الفصل الخامس والتسعون من رواية عشق أولاد الزوات
_____
الكلمات وقعت على أذني فواز كالصاعقة. صدمة ثقيلة تجمدت في عينيه الواسعتين، ولم ينبس ببنت شفة لعدة لحظات، وكأنه غير قادر على استيعاب ما سمعه.
فواز، بصوت متحشرج ومشوش
_قضية؟ رنيم؟ مستحيل...
زين الدين شدد قبضته ، وصوته مليء بالازدراء
_أهو ده كان لازم يحصل. كنت دايمًا بقولك إنها كلبة فلوس، مش بتحبك إلا عشان فلوسك. وأنا كنت متأكد إنها في يوم هتورينا وشها الحقيقي.
فواز شعر وكأن الأرض تنهار من تحت قدميه. كيف يمكن لشخص كان يومًا ما محور حياته أن ينقلب عليه بهذه الطريقة؟ لكن كلمات والده كانت مثل الطعنات، ليس فقط لأنها تتحدث عن رنيم، بل لأنها تكشف له حقيقة ربما كان يتجاهلها طوال الوقت... لكن عن أي حقيقة وهي قد خانته .. عقله الآن أصبح مقتنع بكل شيئ سيئ حدث له منها
فواز، محاولًا تجميع شتات أفكاره
_بس... إحنا كنا بنحب بعض. إزاي وصلت الأمور لكده؟ .. خيانة و .. وسجن !
زين الدين لم يظهر أي تعاطف، بل صوته ازداد قسوة
_حب إيه؟ دي مكنتش بتحبك، كانت بتحب فلوسك. ودي النتيجة. دلوقتي، لازم تركز وتدافع عن نفسك. اللعبة بقت خطيرة جدًا...دي عايزة تدمرك تمامًا وتفضحك في البلد كلها
فواز شعر بمرارة تجتاح كيانه، كانت الصدمة تهز كيانه من الداخل. رنيم، التي كان يظنها حب حياته، أصبحت خصمًا له. وكان عليه الآن أن يواجه هذه الحقيقة المؤلمة، وأن يحمي نفسه من السقوط في فخها، بينما كان والده يقف بجانبه، لكنه كان يرى الأمور بمنظور مختلف تمامًا، منظور يخلو من أي عاطفة، ويمتلئ بالاحتقار تجاه المرأة التي كانت جزءًا من حياته... ليذداد كرهها داخل قلبه أكثر وأكثر ..
أوقف فواز السيارة على جانب الطريق بسبب شعوره بهبوط بعد ذلك الخبر .. هل هي حقا كانت رافضة تماما لتواجده معها ! هل بالفعل كان ذلك اغتصابا .. لم يكن فواز يدرك أن رنيم تحسب ما حدث اغتصابا إلا الآن !
____
_زمانه دلوقتي المحامي بتاعه بلغهم
قال محمود بينما يجلس مع رنيم في البلكونة يتحدثان .. مال عليها قليلا بشكل لا بأس به ثم قال
_ جدعة يا رنيم .. أنا قولت البت دي راجل لما قررتي متسيبيش حقك وتاخديه من بق الأسد
ردت رنيم بينما ترفع رأسها في شموخ
_ دا مش أسد .. محصلش كلب .. والكلب أنضف
_ بطل
هتف بها محمود في إعجاب وهو يرى تلك القوية تقف لهم رغم أنه توقع أنها لن تستطيع مواجهة العالم بعدما حدث لها على يد من أحبت
_ بتدخلي من غير ما تخبطي ليه ؟
دخلت هاجر فجأة ليهدر بها محمود
_ أنا عايزة أبلة رنيم
ردت هاجر بصوت مرتجف خائف ليعود محمود ويكشر أنيابه لها
_ طب اطلعي دلوقتي ومتدخليش من غير ما تخبطي
غادرت هاجر رغم أن رنيم كانت ستحدثها لكنهالم تحتمل أنتقف دقيقة واحدة أخرى أمام ذلك القاسي لتنزعج محمود من معاملته لها قائلة
_ براحة عليها يا محمود شوية دي داخلة البلكونة مش أوضة نومك
ليجيب محمود في غرور _ دي بتسوق فيها في ثانية أنا عارف أنا بربيها إزاي
ردت عليه بعدم رضا ، فهي تعلم أشياء هو لا يعرفها .. لكنه مثل بقية الرجال يحسب نفسه لا يخطئ أبدًا ...
_ أهي ابتدت تندع
ارتفعت دقات قلبها وهي تستمع دقات الهاتف ومحمود يلمح أنه من يحدثه ..
_ زين باشا
هدأت دقاتها قليلا ما إن اكتشفت أن هذا زين .. لقد حسبته إبنه !
_ سبب الرنة
سأل محمود وهو ينظر لرنيم بخبث فقال زين الدين في هدوء
_ اللي أنتوا عملتوه يا محمود
مثل محمود عدم الفهم ثم فتح مكبر الصوت لتبدأ رنيم في الإستماع
_ واحنا عملنا ايه؟
_ القضية .. مش هنعرف نتكلم في التليفون ، بكرة تيجي الشركة أنت واللي معاك
رددها زين الدين في لهجة آمره .. نظر محمود لرنيم في شيئ من الحيرة فهزت رنيم رأسها بالموافقة
فقال محمود _ هنتكلم في ايه ؟
تجاهل محمود كلامه وأمر
_ بكرة الساعة ١٠ بالدقيقة تكونوا موجودين
أجاب محمود في تكبر _ هنفكر
ثم اغلق الهاتف في وجهه ..
_ متأكدة إنك عاوزة تروحي ؟
سأل محمود فنظرت رنيم للأمام وهزت رأسها ثم قالت
_ لازم نعرف الراجل دا ناوي على ايه.. كلامه هيفهمني حجات كتير ، أنا عرفاه كويس
تفهم محمود الأمر ثم عاد ليسأل في حذر
_ هتقدري يا رنيم ؟
نظرت له ليوضح أكثر _ على مواجهته
_ وأواجه ألف زيه
ردت رنيم في قوة رغم ارتجافها الداخلي ، ليبتسم محمود ابتسامة خفيفة ، يرى نمرة شرسة أمامه لا تخشى أحد ، وهو الذي كان يحسبها تهاب الضباع .. ليجدها ها هي تتنازع مع الأسود
_____
_ لأ الفكرة دي وحشة
هدر بها فايز الذي عقد اجتماع مع أطفاله بعدما فقد الأمل في إسترضاء ريم .. ليضطر أن يلجئ لمساعدة أولاده .. لقد انتهت الرحلة المدرسية لكن فايز وأولاده أصروا أن يبقوا مدة أطول وقد أستغل فايز أطفاله في الضغط على ريم حتى توافق بحجة أنها تعوضهم عن غيابها عنهم لمدة طويلة وقد وافقت ريم وبقوا في الفيلا الخاصة بفايز ... تذكر فايز وجه ريم وهي مغتاظة وتعلم أنه وراء كل ذلك بينما هو وقف يصطنع البراءة ...
فقال عمر _ بص يا بابي إحنا نعمل دايرة .. ونشوي مارشميللوا ونرقص حوالين مامي وهي هتصالحك
نظر له فايز في تأفف وكذلك ياسين بينما رقية لم تفهم سبب رفض فايز لهذه الفكرة
_ نرقص إيه بس يا عمر .. دا كلام
تحدث ياسين بعدما كان منغمس في تفكيره
_ خلاص يا بابي إيه رأيك نلعب مع مامي لعبة ؟ .. وتجيبلها هدية ؟
_ ونشوي مارشميللوا
أضاف عمر ليقول فايز
نظر فايز في ضجر _ يابني هو أنت إللي هامك المارشميللوا وخلاص كرهتني فيه
_ إيه مش بفكر معاك
ضيق فايز عينيه في فيظ
_ متفكرش
_ خلاص أنا غلطان
رد عمر في غرور ليشعر فايز باستفزاز كبير فعمر هو أكثر أولاده القادر على استفزازه
_ بقولك إيه خليك لطيف
كتف عمر يديه فوق صدره قائلاً
_ أنت اللي مش لطيف وبتزعلني
استشعر فايز خطأه وأنه كالعادة يضع رأسه أمام رؤوسهم وكأنه هو طفل أكثر منهم
_ خلاص أنا آسف.. أنت لطيف يا حبيبي وهقوم دلوقتي نقعد ونشوي مارشميللوا أدام البحر ، أوك؟
فرح عمر وابتسم ابتسامته المشاغبة ليبادله إياها فايز ثم عاد ياسين يسأل
_ إيه رأيك يابابي ؟
أجاب فايز
_ مامي مش بتحب اللعب ومش بتيجي بالهدايا
_ بابي ، مامي بتحب المركب صح !
قالت رقية بينما تميل برأسها في براءة لينظر لها فايز وكان كلماتها أضاءت شيئ في رأسه ليقول
_ مامي أكتر حاجة بتحبها هي المراكب يا رقية ..
ثم صمت وجااءت فكرة في رأسه .. لمعت كالنجوم .. ليقف فايز ويحمل رقية قائلاً
_ كان لازم أسألك من الأول
ضحكت رقية ثم قبلها فايز وأخرج هاتفه سريعًا بعث منه رسالة وبعد دقيقة أغلق الهاتف وقضم شفتيه مستعدًا للحدث الكبير الذي سينظمه ..
______
في غرفة الصالون في منزلهم
_ ذكي أنا مش بحب اللون دا ومش عوزاه
هدرت بها هيام في ضيق ليقف أمامها ذكي حائرًا من غضبها الغير مبرر ليسأل
_ نغيره يا هيام .. بس مالك ليه متعصبة كدة ؟
ردت هيام وملامح الضيق لم تختفي من فوق وجهها
_ ماليش يا ذكي أنا كويسة بس الفرح بعد أسبوع وأنت لسة مخلصتش كل حاجة
حاول ذكي امتصاص غضبها قائلاً
_ يا حبيبتي أنا هغير لون البدلة من اسود لأبيض زي ماطلبتي دلوقتي ، بس في الاساس انتي مكنتيش عاوزة بدلة حتى... دا قرار مفاجئ وملحقتش احضرله
تأففت في ضجر تخبره في غرور
_ كنت كلمني وهجيبلك أشهر مصمم يخلصلك كل حاجة في يومين بدل القرف دا
مالت رأس ذكي في تفاجئ مما قالت وقد شعر بالصدمة من كلماتها التي فلتت منها وقد ألمته .
شعرت هيام بعد تغير ملامح وجهه كم اخطأت لتقترب منه قائلة في أسف
_ أنا آسفة.. مقصدتش إللي فهمته ..
وقفت ذكي من مكانه وأعطاها ظهره متوجهًا نحو الشرفة ينظر للحديقة من خلالها محاولاً أن يستنشق الهواء
فذهيت لتقف خلفه هامسة
_ أنت زعلت أوي كدة ؟
التف لها مجيبًا
_ أيوة زعلت عشان دي مش جملة تتقال يا هيام
شعرت هيام بالحزن الشديد لتقترب منه وتتلاعب بأصابعها في قلق خوفًا من أن تحزنه منها
_ والله ياروحي قصدي ان أنا عارفة ناس مش أكتر
ثم وضحت بصوتها الناعم
_ واقصد بالقرف التأخير مش بدلتك خالص
سرح ذكي في عيونها بينما تتابع الاقتراب وتخبره في حب
_ أنت ذوقك يجنن وأي حاجة عليك بتبقى حلوة
قضمت شفتيها بينما تراه صامتًا
_ تؤ متزعلش بقى
_ مش زعلان
قالها ذكي مبتعدًا عنها خطوة حتى احتك بالحائط من خلفه بينما هيام تحاصره واقتربت منه أكثر تتدلل عليه
_ لأ زعلان
ابتلع ذكي مافي حلقه قائلا في توتر
_ لأ مش زعلان ممكن تبعدي شوية بقى
مدت يدها لتضعها على لحيته بينما تتسائل
_ مش عاوز قُربي
أزاح وجهه قبل أن تلمسه وضربات قلبه ترتفع وتنخفض في وتيرة سريعة بينما يذكرها بشيئِ هام
_ هيام إحنا مش مكتوب كتابنا
ضمت شفتيها تسأل _ مش أنت خطيبي
ركز على تعابيرها التي سحرته مجيبًا
_ أيوة خطيبك بس
قضمت شفتيها وأسبلت له عينيها ليشعر كانه سيفقد وعيه أمام دلاله فوضع يده أمامها يعيد تحذيرها
_ هيام عيب كدة أنا بقولك أهو
_ زيكوو أنت هتمثل أنت مش بوستني قبل كدة
_ مكونتش داري وندمت واستغفرت خلاص بقى
قالها في أسى وهي تذداد في الاقتراب منه حتى كادت أن تلمس صدره بينما تقول
_ يعني مش عاوز بوسة مني كمان
نظر لشفتيها ثم ممسح شفتيه وغاب بهما لكنه فجأةأغمض عينيها وهتف بصوت مرتفه
_ يارب
ثم ابتعد عنها بسرعة بعدما تمالك نفسه بصعوبة أمامها قائلاً بينما ينهج
_ اوعي تقربي مني تاني لحد يوم كتب الكتاب
ظلت مكانها تنظر له بعيونها الساحرة وجسدها الرائع وتلك الروح المثيرة التي تتمتع بها ليعود ويقول هامسًا وقد غرب بها بالكامل
_ انتي خطر .. خطر كبير
ثم خرج بسرعة من الصالون ومن المنزل بأكمله خوفًا أن يظل معها اكثر ويحدث ما لا يحمد عقباه
هيام كانت تمتلك سحرًا خاصًا لا يستطيع ذكي مقاومته بسهولة. كل حركة، كل كلمة، كانت تأتي منها مدروسة بعناية، مما يجعل قلبه يذوب أمامها. كانت تتعمد أن تقترب منه ببطء، أن تنظر في عينيه بنظرات تُخفي الكثير من الأسرار، مما يجعله يشعر بضعفه أمامها.
لكنه رغم كل ذلك، كان يحمل بداخله قوة أخرى، قوة الإيمان. كان يعلم أن هيام تريد منه أن يتجاوز حدودهما، لكنه كان يقاوم بشدة. في كل مرة تحاول فيها إغراءه، كان يصارع داخله بين رغباته وضميره. كان يستغفر الله في صمت، يحاول أن يتذكر أنه يريد أن يبدأ حياته معها بنقاء، بعيدًا عن أي خطيئة قد تُفسد تلك البداية.
كانت هيام تدرك هذا الصراع في داخله، وكانت تزيد من دلالها كأنها تختبر مدى قدرته على المقاومة. لكنه كان يُثبِّت نفسه في كل مرة، يذكر نفسه بالوعد الذي قطعه لنفسه أن يحفظ الله في قلبه، وأن يحترم هذا الحب بالطريقة التي ترضي الله.. وألا يكرر أخطاءه مرة اخرى ويفتح صفحة نظيفة ناصعة البياض مع الله حتى يبارك له في هيام وعلاقته بها ..
_____
نهاية الفصل والرواية موجودة لوقت محدود جدا للبيع ومعاها عشر فصول إضافية وحلقات خاصة مش هتتنشر في العام وهتتنشر للمشتركين فقط .. سعر الرواية ٥٠ جنية بدل ٧٠ جنية كلمونا على تلجرام او وتساب او فيسبوك وحتى انستجرام والحقوا اشتروها عشان فيه مميزات تانية كتير هتتقدم للمشتركين ..
رابط التلجرام 👈 رابط تلجرم
*نهاية الفصل ****