الفصل الثالث والتسعون من رواية عشق أولاد الزوات

 الفصل الثالث والتسعون من رواية عشق أولاد الزوات 


_____


ابتعدت ريم عن فايز .. شعر بها تحاول أن تقاومه فتراجع عنها واعتدل .. لم تسمح له ريم بالإكمال .. نظرت له في أعين باكية


_ عاوز تقربلي عادي بعد ما قربتلها يا فايز 


ليجيبها فايز بصوتٍ خافت 


_ مقربتلهاش 


خيبة الأمل التي احتلت عيونها جعلته يندفع بصوته يقسم لها 


_ والله العظيم ما قربت 


اعتدلت ريم من فوق الفراش حتى ترحل لكنه كان أسرع .. جعلها تجلس على حافة الفراش ثم سند على ركبتيه أمامها.. نظر بعيون يملؤها الدمع توسل


_  ريم .. دقيقة واحدة بس هقول إللي عندي ، أنا بقالي  شهرين مش عارف أتكلم معاكي ، ارجوكي اديني فرصة بقى... واحدة بس ياريم 


عدلت ريم من وضع مفرش الفراش فوق جسدها ثم أرجعت خصلاتها للخلف وصمتت ليعلم فايز أن صمتها هو رضاها عن حديثه .. 


تنهد فايز ثم تحدث في خفوت يقص عليها ما حدث بالتفصيل مستغلاً هذه الفرصة العظيمة 


_ أنا كنت طالع عشان أنام في سريرنا يا ريم .. وأفضل في اوضتنا اللي وحشني وجودنا أنا وانتي فيها زي زمان ..طالع عشان كان بقالي كتير مبنامش وكنت متأكد ان راحتي هناك .. نمت على سريرك وارتحت ولقيتها فتحت الباب ودخلت فكرتها انتي لما بصيت ولقيتها اتعدلت فورا وطلبت منها انها تخرج بس هي عيطت وفضلت تقول كلام اني مبقتش بحبها ولا بهتم بيها 


نظرت له ريم تدقق فيه ، تحاول استشعار الصدق من كلامه ليكمل فايز 


_كانت جاية تقولي إنها حامل ..طبعا الحمل طلع غلط مش حقيقي 


أخبرها بسرعة أن الحمل لم يكن حقيقي حتى لا يثير غضبها عليه ثانية ثم عاد ليكمل 


_ بس أنا اتصدمت وقتها ولقيت نفسي كأني بقع ولأني على السرير ف ميلت عليه ، وهي استغلت دا وقربت مني .. وللأسف انتي كنتي داخلة .. 


أشاحت بوجهها عنه ما إن ذكر ذلك المقطع الذي نحر قلبها ليقول فايز في ألم وندم 


_ والله يا ريم مقصدتش أبدا إني أعمل كدة في أوضتك وسريرك .. وانا مبوستهاش والله هي اللي عملت كدة وكنت هبعدها عني فورا بس انتي دخلتي قبل ما اعرف اخد أي ردة فعل .  


مد يده ليمسك يديها في رفق متوسلاً إياها 


_ هي دي الحقيقة .. أنا مقدرش أوجعك تاني .. أرجوكِ يا ريم سامحيني !


طال الصمت وفايز مازال منحني على ركبتيه أمامها منتظر رحمتها ... أن تحكم عليه بالبراءة وتفرج عنه .. لكن صمتها طال وارتفعت معه دقات قلبه تعلن عن توتر وخوف شديدين .. 


_ أنا لازم أروح للولاد .. 


قطعت هذا الصمت بتلك الجملة التي تزامنت بسحب يديها من يده .. وقفت ريم وابتعدت عنه ومازال هو يقبع أرضًا يشعر أن محاولاته تبوء بالفشل واحدة تلو الأخرى.. وما ذاد يأسه أنه حينما نظر إليها يطلب عطفها وشفقتها وأن تسامحه .. وقفت أمامه هي بقوة تحذره


_ واللي حصل دا اوعى تكرره تاني ولو شوفتني في أي مكان امشي منه يا فايز طول ما إحنا مش أدام الناس 


ثم دخلت ريم للحمام تاركة إياه يتنفس بصعوبة .. لا يستطيع إصلاح حياته  .. يشعر أنه يعاني من نوبات اكتئاب تضربه بعنف .. يدعو الله أن تنصلح أحواله رغم أنه مذنب .. رغم أنه لا يرى أي أمل.


____


لقد مر أسبوع على الحادثة .. رنيم متسطحة في فراشها .. لا تتحدث مع أحد ولا تتحرك ... تتقلب من جهه لأخرى .. حتى الصلاة أصبحت ثقيلة عليها لكنها تصلي ..  تصلي دون خشوع .. دون تركيز .. تنسى آيات أثناء تلاوتها .. تنسى بعض الخطوات .. تنسى بعض الذكر .. لكنها تحاول .. تحاول أن تبقى على قيد الحياة .  الحياة التي سلبتها كل شيئ .. 


_ رنيم ..


_ أنا عايز أخد رأيك في  حاجة ..


لم تجيبه وقد توقع ذلك فهي تتحدث القليل من الكلمات بعد معافرة .. وكأن الكلمات تخرج منها كما يخرج الصدأ من الصوف ..


_ أنا الحمدلله خلصت كل حاجة في المحل .. ناقص بس تشوفيه 


قال محمود ذلك بينما يحاول إسعادها .. يحاول أن يخبرها بأي شيئ يفرج عنها ولو قليلاً من ذلك الضيق 


_ مبروك يا محمود 


ردت رنيم تهنئه بلسان ثقيل ورتم بطيئ ، ليتهلل وجهه وتتسع ابتسامته مجيبًا 


_ الله يبارك فيكي يارب .. عاوز أخد رأيك في الباترينه دي ، مش عجباني وعاوز أشيلها وأغيرها بس المهندس بيقول حلوه وجديدة 


ثم فتح هاتفه ووجهه ناحية رنيم التي رغم وجومها إلا أنها لم ترد كسر خاطره ونظرت للهاتف ثم قالت 


_ حلوة 


_ خلاص هسيبها طالما قولتي عليها حلوة 


قالها محمود في حماسة وفرحة شديدة .. لتنظر له رنيم في أسى محاولة رسم ضحكة فوق وجهها لكنها لم تستطع ، فراحت ابتسامته وحل مكانها وجه حزين مُشفق على حالها يخبرها بأن تتماسك 


_ قومي يا رنيم .. عاوزك تشدي حيلك وتقفي .. إللي حصل حصل ،  ومش هتقدري تغيري فيه حاجة ! 


نزلت دموعها في قهر بينما تهمس 


_ أكتر حاجة وجعاني ان مش هقدر أغير فيه حاجة 


لم يستطع محمود مواساتها .. لم يقدر على قول شيئ إضافي .. لا يعلم أحد عما حدث بينها وبين فواز غيره .. حتى والدته لا تعلم .. لقد اخبرتها أن فواز أخذها وضربها فقط .. لكن لا أحد يعلم ما حدث بالفعل 


_ أنا عاوزة منك حاجة


نطقت بها رنيم في صوت تعدى مرحلة الهمس ودخل في منطقة الجد .. لينتبه محمود ويعتدل بسرعة مستجيبًا


_ أؤمريني 


نظرت له رنيم ثم طلبت منه ما جعله يرفع رأسه في شيئ من السعادة والشموخ .. لقد حسبها ستخاف .. قد حسبها مازالت تحت تأثيره .. لكن طلبها منه .. جعله يتأكد أن ما سيحدث سيدمر قلوب الأعداء ...


____


_ عمل إيه؟


هتف فواز في غضب شديد بينما يخبره أحد رجاله المكلفين بمراقبة محمود بنقل له الأخبار الجديدة 


أجاب الرجل _ فتح محل جديد وكبير يا باشا في ستة أكتوبر 


كاد فواز أن يختنق بماء حلقه الذي تسمم وهو يسمع أخبار خير عن غريمه وعدوه الأول في هذا العالم 


_ ابعت اللوكشين 


أمر رجله ثم هب من مكانه واقفًا ونزل ينطلق بسيارته وما إن أتته الرسالة حتى أكتشف أن محل محمود الجديد هو محل صاغة ، يشاركه فيه أحد الخبراء في هذا المجال .. من أين أتى محمود بكل هذا المال .. من أين له بهذه العلاقات 


أوقف سيارته أمام المكان ثم ززل منها متأهبًا .. رآه محمود الذي كان منشغل مع أحد العمال الموجودين للتشطيبات لينظر له في خبث .. ما ان دخل فواز بخطواته المغرورة حتى قال محمود 


_ جاي تباركلي 


_ جبت الفلوس منين ؟ 


سأل فواز بغيرة لم تتوانى في الظهور في عينيه وفي نبرة صوته .. لقد أصبح مهزوز وسهل استفزازه للغاية .. هو على شعره من كل شيئ .. عل. شعره من الجنون .. على شعره من الإجرام بل هو قطع الشعره وأصبح مجرم بالفعل ! 


_  حقك تستغرب مانت سارق كل فلوسي 


رد عليه محمود ببرود .. ليشعر فواز بالإهانة ويرى لأول مرة فعلته من منظور آخر .. لقد سرق ! إنه سارق .. 


_ إبن الزوات بقى حرامي .. ولا تلاقيك حرامي من زمان  


سخر محمود قاصدًا إهانته ثم أكمل 


_ هو أنا لازم أتنطط زيك عشان تعرف إني معايا فلوس 


اقترب منه فواز يخبره في حقد وحزم 


_ هقفلهولك 


خطوة أخذها محمود ناحيته ليرفع أنفه هو الآخر أمام أنف فواز مجيبًا 


_ تبقى دكر لو عرفت تعمل أي حاجة 


ثم هدده قائلاً 


_ أنا ماسك عليك حجات تخليك أنت وعيلتك تتفضحوا في البلد كلها 


رفع فواز حاجبه وكأنه يتأكد من صحة كلام أبيه ليقول 


_ الحكاية كدة فعلا .. تمسك عليا حاجة 


ابتسم  ساخرًا في أسى مكملاً


_لتكونوا كنتو مخططين كمان إني أعمل فيها كدة عشان تمسكوا عليا حاجة 


ليس منه أي فائدة .. هذا ما فكر فيه محمود وهو يراه لا يتردد في إظهار غباءه وقلة رجولته .. ليقول محمود 


_ صدق إللي أنت عايز تصدقه 


ثم اقترب منه مستفزًا إياه 


_ كدة كدة هي دلوقتي معايا وفي بيتي وهعوضها عن كل حاجة وحشة شافتها معاك .. هخليها تنسى ان كان فيه حياتها كلب اسمه فواز 


اندفع فواز نحوه ليضربت لكن العمال التفت حوله فتراجع بالغصب يكظم غيظه وقد ارتفعت دقات قلبه تدق في عنف وتحرق روحه ليقول محمود في جدية شديدة 


_ لو رجلك عتبت هنا تاني هقطعهالك


خرج فواز من المحل ومشاعر الغيرة تنهشه .. إنها في بيت رجل آخر .. رحل يحبها وتحبه ! .. هل يقدر محمود على جعل رنيم تنساه .. هل يستطيع!؟ .. هل ستقدر رنيم ! 


ضرب فواز المقود بعنف لاعنًا سخافته .. بالطبع ستسطتيع بل هي قد فعلت بالفعل .. لقد خانته ونسته وانتهى أمره بالنسبة لها .. لكن مازال داخله صوت يخبره أن يتحرى أكثر عن الأمر 

______


**نهاية الفصل **

_____


6 تعليقات

  1. 💗💗💗
  2. كملى 😢❤
  3. بيرفكت 👌
  4. 🌸🌸
  5. مستنية على نار لما فواز يعرف الحقيقة
  6. فواز ميستاهلش رنيم، اتمني حظها يكون أفضل ويتم إنصافها
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.