الفصل الثاني والأربعون بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات
وقف فواز أمام المشهد وكأن الزمن توقف للحظة. رنيم كانت تجلس على طرف السرير، تحيط بصغيرها حبيب بين ذراعيها وهي ترضعه برفق. نظر فواز بعينين مليئتين بالغيرة، الحيرة والتملك.
_ هيّ كدة بتاعتي، ولا بقت بتاعتهم ؟
سأل نفسه وهو يحاول ابتلاع مرارته.
رنيم كانت في عالم آخر، تهمس لصغيرها كلمات حنونة لم يسمعها فواز، لكنه لم يكن بحاجة لسماعها ليعرف أنها تمنح حبًا لهؤلاء الصغار الذي طالما اعتبره حقه وحده.
فواز بصوت منخفض لكنه مليء بالاحتقان
_ ليه كده يا رب! اتنين مرة واحدة؟! كلهم هيشاركوا فيها !
ثم رمق الطفل الثاني المسطح بجانبها بعيون قلق، وكأنه يعلم أنه ينتظر دوره وسيلمسها هو الآخر
رنيم وهي ترفع عينها وتقول
_قول بسم الله ما شاء الله.
لكن فواز رد بمرارة وهو يرى طفله مندمج مع طعامه ليقول في حسرة
_بسم الله ما شاء الله... على خيبتي! بسم الله ما شاء الله.
نظرت له رنيم في ضيق ثم صدرت كحة صغيرة ننخفضة للغاية من طفلها لتقول في لهفة
_اسم الله يا حبيبي
فواز هتف في مرارة وشفتيه مضغوطة في ضيق
_ اسم الله عليكي انتي
استمر طفله ..ولم يتوقف وعيني فواز هي الأخرى لم تتوقف وكأنه يريد أن ينتزعه من صدرها لكنه وجدها تبعده برفق ليجري عليها وارتسمت الإبتسامة والراحة فوق ملامح وجهه
_ عنك
وأخذ طفله منها ثم نظر له وهز رأسه يمينًا ويسارًا
_ كدة ينفع يا حبيب بابا كل دا بترضع ي
قاطعه فجأة صوت بكاء عزيز لينظر له فاتحًا عينيه في ذعر ليرى رنيم تنحني ببطئ وفي حنان لتضمه لها وتبدأ في إطعامه
_ عزيز!!
هتف فواز لينادي إبنه وكأنه سيرد عليه ويراعيه ويرفض الرضاعة من أجل ألا يغضب والده ...
وضع حبيب على الفراش في رفق ثم نظر لها ولطفله في ضيق وفجأة سأل
_ هتفطميهم إمتى بقى ؟
صدمت من سؤاله لتقول
_ دول لسه مولودين امبارح!
_ماليش فيه. العيال دي بتتفطم إمتى؟
عاد سؤاله في صرامة كأنه لم يسمعها ...
فردت رنيم وهي تعطيه نظرة تحمل دهشة وسخرية
_ أنا مش هفطم ولادي قبل سنتين.
_ معاكي يومين وتخلصيني من القصة دي.
_ نعم !!
قال فواز بحزم وكأنه يحاول استعادة السيطرة على الأمور قبل انتفلت منه فعن أي سنتين تتحدث هذه المخبولة فهو لن يتحمل ثانيتين أخرتين لترد رنيم عليه باستنكار فعاد ليقول بحده واضحة في صزته وكأنه يتحدث عن موضوع غاية في الأهمية ولا يقبل المخاطرة
_ اللي سمعتيه. كلمة كمان وهخليهم يرضعوا صناعي من دلوقتي!
رنيم بضحكة نصف متعجبة ونصف مستاءة
_فواز! إنت بتهزر؟
اقترب منها فواز ليميل عليها بينما تحمل الطفل تطعمه لينظر لها في أعين ثاقبة وبنبرة متملكة لها ولكل قطعة بها قال بشعور عميق بالظلم والانزعاج
_ أنا... أنا طول عمري بحاول أمنع أي حد يقربلك، وفي الآخر اتنين غيري؟ اتنين بحالهم يا رنيم !
ر نيم وهي تنظر إليه بتعبير استغراب من تفكيره الدنيئ
_ انت إنسان دماغك مش كويسة... وبصراحة مش محترم.
لكن فواز أجاب وهو يشعر بالخيانة الوهمية
_أنا اللي مش محترم؟! انتي شايفة انتي بتعملي إيه؟
رنيم وهي ترد بهدوء وثقة
_ ده ابني، يا فواز.
رد فواز بتملك شديد
_ وأنا جوزك!
_ يوووه ! فواز .
قالتها رنيم وهي ترفع حاجبها وتتنهد ليبتعد عنها في ضيق هو الآخر مخرجًا عدة أنفاس غاضبة سمعتها بوضوح ...
نظر في ساعته ليجد أن عزيز قد أطال الرضاعة ليدب الأرض عدة مرات متتالية وحاول أن يصبر لكنه لم يستطيع فاقترب منها وقال بضيق
_ دا بقاله ربع ساعة على صدرك مش هيبطل بقى
_ احترم نفسكك
_ ماهو اللي يحترم نفسه دا لسة مولود امبارح هياكل كل دا
_ هو رضاعته كدة متقطعة !
اهتاج فواز وارتفع صوته
_ متقطعة إزاي يعني هو بيتمزج بروح أمه
_ فواز !!
ندهته رنيم في صوت به تحذير ليتوقف عن جنونه ثم قالت في نبرة قاطعة
_ إياك تتكلم كدة عن الولاد تاني أنت فاهم
نظر لها وللطفل شرزًا ثم قضم شفتيه يمنع غيظه وبعد عدة لحظةت هتف في ضجر
_ خلص بقى يا عزيز .. خلص ..
نظرت له رنيم في شراسة ليبتسم بسرعة ويهتف في حنو
_ خلص يا روحي يلا .. عشان متتعبش من الأكل الكتير دا
هزو رأسها غير مصدقة لحالته ومتفاجئة بشدة منها
_ أنت اتجننت
استنوا بقى الفصل التاني ..