الفصل الثامن والثلاثون بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات

 "الفصل الثامن والثلاثون بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات "




عشق أولاد الذوات

وصل فواز إلى بيته مسرعًا، أنفاسه متلاحقة وقلبه يدق بجنون، صوت أمه يتردد في أذنيه عندما اتصلت به وقالت: "رنيم شكلها هتولد." الكلمات كانت كافية لتجعله يشعر بأنه واقف على حافة الهاوية، وكأن كل مشاعره المخفية منذ شهور تفجرت دفعة واحدة. 


لم يكن بينه وبين رنيم سوى الجفاء منذ شهور، بسبب طلبها الواضح والصريح أن يبتعد عنها. لم يكن يدرك في تلك اللحظة كم ستكون الحياة صعبة من دونها، وكم سيكون مؤلمًا أن يكون بعيدًا عن أهم لحظة في حياتهما. هو الذي كان دائمًا ما يختبئ خلف قسوته وقراراته العنيدة، وجد نفسه الآن عاجزًا، وقلبه مثقل بالندم.


دخل البيت بخطوات مترددة، يعرف أنه أخطأ كثيرًا في حقها، يعلم أنه آذاها بقراراته واتهاماته وأفعاله ، ويعرف أيضًا أن كل ما تريده الآن هو أن يكون بجانبها، حتى لو لم تقلها بصوتٍ عالٍ. 


اقترب من غرفة النوم حيث كانت تجلس رنيم، وجهها شاحب وتعلوها علامات التعب، لكنه رأى فيها أيضًا قوة لم يتوقعها. اقترب منها ببطء، قلبه ينكمش من الخوف والندم. 


_رنيم... 


همس بصوت خافت، لا يريد أن يزعجها أو يزيد من ألمها، لكنها رفعت رأسها ونظرت إليه، نظرة مليئة بالعتاب والألم والرهبة.


_إنتِ كويسة؟ 


سألها، نبرة صوته تحمل كل الضعف والخوف الذي كان يخفيه عنها طوال الفترة الماضية. لم تقل شيئًا، ولكن عيناها قالت الكثير، كان بإمكانه أن يرى كل الأذى الذي تسبب فيه. 


جلس بجانبها بهدوء، يمد يده بحذر ليمسك بيدها، وفي تلك اللحظة شعر بقلبه يهدأ قليلاً. ربما لم يكن بإمكانه إصلاح كل ما فعله، وربما لم تكن ستغفر له بسهولة، ولكن هذه اللحظة كانت كل ما يريده، أن يكون بجانبها في هذه اللحظة الصعبة، أن يكون الشخص الذي تعتمد عليه حتى وإن كانت بينهما سنوات من الألم والمشاكل.


همس لها 


_أنا آسف، حقك عليّ. مهما حصل، أنا هنا، ومش هسيبك تاني. 


شعرت رنيم بصدق كلماته، وحتى إن لم تتكلم، كانت نظرتها تكفي لتخبره أنها ترى ندمه، وأنها تريد منه أن يبقى بجانبها، حتى لو لم تعد تلك الأمور إلى سابق عهدها. 


كل ما كان يهم الآن هو أن يبقى، أن يكون الشخص الذي تحتاجه في هذه اللحظة، وأن يحاول إصلاح كل ما أفسده، بيدين مرتجفتين وقلبٍ مليء بالأمل والندم. 


_ ليه عملت فينا كدة ؟ 


سألت في وهن ليصمت ثم ينظر للأعلى في حسرة ولم يعرف ماذا يقول لكن لسانه ردد 


_ انتي إللي مكنتيش بتخليني حتى أقربلك .. فاكرة


نظرت له في ألم بينما يكمل 


_ كل ما أجي جنبك تقولي تعبانة . مرهقة .. عندي ظروف 


صمتت تسمع هذه التفاصيل للمرة الأولى 


 _ وأنا من ناحية تانية حد عمال يبعتلي في رسايل وأصبر واعدي وأكذبها واقول مش هخلي حاجة تأثر علينا بس كل مرة كانت تقع عيني عليكي الاقيكي مع محمود .. جمبه .. بتكلميه ... بيبصلك ! 


أكمل فواز بنبرة متعبة _ خناقاتنا كل يوم اننا نمشي وانتي ترفضي .. وفي الآخر تتبعتلي صور لشات بينك وبينه وأرجع الاقيه في البيت وانتي بقميصك .. كنتي عوزاني افسرها إزاي؟ كنتي عوزاني أفهم ايه ؟ 


تذكر أحداث ذلك اليوم 


_ أنا من صدمتي حتى منطقتش .. كنت حاسس إني هتشل أو قلبي هيقف .. حتى يومها سألتك وقولتلك حامل ولا لأ ؟ فاكرة كان إيه ردك ؟ 


ساد صمت بينهما والحزن رفرف بينهما لتسأل رنيم 


_ لو كانت هيام مكاني كنت هتعمل فيها كدة ؟ استحالة ! انت عملت فيا كدة عشان أنت متعود تيجي عليا وتظلمني وان ماليش حد هيقفلك .. اني البنت الرخيصة !


_ كفاية بقى تقولي على نفسك رخيصة ! 


هدر فيها ثم قال في صدق وانفعال 


_ لو كانت هيام مكانك كنت قتلتها ودفنتها مكانها ! ... 

 لو كانت أي واحدة تانية مكانك كنت قتلتها في نفس اللحظة إللي شوفتها فيها مع غيري . .


هدأ صوته يتأمل عينيها في ضعف قائلاً 


_ لكن انتي ... أنا حسيت ان أنا اللي اتقتلت بخيانتك ! .. 


استشعرت صدقه وعشقه وحالتها الوهنة بينما هي في آخر أيام الحمل جعلتها غير قادرة على الإنفعال لكنها تهكمت في تعب 


_ عاوز تقول إنك رحمتني ! 


اقترب منها يجلس جانبها على الفراش ليكون قريبًا ويشدد على كلامه في قهر وغضب ليس منها بل مما تعرضوا له 


_ عاوز أقول إني غلطان بس والله سوء تفاهم وانتي كنتي كل مرة بتعصبيني اكتر .. لحد اخر مرة .. فاكرة كلامك !! اني مش راجل .. انك حامل من غيري . انك خونتيني وانا جوزك ! انتي عارفة الكلام دا ممكن يعمل في أي راجل إيه ؟؟! .. الكلام دا الناس بتقتل بعضها عشانه ! .. 


_ حط اللوم عليا وبرر لنفسك ! 


قالتها رنيم وأشاحت بوجهها للجهة الأخرى وسقطت منها دمعة احرقت خدها ليجيب 


_ مش بحطه عليكي ...مش بحط أي لوم عليكي 


صمتوا حتى كاد أن يفقد عقله فنادى عليها في خفوت 


_ رنيم !


_ مش قادرة أسامحك... مش قادرة 


قالت بنبرة وهنة رافضة ليتوسلها 


_ عشان خاطري يا رنيم .. عشان خاطر ولادنا إللي خلاص جايين 


_ مش قادرة ... مش قادرة أعيش معاك ولا أستحمل قربك !


اعتدلت رغم تعبها الشديد وهبوطها ليتمسك بوجنتها لأول مرة منذ زمن وثبت عينيه عليها ثم سأل 


_ بتحبيني ..؟ 


كيف تجرأ أن يسأل .. حدثت نفسها ثم سخرت 


_ وإيه لازمته الحب !


ابتلع الغصة في قلبه ثم ازاح يديه بعيدًا وقال 


_ عندك حق .. سواء سامحتيني أو مسامحتنيش أنا عمري ما هسامح نفسي !


وقف من فوق الفراش ثم قال معبرًا عن دمه وكرهه لنفسه 


_ مش عايز أبص في المرايا .. مش عايز أواجه حتى صورتي !


تأملت ظهره الفارع بينما تخرج عنه رجفة بين الكلمة والأخرى 


_ أنا حقير أوي 


 دموعه التي سقطت دفعتها دون أن تدرك لتقول 


_ الغلطة مش غلطتك لواحدك .. 


اندفع بالحديث يتحمل كل اللوم 


_ لأ غلطتي 


ثم أكمل _ حتى لو غلطة أي حد تاني .. أنا مش هستفيد حاجة ... هستفيد فعلا لما أفوق حتى لو متأخر 


 اقترب من الفراش مرة أخرى وقال 


_ رنيم انتي مهما عملتي .. لو فضلت تذلي فينا لحد آخر نفس في عمرنا مش هيكفي إللي عملناه فيكي .. مش هيكفي اني استقويت عليكي وقويت عليكي كل الناس ! أنا مكونتش راجل معاكي !


ندمه الشديد ورغبته في التغيير كانت واضحة ولأول .. أضاف فواز 


_ أوقات بفكر إني أموت نفسي .. مش حاسس بالرحمة تجاه نفسي خالص .. لدرجة ان من كتر كرهي لنفسي مش عايزك تسامحيني 


ثم تذكر زناه ولهوه في الأيام الخوالي ليشعر أنه قد عصى عصيانًا مبينًا فقال في ضعف وقد سيطر الشيطان عليه حتى أصابه اليأس 


_ ولا عاوز ربنا يقبل توبتي وحاسس إني مستحقش الرحمة ! .. 


_ بتقول كدة عشان تخفف عن ضميرك تعبه 


قالتها رنيم ليجيب _ عشان أنا كاره نفسي أوي 


_ شوية وهتنسى 


 رغم كل ما قاله إلا أن جسدها وعقلها رفضا تمامًا مسامحته 


_ رنيم ... الحالة الوحيدة اللي هحب فيها إنك تسامحيني ... هو انك لما تسامحيني قلبك هيرتاح .. وأنا عاوزك ترتاحي

 

قال بعيون دامعة ورموش مبتلة ثم تمم كلامه 


_ بكرة الولادة .. حاولي تسامحيني أرجوكِ قبل ما تدخلي العمليات !


تبادلوا النظرات في حزن ومع ذكره للعمليات شعرت بالخوف الشديد .. فواز أعطاها ظهره ليغادر لتقول 


_ استنى ! 


نظر لها بتدما التف لتتوتر قليلاً قبل أن تنزل دموعها في سخاء وتهتف في ضعف شديد 



_ أنا خايفة أوي 


بخطوات سريعة وصل إلى الفراش يأخذها بين زراعيه في لهفة شديدة وقلق عارم لتترك نفسها له تبكي وحالة من الهلع التبستها وتذداد مع اقتراب موعد الولادة 


 هاهو يشعر بروحه وحياته تعود إليه بعد هذا الحضن ... تمسك بها وقبل رأسها يضغط على جسدها بيديه يطمئنها بكلماته رغم رعبه عليها 


_ متخافيش يا حبيبتي.. أنا معاكي 


وضعت رأسها في صدره ثم هتفت بصوت مخنوق 


_ هو أنا ممكن أمو


 _ لاء مش ممكن خالص .. مش ممكن أبدًا 


قاطعها قبل أن تكمل .. مازالت صغيرة تخاف .. ترتعب .. ليعود الندم يراوده .. كيف له أن يفعل الهولات بصغيرته الضعيفة التي تخاف وتقلق وتتألم بسهولة ! كيف كسر ضلعه وظهرها .. كيف فعلها ! ... وبينما هو يتسائل قالت رنيم في غيظ 


_ أنا مش عاوزة أحضنك ومش نسيالك إللي أنت عملته بس أنا خايفة أوي  


ابتسم رغم حزنه قائلاً ولم يبتعد قيد أنمله عنها 


_ماشي يا حبيبتي براحتك .. أنا هنا جنبك ومش هسيبك تخافي !



نهاية الفصل يا جواهر.. ما تروحوا تعملولي فولو في الانستجرام هعمل محتوى هناك كدة حصري 🤗🔥😈  اسمه أهو  Fatmathewriter 

إرسال تعليق

الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.