الفصل الخامس والأربعون من رواية عشق أولاد الزوات
كان سؤال أخيه الحاسم لينظر فواز أرضًا في تيه لكنه هز كتفيه مجيبًا
_ معرفش ، كل إللي أنا أعرفه إني لما اتحطيت في موقف أختار فيه رنيم ولا الفلوس ، اختارتها هي
رفع فوزي حاجبه بثقة قائلاً _ يبقى مش مستعد تخسر رنيم .. رنيم أهم من الفلوس والجاه
هز فواز رأسه عدة مرات ولا أحد يفهم ما يشعر به
_ أنت فاهمني غلط يا فوزي ، الموضوع مكانش خسارة الفلوس بس ، دا فوق كل دا أنا خسرت حب بابا وعلاقتنا مع بعض، أنا مفتقد كلامنا وقعدتنا سوا أوي وفخره بيا طول الوقت ، وحتى ماما مش مسموحلي اشوفها !
ثم هتف في تأمل _ يعني لو ماما وبابا قبلوا رنيم ... كانت كل مشاكلي اتحلت ، بالذات بابا ، عنده كره للخدم مش طبيعي وعمره ما هيقبلهم .. دا خسر إبنه بسبب حقده عليهم
وضع فوزي يده فوق يد أخيه قائلاً _ أنت عمرك ما هتخسر حب بابا ، وبابا بعد عمر طويل لما هيموت ، هيموت وهو بيحبك أكتر واحد فينا ، وحتى ماما كل يوم بتسألني عنك رغم أنها زعلانة من إللي عملته في هيام .. ولو عاوز تقابلها قولي وأنا اخليكم تشوفوا بعض
قال في لهفة _ عاوز أشوفها طبعا
غمزه أخيه الأصغر مبتسمًا _ خلاص اعتبره حصل
بعد صمت للحظات قال فواز _ أنا عاوز أعتذرلها واتكلم معاها
_ هي مين ؟
_هيام !
صُدم فوزي في البداية لكنه .. لكنه كان يعلم أن هيام تستحق اعتذار وتوضيح عما حدث ، فما عاشته لم يكن سهلاً
... اتفق فوزي مع أخيه فواز على ما يريد فعله ثم أخذه وذهبا لبيت هيام وهنا طلب الأخ الأكبر من أخيه الأصغر أن ينتظره خارجًا وسيدخل هو وبالفعل توجه فواز للباب ودقه عدة مرات حتى بالنهاية فتحت خالته مكتفة يديها أعلى صدرها في تحفز ليشعر بالتوتر لأول مرة أمامها قائلاً
_ أنا .. جيت علشان هيام
طالعته باشمئزاز لأول مرة بحياتها ثم سألت بثقل وقد بدت تكظم غيظها عنه
_ عاوز منها إيه تاني ؟
قال فواز _ عاوز اعتذرلها وأشرحلها إللي حصل
رفعت خالته رأسها في تكبر ورفض _ وهيام مش عاوزة تشوفك ولا عاوزة تسمع حاجة
طالعها فواز في ذنب شديد ... هو يعلم أنه المخطئ ، لكن ماذا يفعل لقلبه الذي لم يحب هيام ؟!
_ خالتي ! .. سامحيني
ابتسمت بقهر ثم لم تستطع تمثيل البرود هادرة به ورغم صوتها المنخفض كانت كلماته تضربه بقوة
_ عمري ما هسامحك على كسرة نفس بنتي ، لا أنت ولا أخوك الندل التاني إللي دمر بيته وولاده .. عمري ما اتخيلت انكوا تعملوا كدة .. دا أنا آمنت على بناتي وقولت مجوزاهم لولاد خالتهم وعمرهم ما ينجرحوا ولا يزعلوا .. تقوموا تعملوا كدة
لم يجد الكلمات المناسبة ليتحدث بها ويعبر عن موقفه
_ خالتي أنا آسف ، بس أنا
أوقفته عن الكلام بحدة _ متجيش تاني ، مش طايقة أسمع منك كلمة واحدة .
ثم أغلقت بوجهه الباب ... لأول مرة بحياته تتم معاملته بهذا الشكل المهين ولأول مرة بحياته تقف خالته بكل قوة تتكبر عليه وترفض وجوده في منزلها ! ...... ومع ذلك لم يذيده هذا إلا شعورًا بالذنب فالألم الذي سببه لهم بدى عميقًا وكبيرًا للغاية
تحرك فواز ليخبر أخيه فوزي بما حدث ، وقد واساه أخاه ثم عرض عليه عمل ، أن يصبح مفتش على الحسابات وأن يشارك بخبرته في أي قسم في الشركة والتوكيل .. ليوافق فواز فهو بحاجة ماسة للعمل والمال وقد رفض استخدام بطاقات أخيه البنكية وحتى السيارة قد تركها ولم يأخذ منها شيئ ، هو بالحقيقة لم يذهب من الأساس للبيت الذي طلب منه أخيه
أن يذهب إليه .. ولهذا كان فواز يخرج كثيرًا ويتأخر على رنيم في المنزل ..
وبعد فترة علمت هيام من فوزي أن فواز قد ذهب ليعتذر لها لكن خالته طردته لتقرر هيام الخروج من قوقعتها والذهاب لذلك الوقح .. يقتلها ويغرز سكينًا في كرامتها. ويدعسها. تحت اقدامه ثم يأتي ليطلب السماح! ... أخذت عنوانه موهمة فوزي أنها ستذهب لتسمع التفسير منه شخصيًا لكنها طبعا لم تفعل ذلك.. بل كانت نيتها خبيثة وهي ذل فواز ورنيم تماما كما فعلت اليوم ! ..
أطفئ فواز سيجارته وقد فاق من تذكر احداث ما حدث معه هذه الأيام ثم أشعل سيجارة أخرى والبرد يلفح صدره العاري دون مبالاة منه فهمه الذي بداخله يكفيه وذيادة
الوسيم يدخن بشراهه في الشرفة ! قالتها دينا اابنة عم رنيم التي كانت تراقب فواز زوجها شاردًا وعاريًا .. لم تمنع نفسها بل شجعتها جرئتها ووقاحتها بالمعنى الأصح إن تنادي عليه بصوتها الملون قائلة
_ مش خايف تبرد ولا تاخد برد ...
رفع جاجبه متفاجئًا بتلك التي ظهرت بملابس نوم غير ساترة من الشرفة المقابلة
سحب فواز نفسًا من سيجارته وعينيه مصوبتين عليها وعلى ما ترتديه لتلاحظ ذلك وتعود لتقول محاولة فتح حوارًا معه
_ دا الجو تلج ..
_ وانتي مش خايفة ؟
حرك عينيه على جسدها العاري من أسفل قميصها الخفيف يسألها بينما يشير بحاجبه
_ لأ ..
أتاه ردها بإبتسامة متلاعبة ليبتسم فواز قائلاً بمغزى
_ يبقى متعودة
نفت سريعًا _ لا دي أول مرة ، شوفتك واقف شكلك زعلان ومهموم قولت أشوف مالك ، الجيران لبعضيها بردو
عضت شفتيها بإيحاء ثم قالت _ وأنت بالذات تهمني أوي
ضيق فواز عيناه فحركاتها خبيثة للغاية لتلاحظ هي ذلك وتحاول تصحيح موقفها قائلة
_ أصلك جوز الغالية ..
لم يظهر على وجهه التفاعل لتفسر _أنت مش عارفني ؟ .. أنا بنت عم رنيم ، بس أنا وانت عمرنا ما اتقابلنا لكن أنا عرفاك وبسمع عنك كتيررر ومن زمان
صمت قليلا ً حتى فقدت الأمل في أن يرد لتجده يرفع سيجارته نحو شفتيه وهو تبتلع هي ريقها فمظهره هذا يحرك الحجر ... لتردد
_ دا إحنا عمرنا ما شوفنا رجالة كدة...
ثم كادت أن يسقط فكها من شدة فتنته لكنه أنقذها من هيامها به هاتفًا
_ إحنا اتقابلنا في الأسنسير ..
اتسعت ابتسامتها وتلاعبت بخصلات شعرها
_ مانت فاكر أهو ..
ثم تبادلا النظرات ولم يدري فواز على نفسه في تلك اللحظة .. فاتنة امامك واضح ما تريده وضوح الشمس ، وأنت لست يوسف لتقاومها .. فما النتيجة إن لم تغض بصرك عنها منذ البداية برأيك ؟
_ بتكلم مين ...
خرجا فورًا من تبادل النظرات ذاك على صوت تلك الزوجة المسكينة التي استيقظت لتوها من النوم .. اختفت دينا خلف الشرفة ورد فواز سريعًا
_ مبكلمش حد يا حبيبتي
كانت رنيم قد وصلت له للتو بينما ترتدي قميص أبيض من الستان وتدعك عينيها من آثار النوم وشفتيها ممدوتتان للأمام ببراءة شديدة
_ قومت من جنبي ليه .. أنا زعلانة منك
ثم ضمته بقوة ولم يقدر على مقاومة رقتها وأنوثتها الطاغية ليضع رأسها فوق صدره وأحاطها بزراعيه ليشعر بها ترجف ويدب القلق قلبه سائلاً في دهشة
_ انتي بتترعشي يا رنيم !!!
كانت اجابتها عليه دموع سقطت على جلده ليهتف في قلق
_ بتعيطي ؟؟
ضمها بقوة شديدة ومد يده يمسح دموعها التي لا يريد أن يراها أبدًا بينما يحميها بين زراعيه القويتين
_ طيب تعالي ندخل جوا الجو برد عليكي
هزت رأسها رفضًا متمسكة به
_ لأ عشان خاطري خليني عاوزة أشم هوا حاسة نفسي هتخنق
اذداد القلق في قلب فواز .. هل سمعت شيئًا من حديثه مع تلك الفتاة ؟ ... لكن لفظها لجملة أنها ستختنق جعلته ينسى كل شي ئ ويهتف في خوف مشددًا من ضمها
_ بعيد الشر عنك من الخنقة يا حبيبتي
تمسكت به أكثر تبكي كالطفلة بينما مال بجسده قليلا ً للخلف وقد حسبت أنه سيبتعد عنها
_ متسبنيش يا فوز
قبل جبينها مغمضًا عينيه وحالتها تلك لم تذيده إلا رفقًا بها بينما يتناول إحدى الأقمشة
_ هجيب شال بس
وأحضر شالاً من الصوف ثم وضعه على كتفه وبعدها ضم رنيم وخبأها داخل صدره محاوطها بذلك الشال ليسمعها تهمس وشفتيها تلامس موضع قلبه فضمها إليه أكثر وقد غلفهما شعورًا لم يعهده يوما إلا معها
_ شوفت كابوس وحش أوي ، كأنه كان حقيقة ، قلبي وجعني كأن إللي حصل كان حقيقي مش حلم
كشر وجهه ثم ربت على ظهرها يطمئنها بصوته العميق الهادئ
_ بس يا حبيبتي... خلاص عشان خاطري متعيطيش ... أنا هنا أهو
شهقت بينما تدعو وتترجاه _ يآرب تفضل هنا علطول ومتمشيش وتسيبني زي ما حصل في الحلم .. أوعى تمشي وتسيبني
رفع وجهه له ثم نظر داخل عينيها بقوة وفكرة أن يتركها كانت كفيلة بجعل قلبه يدق بقوة شديدة قبل أن يميل على شفتيها الناعمة يقبلها هامسًا أمامها
_ مش هسيبك أبدًا
منذ قليل كان يفكر في أن الحب لم يجلب له سوى المتاعب والضيق ، لكن ما إن رأى معشوقته تقف أمامه .. نسى كل شيئ ولم يدقق إلا في حلاوة المشاعر التي يشعر بها جانبها .. ويبدو أن كلام هيام لم يجعل رنيم تنام في سلام وأصبحت تحلم أن فواز يتركها ويرحل ! .. تلك الفتاة لديها هوس بزوجها ، لو تركها ستموت لا محالة !
ضم فواز رنيم بينما تركها تلهث من شدة وطول قبلته وأغمض عينيه لكنه فجأة نظر تجاه الشرفة المقابلة ليجد تلك الفتاة تقف وتراقبهما من خلفها لكنها تبادلت النظرات معه .. نظرات جعلت فواز يهتز قليلاً .. تلك الفتاة ماكرة وخبيثة تعرف كيف تلعب على أوتار الرجال الحساسة .. أيعود فواز لطينته وحبه بأن يكون السلطان وحوله الحواري يتهافتن عليه أم أنه سيقاوم ذلك الإغراء الواضح ويكتفي برنيم ؟
_______
_ أقبل طلب الصداقة ..
رسالة أتته على الخاص ففتحها ليجدها تلك الفتاة التي كان بحدثها منذ ليلتين في الشرفة ليقبل طلب الصداقة بعد ساعة من إرسال رسالتها ... حتى لا تختال بنفسها وتحسب أنه ملهوف عليها ...
بعد دقائق من قبوله طلب الصداقة جائته إحدى الرسائل على تطبيق الماسنجر ليفتحها ويجد إحدى الرسائل التي أرسلتها تقول
_ صورك على الفيسبوك تهبل على فكرة ..
شبح ابتسامة ظهر على شفتيه بينما يرسل لها ردًا واثقًا من كلمة واحدة
_ عارف .
ابتسمت دينا بإعجاب شديد على الجهه الأخرى قبل أن تعود لتقول
_ لقيتك قافل التعليقات على كل البوستات قولت ابعتلك هنا ، مانت جوز أختي بردو ولازم نشجعك
ثم ارسلت له عدة ملصقات ضاحكة وكأنها ألقت نكتة لكنه شعر بالضيق عند تذكره السبب الذي أغلق من أجله جميع التعليقات على صفحته الشخصية ... فهو لم يستطع مواجهة العالم بعد إعلان زواجه من الخادمة...
لكن استوقفه سؤالاً آخر فصفحته الشخصية من الصعب جدا الوصول إليها ...
_ لقيتي الصفحة إزاي ؟
جائه ردها وكأنها كانت منتظرة السؤال وحضرت له الإجابة سابقًا
_ رنيم كانت قالتلنا عليها عشان نتعرف عليك ونبقى عيلة كلنا مع بعض كدة ..وانت عارف أحلى حاجة في الدنيا هي العيلة ولمة العيلة
استشعر خبث حديثها وتلاعبها بالكلمات ليبتسم ويبدو أنه سيخوض لعبة مسلية للغاية ! ... ويبدو أيضًا أنه بدأ يتناسى أمر زوجته
كانت رنيم قادمة من خلفه تراقب ابتساماته التي ظهرت بينما ينظر للهاتف لتشعر بشيئ غير طبيعي يحدث فتقدمت نحوه هاتفة
_ كل يوم تنزل وتغيب عليا
لم تجد ردًا ومازال مشغولاً بهاتفه مستغرقًا بتلك المحادثه والغريب أنه لم يعطي لرنيم أي اهتمام
توترت ملامحها ورفعت نفسها قليلا علها ترى ما يفعل لكنها كانت حركة ساذجة وواهية فهي تجلس على الأريكة التي بمقابله وبينهما مسافة ..
بدأت أعصابها تهتاج بينما تسأل_ زهقان من قعدتي ؟
رد بهدوءه المميت _ زهقان من قعدة البيت
لم يرفع عينه من فوق الهاتف حتى !! .. هدرت به بينما تأهبت للعراك معه
_ لأ أنت زهقان مني
لم يبالي وهذا ما جعلها تفقد عقلها تهتف في غيظ شديد بينما تفرك وتتحرق من الغيرة
_ طبعًا الأول كان عندك اتنين تزهق من دي تروح تترمي في حضن دي إنما دلوقتي طبعا زهقان
رفع عينيه في ملل _ بلاش كلام غبي
هدرت به وقد جنت من استهزاءه بها
_ مش غبي دي الحقيقة وكلمني زي ما بكلمك أنت عمرك كا استخفيت ولا استهزءت بهيام زي ما بتعمل معايا كدة
ومرة أخرى لما يعطي لها بالاً لتهدر
_ انت مش مالي عينك واحدة بس يا فواز وعاوز اكتر واكتر ..
لم يروق له الحديث لذا لم يتحرك قيد أنمله لكن الأمر لم يكن ذاته عند رنيم التي اتجهت نحوه بسرعة وعلى حين غفلة صرخت به وقد فاض كيلها
_ هات الزفت دا
التقفت منه الهاتف لتنظر به لتجده مغلق فرمته على الأرض في عنف ليحمر وجه فواز غضبًا ورغم رعبها من هيئته إلا أنها أخرجت شكوكها في جرأة
_ بتكلم مين كل شوية على التليفون ، رسايل إيه اللي بتبعتها لحد
_________________________________-
اللي عاوز يشتري الرواية وينزله فصول طول الأسبوع يقدريكلمنا على تلجرام او الانستجرام او الفيسبوك ونبعتله التفاصيل