الفصل الواحد والتسعون من رواية عشق أولاد الزوات
____
وصل فايز للجزيرة .. رفع هاتفه ليهاتف ريم للمرة الألف ولم تجيب .. توجه للمكان الذي أخذه لهم .. التخييم خاص بالأطفال والآباء ولكن لحساسية فايز لن يستطيع التخييم خوفا من الحشرات وتقلبات الجو فتم السماح لهم بأن ينضم الأطفال طوال الوقت في التخييم مت والدتهم وحضور فايز في النهار فقط ..
ذهب فايز للشاليه ذي الشاطئ الخاص .. دخل فايز المنزل ليجده فارغًا كالمتوقع فالجميع في منطقة التخييم ... خلع فايز عنه قميصه ثم تنفس بعمق ... هواء الجزيرة كان قادر أن يزيح عنه ضغط الشهور الفائتة ..
سمع فايز صوت تكسير أطباق .. انتفض من مكانه واقفًا .. من في البيت ؟
سار في ترقب حتى وصل ناحية الصوت .. ليجده قادم من المطبخ ..
_ ريم !
انتفضت ريم من الخوف ما إن هتف بإسمها من الرعب بينما هو تفاجئ من وجودها .. اقترب منها بسرعة يمسك يديها
_ انتي كويسة ؟
سأل في قلق شديد وقلبه ينبض في خوف لتسحب ريم يديها بسرعة منه قائلة
_ مالكش دعوة
ردها العنيف جعله يتراجع خطوة للخلف ثم حاول تهدئة نفسه وسأل
_ مبترديش عليا ليه .. اتصلت كتير أوي ؟
أعطته ظهرها تكمل إعداد الأطعمة الخاصة لأطفالها لتعود بها للمخيم فلن تشتري لهم من الخارج فمن قواعد التخييم أن يطعم الأم والأب أطفالهم بطعام بصنع أيديهم والعشاء يكون جماعي بين العائلات في مطعم
أجابت ريم في برود
_ كنت متجيش أحسن ..
توجه فايز ليقف خلفها ثم مال عليها متحدثًا بصوو منخفض
_ ومجيش ليه ، أنا أبوهم وجوزك يا ريم
التفتت له وكم تشعر بالإستفزاز في مدافعته دائما عن حقوقه رغم أنه يضيع حقوق الآخرين
_ وضيعت عليهم يوم مهم تاني في حياتهم لأنهم مش أولوية في حياتك .. فيه ناس تانية أهم بكتير
هذه التصرفات بدافع الغيرة ! .. شعر بسعادة داخلية لكن أيضآبالضيق فهو لا ينقصه أنتغضب عليه ريم أكثر
_ انتي عرفتي
_ مكونتش عاوزني اعرف طبعا
_ لأ على فكرة أنا كنت هقولك لأن عادي
_ يا بجاحتك
قالتها ريم في غيظ من بروده ليقول فايز
_ يعني شايفة إني هبقى كويس ومش بجح لما أسيبها تترمي في المستشفى لواحدها من غير راجل !
اقتربت منه ريم تهتف في وجهه
_ لأ سيب ولادك يسافروا لواحدهم من غير راجل
ابتلع فايز مافي حلقه وذلك الإقتراب حتى لو للتشاجر .. فهو يربكه ..
_ مانتي معاهم ياريم
لتجيبه ريم في انفعال _ اعتبرني مش موجودة .. لا معاك ولا معاهم ..
شعر بغضبه يرتفع بارتفاع صوتها عليه
_ ريم اهدي لو سمحتي ومترفعيش صوتك
٠
اقتربت منه أكثرترفع يدها في وجهه وترفع صوتها أيضا
_ اسمع يا فايز انا دلوقتي مش بعمل أي حاجة غير اني بكمل صورة .. مجرد صورة اجتماعية سخيفة بكملها.. فمشي يومك وحياتك .. عشان متبقاش فيه مشاكل كبيرة أوي وولادك هيكونوا اول ناس يشهدوا عليها !
انفتحت عينيه وفمه من تلك النبرة واللهجة التي تتحدث بها .. لم يتخيل يوما في حياته أن تتحدث ريم بها أبدًا !
_ انتي بتتكلمي كدة ليه يا ريم !
تسائل فايز في ذهول فتجاهلت ذهوله وقالت
_ عديها على خير يا فايز أحسنلك .. واعمل حسابك هتنام في الصالة كدة كدة هما عارفين اننا مش طايقين بعض وأنا ولا هما هنكون هنا في البيت بس حسك عينك تدخل الأوضة إللي أنا حاطة فيها حجاتي ولا حجات ولادي .. أنت فاهم
تتحدث بعدوانية شديدة .. غضبها يرتفع لا يقل .. شعر بالشفقة عليها .. شعر بخطأه .. بل بأخطائه الكثيرة التي دائمًا ما تدفعها للجنون .. أعطته ريم ظهرها لتكمل إعداد الطعام ..
اقترب منها فايز .. وجدها تقلب بالملعقة في عنف شديد ويديها ترتجفان فأمسك بهما ووضعت ريم رأسها أرضًا ثم نزعت يديها عنه .. همس لها فايز في ألم امتزج بالعشق
_ انتي بس اللي مش طيقاني .. لكن أنا نفسي ترضي عني .. هعملك أي حاجة وترضي عني
_
التفت له ريم .. بقلب ينبض بشراسة .. رغم شعوره بنفورها منه إلا أنه قال بصدق
_ والله العظيم اتصلوا بيا من الشارع ، راجل غريب اتصل عليا يقولي هنوديها المستشفى وده كان آخر رقم اتصلت عليه متسجل باسمي .. لو انتي مكاني ياريم متأكد انك مكونتيش هتسيبيها ، أنا آسف يا حبيبتي
لم يهتز رمش لريم بل فاجئته بقولها
_ أنا مش حبيبتك وإللي قولته ميهمنيش ..
ثم أغلقت النار وخرجت من المطبخ .. نظر فايز للأرض في حزن لكنه لن ييأس .. هذه هي آخر فرصة له .. يكفي أنها تتحدث معه .. هذا يكفيه ...
_ طول مانت معايا تلبس هدومك وتحترم نفسك
تفاجئ بريم تعود بقميصه ترميه على صدره لينصدم من فعلتها وجرأتها التي تحررت فجأة .. ثم وقفت أمامه وطردته في عنف
_ امشي برا يلا !
انصدم فايز وخرج في بطئ بعدما سيطرت الصدمة عليه
___
ظل فوزي ينظر إلى هاتفه .. لا يعلم لم ينتابه القلق .. لقد عاد إلى العمل أخيراً وعادت ريهام إلى كليتها .. لكنه لم يتلقى منها أي اتصال وقد تعدت الساعة الموعد الذي تنتهي فيه من محاضراتها
رفع هاتفه مرة أخرى ليرن عليها .. لكنه لم يجد أي رد ... ذاد القلق في قلبه وقرر أن يذهب بنفسه لكليتها خوفاً من أن يُعاد ما حدث لها قديمًا منذ فترة
ورغم وجود غادة في المنزل إلا أنه كان يجب أن يطمئن بنفسه
دق هاتفه ليجدها ريهام ففتحه بسرعة هاتفًا
_ أيوة يا ريهام ، مبترديش ليه !
أجابته ريهام
_ مكونتش شايفة التليفون
نبرة صوتها أقلقته ليسأل
_ أنتِ كويسة ؟
_ فوزي ، ممكن تيجي تاخدني لو سمحت!
طلبت ريهام بصوت شارف على البكاء ليرتاب فوزي ويخبرها أنه سيذهب لها و في خلال دقائق سيكون أمامها ...
وجدها فوزي تنتظره في الكلية ما إن رأته حتى ارتمت في حضنه فضمها إليه سائلاً في قلق
_ مالك يا قلبي ؟
قالت ريهام _ روحني البيت يا فوزي
امتثل لكلامها وأخذها للمنزل فاستقبلتهم غادة واستغربت من شكل أختها المرهق والحزين
_ فيه ايه يا ريهام ؟
ردت ريهام _ مفيش يا حبيبتي أنا كويسة ادخلي ارتاحي
ثم نظرت لفوزي وقالت _ ارجع شغلك يا روحي.
رغم قلق فوزي عليها إلا أنه كان يجب أن يعود للعمل فوراءه الكثير ليفعله وأمن غادة على ريهام .. ثم غادر
عاد فوزي في المساء ليجد ريهام تجلس وحيدة في غرفة المعيشة بعدما أخذت غادة الدواء وخلدت للنوم
كانت ريهام جالسة على الأريكة في غرفة المعيشة، تعابير الحزن مرسومة على وجهها الجميل. عادت من الكلية بعد يوم طويل من التعامل مع المواصلات المزدحمة والتأخير المستمر. لم تستطع أن تخفي خيبة أملها وإرهاقها من فوزي، زوجها المحب، الذي دخل الغرفة لتوه حاملاً بين يديه كوب من العصير ليناوله إياها بينما يسأل
فوزي _حبيبتي، مالك؟ ليه زعلانة كده ؟
ريهام نظرت إليه بعينين مملوءتين بالإحباط ، وقالت
_ مفيش حاجة
شعرت بالحرج ، لا تريد أن تخبره أنها لم تعد تحتمل المواصلات ، ليقترب منها فوزي ويطلب مرة أخرى
_ بطلي تخبي عليا كل حاجة مضيقاكي
نظرت له ريهام نظرة توتر وتردد ، لكنها أخيراً قالت في ضيق وحزن
_المواصلات يا فوزي، متعبة جداً. كل يوم نفس المعاناة، والتأخير دايماً بيخليني متأخرة في محاضراتي وبطلع من الكلية مش بلاقي أي مواصلات خالص ، وعلى كدة في المعاناة دي ، حتى لو لقيت مواصلات ، وممكن كمان راجل يبقى قاعد جنبي وميبقاش فيه ساتر بنا ، يا إما كدة يا إلا مركبش خالص وهفضل واقفة ، أنا تعبت
ثم نظرت له مكملة وكأن العالم كله انغلق في وجهها
_ وأنا بخاف أركب أوبر .. كله حوادث وسواقين مش كويسين .. أعمل إيه بس ياربي
ارتسمت معالم الوجوم على وجه فوزي ليقول
_ ومقولتليش كدة ليه من الأول ؟
_ علشان مش كل شوية هتصل بيك أقولك تعالى خدني ، تسيب شغلك وإللي وراك وتيجي تجيبني زي العيلة إللي طالعة من المدرسة ومش عارفة الطريق ..
تأملها فوزي .. لا يستطيع تصديقأنهاكما هي لا تعطي للطبيعة بينهم أنتأخذ أيفرصة ومازالت تريدأن تتكلف في علاقتهما
_ ليه يا ريهام بتعملي كدة ؟
تسائلت ريهام _ بعمل إيه ؟
قال في حزن _ ليه حاطة بنا فرق كبير أوي ، لدرجة أني من أول يوم بفكر اجيبلك عربية وناوي ، بس خايف أجيبها تقولي عاوز تشتريني بفلوسك !
تفاجئت ريهام من ظلمة ظنونه لتميل نحوه تمسك لحيته في حنان لتصحح له ما فهم
_ فوزي ، أنت جوزي ، مفيش حاجه إسمها كدة .
قال فوزي في حزن _ كويس إنك فاكرة وعارفة .
مسكت يده تضمها لصدرها تشرح له وضعها
_ فوزي عشان خاطري ، والله أنا زعلانة عليك عشان بتعبك معايا كل شوية ، عارفة إنك جوزي وحبيبي ومن حقي عليك تحميني وتشوف إيه الناقص وتكمله ، زي مادا كمان حقك عليا ، بس أنا ، بحس إني بتقل عليك
____________
نهاية الفصل