الفصل الثمانون من رواية عشق أولاد الزوات
💢تحذير الفصل فيه ع..ن..ف وقسوة💢 !
____
صدمت رنيم من هول ما رأت ، فهي ترى فواز قد عاد بجبروت كارثي ، أبشع مما كان عليه ، لم تترك نفسها للتفكير أكثر ونزلت بسرعة لتحاول أن تفك ما يحدث
وجدت امرأة عجوزة مع بنت صغيرة تعرفت عليها رنيم إنها هذه الفتاة النحيفة التي رأتها ما إن استفاقت من غفوتها ...
لتعلم بعدها رنيم أن هذه المرأة هي أمه لأنها تنوح عليه وتناديه بإبني وتستنجد بالناس أن يتدخلوا أو يطلبوا الشرطة
لتشعر رنيم بالأسف عليها فلا الشرطة ولا أي أحد يستطيع إيقاف فواز باشا عما يريد
نادت رنيم بحرقة على فواز بعدما منعها رجاله من الإقتراب من محمود وفواز .. لتنادي عليه بصوت مرتفع
_ فواز
هنا اشتدت عروق فواز أكثر ورمى محمود الذي ينزف أرضًا واحتك فكيه ببعضهما ثم التف لتقع عينه عليها ، بعد ثلاثة أيام من الصمت ها هو هنا ينتقم منهما وهي هي تبكي على عشيقها تناجي فواز بعيون باكية
_ سيبه يا فواز عشان خاطري
لم يبدي ردة فعل سوى النظر إليها في صمت لتبكي رنيم بينما تدافع عن محمود بعدما أشفقت على حالته
_ حرام عليك ، هو مالوش دعوة
_ خدوها على العربية ..
جملة واحدة قاسية خرجت من بين شفتيه لتنفتح على إثرها عيني رنيم متفاجئة من ردة فعله لتنادي كأنها تريد أن تتأكد أن من يقف أمامها هو فواز ليس غيره
_ فواز !
_ خدوها
حرك رأسه مشيرًا لرجاله تحت صدمة رنيم ، ليمسك بها رجاله بعنف ويأخذوها على السيارة بينما هي تصيح وتنادي بإسمه
_ فواز
لم يعطها إهتمام بل ترك رجاله يلمسوها ويحملوها بهذا الشكل المهين ليضعوها في السيارة لينسيه اعتقاده أنها خانته أنها حبيبته وزوجته وأنه لم يكن يطيق أن يمسها أحد ولو عن طريق الخطأ
_ أنا قولتلك إني هقتلك ..
قالها في عنف لمحمود بعدما سحبه من الأرض ، كانت رقبة محمود متهاوية تتحرك يمينا ويسارا في عدم توازن ووجهه مليئ بالدماء ، تشرست عيني فواز بالكره الشدبد والحقد بينما يتوعد لما سيفعله فيه
_ بس الموت رحمة للي هعمله فيك
ثم سحبه فواز ليرميه على أحد رجاله ليأخذوه ويلقوه داخل شنطة إحدى السيارات ، نظر فواز للحارة ومن فيها باشمئزاز وقرف واضح ثم توجه لسيارته لاعنا الأيام التي قضاها هنا وسطهم ، لاعنًا نفسه التي سمحت أن يُهان وأن يصبر على ظروف من أجل رخيصة عديمة الشرف لا ترتقي حتى لتصبح خادمة له .
ولكنه قبل أن يرحل وقف ينظر الى تلك الفتاة التي ما ان انشغل رجاله بمحمود جرت عليهم محاولة ضربهم ، لتلمع عينيه ثم يأمر بأخذها بينما هي تقاوم
_ سيبوه ، عاوزين منه ايه حرام عليكوا
وام محمود تبكي وتصرخ على ابنها وعلى الفتاة التي تعتبرها كابنتها وسط سكوت وخوف اهل الحارة من التدخل ولإدراكهم ان محمود محطئ لأنه فد تعدى على حرمة فواز عدة مرات وبالنسبة لهم هو يحصل على جزاءه
__________
_ ريم حبيبتي ، ردي عليا وكلميني
قالتها نرمين التي جلست بجانب رنيم محاولة ان تخرج منها اي كلمات لكن ريم لا ترد ولا تتفاعل بل ظلت ثابتة الملامح وساكنة الحركة
حتى عيونها باردة هاربة منها الحياة ، شعرت نرمين بالأسى والإحباط لتحاول مرة أخرى قائلة
_ ولادك برا يا ريم .. جايين تاني وعاوزين يشوفوكي
لم يرف لها جفن وبقت على حالها لتحاول نرمين أن تحنن قلبها عليهم
_ أنتي أمهم ياريم .. حرام عليكي ولادك شكلهم يقطع القلب
_ خلي أبوهم يربيهم .
كان رد ريم صادمًا .. لتستنكر أمها أسلوبها وطريقتها قائلة
_ حرام عليكوا إللي بتعملوه في ولادكوا دا .. إزاي مش حاسين بيهم .. عمالين تحدفوهم على بعض ، فوزية بتقولي إنه مش بيشوفهم ، وأنتي مش عاوزة تشوفيهم
ورغم كل ما قالت إلا أن ريم قالت في قسوة
_ ولاده وهو حر فيهم ..
شعرت نرمين أن من أمامها ليست ابنتها الحنونة العاقلة، أنها أخرى لا تهتم بأي شيئ ، اقتربت منها محاولة ألا تقسوا عليها ومتمسكة بهدوئها وثباتها قائلة
_ طيب قوليلي إيه إللي حصل عشان أعرف أساعدك
نظرت لها هذه المرة بعيون حادة وبنبرة عدوانية هتفت بأمها
_ أنا مش عاجزة عشان حد يساعدني ولو سمحتي أخرجي وسيبيني لواحدي
انفتحت عينين نرمين في ذهول ، وكان ريم قد تبدلت ... انحبست الكلمات بين شفتيها فلا يوجد أي شيئ ستقوله سيجعل الأمر أفضل...
تركتها نرمين وهي مصدومة وحزينة وغير قادرة على فعل أي شيئ لتساعدها أو حتى لتجعلها ترى أطفالها التي تعلقت الدموع بعيونهم يريدون رؤية أمهم بأي شكل ...
_____
داخل المخزن المظلم المليء بالصناديق والخردة، كان محمود جالسًا على كرسي مكسور، وجهه متورم من الضرب لكن عينيه ما زالتا تعكسان قوة داخلية. بالكاد يستطيع الرؤية بسبب الضرب الذي تعرض له. رجال فواز يقفون في الخلفية بأسلحة نارية، وحالة من التوتر تسود المكان .
اقترب فواز منه بابتسامة ساخرة، وكأنه يستمتع برؤية محمود في هذا الوضع.
_إزيك يا محمود؟ مرتاح ؟
لم يكن صوت محمود يتجاوز الهمس المتألم، لكنه لم يكن خائفًا.
_عايز إيه مني، يا فواز؟
لم يرد فواز إلا بابتسامة أكبر، وكأنه يخطط لكل خطوة بعناية... ابتسامة حملت داخلها حقد وكره غير معقول ، لقد اختارته رنيم لتخونه معه .. لقد تخلت عنه من أجل ذلك الحقير ، ذلك الحقير الذي انتهك حرمته وأصاب رجولته في مقتل ... لكنه لم يكن إلا خبيثًا وبدأ بالدوران حول محمود قائلاً
_ أنا ضربتك ، علمت عليك وسط رجالتك وأهلك وولاد منطقتك ، من الآخر أنا فشختك ! .. بس لسة عايز حاجه ..
اقترب من محمود قليلاً ثم فرد زراعه ليضع بها أحد رجاله عدة أوراق ليقول فواز بعيون ثاقبة وهو يتابع محمود الذي وقع في حالة ضعف رهيبة منعته حتى من سند نفسه في الجلوس
_عايز منك حاجة بسيطة جدًا. توقع على الورق ده .
محمود بينما يحاول النظر إلى الأوراق
_ مش عارف أشوف كويس
ابتسم فواز في سخرية قائلاً
_ دا إللي شاغلك ! إنك تشوف كويس .. متقلقش أنا هشرحلك كل حاجة ، أمضي هنا ، وهنا ، وكمان هنا .. بس كدة !
تناول القلم من احدى رجالة وجلس على كرسي أمام محمود ثم تحولت ملامحه من السخرية إلى أخرى حادة بينما يمسك القلم وبيده الأوراق يقربهم من محمود
_ امضي
رأى محمود ما في الأوراق ، بعيون نصف مغلقة ليطول في تلك العلمية ليهتف فيه فواز مرة أخرى في عنف بينما يضع القلم بيده بالغصب
_ امضي !
_ اقتلني أحسن
قالها محمود بعدما عرف ما في الأوراق لينظر له فواز قائلاً
_ لأ مش هقتلك .. هسجنك وبفضيحة !
ترقب محمود لما سيقوله فواز ليكمل قائلاً
_ بالأدلة إللي عندي ، أقدر أرفع عليها قضية زنا معاك !
نظر له محمود في اشمئزاز .. شعر بالقرف تجاهه لأنه سيفعل هذا في زوجته ليقول
_ أنت هتعمل في مراتك كدة !
انخفض صوت فواز مقتربا من محمود ضاغطًا على أسنانه بدافع الحقد والكره
_ قصدك الخاينة إللي خانتني أنا ، فواز زين الدين ، معاك ! ..
_ طب ما ذوقها حلو أهو
تلفظ بها محمود فنزل فواز بكف يده الغليظ بصفعة قاسية ومهينة على صدغه ليتهاوى على إثرها جسده ويسحب الكرسي المكبل به ويقع لترتطم رأسه بالأرض ، بينما فواز تتضخم ملامح وجهه ويتهيج تنفسه بعدما قال ذلك القذر ...
ثم وقف ليضع قدمه فوق عنق محمود قائلاً
_ مكانك هنا .. تحت رجل فواز باشا زين الدين يا حقير .. أنتو شبه بعض ، كان لازم أعرف إنها تستاهل واحد زبالة شبهك
لم يستطع محمود التحدث بسبب خنق فواز له بشكل مهين للغاية ليذداد ضغط فواز على عنقه بينما يشدد الضغط على أسنانه وكأنه يريد أن يخنقه ويزهق روحه تحت قدمه لكنه على آخر لحظة تماسك وابتعد قائلاً بنبرة متسلية
_ في طريقي بقى شوفت قطة صغيرة كدة .. جبتها معايا !
أستغرب محمود الذي كان يتألم بشدة مما قاله فواز لكنه فجأة انفتحت عينيه على آخرهما وهو يرى رجل ضخم مكبل هاجر يدخل بها وعلى معالم وجهها كل معالم الرعب والخوف
وقفت هاجر. أمام محمود وخلفها فواز الذي مسكها من كتفيها في خبث قائلاً بينما يمسح جسد هاجر التي وقفت مرتعدة بين يديه بعينيه
_ متقلقش هي مش ذوقي .. بس لو عجبت حد من رجالتي أنا مش همانع ! وكله بالحلال هيتجوزها طبعا !
تقدم فواز أكثر، أمسك بذقن محمود بقوة وجعله ينظر مباشرة في عينيه.
_قدامك اختيارين يا تمضي وتخرج من هنا سليم وتاخد القطة معاك
ثم رجع مرة أخرى واضعا زراعه على خصر هاجر قائلا في بساطة
_ يا ترفض وتتحمل العواقب.
_ شيل ايدك من عليها
صرخ بها محمود الذي حاول أن يفك نفسه وجسده من هذا القيد ، اهتاج من شدة الغضب ونفرت عروقه أكثر بعد ما رأى هاجر تبطي في صمت وتلك اللاصقة على فمها تمنعها من الحديث والخوف يمنعها من الحركة
اقترب منه فواز للغاية ونزل لمستواه ثمنظر لعيناه في حسرة امتزجت بالسخرية المريرة بينما يقول
_ طب مانت بتغير أهو وعندك نخوة ، أمال ليه بصيت على إللي في ايد غيرك وخليتها تخون راجلها ؟
ثبتت عين محمود في عين فواز في هذه اللحظة .. ولأول مرة يرى فيهما الألم الخالص ، يرى رجل عاشق يتألم من جرح الخيانة ، يرى رجل قوي صاحب سلطة تهدم أمام حبه لزوجته التي ثبت في النهاية أنها تخونه ... ليدرك محمود الخطأ الفادح الذي ارتكبه ، فقد أخبره زين الدين أن فواز يريد أن يتمتع برنيم ثم سيرميها ، لذا حرص محمود على ملاحقة رنيم رغم علمه أنها متزوجة ! لكنه الآن يرى رجل مثله تهشم ويكاد أن يقضي عليه ألم الخيانة والفراق .
قال محمود في إذعان أخيرًا
_ همضي .. بس عاوزك تسمعني
عدل رجال فواز كرسي محمود وسحبوا هاجر لتخرج
_ هتمضي بس .
قالها فواز بينما يدك القلم بيد محمود ويضع أمامه الأوراق
لم يكن محمود ضعيفًا ، لكنه كان يعرف أنه في موقف لا يسمح بالمقاومة. بلع بصعوبة ونظر للورقة .. المكتوب فيها صعب للغاية لا يستطيع احتماله .. لكنه يعلم أنه يستحق هذا
ثم نظر محمود حوله بحثاً عن مخرج، لكنه يدرك أنه محاصر. ببطء، يمد يده المرتعشة نحو الورقة وبدأ في التوقيع عليها واحدة تلو الأخرى ودموعه متعلقة داخل عينيه فهو يفعل أكثر شيئ مؤلم في حياته ، إن فواز بهذا الفعل قد هدمه تماماً وقضى عليه وعاقبه بأبشع طريقة
كان مشاهدة محمود بينما ينهي التوقيع ويسقط القلم من يده في ضعف ، مشهد في غاية الإثارة بالنسبه لفواز ، كم شعر بالتلذذ وهو يراه هكذا ضعيف والوهن يسيطر عليه
_ قولتلك إلا أنا .
قالها فواز في ثقة ثم أخذ الأوراق ، تفحصها بدقة ورقة وراء الأخرى، ثم ابتسم.
_ برافو، يا محمود. دلوقتي ممكن أفكر نسيبك تروح.
اقترب محمود من الانهيار، لكنه تماسك ثم طلب
_ سيب هاجر ورنيم يروحوا
لم يحتمل فواز خوف محمود على رنيم ومطالبته بأن تعود إلى بيتها ... فضربه لكمة قوية جعلت محمود يشعر أنه سيفقد الوعي
وبإشارة من فواز، تحرك رجاله وسحبوا محمود خارج المخزن.
ثم وقف هو مكانه...يشعر بالغضب يتفاقم لا يقل ، رغم أنه يمسك بين يديه شيئ قد قضى به على محمود .. لكن مازالت الحقيقة هي الحقيقة ، زوجته رنيم خانته !
_____
في زاوية مظلمة من المخزن البارد، كانت رنيم تجلس على الأرضية المتسخة، تحيط بها جدران معدنية صدئة تعكس الظلال الباهتة للضوء الخافت المنبعث من المصباح العلوي المتأرجح. كانت تشعر بالبرودة تتسلل إلى عظامها، ولكن برودة قلب فواز كانت أشد إيلامًا. عيناها الواسعتان، المتورمتان من البكاء، تراقبان الباب المغلق بقلق وخوف.
رنيم، برأسها الملتف بين ذراعيها، لم تستطع أن تمنع الدموع من الانهمار. كانت تشعر بالضياع والعجز أمام عنف زوجها. قلبها المثقل بالحب له لم يعد يقوى على تحمل المزيد من الألم.
انها رأته يجعل رجاله يلمسوها ويدخلوها في سيارتهم بعنف حتى انها لم تأتي هنا معه ، لقد تخلى عنها ويبدو عليه أنه قد صدق كل شيئ دون أن يسمعها
فجأة، انفتح الباب بعنف، وظهر فواز بخطوات ثقيلة وصوت عالٍ يملأ الفراغ القاتل بالصدى. عيناه كانتا جمرتين مشتعليتين بالغضب والشك.
فواز بصوت قاسي وجاف_ اهلا بالرخيصة كلبة الفلوس ، أهلا بالخاينة !
جرت رنيم نحوه في لهفة شديدة .. ترتعش أمامه متوسلة إياه أن يسمعها
_ فواز اسمعني بالله عليك
لم تستطع أن تقترب للغاية من فواز فهي كانت خائفة من غضبه ومن ردة فعله ، ليقف فواز أمامها ينظر لها دون حديث بينما تكمل هي
_ أنا مخونتكش ، إزاي تفكر إني ممكن أعمل كدة
تراجع فواز عدة خطوات لتقول رنيم وصمته اعطاها أمل أن تكمل
_ والله عمري ، أنا أتمنى أموت قبل ما أعمل كدة
لم تلاحظ عيني رنيم المترغرغة من الدموع يدين فواز التس امتدت إلى حزامه بعدما خلع عنه جاكت بدلته السوداء التي اختارها خصيصاً ليذكرها ويذكر الجميع من هو فواز باشا.
_ دا هو دخل البيت عندي وأنا بقيس فستان جديد كانت دينا جيباه ومكونتش أعرف إنه جاي ولما أنت دخلت أنا اترعبت معرفتش أقولك إيه ، بس
انتبهت رنيم لفواز الذي بدأ في لف حزامه فوق يديه فهتفت من بين شفتيها في تفاجئ
_ فواز
تابع الإقتراب منها وعينيه الغائمة التي تحولت إلى لونها الأزرق القاتم جعلت رنيم تسأل في رعب
_ أنت بتعمل إيه !
لم يجيبها وتابع اقترابه فقالت رنيم بصوت مبحوح وخائف بينما تراه فك حزام ويباشر في خلع قميصه
_ فواز، أرجوك ، لازم تصدقني ... أنا مخونتكش أبدا دا كله سوء تفاهم والله العظيم
لكن كلماتها لم تصل إلى قلبه المتحجر. ببرود قاتل، اقترب منها ورفع يده بلا تردد، ثم انزلها بقوة على وجهها. صرخت رنيم من الألم، وشعرت بالدماء الساخنة تنزف من شفتيها المتشققتين.
فواز بصوت ملؤه السخرية والغضب
_ كدابة .. أنا هخليكي تندمي على كل لحظة فكرتي فيها إنك قادرة تخدعيني وتخونيني !
صفحة أخرى تلقتها رنيم جعلتها تسقط على الأرض الصلبة لترتطم بها .. شعرت بأنها ستغيب عن الوعي لتخرج منها صرخة عنيفة ما إن وجدته يسقط بحزامه فوق جسدها !
حاولت رنيم الهروب لكنها لم تستطع فشدها فواز من قدمها هادراً
_ رايحة فين ، عايزة تهربي يا وسخة ؟
لم تستطع الإجابة فقد كانت تعلم أن غضبه ليس له أي رجعة وبالفعل تأكدت حينما شق عنها ما كانت ترتديه لتباشر في الصراخ والتوسل فقد لاح في خاطرها مايريد فعله ، تريد أن تجعله يستيقظ بأي شكل من غفوته قبل فوات الأوان
_ متعملش كدة يا فواز ، اسمعني ، اسمعني قبل ما تعمل كدةة ، اسمعنى ابوس ايدك والله العظيم مخونتكش مخونتكش
_ مخونتنيش مع واحد بس ، خونتيني مع كتير ، أنتي إللي اغريتي هادي ! أنتي إللي اغريتي كل الرجالة إللي حاولوا يقربوا منك
قالها فواز بعيون غائبة عن الواقع لا يرى إلا انتقامه ومشهدها وهي مع رجل آخر في الغرفة التي نام فيها ..
اقترب منها ليعري جسدها بالكامل .. بكت رنيم بقوة تنادي عليه وتتوسله ليقف أمامها ويدفعها عنه بحذاءه في قرف
_ مش طايق أقرب من لحمك الرخيص ، مش طايق ألمسك ، أنا حتى مش عارف كام راجل لمسك غيري ! كام مرة خونتيني
هزت رنيم رأسها في بكاء وحسرة شديدتين لتبتلع دموعها وتختنق بها ولا تستطيع أن تدافع عن نفسها بالكلمات
_ بس أنا هطهرك من الزنا .. هطهرك من قذارتك ...
ليعتدل بظهره الشامخ والقوي ويرفع حزامه عاليًا ثم يسقط به فوق جسدها ليخط به خط أحمر يدل على مدى حدة الالتهاب والضرر الذي ألحقه بجلدها !
ومع أول جلدة وأول صرخة منها ... استمر فواز كالمجنون يضربها ، يضربها بعنف ، يضربها بجنون كأنه فقد السيطرة على نفسه مطلقًا لروحه العنان أن تعاقبها بقسوة وحدة غير متناهية ... يودع فيها ألم خيانتها له .. يودع فيها حبه الذي أحبه لها وخانته هي في النهاية ، خداعها له ..
أما رنيم كانت تشعر بكسرة روحها في كل ضربة. الألم الجسدي كان شديدًا، لكن الألم النفسي كان أشد وأعمق. شعرت بأنها تسقط في هاوية لا قرار لها، حيث لا رحمة ولا أمل. تذكرت لحظات حبهم الأول وأيام السعادة التي قضوها معًا، وكيف تحولت تلك الذكريات إلى أشباح تطاردها في ظلام هذا المخزن.
كانت تبكي بصمت، ليس فقط من الألم، بل من الحزن العميق على الرجل الذي أحبته والذي أصبح الآن وحشًا يعذبها بلا رحمة. شعرت بالخيانة مرتين: مرة من زوجها الذي لم يصدق براءتها، ومرة من قلبها الذي لا يزال ينبض بحبه رغم كل شيء.
رنيم بصوت ضعيف ومكسور وفواز مستمر في جلدها بحزامه الصلب على كل منطقة تطاله من جسدها
_ فواز... أنت بتقتنلي !
لم يستمع لها فواز بل أستمر فيما يفعل ، صرخت رنيم بعدما لم تعد تحتمل كبت شعورها بالألم الكبير ، تلوت تحته تحاول الهروب من صفعاته ولدعات حزامه التي قطعت جسدها ... توسلته أن يتوقف
_ عشان خاطري خلاص والله العظيم ماخونتك .. أبوس إيدك خلاص..
صرخ فواز بصوت عالي شق جدران المخزن
_ خلاص ايه ، خلاص ايه يا زبالة يا رخيصة ، أنا إللي غلطان إني نصفتك ، أنا اللي غلطان إني عشان جاموسة زيك ضحيت بهيام وبفلوسي ... في الآخر تخونيني ، تخونيني أنا ، مين المفروض يخون مين !!
ثم مال عليها يمسك ذقنها في عنف شديد ويصيح في وجهها
_ بقى أنتي يا زبالة ، تخونيني أنا !!
ثم رمى وجهه ليرتد بالأرض وتشعر أن فكها قد شُرخ من ضربته وفواز مستمر في احتقارها ومعايرتها
_ دا أنتي مفكيش ريحة الجمال .. مفكيش أي حاجة حلوة ، كنتي تحمدي ربنا إني بصيتلك واتجوزتك ، دا أنا كنت أعمى يوم ما اتجوزتك ، أعمى وحمار وغبي
ثم وقف صارخًا بملامح شديدة التألم والاحتقار لها لأنها خانته ولنفسه أنه قد وقع في فخها
_ كنت غبي
صرخت رنيم ما إن نزل هذه المرة بتوكة الحزام على جسدها حتى شعرت بسيلان دماء من فخذها الذي انفتح بسبب تلك الضربة بقوة وسالت منه الدماء بسرعة ..
بعد دقائق طويلة من الضرب والصرخ ، تعرق جسد فواز بالكامل وتهدلت شعيراته ومعالم وجهه أصبحت مخيفة وجاحظة من الغضب وشهوة الإنتقام ..
تأمل رنيم ليجدها كالجثة الهامدة .. تنزف من عدة أماكن .. جسدها يرتعد ويرتعش ويهتز .. لكنه لم يشعر بأي شفقة عليها ..
جذب قميصه وبدلته ليخرج .. لكنه سمع صوت منخفض ومتألم وكأنها جثة تتحدث قائلة
_ كل ضربة منك قتلت جزء مني ، كل كلمة ، كل كلمة كسرت قلبي .لو دا إللي أنت عاوزه .. كمل ، بس أعرف حاجة واحدة بس ، إنك ظلمتني ، وان قلبي إللي حبك مش هتلاقي فيه أي حب ليك من النهاردة ، مش هتلاقي الست إللي حبتك ، ولا هتلاقي ضلها !
فواز توقف للحظة وكأن كلماتها التي خرجت مختلطة بدماءها جعلته مترددًا، لكنه لم يلتفت إليها. خرج من الغرفة وأغلق الباب بعنف وراءه، تاركًا رنيم وحدها في ظلام المخزن ، تنزف دمًا من قلبها وجسدها ، تتخبط في بحر من الإنكار ، كأنها لا تعرف هل ما حدث حقيقي أم زيارة للجحيم !
________________