الفصل السادس عشر بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات
_ بس بشرط !
قالت غادة لتبهت كلا من ملامح ريم وفايز ...
بعد دقائق فايز كان يجلس في مكتبه ليناقش مع غادة شروطها ورغم أنه غير مرتاح قبل سماع هذه الشروط إلا أن هذا لا يهم ، شعور بالانتصار يسيطر عليه، وجهه يشع بالرضا وكأنه أخيرًا يحقق ما كان يريده منذ زمن. غادة جلست أمامه، تحاول إخفاء مشاعر الحزن والتحدي الذي يتملكها، تعلم جيدًا أنها فقدت مكانها في حياته، لكنها ترفض أن تخرج بلا شيء.
قالت بنبرة ثابتة، رغم الألم الذي يتسلل إلى كلماتها
_ أنا عايزة أشتغل في الشركة يا فايز.
فايز رفع حاجبيه بدهشة، لم يتوقع هذا الطلب منها، لكنه حاول الحفاظ على ملامحه الهادئة
_ في الشركة ؟
غادة ابتسمت بسخرية خفيفة ، تحاول أن تخفي ارتجاف صوتها
_ آه، مش هسيب حقي . أنت كنت فاكر الطلاق ده هينهي كل حاجة ؟ لا ، دي بس بداية جديدة ... أنا ليا عندكوا ٤٥ مليون جنية !... أنت هتقفلهم خمسين مليون ..
صُدم فايز مما يسمع وكذلك ريم التي أصر فايز أن تحضر هذا النقاش لتكون شاهدة عليه فنظرت لها غادة قائلة
_ ومش بس كدة !
أنصتوا لها في حذر فقالت
_ أنت هتجيبلي بيت ! ومش أي بيت .. بيت الزمالك يا فايز !
انفتحت عيني ريم وهي تسمع ما قالت
_ انتي عرفتي البيت دا منين ؟
سألت ريم ولم تستطع منع نفسها من التدخل لتقول غادة
_ فايز كان واعدني بيه !
بهتت ملامح ريم ونظرت لفايز ليبتلع مافي حلقه ثم قالت غادة ساخرة
_ إيه كان واعدك بيه انتي كمان ؟
هنا كادت ريم أن تبكي وهمت بالخروج لكن فايز مسك زراعها يمنعها ثم اعتدل ونظر في عيني غادة في قسوة وشر وريم كانت تضغط على أصابعه حتى يتركها ......
_ ريم مراتي كل حاجة تحت رجلها .. مش محتاج أوعدها ولا محتاجة تاخد إذني
تشرست ملامح غادة وظهر غيظها واضحًا كوضوح الشمس ليكمل فايز
_ وأنا موعدتكيش ببيت الزمالك لأنه أصلا مكتوب بإسم ريم من ساعة ما أشتريته !
نظرت له ريم متفاجأة مما قال فلم تكن تعرف أن هذه البيت ملك لها ! ثم أخرجها فايز من مكانها مكملاً
_ أنا كل إللي قولته بالحرف إني عندي بيت هناك وقعدت فترة فيه وعارف منطقة الزمالك وانها هادية .. كنت بقترح عليكي مكان للسكن مش البيت نفسه ! هقترح عليكي حاجة مش بتاعتي إزاي يا كدابة !
توترت غادة .. ورغم أن هذا ماحدث بالضبط لم يقترح عليها المنزل بل المنطقة كلها ..الا أنها عادت لتوجه كلامها لريم
_ يبقى ريم تكتبلي البيت !
وأرفقتها بإبتسامة صفراء متصنعة .. أدركت ريم من كلامها أن ما قاله فايز صحيح لترتخي وهدأت وشدها فايز برفق لتجلس قربه مرة أخرى لتضع ساق فوق الأخرى بينما يكمل فايز وقد تمكن كرهه لغادة في كل قطعة بقلبه بينما يقول في تعالي واحتقار
_ خلاص خليكي على ذمتي .. زيك زي أي كلبة ملهاش أي لازمة .. كدة كدة انتي الخسرانة .. وأنا هاخد ولادي ومراتي وهنروح نقعد في بيت الزمالك وأبقى شوفي هتعرفي تاخدي مني حق ولا باطل إزاي ... أنا اتسهالت كتير أوي معاكي لدرجة إنك نسيتي أنا مين وانتي مين ..
نبرته وملامح وجهه استغربتها ريم فلم تراه يتحدث هكذا من قبل وقد بدى كالشرير في الأفلام لتمسك يده فشعر بالقليل من الهدوء ثم أكمل .
_ أنا صبرت عليكي وعلى كل عمايلك ومرمتكيش في الشارع لأني غلطت أنا كمان ومنكرش دا .. ومكونتش عاوز أظلمك ! فخلي بالك بقى عشان الرحمة مش نافعة معاكي
قرب وجهه قليلاً تجاهها ليملي عليها قراره
_ هتاخدي الفلوس ... وهشتريلك بيت .. ولو عاوزة تشتغلي في الشركة اشتغلي كدة كدة مش فارقة معايا رغم اني مش عاوز أشوفك تاني في حياتي ! بس دا حقك أنا مش زعلان حتى لو متفقناش عليه بس أنا مش هكون راضي وأنا عارف إني هطلقك وانتي مالكيش بيت تروحي عليه ولا شغل
تجمعت الدموع في عينيها وارتعشت شفتيها من الغيظ والحزن لكن فايز لم يرحمها بل سأل بصوت صلب
_ اتفقنا ؟
في قلبها كانت تعلم أنها لم تعد لها قيمة في حياته ، وأن فايز لا يرى فيها سوى أنها كانت خطأ يحاول تصحيحه. الحزن كان يخنقها، لكن التحدي كان أقوى، لم ترد أن تخرج من حياته وكأنها لم تكن، أو أن تظل تلك الظل الذي لا قيمة له .... لذا .. ورغم الإهانة التي ابتلعتها في حضور ريم التي قصدت أن تتحدث أمامها حتى تحرق لها أعصابها لكن هاهي زوجها فايز بدافع عنها ويكيل لها الإهانات لتنقلب الآيه وتصبح هي المهانة وليست ريم
مدت غادة يديها إلى القلم دون حديث فلو تحدثت ستسقط دموعها ... مضت على الأوراق تحت نظرات فايز الثابتة والواثقة ونظرات ريم الهادئة
انتهت من الأوراقثم وقفت قائلة في ابتسامة اغتصبتها فوق شفتيها حتى لا تظهر هزيمتها أمامهم
_ أشوفك في الشركة يا فايز .
وتوجهت للباب لكن فايز ناداها قائلاً
_ استني
نظرت له ريم ليمسك يدها يطمئنها ثم قال بينما ظل مكانه وراء الكرسي
_ انتي طالق .. طالق .. طالق ! ومحرمة عليا لآخر يوم في عمري !
سقطت دمعة غادة التي كانت تحاول أن تمنعها من النزول
نظرت لريم في انكسار شديد بعدما رمى عليها اليمين ثلاث مرات متتالية في منتهى الإهانة وكأنه قد ألقى بها في القمامة .. بل يخبرها أنها محرمة عليه لأخر لحظة في الحياة ! .. إلى هذه الحد يرفضها وينفر منها ولا يجرح المرأة ويدمر ثقتها في نفسها بقدر هذا الشعور !
أما ريم تفاجئت من فعلة فايز وظلت جانبه لا تتحدث بينما يتحدث .. نظرت لها غادة في حقد لتبادلها ريم النظرة بمنتهى الثقة وارتيمت ابتسامة على وجهها . ابتسامة خفيفة حملت كل معاني الإنتصار ..
________
في غرفة ريم وفايز وبعد ما حدث جلست ريم تتذكر وتفكر فيما حدث
ريم كانت تقف في زاوية المكتب، تتابع حديث غادة مع فايز، وداخلها مزيج من القلق والارتباك. فكرة تواجد غادة في الشركة لم تكن تروق لها، بل كانت ترعبها. فهي تعلم جيدًا أن غادة ليست سهلة، وأن قرارها بالعمل في الشركة وتعلم إدارة أسهمها بنفسها لم يكن مجرد خطوة عابرة، بل خطوة مدروسة وخبيثة. ريم بدأت تشعر بالخطر، كأن غادة تجهز لتستعيد فايز بأي طريقة، والذكريات القديمة بدأت تثقل على قلبها.
بعدما خرجت غادة، لم تستطع ريم أن تخفي قلقها، فالتفتت إلى فايز وقالت بصوت مليء بالخوف
_ فايز، أنا مش مرتاحة لوجود غادة في الشركة... هي مش جاية تتعلم شغل وبس، أنتَ عارف هي بتعمل كده ليه.
فايز لاحظ التوتر في عيني ريم، فاقترب منها ووضع يده بلطف على كتفها، ناظرًا في عينيها بثقة وحنان. ابتسم محاولًا تهدئتها وقال
_ريم، اطمني. أنا مش بحب غيرك، ومش هكرر غلطتي تاني. غادة كانت غلطة، وغلطة اتعلمت منها. إنتِ اللي عمري ما قدرت أعيش من غيرها، وأنتِ اللي أنا اخترتك تكوني معايا طول العمر...
ريم نظرت إليه، ورغم كلمات الاطمئنان التي ألقاها عليها، لم تستطع كبح شعور الخوف الذي يتملكها. ردت بنبرة قلقة
_فايز، أنا عارفة أنك بتحبني، لكن غادة مش هتستسلم بالساهل
فايز شدها نحوه بلطف، وقال بإصرار
_ أنا معاكِ، ومافيش حد هيغير ده. غادة هتبقى موجودة في الشركة، لكن مش هتأثر علينا. إحنا أقوى من أي شيء، وأنا مش هاسمح لأي حد إنه يقرب بينا... وبعدين أنا طلقتها بالتلاتة وأنا قاصد دا وكلي نية ليه .. متقلقيش يا حبيبتي مفيش أي حاجة هتضيع إللي ما بنا تاني
ريم أغمضت عينيها للحظة، مستندة على كتف فايز، متمنية أن تكون كلماته كافية ليهدأ قلبها المضطرب. لكنها تعلم أن غادة لن تتوقف عند هذا الحد، وأن الأيام القادمة تحمل تحديات جديدة، يجب عليها أن تكون مستعدة لمواجهتها...
بعد دقائق من محاولات فايز لتهدأتها .. عادت إلى صوابها واستوعبت أن غادة خرجت من حياتهم ..
هاجر جلست في الصالة، تراقب إسعاد التي كانت تتحدث مع رنيم بحماس واضح، تسألها عن يومها، صحتها، وحتى عن أدق تفاصيل حياتها. كان كل تركيز إسعاد منصبًا على رنيم، وكأنها ابنتها المدللة. شعرت هاجر بوخزة في قلبها، الغيرة تتسلل إليها شيئًا فشيئًا، فهي لا تتحمل أن ترى كل الاهتمام يُوجه لشخص آخر، حتى لو كانت رنيم.
رنيم كانت تبتسم، ترد على إسعاد بلطف، وكأنها معتادة على هذا النوع من الاهتمام. إسعاد بدورها كانت تصغي لكل كلمة تقولها رنيم، تضحك معها وتشاركها نصائحها. هاجر حاولت الحفاظ على مظهرها الهادئ، لكن أصابعها كانت تعبث بطرف ثوبها، محاولة إخفاء توترها.
ما زاد من غيظها هو دخول محمود إلى الصالة، ابتسامته كانت موجهة نحو رنيم وإسعاد، وكأنه مستمتع بالمشهد العائلي أمامه. هاجر شعرت بأن كل الأنظار والقلوب موجهة نحو رنيم، ولم يعد هناك مكان لها.
نهضت من مكانها، وتقدمت نحوهم، ملامحها توحي بالضيق، وقالت بصوت يحمل نبرة من الغيرة
_ ماما، إنتي ناسية إن عندك في بنت تانية في البيت ؟ كل يوم رنيم رنيم، كأننا مش موجودين.
إسعاد رفعت رأسها، نظرت إلى هاجر بابتسامة حنونة وقالت
_يا حبيبتي، إنتي في القلب دايمًا، بس رنيم بتمر بفترة صعبة ومحتاجة دعمنا.
هاجر تنهدت بصوت مسموع، تحاول السيطرة على مشاعرها
_عارفة، بس حتى محمود كله على طول حواليها، وأنا؟ مش محسسني إني موجودة أصلاً.
محمود، الذي لاحظ الحدة في صوت هاجر، التفت نحوها محاولًا تهدئتها
_ خشي ذاكري واياكي اسمعك بتقولي كدة تاني
لكن هاجر لم تستطع كبح مشاعرها، فقالت بحدة وهي تنظر إلى رنيم نظرة مليئة بالعتاب
_آه كرهتك فيا ، شكلها عايزة كل الناس حواليها، عشان كده ما حدش فاضي لحد تاني.
رنيم شعرت بالحرج من كلام هاجر، واكتفت بالصمت، بينما حاولت إسعاد فهم ما يحدث في عقل هذه الفتاة و الأجواء سريعًا تسود بتغيير الحديث، وبقي محمود ينظر بينهما، غير قادر على إيجاد الكلمات المناسبة لإعادة التوازن.
_ البت دي مالها حالها اتشقلب ولا ايه ؟
قالت إسعاد فوجدت هاجر تهم بملامح وقحة للرد لتهدر بها إسعاد في قسوة
_ جرا ايه يا بت مالك هتعلي صوتك عليا
_ طنط إسعاد خلاص ..
قالت رنيم في رفق تحاول تهدئتها لتبكي هاجر وتقول
_ سيبيها .. ما أنا نسيت إنها مش أمي
ثم رحلت تاركة ثلاثتهم مصدومين مما تفعل وكأنها قد تبدلت !
______
_____
اليوم كان إعادة الكشف لرنيم وفي طريقهم للكشف أخذها محمود إلى محله الجديد ليريها إياه ..
وفي نفس اللحظة وصلت سيارته .. سيارة فواز .. قبل أن ينزل منها ..رأى محمود ورنيم يدخلون إلى المحل ليعود لسيارته مرة أخرى وقلبه يدق بسرعة شديدة وكأنه قد رأى عذابه أمام عينيه ... حاول تهدئة أنفاسه ليشعر حارسه الشخصي والسائق بالدهشة .. لقد عسنهم والده في الحراسة الجديدة ووافق فواز على استبدال كل شيئ قديم وكل رجاله بسبب ما حدث في الماضي ... والكثير قد تغير الأيام الفائتة حتى أنه جاء هنا خصيصًا ليعيد بعض الأشياء لمكانها ..
أما في داخل المحل سأل محمود والابتسامه على وجهه
_ إيه رأيك في المحل ؟
_ تحفة ! ما شاء الله .. بس مكانش ليها لازمة طنط إسعاد تعمل كل دا
قالت رنيم في إعجاب ليبتسم محمود ثم قال
_ اللي تؤمر بيه الحاجة أهم حاجة النونو جوا يبقى مبسوط
نظرت للرجال الذين يوزعون المشروب المفضل لإسعاد " الشربات " لتشعر رنيم بالسعادة بسبب أفعالها البسيطة والشعبية الكريمة رغم أنهم في منطقة راقية إلا أن الناس كانوا يتفاعلون مع الأمر في إشراقة وسعادة ...
كانت الأمور مريحة حتى وجد محمود فجأة رجل ضخم يدخل من باب المحل وبدون التمهيد لأي شيئ قال بصوته الثقيل
_ فواز باشا باعتلك دول
انقبض قلب رنيم ما إنسمعت بإسمه ورأت هذه الملفات التي أرسلها لتقترب من مجمود وتضع يدها على بطنها في خوف شديد لينظر لها يطمئنها ثم شرع في فتح الملفات وقد خرج الرجل ليقترب منه عدة رجال ويعطوه أشياء مما أمرت أم محمود بتوزيعها
_ فيه إيه يا محمود !!؟
شعرت بالقلق الشديد لينظر لها محمود في دهشة قائلاً
_ كل حاجة بتاعتنا موجودة هنا .. والشقة بتاعة ابوكي كمان .. فواز رجع كل حاجة !
صُدمت رنيم وأخذت الملفات تفحصها بنفسها لتتأكد أن كل شيئ أُخذ منهم قد عاد وفوق ذلك مؤخرها وأشياء ذائدة لم تكن ملكها ! ... تصنمت مكانها هي ومحمود ولم يعرفا لم فعل هذا وما وراء ذلك ..
_ تاخد يا باشا ؟
سأل السائق الخاص بفواز بعدما أخذ مما يوزعه الرجالة بينما كان فواز في الداخل سيارته مفيمة لا يريد أن ينظر لموضع المحل بعدما علم بتواجد رنيم فيه !
_ ايه دا ؟
سأل فواز ليقول السائق الجديد
_ دا شربات ادهوني ... بصراحة مقدرتش أكسف ايدهم
ثم ركب الحارس الذي كلفه فواز بإرسال الملفات فسأله فواز وقد ذادت دهشته
_ ايه دا أنت كمان ؟
رد الحارس ببساطة
_ الراجل مراته حامل يا باشا ففرحان وبيفرح الناس معاه !
______
الرواية سعرها ٥٠ بدلا من ٧٠ بما إننا قطعنا شوط طويل فيها فلو حد عاوز كاملة وميضطرش يستنى لما نكمل يكلمنا على وتساب 01098656097