الفصل الثالث والأربعون من رواية عشق أولاد الزوات
صباح كان كئيبًا على أطفالها بينما رفضوا أن يرتدوا ملابس المدرسة وجلسوا أمامها على طاولة الإفطار في المطبخ رافضين الذهاب لتحاول إيجاد أي كذبة تداري بها عن فعلة أبيهم الموحشة فتنهدت وأطفالها ينتظرون منها تبريرًا ...
_بابي مجاش عشان سبب مهم أوي ... خوفنا على زعلكم وقلقكم عليه
لم يقاطعها أولادها بينما تكمل
_ بابي تعبان أوي واتنقل المستشفى
وضعوا أياديهم على أفواههم من الصدمة لتشعر ريم بالندم على كذبها لكن ماذا عساها أن تفعل عكس ذلك حتى لا تجعل أطفالها يحزنون من أبيهم ...
_ إحنا عارفين أنه عنده شغل وكان مضغوط أوي الفترة إللي فاتت وهو مسافر من غيرنا فاحنا وحشناه أوي ونفسيته كمان اتأثرت ، أنتوا كمان عارفين إن بابي عنده الضغط صح ؟
هزوا رؤوسهم موافقين لتقول في أسى
_الضغط بتاعه علي عليه بسبب الإرهاق وللأسف هو اتنقل للمستشفى ومقدرناش أنا أو وهو نقولكم عشان متخافوش
سأل عمر والدموع في عينيه _ ليه يا مامي كدة مقولتيش
أما رقية فقد بكت بالفعل بينما تقول _ يا حبيبي يا بابي أنا عاوزة أشوفه واتطمن عليه
هنا ياسين سأل في لهفة وقلق شديدين _ ينفع نروح له يا مامي أنا خايف عليه خالص
شتمت نفسها وشتمت فايز على جعل أطفاله يبكون في أول يوم دراسي لهم ولعنت تلك الساعة التي قررت أن تكذب عليهم فيها تلك الكذبة ولكنها الوحيدة التي ستبرر عملة أبيهم الشنيعة ...
سارعت ريم بالقول _ لأ لأ هو بقى كويس الحمدلله وكلمني الصبح وقالي إني لازم أحط من البرفيوم إللي هو بيستخدمه علطول علشان تحسوا إنه معاكم وهو مكانش عوزاكم تزعلوا أبدًا .. بس للأسف الوقت أتأخر وهو لسة تعبان ميقدرش يرجع النهاردة ..
هزت رأسها في أسف تكمل تلك القصة التي اخترعتها ..
_هو قالي أنه مش هيعرف ييجي ... ممكن نعذر بابي عشان مكانش في ايده إللي حصل وكان قدر من ربنا لازم نرضى بيه
ردد أبنائها كلمات تعبر عن الرضا كما علمتهم والدتهم سابقًا
_ راضيين بقضاء ربنا يا مامي .. الحمدلله
ثم قالوا في حزن _ بس بابي زعلانين عليه أوي
أضافت رقية _ أوي أوي يا مامي بليز عاوزين نكلمه
ضمتها ريم في حضنها وابتسمت قبل أن تقبل جبينها تطمئنها
_ أول ما اليوم الدراسي ينتهي هنكلمه علطول .. بس يارب يكون صاحي اتفقنا
قال ياسين _ اتفقنا يا مامي أكيد
ليعود ويقول ابنها عمر _ بس أول ما نخرج علطول
قالها عمر لتؤكد والدته على كلامه _ طبعا
قال ياسين _ وعد يا مامي ؟
_ وعد يا ياسين
هزت رأسها بينما تعرف كم هو صعب أن تتواصل مع فايز لكن ما باليد حيلة ، لابد أن ترفع من معنوياتهم حتى يذهبوا للمدرسة
ذهب أطفالها وسعادتهم باللبس ثم تحضير طعامهم في فرحة قد ارتسمت على وجوهم وهي تريهم رسائل قد صنعتها هي بنفسها في الوقت الذي يستحمون به واخبرتهم أنها اتتها هذا الصباح من والدهم ليضحكوا وتدخل السعادة لقلوبهم ...
توجهت بهم للمدرسة ورفضت أن يوصلهم الباص وما إن وصلوا حتى تأمل أطفالها وهي جميع أولياء الأمور وهم يأتون أزواجًا .. الأب والأم الإثنين معًا يصاحبون أطفالهم ... كادت دمعة ريم أن تسقط وهي تشاهد ذلك الزوج يقبل رأس زوجته ويضع يده في خصرها بينما يلوحان لأطفالهما وهما يدخلان من الممرات المؤدية للفصول .. لقد سرق منها فايز ذلك الشعور ! ...
هتف عمر في غيرة وحزن _ نفسي بابي كان يبقى معانا
رد ياسين _ خلاص يا عمر بابي تعبان
قالت رقية في حزن _ بس يا ياسين هو لو كان موجود كنا هنفرح أوي
ليربت على وجنتيها في رقة _ايوة معاكوا حق ، بس دا قضاء ربنا مش إحنا قولنا إننا رضينا بيه وندعي لبابي بالشفا
هزا إخوته رأسيهما موافقينه على كلامه ليبتسم لهم بينما قالت ريم في حب
_ شطار أوي .. أنا فخورة بيكواا
ابتسم أولادها في سعادة وثقة فتلك الجملة كانت لها تأثير قوي عليهم وتعزز من احترامهم وتقديرهم لذواتهم ..
بعدها كانوا قد مشوا حتى دخلت ريم بهم حيث ممر الفصول ليطلب منها الأولاد أن تتوقف وأن تفعل مثلما يفعل أولياء الأمور الباقين
_ خلاص يامامي
قالت ريم مداعبة _ أنتوا مش عاوزني أدخل معاكم لحد جوا
ثم أوقفتهم وركزت على قدميها أمامهم ونظرت لهم وكأنها ترى حياتها بهم وقالت وبعينيها الدمع من شدة تأثير اللحظة بها
_ دا أهم يوم في حياتي .. استنيته طول العمر ... أنا هوصلكم لحد الفصل بتاعكم ولو طولت أقعد معاكم طول النهار زي ضلكوا كنت هعملها
ضحك اطفالها في سعادة وجروا لحضنها لتفتح زراعيها على آخرهما وتحتضنهم بقوة، ليست قوة عادية بل قوة نتجت من القهر ، قهر اللحظة السعيدة التي دمرها فايز ، كانت تستمد الدعم منهم وهم لا يعلمون ، تستنشق رائحتهم لتذكر نفسها أن الحياة مازل بها أشياء جميلة تتمثل في أطفالها الثلاث القابعين داخل أحضانها
بعد دقائق كانت ريم تودع أطفالها على باب الفضل بينما تقبلهم وتخبرهم كم تحبهم ليبادولها الحب بالحب
_ بنحبك اوي يامامي ...هتوحشينا لحد ما نرجع
دخلوا للفصل بينما تلوح لهم ثم خرجت من الممر الموجود به فصلهم .. وفجأة وضعت يدها على فمها كأنها تكتم شيئًا لتجد الحمام أمام عينها وبسرعة كالبرق تنطلق تجاهه لتدخل فيه وما إن أغلقت الباب حتى لم تترك دمعة في عينيها لم تسقطها .. بكت بقوة وبشدة كبيرة حتى ارتفع صوتها يخترق الجدران .. ما هذا القهر الذي تجرعته .. كيف يفعل هذا بهاا .. كيف هان على قلبه .. ألهذه الدرجة أصبح ينساها هي وأطفالهم
بكاء مرير لم تستطع انهاءه .. لقد أضاع حلمهما .. لقد أضاع حلمها هي خصيصًا .. منذ كانت صغيرة وهي تحلم باليوم الذي تذهب فيه معه يصطحبان أطفالهما لأول يوم بالمدرسة ...
يمسكان يد بعضهما وييتسمان من شدة السعادة على ما وصلا له وهم يرون إنجازات حياتهما الزوجية ... لقد أضاع هذا كله !
_ ليه يا فايز كدة ...
قالتها في حزن قطع نياط قلبها وتلك الرقة قد بدت على يديها التي بدأت في الارتعاش من شدة القهر ... لكنها لن تتركه ينفذ هكذا بفعلته تلك
رفعت ريم الهاتف بصعوبة بسبب ارتعاشها ثم طلبت رقم فايز .. لن تكبر رأسها هذه المرة وستعاتبه على قهره لأطفاله ونكره لوعده لهم
بعد خمسة دقائق أنزلت الهاتف من على أذنها بينما تلك كانت المرة الرابعة التي ترن عليه بها ولا تجد رد ! ...
سقط منها الهاتف وهي تستوعب الصدمة التي حلت عليها .. لا تستطيع الاستيعاب أن هذا حدث ! ...
دخلت عاملة النظافة فجأة لتحاول ريم لملمة شتاتها ثم حملت هاتفها من الأرض وخرجت ومازالت تشهق من شدة البكاء والعاملة تطالعها بإستغراب وفضول شديدين
استطاعت أن تخرج من المدرسة رغم أنها لم تكن ترى أي شيئ من كثرة الدموع وستر الله أنها لم تقع في طريقها للخروج
_ مدام ريم .. مدام ريم مالك ..
صوت قلق لاحقها يسألها عن حالتها المزرية فلم تكتم دموعها ولم ترى حتى من يحدثها ولم تكتشف هويته وتابعت سيرها حتى سيارتها لكنها تعثرت فوقعت ليجري إليها هذا الشخص محاولاً مساعدتها هاتفًا ...
_ تعالي معايا متسوقيش وانتي في حالتك دي .. مالك يا مدام ريم .. حضرتك تعبانة من حاجة ؟
قاومته لكنه أمسك زراعها حتى يساعدها على الوقوف هاتفًا
_ تعالي لو سمحتي ..
ما إن وقفت حتى بدأت تلاحظ موقفها وأن رجلا غريبا قد أمسك زراعها وساعدها على الوقف لتهدر فيه بعنف كمن لدغتها حية
_ابعد عني
رفع يديه الإثنين عاليا قائلاً حتى يهدئها
_ أنا بعيد .. بعيد أهو بس ارجوك اهدي
صمتت ولم يسمع سوى أنفاسها الهائجة ليعود ويقول في تأثر
_ مش عاوز أي حاجة والله أنا بس مش هقدر أشوفك في الحالة دي وأسيبك وامشي
سألت بعنفوان وقد تأكد هنا أن هذا ليس وضعها الطبيعي أبدا وهناك صدمة أو كارثة ما حلت على رأسها
_ أنت مين أصلا ؟؟!
كان صوته هادئًا مشفقًا يحس على الراحة بينما يجيب
_ أنا غدي .. مش فكراني ؟
لم تعطي أي ردة فعل ليذيذ من التوضيح _ إحنا اتقابلنا قبل كدة في معرض الكتاب إللي فات .. صاحبة حضرتك هنى أنا المحرر في القسم اللي هي نشرت فيها روايتها الأولى ... لو متضايقة من وجودي وعوزاني أتصل بيها تيجي أنا هعمل كدة حالاً
رفعت يديها وبدأت في إزالة دموعها وقد بدأت في الهدوء قليلا بعدما عرفت هويته ثم قالت وهي تنظر أرضًا فكفاه إلى هذا الحد لقد رأى ما يكفي من ضعفها وانهيارها
_ لأ مش لازم .. أنا بقيت كويسة خلاص .. شكرًا
ثم تحركت لتمشي ليوقفها بسؤاله القلق
_ طيب اتطمن عليكي إزاي ..
لم ترد وتابعت مسح دموعها ليتجرء غدي عارضًا
_ أنا ممكن أوصلك يا ريم
يعرض عليها أن يوصلها بل ويناديها ريم بدون ألقاب ، اذداد غضبها غضب على غضب وهتفت فيه بنفور
_ متتخطاش حدودك
ثم ذهبت دون أن تنتظر رد وتعلقت عينيه هو بها وحدث نفسه وهو يراها تركب سيارتها وترحل بينما رفضها للإختلاط به للمرة الثانية يدفع رغبته بها أكثر
_ مش هتخطاها يا ريم ... مع إني نفسي أقربلك !
_______
كعادته منذ ما يقارب الشهر .. وحيدًا في المنزل ويعمل وحده في الورشة بعدما فشل في إستعادة العمال فالأجر الذي يتقاضونه غير كافي والعمل ليس متوفر طوال الوقت لذا تكفل هو بالورشة حتى لا يصبح عاطلاً وهو أيضًا كان يارى أن العمل مرضي جدا وليس بهذا السوء لكن العمال يريدون أجرًا أعلى وعدد ساعات أقل وهذا استغلال بالنسبة له ...
لكن هذا مالم يكن يشعره بالوحدة .. بل الوحدة الحقيقية هي في غيابهما .. غياب ريهام وغادة..وخصوصًا غادة ! التي لازمته ولازمها في كل خطوة بحياته .. لقد كانت روحه وأمله وشمسه وحتى النجوم والقمر في سماء ليله ..
تنهد في حزن ثم خلع قميصه لتظهر عضلات صدره ويتصبب منه العرق وهو يضرب بأحد المطارق الحديدية بقوة عله يفض بها غيظه وغضبه ويرتاح لكن الحركة للأسف أثرت على ظهره وهو عاند وأكمل فألمه النفسي فاق كثيرًا وجع ظهره الذي لم يحتمل حدة المجهود ولم يتعافى كليًا بعد ...
استمع لصوت سيارة تركن بجانب الورشة لينظر تجاه الباب وقبل أن يخرج وجد جميلة بجينز أسود وجاكت جلد من نفس اللون وشعر يميل للبني بل به خصلات حمراء خلابة تقف أمامه بقوامها الممشوق ، اندهش من قدومها فهي آخر ما توقع أن يراها هنا !
رغم دهشته إلا أنه سأل في اقتضاب فلم ينسى لها فعلتها به عندما كان في المشفى
_ إيه جابك ؟
خجلت لأنه كان يقف أمامها عاري الصدر بجسده الذهبي وشعره المبعثر وكم شعرت بالسخرية لإعجابها بهذا المنظر !! ... ثم تسائلت كيف لغادة سارقة الرجال أن تترك ذلك الوسيم الذي يعشقها !؟
استيقظت من غفوتها التي لم تطل إلا للحظات ثم قالت
_ جاية أصلح إللي بوظته المرة إللي فاتت .. أنا آسفة يا ذكي ..
ضيق عينيه مصدومًا من فعلتها بينما هي ابتسمت رافعة حاجبها في ثقة مرددة
_ مش ذكي بردو ؟
وعند هذه النقطة ... لم يستطع ذكي منع ابتسامته لسبب ما مجهول له هو نفسه ... لكن ما لم يستطع جهله هو أن هذه الإبتسامة ستجر ورائها الكثير والكثير من الأحداث ! ...
______
انتهي بارتنا النهاردة😻✌️🔥اللي عاوز يتشري الرواية يكلمنا على التلجرام او الانستجرام
الناس إللي بتكره فايز تيجي شماال .. والناس إللي بتكره غادة تيجي شمال بردو .. انتوا مفكرني هقولكوا روحوا يمين ولا ايه 😏
الناس إللي بتحب ريم وعيطت معاهااا تيجي يمين.. طبعا ريم لازم تكون في اليمين 😭💔
تفتكروا فايز لما يصحى ويعرف أنه ضيع اليوم إللي بيستان طول عمره هيعمل إيه؟! ..
خلي بالكوا فايز كان نفسه يروح بس المرة دي مش غلطته فعلا هو مراحش بفعل فاعل للأسف واحدة كدة شيطانة حطتله منوم 🌝🥲
أنا بتوقع فواز يرجع هيام .. هل تتوقعوا ؟!
عاوزين آراء وتوقعااااتتتتت بقى وكدةةةةة ويلا نشعللها 😈😈✨
#عشق أولاد الذوات