الفصل الثامن والسبعون من رواية عشق أولاد الزوات

 الفصل الثامن والسبعون من رواية عشق أولاد الزوات 



___________
   الرواية موجودة كاملة للشراء تواصلوا معنا على صفحة الفيسبوك أو التلجرام على هذا الرابط 👈 جروب تلجرام

وفيه عرض الروايتين ب ١٠٠ جنية بدل من ١٤٠ طول الأسبوع الدراسي الأول ❤️❤️❤️❤️ 
__________

_____

_ فواز .. ! 

تلفظت بها رنيم من بين شفتيها بصعوبة ما إن رأت وجهه المصدوم أمامها ، بينما محمود خُطف لونه لكنه بقى مترقبًا لأي حركة محتملة من فواز في ذلك الموقف لكن فواز لم يكن يرى أمامه سوى صورة سوداء قاتمة خالية من النقش إلا بدوائر كدوامات سلبت منه وعيه ...  


_ والله العظيم معملتش حاجة  

بثقلٍ شديدة أقسمت له ، وهي الأخرى لم تكن تعلم أنه لم يكن يسمع ولا يرى أي شيئ في هذه اللحظة ... 

_ فواز 

صاحت بإسمه بينما تراه يجر ساقيه ليخرج ، كان جسدها يرتجف وخافت إن لحقته أن يذداد الأمر سوءًا 

خرج فواز ، تاركًا رنيم خلفه تتبعه بخطوات ثقيلة جدا كأنها تجر أطنان من الثقل بهما .. تريد لحاقه لكنها خائفة من مواجهته فغضبه الذي تعلم أنه إذا أطلقه وصمته الذي جعلها مصدومة مترقبة ذاد الأمر سوءًا... 


تسارعت دقات قلبها، وشعرت بحرقة في حلقها كأنها تبتلع شظايا زجاج. حاولت أن تتكلم، لكن الكلمات خذلتها. كان الحزن والصدمة الناتجان من هول الموقف يضغط على صدرها بثقل لا يطاق، فلم تستطع حتى أن تلتقط أنفاسها. انتابت عينيها غشاوة من الدموع وهي ترى حياتها تنتهي معه ، إنها الآن خائنة في نظره ! ، سرت رعشة باردة في أطرافها. تهاوت قواها، وكأن الأرض انجرفت من تحت قدميها، لتجد نفسها جاثية على الأرض. في تلك اللحظه لم يكن هناك سوى ألم عميق يعتصر قلبها بلا هوادة.


_ رنيم 

صاح محمود ينادي عليها وقد اتسعت عينيه ما إن رأى جسدها يسقط على الأرض ، لكن بلا رد .. لذا أقترب منها بسرعة وحملها طالبًا لها صديقه الطبيب الذي كان قد استعان به منذ أيام قليلة  


فاقت رنيم بعد فترة من الوقت لتجد نفسها بغرفتها وفوق فراشها ... أول ما جال بخاطرها أن ما حدث كان كابوسًا .. حتى أنها نظرت لجسدها ببطىء لتجد أنها ترتدي جلباب واسع فضفاض ... لتتأكد أنها لم ترتدي ذلك الرداء الأحمر الجارح ولم يأتي زوجها للمنزل بعد .. يبدو أنها هلاوس ما بعد المرض ! 

لكنها فجأة وجدت فتاة نحيفة تدخل عليها من بابا الغرفة حاملة بين يديها زجاجة مياة وكيس مليئ بالعلاج 

هنا اتسعت عيني رنيم والنفس الذي أخذته براحة بعدما ظنت أن ما حدث كان كابوسًا ... لتدرك أنها ليست بكابوس حتى أنها اكتشفت انها ترتدي الجلباب فوق ذلك القميص! 

وضعت يدها على فمها من هول الصدمة ووقفت الفتاة أمامها خائفة من انفعالاتها لتبدأ رنيم في البكاء بصوتٍ مرتفع 

_ اهدي بالله عليكي ، الدكتور قال متعيطيش ! 


قالت الفتاة محاولة التخفيف عن رنيم التي كانت تبكي بشكلٍ مخيف ، اقتربت منها الفتاة وراحت لتربت فوق كتفها في تردد لكن رنيم ازاحت يدها بعنف ليدخل هنا محمود من باب الغرفة قائلاً 

_ سيبيها يا هاجر دلوقتي! 

تعلقت عيني هاجر به ، بينما هنا نظرت له في عنف وشراسة وسط دموعها لتقف جارية نحوه تسقط فوق وجهه بكف جعله يُصدم من فعلتها ! 


_ بتضربيني يا رنيم؟ 

سأل في دهشة بينما هاجر أحمر وجهها من الخجل وهي تراه يتلقة صفعة أخرى بقوة شديدة من رنيم التي صرخت فيه بينما تتناثر دموعها 

_ دا أنا هقتلك بإيدي وهوديك في ستين داهية ! أنت السبب ، أنت ازاي عملت فيا كدة !! ليه عملت كدة ليه !!!

كاد محمود أن يجن من تصرفها ليقول _ ليه إيه ، مش دا اتفاقنا !! مش كلمتيني قولتيلي تعالى عوزاك وسبتيلي الباب متوارب!

اهتاجت رنيم ولم تصدق الافتراء الذي تسمعه لتمسكه من تلابيب قميصه في عنف 

_ أنا كلمتك يا كداب يا سافل ، أنا أسيبلك باب بيتي متوارب ! فاكرني معنديش شرف ، أنا ست متجوزة وبحب جوزي 

_ إحنا بقالنا شهر بنتكلم ..

قالها محمود ليصدمها لتعود وتسقط بيدها فوق وجهه مرة أخرى بكف قد ذاده صدمة ، لا يعرف ماذا يحدث معها وكأنها ليست نفس المرأة التي تترجاه أن يأتي ليراها 

_ أخرس يا حقير ، حسبي الله ونعم الوكيل فيك 

ثم عادت تصرخ في انهيار بينما تشير لنفسها 

_ أنا كلمتك .. أنا!!!

كان محمود متجمدًا مكانه ولا يفهم أي شيئ ونكرانها لمحادثتها معه قد ذاده حيرة وضربه إياه وبكائها الهستيري قد جعله يدرك أن هناك أمر خاطئ بالتأكيد 

_ جوزي فين ، فواز فين ... 

اقتربت هاجر بينما ترى رنيم تدور حول نفسها تبحث عن هاتفها بينما تنادي بإسم زوجها 

_ اهدي عشان صحتك ب

وقبل أن تكمل دفعتها رنيم بعنف أرضا لتقع فوق زراعها فتشهق ألماً بينما تصرخ فيهم في غضب وهي ترمي إحدى التحف الموجودة فوق الكمود 

_ أنتوا عصابة ، اطلعوا برا ، برا 

كاد محمود أن يتدخل لكن هاجر اعتدلت بسرعة وسحبته معها للخارج 

_ يلا دلوقتي ، يلا دلوقتي احسن تعمل في نفسها حاجة 

خرج محمود مع هاجر بصعوبة شديدة .. لا يعلم ماذا يفعل .. ولا يعلم ما الذي يدور ويحدث لكنه قد أختار أن يختفي من وجه رنيم في هذا الوقت حتى تهدأ

حاولت رنيم الاتصال به مرارًا وتكرارًا، لكن لم يكن هناك جواب. كانت تشعر بالعجز والضعف، كما لو أن قلبها يتمزق ببطء، ورغم كل محاولاتها اليائسة، لم تجد سوى صمت قاتل من هاتف فواز 

أمسكت هاتفها ثم دقت على فوزي لكن بلا رد .. لتنزف عينيها دموع اليأس والرعب من فقده .. 

حتى فوزي لا يجيب على الهاتف ، هل حكى له فواز ما حدث لذلك هو الآخر قرر مقاطعتها بعدما كان الوحيد الذي يتحدث معها في المنزل ! .. ثم إلى أين ذهب فواز ؟ .. أين ستجده الآن وهي لا تعلم أي شيئ عنه 

فقررت أنها ستذهب لقصرهم ، فبالطبع بعد ظنه أنها قد خانته قد عاد إلى بيته ! .. 

ارتدت ملابس أخرى ، لم تركز حتى فيما ارتدت بالضبط لكنها نزلت بسرعة ومازالت الدموع تغرق وجهها وشعرها غير مهندم 

ما إن وصلت رنيم للبيت وتقدمت من البوابة الأولى الرئيسية حتى أوقفها الحراس لتقول 

_ عاوزة أشوف جوزي 

قال الحارس _ جوزك مين ؟ 

الحارس يعرف رنيم .. ورنيم تعرفه لتقول 

_ أنت هتستعبط فواز جوزي ! 

ليرد الحارس في ثبات _ فواز باشا مانعك من الدخول ! 

وقعت الجملة على قلبها كحجر ثقيل هشمه .. لتنظر إلى البوابة الشاهقة حيث لا ترى ما خلفها ثم سقطت دموعها أمام الحارس متوسلة إياه 

_ أبوس إيدك دخلني ، أنا لازم أدخل لو مدخلتش هتحصل مشكلة كبيرة 

ليعود ويقول الحارس في خشونة_ فواز باشا مشدد .. وقال إنك لو أصريتي نطلبلك البوليس !  

_ انت بتكلمها باحترام كدة ليه؟

تدخل الحارس الآخر ثم نظر لرنيم باحتقار 

_ أمشي يابت من هنا ولو رجلك خطت هنا هنقطعهالك إحنا! 

تلك القسوة والنبرة لم تردعها من توسلهم 

_ طب قولوله ، قولوله إني أنا برا ، بالله عليكوا قولوله إن أنا برة 

دفعها ذلك الحارس بعنف فسقطت على الأرض وارتفع فستانها قليلاً فظهر انشا من ساقها وارتفع ساترها عنها 

ذُهلت من الرد ومن الفعل ! هؤلاء الحراس الذين طالما أحبوها واحترموها حتى من قبل أن يعرفوا أنها زوجة فواز .. الآن يسبوها ويدفعوها ويهددوها بالعنف ! 

____

وقفت سيارة فوزي أمام بيت خالته نرمين لينزل منها متوجهاً نحو المنزل باحثاً بعينه عن فايز الذي ما إن رآه حتى ناداه في لهفة 

_ فوزي 

_ إيه يا فايز في إيه ؟ 

تفاجئ من شكل أخيه ليقول فايز مباشرو 

_ خبط .. رن الجرس .. أدخل جوه 

_ في إيه يابني مالك !! 

_ مفيش وقت ، عشان خاطري يا فوزي

توسل فايز وعينيه الحمراء وجسده البارد جعل فوزي يمسكه من زراعيه ليثبته طالبً ا منه في قوة 

_ احكيلي يا فايز 

خجل فايز ورمشت عينيه عدة مرات وتردد في أن يقول ماحدث لأنه سيذيد صورته تشوهًا في عين أخيه لكن إصرار فوزي الذي ضغط عليه بعينيه المترقبة للإجابة جعله يتلفظ أخيراً 

_ ريم .. شافتني أنا وغادة مع بعض 

انفتحت عيني فوزي من هول ما سمع ثم حكى له فايز ما حدث ورفض ريم لرؤية أطفالها وأمه ليقول فوزي في اشمئزاز 

_ إزاي في إنسانة كدة ! إزاي!

ثم رمى نظرة نفور تجاه أخيه 

_ و مش غلطتها لواحدها ، للأسف غلطتك أنت كمان 

نظر له فايز في تفاجئ بينما يقول فوزي في قوة 

_ أنا مش هقدر أعرض ريم للزعل يا فايز 
 
ليمسك فايز بزراعه راجياً إياه 

_ عشان خاطري يا فوزي ، عشان خاطري أنا عاوز اشرحلها موقفي ، هيام لمحتلي إن ريم هتبعد عني !

حال أخيه كان صعب عليه تحمله لكنه هز رأسه في أسف فهو لا يستطيع أن يجرح ريم أكثر 

_ أنا زعلان على حالك يا فايز ، بس مش هينفع تدخل ولا هينفع اتوسطلك عندها ، أنت أذيتها بما فيه الكفاية 

صمت فايز لحظة ثم قال _ طب أدخل أنت بس ..

_ مش هتقبل تشوفني طالما مقبلتش تشوف ماما

_ ممكن تكون هديت .. كمان جه ذكي ، وهيام دخلته 

تفاحئ فوزي من تواجده _ إيه إللي جابه ؟! 

هز رأسه الذي كاد أن ينفجر من التفكير في تواجد رجل غريب في المنزل في حيرة

 _ معرفش .. معرفش يا فوزي 

لم يستطع فوزي منع فضوله من التواجد خصوصا في المساعدة وعدم قبوله بتواجد.ذكي في الداخل وحده ليحذر فايز قبل أن يتوجه لمدخل الباب 

_ خليك هنا متتحركش 

هز فايز رأسه وظل مكانه ليتجه فوزي للباب .. دق الباب عدة مرات حتى تم فتحه بواسطة ذكي ! ... 

لينصدم ذكي من رؤيته لفوزي ليحمر وجهه من الإحراج قبل أن يسأل فوزي 

_ بتعمل إيه هنا يا ذكي ؟ 

توتر ذكي لكنه في النهاية أجاب بينما مازال يمسك طرف الباب كأنه يستمد منه الدعم والمساندة 

_ هيام .. هيام طلبت إني اجيبلهم شوية حجات 

_ فايز !! 

صرخ فوزي ما إن جرى فايز بسرعة شديدة من بينهما مستغل تركيزهم على حديثهما ليقتحم المنزل غصباً عنهم ويذهب جريا لغرفة ريم وراءه فوزي الذي أراد منعه

كانت نرمين وهيام خارجتين ليتركا ريم ترتاح بعدما تناولت دوائها لينصدما بفايز امامهما لتنذعر نرمين وتصرخ هيام

_ أنت بتعمل إيه يا حيوان أنت مين فتحلك الباب !!!

صرختا ما إن تخطاهما في سرعة لتنادي عليه هيام ونرمين 

_ استنى عندكك 

خبطت نرمين وهيام على الباب لتقول نرمين 

_ افتح الباب يا فايز 

_ افتح الباب وإلا هبلغ عنك

صرخت بها هيام وهي تركل الباب الذي أغلقه فايز ما إن دخل على ريم ليحاول ذكي تهدئة الأمر وتنبيهها بخطورة ما تفعل على أعصاب ريم 

_ استني يا هيام كدة ممكن ترعبي ريم 

هنا التفت له هيام بكامل غضبها محدثة إياه بإحتقار 

_ وأنت مالك أصلا بتدخل ليه ، وبعدين أنت إللي فتحتله الباب ... أنت مفكره بيتك ولا أنت نسيت نفسك ولا إيه !؟


_ ذكي فتحلي الباب مكانش يعرف إن فايز هيدخل ! 

هنا انتبهت نرمين وهيام على وجود فوزي وهذا ما صدم الأخيرة لأنها أدركت فداحة ما فعلت ! 

نظرت هيام لذكي لتجد وجهه محتقن من الإهانة التي صدمته بها بعدما شعرت بالغضب الشديد من دخول فايز الغرفة وإغلاقه الباب عليه وعلى ريم ... 

لم ينظر لها ذكي ورحل في صمت ... وتذكر عندما كاد أن يرحل لكن هيام منعته ليبقى قليلاً لتناول الغداء معهم بطلب من نرمين أمها ليشعر بكرمهم عليه ورغبته الشديدة في مشاركة أحد وجبة الغداء وهو الآن نادم لهذا القرار ونادم لأنه لاح في خاطره أن شيئًا ما كان من الممكن أن يحدث بينهما ... 


_

تفاجئت ريم التي كانت استعدت لتريح عقلها من كلام أختها وأمها اللتان حاولتا أن يخرجا منها أي تفاصيل لكنها رفضت ، ورغم مراعاتهما لها إلا أنها كانت تكره تواجدهما لأنهما يقربان لفايز رغم أنهما أختها وأمها وكما قالت من قبل داخلها أنها حتى باتت تكره نفسها لأنها تخصه ! 

وجدته أمامها... يقف كالمجرم الذي لا ينفعه الندم ... يتأملها في فراشها الواسع بينما هي أشاحت بنظرها عنه .. لم ترد أن تراه .. لم ترد أن تتأمله 

ليُصدم فايز وهو يراها تضع يدها فوق عينها في عنف كأنها تريد اقتلاعهما لأنهما طالعاه
 كانت الغرفة تئن تحت وطأة الحزن الذي ملأها.. قلبها ينبض بشدة، يمتلئ بالندم والألم. شعرت بثقل الحب الذي أغدقته على شخص لم يستحقه، على بطلها الذي خيب ظنها... 

_ ريم ! 

ناداها فايز بصوتٍ متردد خاىف بل مرعوب من ردة فعلها هليه 

حينما سمعت صوته ارتجف قلبها، لكنه لم يكن رجفان الأمل، بل رجفان الذكرى المريرة. اقترب ببطء، محاولاً أن يبرر موقفه ، أن يشرح سوء التفاهم. لكن كلماتها كانت أكثر قوة من سيف حاد

_متقربش ، مش عايزة أشوفك 

غمرها شعور بالغدر والخيانة وهي تتذكر المشهد الذي مزق قلبها. كانت قد فتحت باب غرفتها في تلك الليلة المظلمة، لترى أخرى في أحضانه، تقبله بنفس الشغف الذي كانت تظنه لها وحدها. تلك اللحظة، انكسر شيء في داخلها، شيء لا يمكن إصلاحه.

غطت عينيها بيديها بقوة أكبر، لم تكن تريد أن ترى وجهه، الوجه الذي اعتقدت يوماً أنه كل ما تحتاجه في حياتها. كانت دموعها تنساب بصمت، لكنها كانت تحمل كل الألم، كل الخيبة، كل الحب الذي تحول إلى رماد.

_ مش عايزة تبصيلي يا ريم. ... أنا فايز 

شعرت بقشريرة اشمئزاز تحتلها بينما تسمع صوته 

أدركت في تلك اللحظة أن حبها له كان خطأ، وأنه لا يستحق حتى النظر في عينيها. شعرت وكأن العالم بأسره ينهار من حولها، ولكن في نفس الوقت، شعرت ببداية جديدة، بداية لنفسها، بعيداً عنه.


_ أخرج من حياتي 

 قالتها بصوت مكسور، لكنه كان يحمل قوة قرارها النهائي. لم يعد هناك مكان له في قلبها، لم يعد هناك حب لتعطيه.

في قلبها كان الحزن والغضب يقتتلان بشراسة، وكأنها بركان على وشك الانفجار. والدموع تتساقط من عينيها كنهر لا ينقطع.

أجهش فايز في البكاء بينما يقول 

_ ريم اسمعيني ، انتي فاهمة غلط .. والله العظيم فاهمة غلط 

ذلك الممثل ، المتملك الذي يحسب أن الناس كلها بين يديه ،احتدت معالم وجهها رغم دموعها وبصوت متهدج من الغضب، صرخت وقد أنزلت يدها من فوق عيونها ورفعت عنها الغطاء مقررة مواهجته وصفعه بحقيقته القذرة 

_ إزاي جاتلك الجرءة تيجي هنا ؟ إزاي جاتلك الجرءة تقف أدامي بعد إللي شوفته بتعمله على فى اوضتي ، على سريري يا حقير ! 

 كان صوتها يملأ الغرفة، كصدى يؤلم القلوب. لم يكن لديها أي نية للاستماع إلى تبريراته الواهية.

_ دا أنت كنت قبلها بدقيقة بتقولي عاوز أنام في المكان إللي أنتي فيه ولو هنام على الأرض! دا أنت حسستني إن أنا مهمة عندك ! حسستني إنك اخيرا عرفت قيمتي وقدرت حبي ليك ، جيت وراك الاقيك في اوضتي معاها !!. اوضتي إللي مفيش حد دخلها برجله عشان تفضل ليا أنا وأنت بس !, 

كانت تصرخ ببكاء شديد بينما تقف أمامه وهو لا يستطيع قول أي شيئ ، لكنه مظلوم .. لم ينوي أبدا أن يفعل ذلك 

حاول أن يتقدم نحوها، لكن نظرتها القاسية أوقفته في مكانه

_ متقربش !

صرخت مرة أخرى، ويديها ترتعشان من شدة الغضب. 

_ أنت متستاهلش حتى نظرة من عيني ، خليتني اصدقك ، خليتني أفكر إنك بتحبني وفي خلال دقايق بقى اتصدم إن كل دا كدب ، إزاي قدرت تعمل فيا كدة ؟!! أنت متستحقش إنك تكون إنسان.. متستحقش كل الحب إللي حبيتهولك 

دموعه لم تتوقف عن الهطول بينما يراها تنهار من الغضب ونظرات الكره نحوه تهطل من عينيها ليحازل أن يستجديها بصوتٍ غاية في الضعف 

 _ عشان خاطر ولادنا

_ أنا مش عيزاك أنت وولادك.. خدهم .. خلي مراة ابوهم تربيهم، أنا مش طايقة أي حاجة من ريحتك ، بكرهك وبكرهكم وبكره كل حاجة تخصك يا فايز يا زين الدين ، حتى أسمك مش مستحملة أقوله على لساني 

صرخت فيه بقوة حتى كادت أن تنقطع أحبالها الصوتية ليتفاجئ فايز كما لم يصدم من قبل وهو يراها في هذا الحالة ويرى نهاية حياته في عينيها .. كرهها لأطفاله بسببه ، كرهها له ولأي شيئ يخصه ! ريم التي كانت تعشق كل ما يخصه ، تتحول تماما لتصبح النقيض! 


كانت تتنفس بصعوبة، وقلبها ينبض بسرعة جنونية تحدثت بصوتٍ مبحوح 

._ أخرج من حياتي وطلقني ، لو موصلتليش ورقة طلاقي الاسبوع دا أنا هرفع عليك قضية خلع !

كانت كلماتها الأخيرة كطعنة، تحمل كل الألم والخيانة التي شعرت بها. 

_ إياك تيجي هنا تاني ، مش عاوزة أشوفك ابدا ، مش عاوزة أسمع أي أعذار كدابة وواهية ، أنت ولا حاجة بالنسبالي ، أنت مجرد جرح وخيبة أمل وحاجة هفضل ندمانة طول عمري عليها ! أنت أكبر غلطة في حياتي.

كانت كالوحش الذي تضخم من شدة غضبه ... أرعبته هيئتها حتى تراجع فايز بخطوات بطيئة، مدركاً أن كل كلمة قالتها كانت صحيحة. لقد فقد حبها، وفقد معها كل شيء كان يعتقد أنه يمتلكه... شعر بخروج روحه منه وهو لاول مرة يواجه ذلك الجزء من ريم ، يراها الآن بيمما تكرهه وتحتقره ، تلك التي لم يرى في عينيها سوى العشق والحب والحل والعشق وفقط ! 

 تركها وحدها في الغرفة يمشي بصعوبة شديدة كمن يُزف إلا حتفه ، تغلي بمشاعر الغضب والحزن، لكنها شعرت ببدء قوة جديدة تنبثق من داخلها، قوة ستساعدها على النهوض من جديد، بعيداً عن خيانته وألمه وكل ما فعله .. لكن رغم ذلك الشعور الذي نتج ما إن أفرغت بضع ما عندها فيه .. عادت لتبكي بانهيار وصوت بكاء قطع نياط القلب جعل هيام ونرمين يدخلان لها ما إن فتح فايز الباب في وهن وعيون فارغة وكأنه قد ترك روحه عندها وغادر 

_ مش عايزة حد .. سيبوني لواحدي 

صرخت فيهم ريم ليخرجا على مضض فلا شيئ يفعلاه أمام غضبها وانكسارها .. 


____

عادت تحمل اليأس كأطنان فوق كاهلها... تمشي ببطئ قاتل .. صعدت على سلالم المنزل ونست حتى أن تستخدم وسيلة أخرى 

ما إن وصلت لبابها ومعالم القهر مرتسمة فوق وجهها الباهت حتى وجدته أمامها ... 


محمود .. كان يقف في انتظارها فرغم أنه تركها حتى تهدأ إلا أن عقله لم يرحمه وجاء ليستفسر منها عما قالته له 


_ إحنا لازم نتكلم 

نظرت له رنيم في توعد وحدة قائلة 

_ غور من وشي بدل ما أقسم بالله أصوت وأفضحك 

عينيها كانت متورمة من البكاء ووجهها منتفخ من الألم ليشفق عليها قائلا 

_ رنيم فوقي ، فوقي أنا محمود حبيبك 

هنا انتفضت رنيم تبكي مرة أخرى صارخة بصوتٍ مرتفع 

_ مش حبيبيي ، جوزي بس هو اللي حبيبي ، ليه كدة ، أنا عملتلك إيه ؟ أذيتك في إيه عشان تخربلي بيتي ؟ 

انتبه محمود لوقفتهم وصراخها قد يفضح كل شيئ لكنه رغم ذلك قال في غضب وذهول

_ دا أنتي كنتي بتتمني تسيبيه ومستنية أي فرصة ، الفرصة جتلك من عند ربنا ، أنتي إزاي ناسية 

أرادت قتله في تلك اللحظة لتقول _ ناسية إيه ؟!!! أنا هنزل أبلغ عنك وهخلي جوزي يندمك على كل حرف قولته وكل حاجة عملتها 

_ أنتي مش مصدقاني ! 

أذهب عقلها إصراره فهتفت فيه 

_ أنت مجننون .. مجنووون


_ افتحي الباب وأنا هقولك .. افتحي الباب واوريكي الدليل 

_ مش هدخلك البيت وجوزي مش موجود 

تنهد محمود بينما يراها على عنادها ترفض الإعتراف بعلاقتها السرية معه ليقول 

_ أنتي إللي بعتيلي رسالة قولتلي تعالى حالا .. من رقمك .. مش رقمك آخره ٧٦ بردو !! 

توترت رنيم مما قال ومن أين عرف رقم هاتفها لتحتار ويثير الشك داخلها وقررت فتح الباب بأيدي مرتعشة وما إن دخلا حتى قالت 

_ متقفلش الباب

صدق على كلامها ثم اقترب منها متحفزًا يفتح هاتفه على محادثتهم ويريها كل شيئ بها من أول يوم حدثته فيه 


_ رقم مين دا ؟! دا الواتساب بتاع مين ؟!! 

جلست رنيم فوق الكرسي من الصدمة ووضعن يدها فوق صدرها من هول ما رأت مرددة بلسانٍ ثقيل 

_ مش أنا ، والله العظيم ما أنا ، والله العظيم مش أنا 

نظر لحالها ولصدمتها كأنها لأول مرة ترى هذا الكلام لينظر لها متأملاً حالة الانهيار التي تلبستها بينما تكمل 

_ أنا مكلمتكش ولا أعرف عنك أي حاجة ، والله ما كلمتك ، حرام عليك أنا ست متجوزة ، جوزي لو شاف الحجات دي هيطلقني وأنا ماليش غيره ومقدرش أعيش من غيره ، ابوس إيدك ارحمني ومتعملش فيا كدة 

أشفق على حالها بينما تجلس أمامه بدون حول لها ولا قوة .. تتوسله ودموعها لا تتوقف ليقتري قليلاً مناديا على إسمها بحنان 

_ رنيم !

هزت راسها وصوت بكائها يخرج من بين كلماتها 

_ والله العظيم مش أنا إللي كلمتك ، أنا أموت قبل ما أعمل كدة ، يارب أموت قبل ما أفكر أخون جوزي 


وانهارت مرة أخرى ليتأكد محمود أنها بالفعل لم تفعل ذلك .. وهو قد شكك في البداية أن رنيم ستحدثه بينما هي متزوجة لكن ما همه وقتها أنها ستكون له فقط ليتسائل

_ أمال مين اللي كلمني ، يعني حد مسك تليفونك وكلمني من عليه !! 

ردت رنيم من بين عويلها _ محدش بيمسك تليفوني ، محدش غريب بيدخل بيتي 

فجأة نبضت فكرة في عقل محمود ليهتف 

_ ولا حتى دينا ؟ 

رددت رنيم _ دينا!!  

لم تجد تبرير يدينها بأنها ستفعل ذلك 
 لتقول

_ وهي هتعمل كدة ليه ؟

استغرب محمود سؤالها ليقول _ أنا كنت بعتلك الصور على الوتساب ، مشوفتيهاش؟ 

سألت في جهل_ صور إيه!؟ 

_ صور دينا وجوزك ! 

ماقاله جعلها تطلب تفسيرا في لهفة وعدم فهم لما يدور حولها 

_ إيه إللي جمع بين دينا وفواز ؟ 

جهلها الشديد وأسألتها أكدت له ظنونه ليقول 

_ يبقى هي ، هي وعشان كدة أنتي مشوفتيش الصور ! 

شعرت رنيم بأن الأرض تدور حولها ، تلك الكلمات التي سمعتها ورفض فواز رؤيتها وضرب الحارس لها واحتقارهم لها جعلها تمسك رأسها في تعب 

_ أنا ، أنا تعبانة ، أنا مش فاهمة أي حاجة 

ابتلع محمود مافي حلقه ، وشعر بالإحباط الشديد بأنها لا تحبه وأنها لم تكن هي المتواصلة معه ليقول 

_ أنا هفهمك كل حاجة ، أنا عايزك تهدي و

ردت عليه مقاطعة_ أنا مش واثقة فيك ، مش يمكن أنت إللي عامل كل دا

شعر بالألم الشديد من عدم ثقتها به ، بالألم الشديد بعدما كان لديه أمل أنها تحبه وأنها ستصبح له .. ليكتشف أن كل ذلك كان وهمًا فقط 

_ لازم تثقي فيا وتعرفي إني آخر حاجة ممكن اعملها إني أسوء سمعتك أو أعرضك للموقف إللي حصل أدام جوزك .. أنا كنت متفق معاكي إنك تطلقي بعدين تبقي ليا ، ودا بعد ما حكيتيلي أد إيه حياتك معاه عذاب ! 


نظرت له في ألم تشير لنفسها بينما تتسائل كالمجنونة 

_ أنا حياتي معاه عذاب ! أنا قولت كدة عن جوزي ! 

ثم أكملت بدموع توالت حتى أغرقت عنقها 

_ دا أنا مبحبش في حياتي أده. ، دا أنا حياتي كلها ليه وعشانه ، دا أنا بموت في اللحظة إللي بيبعد فيها عني 

تأمل حالها في قهر ، فإذا كانت هي مقهورة مرة فهو مقهور ومحبط ألف مرة بينما يخسرها للمرة الثانية ، بينما يرى حزنها على زوجها ، بينما يرى أنها يمكن أن تفقد حياتها من أجل ذلك الرجل ، لكنه رغم كل ذلك لم يهن عليه خداعها وقرر أن يفعل شيئ صحيح لصالحها مرة بعدما تأكد من عشقها له قائلاً 

_ أنا هحكيلك .. هحكيلك كل حاجة ..  


نهاية الفصل ❤️❤️
________________


إرسال تعليق

الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.