده شعرت بالحماس .. رنيم .. ستصبح زوجته مرة أخرى وهذه المرة أمام الجميع ..
في تلك اللحظة، تم استدعاء المأذون إلى المستشفى، وتجمعت العائلة، الشهود، وكل من كان ينتظر تلك اللحظة. وبينما كان المأذون يقرأ العهود، كان فواز ينظر إلى رنيم وكأنها أول مرة يراها، يشعر بأن قلبه ينبض بحب متجدد، وأنه مستعد لبذل كل ما في وسعه ليكون الزوج والأب الذي تستحقه هي وأطفالهم.
رنيم، رغم مشاعر التردد، قررت أن تمنح فواز فرصة أخرى، أن تمنح نفسها فرصة للشفاء، ولأطفالها فرصة للعيش في عائلة متماسكة، حتى وإن كانت القلوب لا تزال تحمل بعض الجروح. وقّعت على الورقة بيد مرتجفة، وتلتها يد فواز، وكأن القدر كان يكتب فصلًا جديدًا لحب لم يُطفأ نوره رغم كل شيء.
وبينما تمتم المأذون بألفاظ العقد، أُعلن أمام الجميع مبروك عليكم. بارك الله لكم وبارك عليكم وجمع بينكم في خير.
لمعت عيون فواز بالفرح والأمل، بينما رنيم كانت تحاول أن تستجمع قواها، لتبدأ حياتها الجديدة، التي كانت تأمل أن تكون مختلفة، أفضل، ومستحقة لقلوبهم وأطفالهم الصغار.
_________________________
💖💖💖💖 نهاية الفصل💖💖💖💖💖