الفصل الرابع والثمانون من رواية عشق أولاد الزوات

 الفصل الرابع والثمانون من رواية عشق أولاد الزوات 



______


دخل فايز الغرفة بخطى بطيئة، حيث كانت زوجته غادة جالسة على السرير تفاجئت من دخوله عليها بعد ذلك الغياب  


لكن ملامحه جعلت عيونها تتابعه بقلق وترقب. كانت الغرفة مشحونة بالتوتر، كأن الهواء فيها ثقيل لا يُطاق. ألقى فايز نظرة قصيرة عليها قبل أن يبدأ الحديث بصوت هادئ 


_ غادة، عايز أتكلم معاكي.


شعرت غادة بأن قلبها بدأ ينبض بسرعة، شعور غامض بين الخوف والفضول يسيطر عليها. رفعت رأسها قليلاً، محاولاً قراءة تعابير وجهه. 


_أنا مش مرتاح..


 تابع فايز، مشاعر الحزن والارتباك واضحة في عينيه... ثم اقترب منها وجلس قبالتها على الفراش 


كان صوت فايز يتكسر قليلاً وهو يتحدث، وكأنه كان يحاول أن يحافظ على جرأته وقوته في استرساله في حديثه بينما غادة تستمع إليه في تركيز 


_وأنا عارف إن أنتي كمان مش مرتاحة في الوضع دا، أنا عندي عيلة وعندي حياة تانية كاملة مش محتاج أي حاجة عليها زيادة. يادوب أقدر أكفي عيلتي وأحل مشاكلنا أو حتى نتشارك أفراحنا مع بعض 


تملكت غادة مشاعر مختلطة من الغضب والمرارة ، نظرت له بخيبة امل ثم وردت بسخرية حزينة


 _وكانت فين عيلتك دي لما جريت ورايا عشان تتجوزني؟


 كانت تحاول السيطرة على صوتها وهو يتحدث عن عائلته ، يخبرها أنهم الأهم وأنه لا يحتاج أكثر منهم في حياته وهمش قيمتها ودورها في حياته بالكامل ، يخبرها بكل صراحة أنه لا يستطيع بعد الآن أن يشارك أفراحه واحزانه سوى مع أسرته الصغيرة ، حاولت أن تحافظ على تعبيراتها ثابتة ، لكنها لم تستطع إخفاء الأذى الذي شعرت به.


أخذ فايز نفسًا عميقًا، وكأنما يجمع شجاعته للحديث... ثم نظر لها بقوة وتحدث بشكل صريح أكثر 


_ منكرش إني كنت بحس ناحيتك بالحب والإعجاب، وانتي كمان متنكريش إنك غلطتي كتير أوي...


نظرت له في سخرية استفزته ليكمل  


_ بوظتي حياة أختك ومفكرتيش فيها، وحتى خدعتيني ووثقت فيكي وأنتي خدرتيني وتعبت وكان ممكن أموت بسببك. حاولتي تبعديني عن أهلي وولادي وكمان غلطتي فيهم وزعلتيهم. انتي غلطتي كتير أوي في حاجات كبيرة نهت حبي ليكي ومش قادر أسامحك عليهم أبدا.


ردت غادة تدافع عن نفسها _ أنا عملت كل دا عشان بحبك ، المفروض تفرح إن فيه ست ممكن تعمل أي حاجة عشانك ، أنت أغلى حاجة عندي يا فايز متقولش الكلام دا 


رد فايز بشيئ من الغضب _ أنتي غلطي واختارتي نفسك فوق الكل ، مش عشاني لأ عشانك أنتي بس 


لتواجهه غادة بأخطائه _ وبعدين يعني أنت مغلطش ومختارتش نفسك فوق أي حد ؟ عيلتك دي مش أنت إللي هديتها بإيدك ، أنت ومراتك إللي معندهاش مسؤولية وسابت عيالها يتعذبوا من غيرها وهجت ، وأنا مالي بكل دا هي إللي غلطانة وهي اللي مزعلة عيالها ، ليه تحط عليا أنا اللوم 


رد فايز عليها بشراسة بعدما ذكرت ريم 


_ اوعي تقارني نفسك بريم ، ريم استحملت إللي مفيش ست استحملته عشان تحافظ على بيتها ، وعشان أنانيتك خليتيها تشوف منظر كسر قلبها 


ثم أعترف بقوة _ أنا كمان غلط غلطات كتيرة وكبيرة واديني أهو جاي اصلح الغلط واطلقك 


كانت كلمات فايز كالسكاكين التي تخترق قلب غادة، ولم تستطع إخفاء الدموع التي بدأت تتساقط من عينيها. شعرت بأن عالمها يتهاوى من حولها. بصوت مخنوق، سألت بصوتٍ رقيق 


_بعد كل الكلام دا، عاوز إيه يا فايز؟ 


دموعها وضعفها جعلت فايز يشعر بالكره تجاه نفسه أنه وضعها في هذا الموقف ، لكنه لا يستطيع تحملها في حياته بعد الآن ويجب عليه فعل ذلك ، تردد فايز للحظة، كأنه كان يحاول إيجاد الكلمات المناسبة. وأخيرًا، نطق بالقرار الذي يعرف أنه سيغير حياتهما إلى الأبد. 


_أنا عاوز إننا ننفصل.


بقيت غادة صامتة، مشاعر الصدمة والخيبة تتماوج في عينيها. وفي تلك اللحظة، أدركت أن كل شيء قد انتهى حقاً...


 وقف فايز من مكانه وخرج من الغرفة بخطوات سريعة تاركًا إياها في صدمتها 


عندما طلب الطلاق، شعرت وكأن الزمن توقف فجأة. كانت الكلمات تخرج من فمه ببطء، كل حرف منها كان كحجر يسقط في قلبها ويترك ندبة لا تمحى. أحست بغصة في حلقها، وعيناها امتلأتا بالدموع رغم محاولاتها اليائسة لمنعها من الانهمار. 


في تلك اللحظة، عاد بها الزمن إلى الوراء، تذكرت كل اللحظات السعيدة التي قضتها مع فايز ، عندما اتى ليطلبها متحديًا الجميع ومتخطي كل الحدود من أجلها، وكل الضحكات والوعود التي تبادلاها. شعرت بألمٍ عميق في صدرها، كأن قلبها ينكسر إلى آلاف القطع. كانت تحاول فهم كيف انقلبت الأمور بهذه الطريقة، كيف تحول الحب الكبير إلى نهاية مريرة وها هو يتخلى عنها .. 


بينما كانت دموعها تسيل على وجنتيها، حاولت جاهدة السيطرة على مشاعرها، لكنها لم تستطع. كان الألم أكبر من قدرتها على التحمل. شعرت بفراغ هائل، وكأن شيئاً قد انتزع منها دون سابق إنذار، تاركاً وراءه جرحاً لا يلتئم. 


في صمت الغرفة، لم يكن هناك سوى صوت بكائها المكتوم، ووقع كلمات فايز التي ما زالت ترن في أذنيها كصدى بعيد، يؤكد لها أن ما حدث ليس مجرد كابوس، بل حقيقة لا مفر منها.


  دقيقتان وعاد فايز من جديد ، لكنه ليس وحده هذه المرة بل يحمل عدة أوراق وعاد بهم ووضعهم أمامها وقرب القلم إليها قائلاً 


_ امضي على ورق الطلاق واتنازلي عن اتفاقك مع بابا 


قالها بنبرة لا تقبل النقاش ، ورغم أنها كُشفت أمامه بالكامل وطالت تلك المحادثة المريرة التي تقلبت فيها بين الحزن والكسرة والدفاع عن النفس ، اعتدلت أخيرًا والتمع الخبث في عينيها الثعلبية التي احمرت من البكاء لتميل عليه قائلة 


_ طلق ريم الأول ، وبعدها أفكر  يا حبيبي!  


نظر لها فايز في غضبٍ جم  وهو يتابعها بينما تتسلى به ، تلك اللعينة التي أنتشلها من القمامة ، تتحداه وتضعه أمام خيار صعب .. 


ثم قالت غادة في ابتسامة استفزته أكثر 


_ لو عاوز تقعد أنا عمري ما همنعك .. أنا مراتك يا حبيبي ودي اوضتنا إحنا الاتنين مش أنا لواحدي 


 تحدته غادة الخبيثة ورفضت الطلاق، اشتعل الغضب في عروق فايز كالنار المشتعلة. تغيرت ملامح وجهه بشكل ملحوظ، فباتت عيناه تقدحان شرراً، وانقبضت عضلات فكه بقوة، بينما قبضتا يديه ترتعشان. أحس باندفاع الأدرينالين في جسده، وجاءت كلماته مشحونة بالعاطفة والتوتر.


_غادة، ما تلعبيش معايا اللعبة دي!


صرخ بصوت عالٍ، محاولاً السيطرة على غضبه. كانت كلماته تخرج كالرصاص، محملة بكل ما يحمله من استياء وحنق. 


_ أنا ما أقدرش أستمر في الحياة دي، انتي عارفة كويس إننا ما نقدرش نكمل مع بعض! 


رأى في عيني غادة تحدياً واضحاً، وهو ما زاد من شعوره بالغضب والإحباط. كانت تتلاعب بمشاعره وتستغل الموقف لصالحها، تستغل حاجته لها بالموافقة على الطلاق بشكل ودي دون أن يؤثر على مشروع والده ولم يكن مستعداً لتحمل المزيد من الخداع. خطا نحوها بضع خطوات، محاولاً السيطرة على ثورة غضبه، لكن مشاعره كانت تفيض بشكل لا يمكن تجاهله.


_ انتي فاهمة إيه اللي بتعمليه؟!


 صاح بصوت مشدود، مشيراً بيده بعصبية. 


_ انتي بتدمري إللي بنا أكتر وأكتر! مش هسمحلك تعملي كده.. سيبي شوية إحترام بنا على الأقل


وقفت غادة لتهاجمه بقولها 


_ وأنت إللي مش بتدمرها لما تطلب مني الطلاق ومش مكسوف تقول إن أنا غلطة في حياتك ! 


ليصيح بها فايز _ عشان كل إللي عملتيه هو إللي وصلنا لكدة 


نظرت له غادة في حدة ثم قالت 


_ لا دا عشان نفسك أنت ، عشان القديمة حليت في عينك ، عشان عاوز تطلقني أنا وترجعها هي ، لا يا حبيبي أنا مراتك زيي زيها بالظبط وأدام ربنا حقي هو حقها ، فياللي فاكر نفسك بتاع ربنا وعندك أخلاق وضميرك واجعك أوي كدة ، أعدل ومتجيش تطلقني وتخرب بيتي عشان خاطر عيون واحدة تانية 



ليرد فايو سريعاً وهو يراها تضع نفسها في خانة الضحية 


_ مكوناش هنوصل لكدة لو انتي فضلتي كويسة ، بدل الخطط والالاعيب والأساليب الملتوية ، أنا عمري ما عشت في جو متوتر بالشكل دا غير لما اتجوزتك ، وانتي السبب ، محبتنيش بل بالعكس أنتي كنتي حابة تسيطري عليا وتخليني ليا لواحدك حتى لو دا على حساب أختك وولادي ومراتي ! دلوقتي بتقولي إني باجي عليكي عشانها !! 



كانت نبرات صوته تتصاعد مع كل كلمة، وكأن الغضب كان يأكل منه رويداً رويداً. كانت خيبة الأمل واليأس تملأ قلبه، لكن الغضب كان سيد الموقف، يدفعه للتعبير عن كل ما كان مكبوتاً داخله لفترة طويلة.. ورؤيتها بهذا الشكل جعلته ينفر منها أكثر ويصر على قرار تطليقه لها 


تبادلا النظرات الغاضبة ليضع فايز الأوراق أمامها هاتفًا 


_ لو عندك كرامة امضي على ورق الطلاق والورق بتاع العقد ، أنا مش عاوزك ! 



ثم غادر فايز تاركًا غادة التي توسمت بالقوة تجلس فوق الفراش تبكي في قهر شديد ، لقد فعلت كل شيئ حتى تصبح السيدة ، فعلت كل شيىء حتى لا تصل إلى هذه النقطة ، لكن ها هي تقع في شر اعمالها والألاعيب التي حسبت أنها ستجعلها قائدة حياتها وتصنع لها حياا زوجية سعيدة هي ما أفسدت زواجها !


____


خرج فايز ليحتضن هواء الجنينة جسده ، ليشعر بأن ضيقه بدأ يخف درجة تلو الأخرى ، تلك المرأة التي بلى بها نفسه ، لا تشبهه ولا يشبهه ، نفس الاختلاف الذي جذبه إليها ، لم يستطع أن يتحمله ، ليعلم أن ليس كل ما يعجبنا يلائمونا... 


تمشى بين الأزهار التي حضنت نفسها ما إن ظهر القمر في السماء ، لكنها مازالت أزهار جميلة تريح نفس الناظر إليها ، هذه الأزهار حرصت على زراعتها ريم !.. ابتسم فايز في صفاء ثم حزن مرة أخرى ، لقد خسرها . 


وعلى مرمى نظره وجد أخيه الأكبر ، يقف بجانب شجرة ويدخن جانبها ، ليتفاجى به ، إنه يدخن ! 


لكنه أذهب عنه التفاجئ وشرع في الإقتراب منه 


وقف جانبه لينظر له فواز ثم عاد يسحب انفاسه من سيجارته شاردًا في الفراغ .. 


_ طلقتها ليه ؟ 


سأل فايز في تهجم ولهجة شديدة الحدة .. لينظر له فواز بينما ينفث دخان سجائره 


_ إللي كان لازم يحصل


عاد فايز ليقول _ لأ مكانش لازم يا فواز ، مكانش لازم تطلق رنيم ، ومكانش لازم اتجوز غادة ، مكانش لازم أخسر حب ريم ليا


احتكت اسنان فواز لوهلة ثم حاول أن يظل هادئًا وقال 


_ أنت متعرفش هي عملت إيه 


لكن فايز هاجمه _ عمر إللي عملته ما يوصلك لكدة 


لآخر لحظة حاول فواز أن يضبط أعصابه 


_ بقولك أنت متعرفش الزبالة دي عملت فيا إيه 


ليصيح فايز هازئًا _ عملت إيه يعني خانتك ؟


_ أيوة 


ارتفع صوت فواز بها ، في غضب وكُره ، بملامح وجه مرعبة جعلت فايز يقف مصدومًا بينما يعود فواز ويؤكد 


_ أيوة خانتني يا فايز 


سكت فايز بلا تعليق ليشيح فواز نظره عنه ثم هدر في حقد واحتقار 


_ خانتني مع واحد حقير زيها بالظبط ، واحد ملبسوش حتى جذمة في رجلي 


اهتاج فايز من عجرفته وأسلوبه ليقف أمامه مستنكرًا 


_ هو أنت بتتكلم على الناس كدة ليه ، ليه بتتكلم عنهم كدة كأنهم مش بشر ، احترم نفسك بقى وفوق


نظر له فواز متفاجئًا بأسلوب فايز ومهاجمته له وتلك الطريقة التي يتحدث بها ليقول الآخر ساخرًا 


_ ورنيم مين دي إللي تخونك ، دا انت اللي مربيها 


أجابه فواز وهو يضغط على أسنانه 


_ ربيت حية ، لما كبرت سمتني أنا 


ليعود فايز ويقول 


_ طالما مشوفتش بعينك وهما مع بعض بالشكل إللي أنا وانت عارفينه يبقى هي بريئة وأدام الدين بريئة ومتقدرش تحاسبها ولا تقول بالثقة دي إنها خانتك


وقف فواز يسمع حديثه ، يستغرب ما يقول ، كأنه لأول مرة يلاحظ هذه الأمور ، لكن ماذا ! 

ستظل خائنة مهمت حاول فايز تلمسع صورتها أمامه .. لكن فواز لم يكن يعرف أن فايو يريد إنقاذه ، يريده إن يتبين في الأمر حتى لا يصبح من النادميم على ما فعل ، ويخسرها ، كما خسر فايز ريم بتسرعه وأنانيته وأنه رأى فقط ما أراد أن يرى .. 


سأل فايز_ أنت سمعت منها ! سمعت تفسيرها ؟ 


رفع فواز رأسه ولم يرد ليعود اخيه ويكرر 


_ ما ترد سمعت ولا لأ 


_ مسمعتش ومش عاوز أسمع 


أجاب فواز في تعالي ورفض ليقول فايز 


_  أنت بتستهبل يا فواز .. 


نظر له فواز في ذهول ليكمل فايز في اندفاع يواجه أخيه بعيوبه وأخطائه 


_وعاوز تقول عنها كدة وبس وتقنع نفسك بكدة عشان ترجع لمنصبك وشركتك 


ثم خف صوته وقال _ فواز صدقني هتخسرها ، هتخسرها وهتكون خسارتك جامدة أوي ومش هتعرف تنام الليل


لم يلتقط فواز من كل هذا الكلام إلا السخرية فسخر معايرًا 


_ شوف مين بيتكلم 


ليشير فايز بيديه الإثنين إلى نفسه مؤكدًا بإبتسامة كالمجنون 


_ بالظبط ، بالظبط شوف مين بيتكلم .. أنا أهو كنت فاكر إن وجود ريم هو أكبر مشكلة في حياتي لحد ما هي غابت ، واكتشفت إن أنا أكبر مشكلة في حياتي وحياتها وحياة ولادي كمان ، هي كانت كويسة أوي على إنها تكون لراجل زيي 


ثم هز رأسه عدة مرات وعض شفتيه ليظهر بمظهر غير طبيعي أبدا لفواز الذي تابعه بعيون مندهشة 


 _ لأ مش راجل .. عيل .. أنا عيل ، أبوك عنده حق ، أنا حتى مش عارف نفسي ! .. بس هي كانت عرفاني 


رق صوته وامتلئ بالحزن مرددًا 


_ الوحيدة إللي كانت عرفاني ومعايا في كل حاجة ، الوحشة قبل الحلوة. 


دمعت عيناه وفي لحظة ثانية نزلت منه دموعه فوق وجنته ، لينظر له فواز في قلق ، قلق شديد على حالة أخيه ، كاد أن يقترب منه لكن فايز ابتعد ومسح دموعه بيده مبتلعا ما في حلقه ليقول في جدية وكلمة حق تنير ظلام ظلم أخيه 


_ أنا من عشرتي لرنيم ، عمرها ما بصت على راجل ولا اتعدت حدودها مع أي راجل ، أنا مش جوزها ولا كنت قريب منها أوي ومع ذلك واثق فيها .. شوف نفسك أنت ، يمكن أنت المشكلة! 


توقف فواز عن الرمش وشرد عقله في مكان آخر ، رغم ضيقه وغضبه إلا أن كلمات فايز قد أثرت فيه بشكل جعله يفكر ولو لوهله . ماذا لو كلام فايز حقيقي؟ 


_ وهات دي 


قالها فايز وهو يأخد السجارة من بين إصبعين فواز الذي كان ذهب بعقله لأزقة يواجه بها أفكاره ، ودسها بين شفتيه لينظر له فواز مذهولاً فهو يعرف أن فايز لا يدخن ولديه حساسية من الدخان.. لتصبح هذه أول مرة يرى فيه أخيه في هذه الحالة المزرية.... 


وما هي إلا لحظة حتى بدأ فايز في السعال ، ليرمي السيجارة أرضًا وقال 


_ أنت السبب 


_ وأنا كنت دخلتها بقك غصب 


رد فواز في ضجر لينظر له فايز في ضيق ثم رحل .. ويعود فواز في تفكيره الذي لا يعلم أحد ما يدور فيه


_______


مر أسبوع آخر والحال كما هو عليه .. ترفض ريم مقابلة فايز وأي محاولات منه كما ترفض مقابلة أطفالها .. وفايز حاله تسوء حتى أنه لم يعد يذهب للعمل ولا يفارق المرسم .. 


الذي ما إن تجول فيه حتى وجد ذكرى منثورة له هنا وهناك .. كل الأركان يجد نفسه فيها ، صور مرسومة له غير محدودة .. كل شيى عنه وعن أطفاله هناك ، ورغم أن المرسم لريم ، إلا أنه لم يجد لنفسها ولو صورة 


ليجلس فايز في الليل ، محاولاً استرجاع مهاراته المتواضعة في الرسم 


أحضر الألوان والفرش ليرتاح فوق كرسيها أمام إحدى لوحاتها .. 


ثم بدأ يرسم ، متذكرًا ملامحها ، وهيئتها ، كل شيئ تذكره بها رسم الإبتسامة على وجهه قبل أن يرسمه على اللوحة ... 


بعد ساعات ظهرت الشمس على فايز الذي تسطح على الأريكة والريشة مازالت بيده ، تعامدت أشعة الشمس على وجه ريم ، وجه ريم المشوه بسبب رسمة فايز العقيمة ، لكنه على الأقل حاول أن يرسم لها صورة وللحق قد تعب عليها كثيراً وبقى للفجر يحاول بها .. 


رن هاتف فايز عدة مرات ، وفايز نائم كالجثة الهامدة بلا رد 


وفي آخر رنة استيقظ فايز بعيون مازالت نائمة .. وما إن وضع يده على الهاتف حتى انتهت الرنة 


بصعوبة شديدة اعتدل في لهفة فقلبه قد أخبره أن هذه المكالمة تتعلق بريم ! 


رأى أن هذا الرقم لا يعرفه ، رقم مجهول ! ... شرع إن يتصل بهم لكنه تلقى رسالة بريد على الإيميل الخاص به


فتح الرسالة ليجد عنوانها من المدرسة الذي يوجد بها أطفاله الثلاثة .. كانت الساعة العاشرة صباحاً 



فتح الرسالة المكتوبة باللغة الإنجليزية والتي كانت مغزاها أن المدرسة حاولت التواصل مرارا مع ريم ، ومعه ، لكن بلا رد .. 


يبدو أن أطفاله أساؤوا التصرف في المدرسة حتى طلبت منهم أن يحضر الوالدان في الحال ليقابلوا مدير المدرسة والأخصائية الإجتماعية في المدرسة 



ليدرك فايز بعد عدة سطور ، إن هذه الرسالة هي استدعاء ولي أمر!


_______


كانت رنيم قد تحسنت قليلاً ، لازال جرحها ينزف فمن المستحيل أن تتخطى ما حدث معها بهذه السهولة بل في حالتها يستغرق الأمر من شهور لسنوات .. لكنها كانت تحاول 


كانت تحاول أن تتعامل بشكل مقبول ، أن تتشارك مع أفراد المنزل في نشاطتهم وتشاؤكهك فيما يفعلون ، وها هي تجلس معهم على السفرة لتناول الإفطار 


دق الباب لتقف هاجر وتفتح الباب ويظهر محمود من خلفه .. 


نظرت له هاجر نظرة مطولة ومازالت يدها محاصرة الباب ليقول 


_ ازيك يا هاجر ، عديني ! 


_. الحمدلله 


قالتها في إحراج بينما تتنحى لتسمح له بالدخول .. 


دخل محمود بقلب متلهف ليجد رنيم في الداخل بمظهرها الجميل رغم حزنها ، تجلس على السفرة وتبتسم لوالدته التي توصيها بان تأكل جيداً وتهتم بنفسها ... 


_ ازيك ياما عاملة إيه 


قالها محمود لوالدتها وكال على يدها ليقبلها لتقول 


_ الحمدلله يا حبيبي تعالى أفطر 


قم ابتسمت ليجلس محمود وتجلس هاجر بجانبه ليسأل محمود 


_ عاملة إيه يا رنيم ؟


أجابت _ الحمدلله ..


ثم تنهدت وقالت 


_ بعد اذنك يامو محمود ، أنا عاوزة محمود في حاجة 



نظرت هاجر لها في استغراب وكذلك إسعاد حتى محمود نفسه اندهش 


_ في إيه ربنا يستر ؟


طمأنتهم رنيم _ هو خير إن شاء الله 


نظرت رنين لمحمود وقالت 


_ عاوزاك تيجي معايا شقة بابا ، عايزة أجيب حاجتي من هناك 


_ تحت أمرك طبعاً 


وافق مجمود فوراً لتقول إسعاد في حزم 


_ أنا هاجي معاكوا مينفعش تروحوا لوحدكوا 


هزت رنيم رأسها مبتسمة بوهن 


_ ماشي ، بس المهم أجيب حاجتي 


سأل محمود _ معاكي مفتاحها .. ؟  


لتقول رنيم _ أنا كنت بسيب نسخة في مكان برا الشقة علطول 


هز محمود رأسه وبعد الإفطار توجهوا جميعاً إلى منزل رنيم 



كانت إسعاد بعلاقاتها مع نساء المنطقة قد بررت الحدث الذي حصل لابنها وقالت أن فواز مجرد رجل ظالم أراد أن يطلق زوجته ويسرق منها ورثها ويأكل عليها نفقتها ومؤخرها وبما أن محمود رجل أصيل تصدى له ، ليتهجم عليهم ويفعل ما فعل .. وتناقلت الأقاويل بين الرجال بسبب ألسنة النساء التي تتأثر كثيراً بأم محمود ونقلت ما حدث لكل من هب ودب لتتحسن اثر ذلك صورة محمود مرة أخرى وكذلك رنيم 


صعدت رنيم مع أم محمود ومحمود لشقتها ، انقبض قلبها ما إن رأتها ووقفت أمام بابها .. كادت أن تسقط دموعها لولا إسعاد التي لاحظت ذلك لتقول 


_ فين المفتاح ؟ 


هزت رنيم رأسها وذهبت لتجلب المفتاح ، اطمئنت ما إن وجدته في مكانه كما هو .. 


أخذ محمود المفتاح ليحاول فتح الباب لكنه تفاجئ به لا يفتح فقال 


_ المفتاح مش راضي يفتح 


تفاجئت رنيم لتقترب من الباب وتأخذ منه المفتاح لتجرب بنفسها .. لكنها بعد عدة محاولات وقفت مصدومة .. ثم ردد لسانها وعيونها تدمع 


_ غير الكالون ! 



جائها صوت من خلفها ، صوت كريه متربص 


_ لأ يا حبيبتي دي بقت شقتنا خلاص 


نظر الثلاثة خلفهم ليجدوا ديما تقف متأهبة لهم ... صُدمت ما إن سمعت ما قالت لتهدر في حزن 


_ دي شقة بابا وماما ، شقتي 


رفعت دينا حاجبها قائلة 


_ انتي مش بعتيها لطليقك قبل ما يطلقك ؟ 


ابتلعت رنيم دموعها ووقفت إسعاد متربصة لأي خطوة من دينا ومحمود هو الآخر لم يرد أن يتدخل كما طلبت منه رنيم رغم أنه أراد أن يحطم رأس دينا لكنهم لا يريدون أي مشاكل في الوقت الحالي حتى تهدأ الأمور في المنطقة وينسوا ما حدث 


سألت رنيم في قهري _ ودهبي إللي فيها ! وحجاتي !


عادت دينا لتقول في كيد 


_ جوزك .. قصدي طليقك سلمنا الشقة وهي فاضية ومفهاش أي حاجة ! بعدين واحدة زيك هيبقى عندها دهب منين دا أنتي كنتي خدامة ! 


هنا اندفعت إسعاد نحو دينا _ لمي نفسك يابت انتي واتكلمي عدل بدل ما اعدلك 


توترت دينا قليلاً ثم قالت 


_ أنا بتكلم عدل يا خالتي ، الييت بقى بيتنا خلاص ، هو أنا أجرمت 


بكت رنيم .. كانت في عالم آخر ، لقد أعطاهم فواز شقتها بعدما امضاها على ملكيتها لتصبح له .. لقد انتقم منها بكل الطرق ، حتى في هذه التفصيلة لم يتركها بحالها وباعها لمن أرادوا أن يأخذوها في الماضي ويستلون عليها ، بل والأدهى أنه مازال على تواصل مع دينا ! .. بكت رنيم بحرقة ثم اقتربت من دينا ودموعها تغرق وجهها تسألها 


_ أنتي إزاي عملتي فيا كدة؟ إزاي قدرتي تخونيني وتغدري بيا كدة 


لم تشفق عليها دينا بل ردت في قسوة 


_ أنا معملتش حاجة يا حبيبتي أنتي هترمي بلاكي عليا ، جوزك جه عرض علينا الشقة بيع وشرا وخدناها ورجعلنا حقنا إللي أبوكي سرقه من أبويا زمان و يلا أمشي من هنا متقفيش أدام بيتنا ! 


بكت رنيم أكثر وكاد محمود أن يتعرض لدينا لكن أمه منعته منعًا للشوشرة أو أن ترمي عليهم هذه الفتاة أي بلوى أو تتهمهم بمحاولة التعدي عليها ... 


أخذت إسعاد رنيم في حضنها لتنفجر في البكاء ، ليقف محمود مكبل الأيدي قائلاً بحزن 


_ خلاص ، متزعليش ، مفيش أي حاجة تسوى دموعك 


_ يلا بينا يا خالتي


قالتها رنيم بصوتٍ متقطع من البكاء فأخذتها إسعاد وغادرت .. ووقف محمود هنا .. أمام الشقة التي تقف أمامها دينا في سعادة بالغة ليقول محمود 


_ ورحمة أبويا لأوريكي


 _ كنت وريت الراجل إللي مسح بكرامتك الحتة يا نوغة 


ثم أقفلت بوجهه الباب .. ليقف محمود يغلي كالمراجل ، يدبر لها في عقله مصائب كفيلة بأن تجعلها تتمنى الموت ولا تجده


أما في الداخل قد خافت دينا من تهديد محمود بالفعل لكنها لم تظهر ذلك فهي تعلم ما هي قدراته وما يستطيع أن يفعل ، لتمسك هاتفها بسرعة وتطلب رقم .. ما إن أجاب الرقم حتى شرعت في البكاء قائلة 


_ رنيم جات الشقة ودخلت غصب عني 


اهتاج الآخر ليسأل 


_ وممنعتهاش ليه ؟! 


لتستمر دينا في البكاء 


_ هو أنا عرفت دا جت هي ومحمود وطبعا متحامية فيه ودخلت قفلوا على نفسهم وبعد ساعتين ولا تلاتة طلعت ومعاها شنط أد كدة دخلت وراها لقيتها خدت حجاتها ومشت ووقف محمود يحضنها أدامي من غير أي كسوف ! هو إزاي يعمل كدة ، هو انتوا حصل بينكوا إيه ؟   



فواز شعر بمزيج معقد من المشاعر عندما سمع عن تقرب رنيم من محمود رغم أنه تخلى عنها وأنها أصبحت طليقته ، حيث يرى في تقربهما تحديًا لكرامته الشخصية.


تملك فواز غضب عارم، إذ يشعر بأن حقه قد سلب منه فتجلى هذا الغضب في رغبة عارمة في الانتقام، كنوع من محاولة استعادة سيطرته وكبريائه. ..


غلت الدماء كالحمم في عروقه ليقضم شفتيه ويهتف بصوت قاسي ومتوعد 


_ روحي اعملي بلاغ إنهم اتهجموا على شقتك وسرقوها 


أدركت تلك الخبيثة أنها انتقت كلماتها بعناية وجعلت فواز يفقد عقله ويريد الإنتقام بقوة لكنها استمرت في تمثيل ذلك الدور قائلة 


_ إزاي بس دي مهما كانت بنت عمي أقوم أحبسها 


لكن أتاها صوته الحازم 


_ بقولك أعملي إللي قولتلك عليه ..


_ تحت أمرك يا فواز 


قالتها دينا في رقة وخضوع ، تعلم أنه يعشق أن يُطاع .. وبعد ما أغلقت ارتدت ملابسها ونزلت للقسم التابعه له المنطقة لسجل بلاغاً في رنيم ! 



____


كمية القهر بجد إن فواز عمل إللي أصلا رنيم اتجوزته عشانه في الأول ، يعني ورث وخده ، جرح وجرحها ، حمايتها من أذى عيلة أبوها وهو بنفسه إللي خلاها ضحية ليهم وادالهم شقتها كمان .. وفي الآخر عاوز يسجنها ! 


فصل طويل جداااا .. مستنية آرائكم كلها


6 تعليقات

  1. لا بقي كفايه ظلم وكذب ازاي تخلي الظلم والكذب ينتشر كده بجد كفايه هي معملتش حاجه تساهل كل القهر ده فرحينا شويه بقي😭😭😭❤️
  2. 🥲🥲🥲🥲🥲🥲
  3. 💔💔💔💔💔💔
  4. 😮‍💨😮‍💨😮‍💨😮‍💨😮‍💨
  5. ده كثير 😭😭😭😭😭😭😭
  6. اه يا ظالمين😭😭😭😭😭😭
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.