الفصل السادس والأربعون بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات

 الفصل السادس والأربعون بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات 


__________


فوزي كان يشعر بالقلق يتسلل إلى قلبه عندما رأى ريهام تجلس على الأريكة ووجهها شاحب، تمسك بطنها وتتنفس بصعوبة. حاول التخفيف عنها، لكنها فجأة صرخت من الألم. 


_ ريهام، إنتِ كويسة؟!


  سألها بصوت مرتعش، لكن الألم كان أقوى من كلماتها.


شعر بالذعر وهو ينظر إلى  حالتها 


_  لسة شوية على الولادة ... إيه اللي بيحصل؟! 


فزَّ من مكانه بسرعة، وحمل حقيبة المستشفى التي أعدوها من قبل ووضعها في السيارة ، ثم ساعدها برفق على المشي نحوها.


كان يقود السيارة بسرعة وهو يحاول السيطرة على مشاعره المتضاربة بين الخوف والقلق. يداه كانت ترتعشان وهو يمسك بالمقود، وذهنه مليء بالأسئلة. "يا رب تعدي على خير..."


عندما وصلوا إلى المستشفى، هرع بالأطباء إلى ريهام. وقف في الممر يتابعهم وهم يدفعون السرير بسرعة نحو غرفة الطوارئ. شعر بالعجز في تلك اللحظة، لكنه تذكر أنه ليس وحده.


أخرج هاتفه بسرعة واتصل بفواز 


_ فواز، ريهام... بتولد قبل معادها! أنا في المستشفى، متوتر جدًا ولواحدي ... تقدر تيجي ؟ 


صوته كان مليئًا بالانفعال والخوف.


لم يكن قادرًا على الانتظار، فاتصل بفايز أيضًا. 


_فايز، أنا في المستشفى، ريهام بتولد دلوقتي... محتاجك تكون هنا.  


______


غادة كانت جالسة في منزلها، تشعر بقلق لا يفارقها منذ أن عرفت أن أختها ريهام في المستشفى. أفكار كثيرة تدور في رأسها، قلبها يدق بسرعة ويدها ترتعش وهي تمسك بهاتفها في انتظار أي خبر جديد. كانت تعرف أن عليها أن تذهب وتكون بجانب أختها، لكن كان هناك شيء آخر يثقل قلبها. فكرة رؤية فايز.. سيكون هناك بجانب أخيه بالطبع .. 


حزينة ومنكسرة، قررت أن تذهب إلى المستشفى رغم كل شيء. عندما وصلت، رأت فايز يقف هناك، شارد الذهن، عينيه تائهة بين الممرات، لا يدري إن كان يجب أن يفرح أو يقلق. تذكرت كيف كان فايز يعاملها وكأنها غير مرئية ، وكأنها قطعة هامشية في حياته. شعرت بالحزن يملأ صدرها، لكن لم تكن هذه اللحظة المناسبة لتغرق في حزنها.


اقتربت منه بهدوء، لكنها لم تتكلم. وقفت بجانبه لبعض الوقت دون أن تنطق بكلمة. كان وجوده يثقل كاهلها، لكنه كان في نفس الوقت مصدر قوتها الغائبة. تذكرت كم كانت تعتمد عليه يومًا، وكيف كان تجاهله لها يقتلها ببطء... ولم تتذكر بالطبع كل السيئات التي فعلتها وارتكبتها في حقه ... فمازالت كما هي لا تعترف بأخطائها حتى بينها وبين نفسها ... 


تجاهلها فايز تمامًا ولم يهتم لها بل جلس بجانب أخيه يحاول أن يحدثه في عدة أشياء عله يخفف عنه توتره  . 


في هذه اللحظات دخل فواز عليهم ليسير بخطوات سريعة نحو فوزي الذي ما إن رآه حتى قال 


_ أنا خايف ! 


ابتسم فواز ثم ربت على كتفه وأجابه


_ أجمد كدة متبقاش خايب 


ابتسم فايز في سخرية


_ شوف مين بيتكلم ! دي هالات سودة دي ولا إيه ؟


ثم مد يده ليلمس وجهه ليبتعد فواز في خفه ويتفاداها محذرًا


_ إيدك لتوحشك !


_ إيه الجملة دي ؟ 


سأل فايز ضاحكًا ليقول فواز في خبث وهو يتذكر في أي موضع قالتها له رنيم 


_ مالكش دعوة وخليك في مراتك .. 


انتبهت غادة لما قاله فواز وشعرت بدقات قلبها ترتفع وتتسارع بينما يكمل فواز في حسد  


_ توأم تاني ! أنت إيه مبترحمش 


انصدم فوزي وجذبه الخبر بشدة بينما وقف فايز مصدومًا فكيف عرف فواز أنها حامل في توأم  !  ..


_إيه دا ريم حامل في توأم !! تاني !! 


قال فوزي في دهشة لتنفتح عيني فايز في خوف ثم قال بينما يتراجع عدة خطوات وإخوته ينظران إليه في تركيز شديد 


_ هو إيه إللي تاني تاني ما تقولوا ما شاء الله أنا خوفت منكوا ! .


_ ما شاء الله بس إيه مبتضيعش وقت أنت 


قالها فواز ليقول فايز في اندفاع ليدفع عنه الحسد والحديث 


_ طب مانت جايب توأم ! 


_ بس مش تلاتة هااه ..  وبعدين اتنين ! 


رد فواز ليجيبه فايز 


_ أعوذ بالله بجد...


ضيق عينيه وهز رأسه 


_ خلفتك كلها توائم


ابتلع فايز ما في حلقه في خوف بينمة يجيبه


_ يا ساتر يارب  ..  


ابتسم فوزي على شكل فايز الخائف والذي بدأ بالفعل في قراءة الأذكار في سره ليقول 


_ خلاص يا فواز فايز بيخاف من الحسد 


قال فواز ساخرًا 


_ طول عمره خواف 


هنا رد فايز بقوة وفخر بنفسه 


_  طب وانت متغاظ ليه ؟ دي فرق قدرات على فكرة 


استفز فواز بكلماته ليقول في غيظ 


_ أنت هتكتم ولا أفرجك فرق القدرات حالاً 


ابتسم فايز ابتسامة ثقة ليقول فوزي في ضيق 


_ بس يابني احنا في مستشفى إيه الكلام دا .. حرام عليكوا مش ناقص توتر 


تأفف فواز ثم قال 


_ ياعم هتقوم وتبقى زي الفل .. متخافش يا فوزي 


_ ربنا يستر ...


ردد فوزي ليقترب منه فايز ويقول 


_ هتطمن دلوقتي ان شاء الله 


وهنا أنتهت عملية الولادة وخرج الطبيب ليطمئنهم كما تجري العادة في هذا المشفى الخاص 


_ الحمدلله !


كلمة الحمد التي بدأ بها الطبيب بوجهه البشوش ثم أكمل يزف الأخبار  السعيدة أن  فوزي قد رزقه الله بفتاة ليطير عقله من السعادة ويطمئن قلبه ما إن اطمئن عل  ريهام زوجته وصحتها هي وطفلته ثم بارك له فايز وفواز والفرحة تملئ وجوههم .. 


لكن اليوم، وهي ترى أختها في وضع صعب ووجدت زوجها جانبها ، أدركت أنها لا تستطيع أن تستمر هكذا. لا يمكنها أن تبقى تحت رحمة مشاعرها تجاه فايز. كان الوقت قد حان لتغيير حياتها، أن تبدأ من جديد.. خصوصًا بعد صدمتها بعدما سمعت خبر حمل زوجته ! مرة وأخرى وتوأم ! لتشعرر بالشفقة والقهر تجاه نفسها لكنها وجدت نفسها تردد داخلها 


_لازم أكون قوية... مش هخلي فايز أو أي حد تاني يوقفني. 


قررت أنها ستبدأ بالعمل. ستثبت لنفسها وللعالم أنها قادرة على النجاح مرة أخرى بعد الطلاق . لم تعد تلك المرأة التي كانت تنتظر الظفر والتميز والتنافس على الرجال بل أرادت العمل بعد فشلها في زواجها ... 


_ هشتغل، وهقف على رجلي من تاني . مهما حصل.


ثم دخلت لأختها بعد فترة وبعدما سمح الطبيب وشعرت بالسعادة الغامرة وهي ترى إبنة أختها لتبكي فرحًا رغمًا عنها ثم نظرت لفايز الذي حمل الطفلة قبل أن يسلمها لفوزي المتوتر من هذه اللحظة لتتأمله .. كم تمنت أن يصبح أبًا لأطفالها لكنها لم تستطيع . ثم فجأة أدركت أنها كانت الملامة الأولى في هذه الزيجة ! لم يخدعها فايز ولم يخفي عنها أي شيئ .. بل كان واضحًا وصريحًا وهي من اختارت وقبلت بل وسعت في تدمير حياة أختها... لم يكن فايز المذنب الوحيد .. 


_______


إلى الآن لم تتم احتفالية المولود فرنيم حدث لها مضاعفات في الجرح بسبب وزنها وارهاقها مع الطفلين وأبى فواز أن يقيم أي احتفال أو العقيقة حتى تصح رنيم ... لكنها تخطها وقد مضت فترة النفاس وانتهت على خير .... 


 بعدما تعافت رنيم بدأ فواز يحاول التقرب من رنيم بطريقته الخاصة، مستغلًا خفة دمه التي كانت دائمًا ما تجذبها له في الماضي. كان يعلم أن العلاقة بينهما متوترة، لكنه لم يفقد الأمل في الوصول إليها بطريقة غير مباشرة، بأسلوب لطيف ومرح. 


في صباح أحد الأيام، كانت رنيم في المطبخ تحضر لها كوب قهوة استلذت أن تعده بيديها ليزيل عنها النعاس والتعب . دخل فواز بهدوء، مرتديًا ابتسامة ماكرة على وجهه. اقترب من خلفها وهمس بصوت ناعم 


 _ ريحتك أحلى من القهوة اللي بتعمليها على فكرة.


رنيم شعرت بوخزة في قلبها، لكنها رفعت حاجبيها ونظرت إليه بريبة. 


_ انت بتعمل ايه يا فواز ؟


 سألته وهي تضع الفنجان على الطاولة.


ابتسم، مستندًا على طاولة المطبخ ومقربًا وجهه إليها بخفة. 


_ مش بعمل حاجة، بس بحاول أفكرك إنك أجمل حاجة في الصبح ده 


هزت رأسها وضحكت بخفة، وكأنها تعلم أنه يحاول جذبها بطريقة لطيفة. 


_أنت عارف إني مش هقع في المصيدة دي بسهولة، صح؟ 


فواز أطلق ضحكة صغيرة، ثم ردّ 


_ وأنا كمان مش بستسلم بسهولة 


تبادلا النظرات الخبيثة وكلاهما ينوي النوايا للآخر ثم على حين غرة اقترب فواز من رنيم بسرعة لتندهش بينما رفع يدها برفق يقرب الكوب من شفتيه قائلا بنبرة ناعسة 


_ قهوة من ايديكي ! 


أخذ رشفة ثم تنهد في شوق ووجهه قريبا لها وعينيه مثبتة في عينيها 


_ مشربتهاش من زمان .. من أيام ما كنتي بتنضفيلي المكتب 


_ أوعى


دفعته رنيم بعيدًا عنها بعيون حمراء  


لكنه اقترب قائلاً _ وشك اتغير ليه ؟ دي كانت أحلى أيام 


_ مش أحلى أيام ولا حاجة ... 


نفت بصوتها الرقيق ليهمس في تلاعب 


_ دا المكتب دا شاف بطولات 


دفعته مرة أخرى بعدما أقترب منها 


_ أوعى كدة وهات القهوة دي 


تفاجئ من غضبها الظاهر وهمت لترحل لكنها استدارت وقالت 


_ وعلى فكرة بقى أنا عملتهالك واحنا في بيت بابا بس أنت دماغك وحشة وعاوز تضايقني ومش فاكر غير دي وبس 


تأفف فواز فكل محاولاته معها تبوء بالفشل وينتهي به الأمر بسوء الظن وبغضبها عليه ليقول 


_ مكانش قصدي حاجة 


_ لأ تقصد !


هاجمته ليقول فواز في أسف وقد أشفق على حالها بوجهها الشاحب وعيونها الحمراء ويبدو عليها آثار الحزن الدائم ليقول 


_ طيب أنا آسف ! 


نظرت له في حزن .. وإذا امتزج حزنها بدلالها .. يذيق عقله وقلبه الويلات .. اقترب مرة أخرى ثم رفع يديها لفمه ليقبلها في عشق 


 _ أحلى قهوة بشربها من أحلى إيدين 


تسمرت مكانها وهي ترى رجلها يدللها بهذه الطريقة وتلك النظرات التي تسيطر على كيانها كله وتجعلها صغيرة أمام قوامته وغرامه 


_ مقصدش حاجة وحشة


مال عليها أكثر حتى ضم خصرها في رفق قائلاً في خفوت 


_ دا أنا بقالي سنة بقول يوم من أيامك يا مكتب 



ابتسمت رنيم في خجل شديد وحاولت أن تفلت منه لكنه أبى ثم نظرت له بقلق ليتركها تذهب وعينيه عليها وهي تسير بخطوات متوترة منه ... 


ففواز قد نوى أنه لن يترك صغيرته تهرب هكذا فمدة النفاس انتهت وحقوقه الشرعية أكثر أقرب إليها من أي وقت سابق ولا يحول بينه وبينها شيئًا ! ... 



_______


في خلال شهر كانت غادة تعلمت الكثير عن العمل وبسبب شرطها على فايز أصرت ان تحصل على وضع معين في الشركة في أحد الأقسام ورغم عدم منطقية طلبها بسبب خبرتها المعدومة إلا أنها لم تتنازل وعافرت في التعلم والتدريب ولم يخلو الوضع من مساعدين لها 


اليوم يوجد عميل هام .. وهذه أول مرة ستتعامل مع عميل بنفسها وتستقبله في مكتبها


قال فايز في اجتماع مديرين الأقسام 


_ مش هينفع طبعا دي مش عارفة حاجة 


اعترض لتقول غادة 


_ هينفع ونص وخليك في شغلك 


نظر لها في انزعاج ليبتسم فواز ابتسامة مترقبة ثم تنهد وقال 


_ لو العميل دا ضاع منك .. هتسيبي كرسيكي !


نظرت له غادة ثم رفعت حاجبها قائلة 


_ وأنا موافقة! 


تبادل فواز النظرات معها ثم نظر لفايز الذي تأفف فهي ستقابل العملاء .. ليس غيرة عليها فهي لا تهمه لكنه لا يطيقها في العمل بأي شكل من الأشكال 



اليوم هو اليوم الموعود .. مقابلة العميل ! 


ارتدت بدلة سوداء لأول مرة ترتديها .. فأرادت أن تكون محترفة في العمل كما يقولون ! 


أخبرتها السكرتيرة بوجود العميل ووصوله لتتنهد وتسحب أنفاسها بسرعة تحاول أن تهدأ حتى تمر بأول اختبار على خير .. وفجأة بدون مقدمات دخل العميل دون طرق الباب بينما كانت مائلة بجسدها تعدل شعرها 


_ إيه الجمدان دا ! 


هتف بها العميل والذي لم يكن سوى رجل في منتصف الثلاثينيات ... 


نظرت له غادة منصدمة من اقتحامه المكتب بهذه الطريقة بينما هو أردف وعينيه مرتكزة عليها


_ وحش ! 


_ وحش لما يلهفك ! 


ردت غادة في غضب شديد ولم تستطع أن تمنع نفسها من تلقين هذا السافل الوسيم الطويل درسًا لن ينساه ! 

نهاية الفصل الخطير أوي أوي دا .... كلام فواز بجد فظيع  إزاي  بيقول كلام بالشكل الجميل دا وإزاي شخصيته بيطلع منها الحجات المميزة دي ❤️❤️

شفتوا بقى الشخصية الجديدة إللي ظهرت !😈❤️ .

 تحفة ❤️❤️❤️❤️❤️❤️💎


يلا الفصل الجاي يوم  الخميس إللي هو بتاع رمضان .

 مع السلامة يا حبايبي ❤️❤️❤️

____


5 تعليقات

  1. تسلم ايدك كلمة إبداع ماتوفيش حقك، شابو بجد 🤍🤍🤍🥺
  2. اقول مبارك لغدوش مقدما 🫣♥️
  3. غادة جابت العيد
  4. .....
  5. خيال اسطوري
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.