الفصل السابع والثلاثون بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات
عشق أولاد الذوات:
صعد فواز لغرفتها ليدق الباب لكن لم يأتيه رد فدفعه ودخل ولم يجدها ثم رأى باب الحمام مغلف فعلم أنها في الداخل فظل في غرفتها ينتظرها ...
انفتح الباب وانفتحت معه عينيه وانفرجت شفتيه وهو يرى شيطانته المغرية تغويه وتسحر كل خليه فيه .. بعد أشهر من الغياب تطل عليه بهذه الطلة !
رنيم كانت ترتدي فستانًا مكشوفًا يظهر جمالها .. بطنها المنتفخ الذي جعلها رائعة الجمال مع قامتها الطويلة وشعرها الغجري المذهل ، وقفت أمام المرآة وهي تضع اللمسات الأخيرة على مكياجها متصنعة عدم رؤيتها له بينما هي تعلم تمام العلم أنه يقف في الزاوية يتفرس جسدها ..
رنيم اقتربت بخطوات ناعمة، ووقفت بجانبه دون أن تنطق بكلمة، فقط تأملته بنظراتها الهادئة، وكأنها تقيّم رد فعله. بعد لحظة صمت طويلة، تحدثت بنبرة هادئة لكنها محملة بمعنى خفي
_فواز، تعالى اعملي مساج، ضهري تعبان.
فواز رفع عينيه ونظر إليها بتعجب، لكنه لم يتكلم. كان يعرف أن هناك لعبة ما تلعبها رنيم، لكنه لم يستطع فهمها بالكامل. وبالرغم من ذلك، وقف ببطء وتوجه نحوها، محاولًا أن يبدو غير مبالٍ.
رنيم جلست على الأريكة ومدت قدميها أمامه، بنظرة لا تخلو من الاستفزاز، وقالت
_إيه، مش هتعمل حاجة؟ ولا نسيت إزاي بتتعمل؟
فواز تقدم بخطوات مترددة، محاولًا ألا يُظهر أي انزعاج. بدأ يدلك كتفيها ببطء، لكن رنيم لم تكن راضية، وأخذت تدير رأسها يمينًا ويسارًا وكأنها غير مرتاحة.
رنيم ببرود
_رجليا وجعاني كمان، روح هات مية وملح وتعالى ادعكها.
فواز توقف عن الحركة، وتراجع بضع خطوات للخلف، ينظر إليها بدهشة وغضب مكتوم. كانت تعلم جيدًا أن الطلب الأخير ليس سوى محاولة لإهانته، لتجريده من أي كرامة متبقية. ارتسمت على وجهها ابتسامة صغيرة، كما لو أنها تستمتع برؤيته في هذا الموقف المحرج.
فواز، بصوت مليء بالغضب المكبوت
_بتستهزئي؟ عاوزاني أجيب مية وملح عشان أدعك رجلك؟
رنيم رفعت حاجبيها، متظاهرة بالبراءة
_إيه يا فواز، حسيت بالإهانة؟
تقدم نحوها بخطوات سريعة بعدما كان ابتعد بسبب طلبها ، عينيه تشتعلان بالغضب. وقف أمامها، محاولًا السيطرة على غضبه
_ إيه اللي بتحاولي توصليه يا رنيم؟ لو كان قصدك إنك تهينيني، فبقولك مفيش حد بيقدر يعمل كده... كله بمزاجي !
رنيم، بابتسامة باردة
_ أنا بس عاوزاك تحس بمكانك الحقيقي، أنت رخيص أوي!
فواز لم يعد قادرًا على التحكم في غضبه، أمسك بيدها وشدها بقوة، ثم تركها بنفس السرعة، وكأنه تذكر نفسه للحظة
_ اهانتي مش هتخليكي أحسن ! ..
رنيم نظرت إليه بعينين جامدتين، لكنها في داخلها كانت تعلم أنها تجاوزت الحدود، وأن فواز لن يظل متحملًا لاستفزازاتها طويلاً. وبالرغم من كل شيء، كانت تحاول أن تبقي وجهها خاليًا من أي تعبير يدل على ضعف أو ندم، مستمرة في لعبتها، غير واعية تمامًا بأن فواز، مهما كان هادئًا الآن، ليس الشخص الذي يُستهان به
_ أنا عاوزة أرجع لمحمود
وقفت لتتجه للحمام ليشدها نحوه بغضب عارم ويصرخ في وجهها بصوتٍ جهور
_ محمود مين يا بت .. انتي هتعيشي الدور ولا إيه لأ فوقي
ارتعد جسدها من كلماته وقبضته القوية فوق يدها بينما يكمل
_مش عيل زي دا اللي تحطيه ولو في جملة واحدة معايا !
هنا فلتت اعصاب رنيم لتهدر فيه
_ هو أشرف وأرجل منك الف مرة !
_ اخرسي
ثم رفع يديه في الهواء ناويُا صفعها لتنظر له رنيم في صدمة .. مازال كما هو .. يديه تسبق تفكيره
_ ما تضربني ! زي مبتعمل علطول ؟
_
أنزل يديه وشعر بالضيق من نفسه ومنها لأنها دائمًا من توصله إلى هذه الحالة
زارهم الصمت حتى بدأت رنيم بالكلام، صوتها كان هادئًا لكنه مملوء بالمرارة
_عارف يا فواز، أول ابن ليا مات كان بسببك... بسبب ضربك ليا لما كنت بتشك فيا وخدتني المخزن ... فاكر اليوم ده؟ كنت بتقول إن أنا خنتك، وضربتني لحد ما بقتش قادرة .. محدش لحقني غيره هو بس .. محمود .. لولاه كان زماني مُت من زمان مش بس ابني !
صدم فواز وهو يسمعها فجأة تحكي له ما أرق تفكيره وشغله
_ كان عاوز يعيش وفضل موجود جوايا أيام لحد ما التعب والحزن كملوا عليه وقتلوه وبردو كان بسببك أنت !
اقتربت رنيم من فواز تضربه في كتفيه في عنف بينما تصرخ فيه
_ سقط ومات. عارف أنا تعبت قد إيه عشان أحمل؟ كل الحقن المنشّطة، كل الحبوب، كل وجع الحقن اللي كنت بتحملها عشان يبقى عندي طفل منك ويثبت في بطني ... وفي الآخر، ضربة واحدة منك ضيعت كل ده. ضيعت حلمي، ضيعت ابني...
فواز شعر بالصدمة، شعر بالندم يغمره كالموج. لم يكن يتخيل أن تأثير أفعاله كان بهذه القسوة، أن حياته أخذت منعطفًا مظلمًا بسبب سوء فهمه واندفاعه. حاول أن يفتح فمه ليقول شيئًا، لكن الكلمات خنقته. لم يجد أي شيء يبرر به أفعاله..
_ مقولتلكش اني حامل عشان الحمل مكانش ثابت ..خوفت أقولك وبعدين ينزل فخاطرك يتكسر.. بقيت اخد حقن كل يوم .. وفي الآخر إللي خايفة على خاطره هو إللي كسرني وقتل ابني اللي تعبت فيه
ثم اقتربت منه وهزته من ثيابه هادرة
_ أيوة هو ابني بس مش ابنك أنت .. أنا اللي تعبت فيه وانت اللي قتلته !
قتلته! كلمة تردد صداها عدة مرات على أذنيه بينما وقف بجسد متصلب وملامح مفجوعة
رنيم تابعت، نظرتها ثاقبة وثابتة عليه، وكأنها تسعى لتغرس كل كلمة في ذاكرته للأبد
_ ابنك الأول مات بسببك... والتانيين؟ التانيين جم غصب عني... جم بسبب الاغتصاب. مش عارفة حتى أفرح بيهم، لأن كل ما هبص في وشهم هفتكر الطريقة اللي ابوهم جابهم بيها .. هفتكر انك اغتصبتني ودمرتني وللأسف هييجوا الدنيا وهما ولاد حرام ! ..بسببك بردو !
صمتت للحظة، ثم أكملت بصوت أكثر حدة
_ أنا ضحية قراراتك، ضحية شكوكك، ضحية كل حاجة عملتها بيا. ومش قادر أنسى ولا أعدي...
اصطيغ لون وجهه بالأحمر بينما بكت هي في انهيار وهي تهشم كل ما في الغرفة
_ أيوة الفلوس مش مكفية انتقامي .. عمري ما دورت عليها أنا كنت بدور عليك انت! .. خدها .. خدها بس سيبني .. سيبني وابعد عني بقى ..
فواز حاول أن يمد يده ليلمس يدها ويمنعها من هذا الفعل . لكن رنيم سحبت يدها بسرعة، كما لو أن لمسته ستعيد كل الألم من جديد. عيناه امتلأتا بالدموع، ندمه كان واضحًا، لكنه لم يعرف كيف يصلح ما أفسده.
_أنا آسف، رنيم... والله أنا آسف، ماكنتش أعرف... ماكنتش قصدي أعمل فيكي كده.. والله العظيم مكونتش أعرف أبوس إيدك سامحيني
قالها بصوت مخنوق وعيون دامعة في قهر وهو لا يصدق أنه فعل ذلك بإبنه .. أن أفعاله قد نتج عنها كوارث .. أهمها قتل نفس وليست أي نفس بل نفس ابنه !
لكن رنيم هزت رأسها، ولم يكن لديها استعداد لتقبّل اعتذاره بسهولة فما مرت به معه لم يكن سهلاًا أبدًا
_الأسف مش هيرجع ابني... الأسف مش هيغير اللي حصل... الأسف مش هيخليني أنسى اللي عملته... ابعد عني لحد ما أولد .. متقربليش ولا تتعرضلي تاني لو عاوز تحافظ المرادي على الحمل دا ! .
ثم دخلت الحمام وتركته مكانه خائر القوى تهاوى على الأرض يراجع ذكريات هذا اليوم عندما ضربها في بطنها ضربات عديدة .. حتى هذه الجلدات على ظهرها وأسفل ظهرها .. ليبكي فواز ويرتلع صوت بكاءه وهو يشعر أنه بات ملوثًا بالدماء .. بدماء إبنه !
_
مرت الشهور ليأتي الأسبوع الذي ستلد فيه رنيم . لم يكن فواز متواجد معها بعد آخر مشاجرة وآخر طلب لها .. لكنه كان على متابعة متواصلة لها ولحالتها حتى أنه جلب لها معالجة نفسية لتساعدها في تخطب كل الأمور السيئة التي فعلها بها ...
_ فواز .. رنيم شكلها هتولد
كان هذا صوت فوزية الذي قالته بغضب شديد ليشعر أن الوقت قد حان ليصل أطفاله إلى الدنيا ! ...
____
نهاية الفصل
_
.png)