" الفصل الثامن والعشرون بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات ١٢٨ "
_____
_ ايه اتصدمت ؟ .. طبعا مش هتقدر عشان مش راجل ومتقدرش تعمل أي حاجة.. أنت مجرد شوخشيخة في ايدين الناقص أبوك ... مالكش لازمة ولا قيمة
صمت فواز جعلها تنطق بكلمات نبعت من قلبها لتريه قيمته الحقيقية بينما تكمل في احتقار
_ الكلب ليه قيمة عنك على الأقل وفي ومبيعضش صاحبه
_ عندك حق !
أجاب بصوت مستسلم وشعوره بالدونية تجاه نفسه مستمر في الإذدياد لتقول رنيم في انتقام بدافع الألم
_ فاكر عملت فيا إيه؟
عينيه كانت في الأرض ممتلئة بالدموع لا يستطيع رفعها بها بينما تلقي على مسامعه كلمات مهينة قاسية يعلم تمام العلم أنه يستحق أكثر منها بكثير
_ كل حاجة لسة معلمة وعمري ما هنساها .. لو أطول أجلدك يا زي ما جلدتني هعملها ومش هتردد ...
ابتلعت دموعها التي كانت ستسقط وهي تتذكر ذلك اليوم الذي عراها فيه وأخذها عند هيام لتضربها كف فوق وجهها لتهينها أكثر .. تحجر قلبها عليه أكثر وشعرت بالكراهية تدب في عروقها فهتفت به بينما تضغط على أسنانها
_ أطلع برا ومتجيش هنا تاني واعتبر نفسك مسمعتش ولا عرفت حاجة .. ولادي هربيهم بمعرفتي وجوزي وراجلي وسندي موجود جنبي مش محتاجة واحد مالوش قيمة ولا شخصية زيك .. هيربيهم راجل غيرك شهم وقوي وشورته من دماغه وعنده رحمة ..
ثم عايرته بإحتقار _ مش زيك وحش همجي مستخبي ورا بدلة وببيونة
وضع محمود يده فوق كتفها يحاول تهدئتها لكنها تابعت في حقد
_ أنا بكرهك يا فواز .. ومبكرهش حد أدك في حياتي كلها .
ارتفعت عيون فواز في هذه اللحظة يخبرها في صدق وأعين باكية
_ وأنا بحبك يا رنيم ! ومبحبش حد أدك في حياتي كلها ..
ثم نظر ليد محمود الموجودة فوق كتفها ووقف مغادرًا دون قول كلمة أخرى وما إن سمعت صوت إغلاق الباب حتى عادت رأتها للعمل ليقول محمود مستنكرًا
_ مبحبش أدك في حياتي ويمشي كدة بالسهولة دي !
سخرت رنيم _ هما دول كدة .. أغلى ما على قلبهم الفلوس
_ أنا
_ فواز عرف منين ؟
كان يريد التحدث لكن رنيم قاطعته بسؤال لم يريدها أن توجهها له أبدًا
_ أنا مالي .. هو فواز قليل
تجاهل شكها فيه لكن عينيها لم تتزعزع من فوقه
_ اشمعنا دلوقتي يا محمود بالذات !
لم يجيبها لتكمل _ وهاجر إللي قولتلي بتكتم السر وأصيلة .. شوفت عملت فيا إيه ؟
ثم هتفت في غيظ _ مش بعيد تكون هي إللي قالتله من الأول
قال محمود سريعًا _ وهاجر هتوصله إزاي لأ طبعا مش هي
ضيقت رنيم عينيها ثم قالت
_ محمود .. أنت!
صمت وابتلع ماء حلقه لتتأكد
_ أنت صح ؟
_ مش عوزاه يعرف وانتي كدة
تنهد محمود مستسلمًا واعترف ثم أكمل
_ كل وقت بيعدي عليا وأنا شايفك كدة بتصعبي عليا أكتر حاولت أعمل حاجة تساعدك ..
هبت فيه رنيم بسبب فعلته المتهورة
_ أنت كدة مش بتساعدني انت كدة بترجعني لكابوس حياتي .. قولتلك لو عاوز تتجوز هاجر قولها واتجوزها عليا عادي مش هزعل ومش هتبقى أول مرة جوزي يتجوز عليا !
قال محمود شارحًا وجهة نظره
_ عارف إنه كلب ميستاهلش بس لما عرفت إنهم عيلين وشوفت إللي وصلتي ليه مقدرتش أسكت أكتر خصوصًا إني
صمت ثم أكمل في حرج _ شايف إن هو بيحبك ! وانتي لسة بتحبيه
_ بكرهه من كل قلبي
نفت سريعًا وبقوة ليواجهها بما تخفيه
_ عشان كدة أغمى عليكي لما عرفتي انه هيرجع لمراته الأولى؟ ورجعت الحياة تدب فيكي تاني لما الجوازة باظت؟
ارتفع صوتها تنفي عنها ما يقوله
_ متقولش حاجة أنا مقولتهاش ومتدخلش تاني .. لو فاكر إنك عشان ساعدتني فيبقى ليك الحق تبقى غلطان أي فلوس صرفتها هديهالك ومش عاوزة منك حاجة
نظر لها في خيبة أمل _ شوفتي إنك بتلفي تلفي وفي الآخر فيكي منه ! هو الموضوع فلوس بس !
لتقول والغضب مسيطر عليها _ تصليح غلطة وشفقة .. بتصلح غلطتك عشان أنت شايف إنك من أسباب إنه يشك فيا وشفقة عشان وضعي إللي يصعب على الكافر وإني ماليش حد
تأملها محمود للحظات ثم وقف من مكانه قبالتها قائلاً بنبرة معاتبة
_ إللي انتي شيفاه ..
وتركها وتوجه للداخل تاركًا رنيم جسدها ينتفض مما حدث وخرجت من المنزل وصعدت لشقتها لتنهار باكية على الأرض ولم تستوعب بعد أن الحقيقة قد كشفت .. كشفت الآن!
________
في المكتب المترف الذي يعبق برائحة السلطة والنفوذ، وقف زين الدين، الرجل الذي لطالما تحكم بكل شيء حوله، يسمع كلام ابنه فواز الذي أتى بصاعقة لا يمكن أن تُهضم بسهولة.
فواز وقف أمام والده بحزم رغم التوتر الذي يسيطر على ملامحه، وقال بنبرة تحاول كتمان الفرح بسبب استيائه الشديد من والده
_ بابا، رنيم حامل... وحامل في توأم.
زين الدين لم يستطع إخفاء الدهشة التي ارتسمت على وجهه، تلك النظرة التي لم تعتد على سماع الأخبار التي لا تأتي بإذنه أولاً. للحظات قصيرة، ظهر شعاع فرح خافت في عينيه، لكن سرعان ما تبدد وتحول إلى شكوك متراكمة في عقله.
رفع زين حاجبيه، وأخذ نفساً عميقاً قبل أن يقول بصوت مختلط بالاستنكار والشك
_ توأم؟ توأم إيه يا فواز؟ إنت متأكد إنهم منك؟ دي رنيم... دي الخدامة بتاعتنا ؟ إزاي تبقى دي أم ولادي وولادك واتأكدت أصلا إنك أبوهم ولا لأ؟
فواز شعر وكأن سهمًا مغروسًا في صدره؛ سمع تلك الكلمات كمن يسمع صوتاً يُمَزِّق قلبه. حاول أن يتمالك نفسه لكنه لم يستطع إخفاء الألم الذي تسلل إلى صوته، فقال بصوت مكسور
_ بابا، كفاية... كفاية بقى... بدل ما تجري عليا تحاول تصلح إللي أنت عملته فيا بتكمل في إنك تعيب فيها وفي شرفها أدامي ومش عاملي أي قيمة .. زي ماهي قالت بالظبط أنا ماليش قيمة !
لكن زين الدين لم يترك الأمر يمر بسلام، فرد بعصبية
_ فواز، أنا بفكر فيك وفي سمعتك، إنت عارف إن الناس مش هتسيبنا في حالنا؟ مش هيرحمونا لما يعرفوا إنك بتحب واحدة كانت شغالة عندنا. إنت مش شايف إنها ممكن تكون...
توقف للحظة وكأنه يحاول اختيار كلماته، لكنه أكمل بلهجة حادة
_ممكن تكون استغلتك عشان توصل للي هي فيه.
انفجر فواز بغضب مكبوت، قائلاً
_ استغلتني ؟ تاني !! إنت اللي خططت لكل حاجة علشان تبوظ حياتنا، إنت اللي دايمًا كنت بتحط العقبات بيني وبينها، ولما جينا نتصالح، إنت كنت السبب في اللي حصل كله. دلوقتي بتلومني؟ بتلومها؟ ولسة مش محترمني .. أنا حاسس إنك مش بتحبني .. حاسس إني مش إبنك أو إني عدوك !
زين الدين شعر بالضيق، لكنه لم يرد أن يُظهِر ضعفه أمام فواز، فقال بنبرة تتراوح بين الغضب والعجز
_أنا عملت اللي شفته صح عشان أحميك. إنت ابني الكبير ومكونتش هسمح لواحدة زيها تضيعك أبدًا
لكن فواز، وهو على وشك الانهيار، قال بصوت مرير
_ لو فعلاً كنت بتحبني وعاوز تحميني، كنت هتسيبني أحب اللي أحبه وأعيش مع اللي اختارتها قلبي، مش تفضل تدور على الفلوس والمكانة. أنا تعبت يا بابا، تعبت من حربك اللي مالهاش نهاية.
زين الدين لم يستطع الرد، فقط ظل صامتًا، حائرًا بين غضبه على الوضع الذي لا يسيطر عليه، وبين الشعور بالعجز أمام رغبة ابنه الذي يبدو أنه قد اختار طريقه بالفعل.
.
فواز، وقد امتلأت عيناه بالدموع والغضب، تقدم خطوة نحو والده، مشيراً إليه بإصبعه كأنما يحاكمه
_ انت دايمًا كنت بتتحكم في حياتي، بتقرر مين اللي تستاهلني ومين اللي ما تستاهلش. لكن المرة دي، إنت اتعديت على حرمة بيتي، وعليها... على رنيم اللي أنا بحبها، واللي إنت خليتني أضيعها مني وأخسرها.
كان صوت فواز يرتفع أكثر فأكثر، وعيناه تغليان بالغضب الذي لم يختبره من قبل. أكمل بصوت يكاد ينفجر من داخله
_أنا مش هسامحك، أبداً. إنت ضيعت مني كل حاجة، ولو ماكنتش أبويا كنت قتلتك بدم بارد، لأنك اتعديت على حرمة بيتي وعلى اللي يخصني. بس تعرف ؟ أنا اللي حيوان وندل... أنا اللي استاهل كل اللي حصل لأن في لحظة شكيت فيها، في لحظة خليت كلامك يدخل عقلي ويدمر حياتي وحياتها.
زين الدين تراجع خطوة للخلف، وكأن الكلمات تهاجمه كالسكاكين، عاجزًا عن صدها. ولم يكن لديه ما يقوله، فقط اكتفى بالنظر إلى ابنه الذي بدا وكأنه في حالة هيجان غير مسبوقة.
فواز أكمل، وصوته مختلط بين الغضب والحسرة
_ أنا غلطت في حقها وهي مظلومة، شكيت فيها زي ما إنت شككتني فيها. وأنا لازم أدفع التمن، مش بس علشانها، لأ، علشان نفسي كمان. أنا مش هسامحك، ومش هسامح نفسي، بس الفرق إني أصلح غلطتي، أما إنت، مش هتعرف ترجع اللي ضاع ولا حتى ترجع حبي واحترامي ليك
صمت فواز فجأة، وكأن كل الكلمات انتهت وبقيت المرارة في حلقه، نظر إلى والده للمرة الأخيرة، نظرة تحمل كل خيبة الأمل والغضب، ثم استدار مغادرًا المكتب بقلب مثقل بالألم الذي زرعه والده بين ضلوعه.
بدأ فواز الكلام بثقة غير معهودة، قائلاً
_ عموما أنا مش جاي أناقشك ولا أحاسبك على إللي فات ... أنا جاي أقولك على اللي هيتعمل. لازم تكتب كل حاجة باسم رنيم، كل اللي بنملكه ، علشان توافق ترجعلي ونربي ولادنا سوا ونعيش ولو للحظة في سلام
زين انفجر غضبًا، وقفز من كرسيه صارخًا
_ انت اتجننت يا فواز؟ مش كفاية اللي حصل منها؟ عاوز تضيع مستقبلك ومستقبلنا بسبب واحدة زيها؟!
فواز لم يتراجع، بل رد بلهجة تحدي
_ دي مش واحدة، دي أم ابني اللي جاي وحبيبتي ، وعلشان كده لو ما كتبتش كل حاجة باسمها، أنا مش بس هخسرك وهعتبرك مش أبويا .. لا، هطلع أقول لكل الناس في برنامج كبير إزاي أنا اغتصبتها، وإزاي إنت داريت عليا. وهسلم نفسي كمان للبوليس.
سقطت كلمات فواز على أذني زين كالصاعقة، وسرت الرعشة في جسده للحظة، ورغم عناده حاول إظهار الثبات لكنه شعر بالضعف أمام تهور ابنه. رد زين بصوت منخفض مغلف بالغضب المكبوت
_إنت بتلوي دراعي يا فواز؟ فاكر إنك هتهددني؟ حياتك ومستقبلك إنت اللي هتضيعهم، مش أنا.
ابتسم فواز بمرارة، قائلاً
_ بالعكس، لو ما عملتش اللي بقولك عليه، حياتنا كلنا هتضيع، مش بس حياتي. إنت اللي ربيتني على إن المال والسُمعة فوق كل حاجة، بس النهاردة لازم تبقى فاهم إن الناس هتشوف الحقيقة. وأنا مش هسكت، حتى لو كلفني ده إني أخسر كل حاجة.
هنا تذكر فواز جرأة هيام في التهديد ليهدد والده مرة اخرى ويؤكد على كلامه حتى لا يحسبه أنه كلام طائر في الهواء
_ هطلع في كل البرامج وهحكي كل حاجة حصلت .. هقول إزاي إنك دخلت راجل غريب على مراة إبنك الكبير وفضلت وراهم لحد ما اتطلقوا وحياتهم باظت ... حتى القضية إللي أنت دريتها عن الناس هطلع وهقول إني مجرم يستحق القتل عشان إللي عملته في رنيم ! أنا هحكي كل حاجة بالتفصيل .. كل إللي يعرفك ويعرفني هيتبرء مننا ... عيلتنا وإسمها والهيلمان إللي أنت عامله دا هيروح مع أول حكاية هحكيها .. أنا هحكي من الأول.. من الأول خالص
زين شعر بالعجز لأول مرة في حياته، وهو يرى ابنه أمامه يُصر على موقفه كأنه على حافة الجنون، وفي أعماق قلبه، كان يعلم أن فواز قد يفعلها فعلاً. حاول أن يستجمع قواه، لكن نظرته المشتعلة نحو فواز خذلته، ولم يجد إلا صمتاً يلتهم غضبه، حيث يدرك تمامًا أن تهور ابنه قد يقلب كل شيء رأسًا على عقب...تهور إبنه قد يضيع تعبهم لسنوات ... تهوره سيضيع إرث العائلة التي امتدت لعشرات السنين
_ أنا كدة كدة قولت للمحامي يحضر كل حاجة... اديله موافقتك وفي خلال أسبوع يكون خلص كل حاجة .. أسبوع وساعة هفضحنا في كل حتة .
قالها فواز في قوة وصلابة وخرج من الباب ضاربه بعنف شديد تاركًا زين يشعر أن العالم ينتهي من حوله .
نهاية الفصل .. استنونا يوم الخميس الجاي بفصل كله ذل لفواز وأبوه 😂😂😂🔥🔥🔥