الفصل العاشر من رواية نيران الغيرة

 الفصل العاشر من رواية نيران الغيرة 


البارت_العاشر

#نيران_الغيرة (عشق و امتلاك)

#بقلمي_نرمين_السعيد (برنسيسN)

قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «بشروا ولا تنفروا يسروا ولا تعسروا».

________________#بقلم_برنسيسN

                 "إني أحسن الظن بربي"

               

وصل حسن إلى شقه حمد، و الذى أخبره عنها من قبل ذهابه لخطبة آمنة ،طرق الباب ما هى إلا لحظاتٍ، وفتح حمد وتعجب من رؤية حسن وسأله:

_أنت هنا بتعمل إيه؟!


مد حسن يده وأزاحه من طريقه، دخل و وقف يتطلع إلى الشقة وقعت عينبه على غرفة النوم المفتوح بابها فابتسم، ثم ألتفت إلى حمد، الذي أغلق الباب وظل ينظر له منتظرًا إجابة على سؤاله، ولكنه سأل بدلًا أن يجيب سأله وقال:

_أشمعنة الأوضة دي اللي فرشتها الأول؟


رفع حمد إحدي حاجبيه و تنهد بضيقٍ و قال:

_عشان من زمان نفسي أوضتي تكون كده، بنفس الترتيب والذوق ده، بس مكنش بإيدي الاختيار زي كل حاجة في حياتي، وبالنسبة لباقي الشقة فأنا سايب الاختيار فيها لآمنة هي تختار اللي تحبه لأنها تقعد فيها أكثر مني ومش حابب أوصلها الإحساس اللي عشته طول عمري وأخليها مجبورة وتستسلم لفكرة أن هى مالهاش رأي ولازم تقبل بالموجود وبس، أنا مش عاوز كده أنا عايزها تشاركني كل حاجة وحتى لو طلبت تغير كل حاجة في الأوضة هغير، بس بردو أشاركها الاختيار.


ضحك حسن و هو يقول:

_إيه يا عم كل ده، مكنش سؤال وبعدين هي مش رفضتك؟ لسه معلق نفسك بيها ليه؟ واحد غيرك بعد اللي قالته قدامنا وقدام أهلها يمسحها من حياته .


تبسم حمد و هو يرفع يده و يحك رأسه و يقول بحرج:

_ده لو واحد غيري بقى، وأنا مش غيري، أنا حمد الباسل وهي آمنة، البنت الوحيدةاللي حبيتها وهفضل متمسك بيها، ولسه في أمل طول ما أنا وهي عايشين يبقى لسه في أمل، عندي يقين بالله أن الجاى خير أنا بس أعمل اللى عليا و أترك الأمر لله، ولا أنت إيه رأيك أن المفروض استسلم؟


تحدث حسن بجدية وهو يحرك رأسه برفض:

_أنا قولت رأيي من البداية، دي حياتك ومحدش له رأي فيها غيرك، المهم اللي عاوز يقعد يقعد فين طبعًا مش هتدخلني أوضة نومك؟


حرك حمد رأسه بإيجاب، تحرك نحو الغرفة دخلها لحظات وخرج ومعه عباءته وعمامته ثم أغلق الباب وقال:

_يلا بينا نشوف أي مطعم قريب نقعد و نتعشى، أنا مكلتش من إمبارح.


لم يرد حسن، ولكنه فتح باب الشقة وخرج لحق به حمد بعد إغلاق الشقة، هبط مع أخيه و أثناء هبوطهم قابلهم الحاج عبد المقصود.


تبسم حمد وعرفهم ببعضهما:

_حضرته الحاج عبد المقصود صاحب البيت، وده يا حاج حسن، أخويا ضابط طيار في الجيش.


تصافح الاثنين تحدث عبد المقصود ورحب بحسن قائلًا  :

_ده إيه ده النور ده، والله العمارة نورت يا ابني.


رد حسن بابتسامة وقال:

_تسلم يا حاج الله يخليك العمارة منورة بأهلها وسكانها.


قال عبد المقصود بابتسامة:

_الله يباركلك ده من أصلك وذوقك يا طيب.


نظر الحاج عبد المقصود إلى حمد وقال:

_وأخذ حضرة الضابط ورايح على فين، مش هتمشوا قبل ما تتعشوا معنا، الحاجة زمانها محضرة العشاء يلا قدامي.


كاد حمد أن يرد ولكن قاطعه حسن واعتذر:

_معلش أعفينا المرادي علشان مستعجلين ولازم نرجع البلد، تتعوض مرة ثانية إن شاء الله.


تحدث الحاج عبد المقصود بمزاح وقال:

_الله جرى إيه أنت بخيل ولا إيه يا حضرة الضابط، خايف تأكل عندنا وتضطر ترد العزومة.


ضحك حسن وقال:

_حضرتك تيجي على دماغنا لو ما شالتكش الأرض نشيلك جوه عنينا، أعملها بس وتعالى .


ربت الحاج عبد المقصود على كتفي وهو يقول:

_سيماهم على وجوههم، أحنا معاشرين حمد أديلنا مدة وبصراحة ونعم الرجال ومن أول ما رجله خطت بيتنا وأنا اعتبرته زى ابنى.


قال حمد بابتسامة:

_تشكر يا حاج ده من ذوقك، يلا نستأذن إحنا، ومتنساش تسلملي على الحاجة وقولها ما تقلقش المره الجاية هجي و معايا العروسة.


رفع الحاج عبد المقصود يدعيه هو دعى:

_ربك يقرب البعيد ويجبر بخاطرك ويجمعك بيها في الحلال، وأنت كمان ربنا يرزقك بعروسة وتحصل أخوك.


ضحك حسن:

_لا عروسة إيه، أنا متجوز وعندي حمد الصغير و وحيد جاي في الطريق.


تحدث الحاج عبدالمقصود بمرح:

_اللهم بارك ربنا يقومهالك بالسلامة، أنا ربنا ما رزقنيش بالعيال وما خلفتش بس بفرح لما ألقي أب فرحان بعياله، يلا مش هعطلكم عشان ما تتأخرش على المدام والكتكوت الصغير.


تبسم الأخين وقاموا بتوديعه، ثم أكملا هبوطهم، صعد كل منهم إلى سيارته، كانت سيارة حمد بالأمان وتسير خلفها سيارة حسن، توقف حمد أمام إحدى المطاعم وهبط من سيارته، فعل حسن مثله ، وتوقف وترجل من سيارته،  دخلوا مطعم وجلسوا بإحدى الطاولات بجوار النافذة المطلة على الشارع العمومي، جاء إليهم نادل المطعم أخذ منه حمد قائمة الطعام و أخبره بما يريد ثم نظر إلى حسن وقال:

_ها أبو علي ساكت ليه ما تقولها تأكل إيه.


حرك حسن رأسه بلا ثم قال:

_لا مش عاوز، روح هتزعل لو أكلت بره ،وهي قايلة ومؤكدة عليا أنها مش هتتعشى غير معايا. 


حركه حمد رأسه بإيجاب وأعطي القائمة للنادل الذى غادر ليحضر الطلب، نظر حمد للمطر وهو يتساقط على زجاج النافذة ،  ابتسم ونظر إلى حسن وقال دون مقدمات:

_بتحبها بجد ولا جابر نفسك عليها؟


فهم حسن مقصده أنه يسأله عن روح فقال دون أي تردد:

_طبعًا بحبها، روح طيبة .


اعتدل حمد في جلسته و قال:

_أنا عارف أنها طيبة ، وطبعها غير بدور، بس كزوجة بردو مش مناسبة ليك.


ضحك حسن و هو يقول:

_مين قال إن روح مش مناسبة تكون زوجه ليا؟ بالعكس أنا مش شايف واحدة غيرها كانت تنفع تكون مراتي، لو قصدك على التعليم، فهي فعلًا مش متعلمة زيي، بس ده مكنش بإيديها هي كان نفسها تتعلم،  وبعدين الحب ما بيفرقش بين متعلمة أو لا ما أنت أهوه متجوز واحدة مش متعلمة بس بتعرف تفك الخط ومع ذلك روحت حبيت واحدة ممكن يكون أخرها تكتب اسمها وتقراه ويمكن لا، هل ده هيغير نظرتك أو مشاعرك تجاه آمنة؟


تحدث حمد ونفى سريعًا:

_لا طبعًا بس آمنة عندها حاجات أنا محتاجها فعلًا بعيد عن الشهادات، زي طيبتها، تلقائيتها ،إنسانة بجد عندها مشاعر وبتقدر اللي قدامها، والدليل تفضيلها لخدمة أمها وأنها تقعد من غير جواز عشانها، قلبها أبيض مش إنسانية مفكرتش في نفسها بالعكس، فكرت في راحة أهلها حتى لو على حساب راحتها، وحاجات ثانية كثير أكيد هكتشفها بعدين، بس ده أول انطباع أخدته عنها أنها مش أنانية وجدعة وطيبة وبتصون العيش والملح وبيطمر فيها، لو حصل نصيب إن شاء الله أنا معاها هكون مطمئن إني لما أكبر هي اللى هتتحملني وهتشلني، غير بدور أنا دلوقتي بحس أنى  تقيل عليها،  ما بالك لو جالي شوية مرض ولا كبرت في السن،


حسن بضيق:

_ليه بتفول على نفسك؟


تبسم حمد:

_  هي دى سنة الحياة وبدور مع قسوتها وبرودها مش هتتحملنى، هتكل مني وممكن يجى اليوم اللى تعيرنى زى ما أبوها عمل مع أمها،  إنما آمنة هتشاركني حياتي بكل تفاصيلها، وأنا بصحتي، وأنا تعبان وأنا شباب وأنا عجوز، هستمتع معاها بكل مراحل العمر لأني بحبها، وأنا متأكد أنها هتحبني هي مش من النوع اللي يلاقي الحب ويرفضه، ومش من النوع اللي تلاقي الحنية وهتتبطر عليها زى ناس، آمنة طيبة و حنينة و عصبية و كمان عنيدة، بس بنت حلال، و ده اللى أنا عاوزه مفيش حد كامل زى ما عندها عيوب عندها مميزات تغفرلها .


حرك حسن رأسه موافق علي كلامه:

_وأنا كمان عملت زيك، أنت لقيت فيها المواصفات اللي بتحبها، وأنا لقيت مع روح الإنسانة اللي كنت محتاجها عشان كده اكتفيت بها وحبيتها، هي كمان جدعة وطيبة بارتاح وأنا معاها، بنسى أي هموم لمجرد إني أشوفها قدامي، بتفرح بأقل حاجة بعملها عشانها وبتحاول بكل الطرق تسعدني، وأنا ماكنتش عاوز غير واحدة تفهمني وتحبني ، واحدة قنوعة زي ما أنت قلت من شوية، بنت حلال وبيطمر فيها هكرمها وأحسن معاملتها في شبابي هتشلني لما أبقى كهل.


تنهد حمد و قال بنبرة حزينة:

_وأنا كمان نفسي أتحب، نفسي أروح بيتي ألقي مراتي مستنياني، تفرح لما تشوفني وتضحك في وشي، تسألني عن يومي، مش شرط تسمع تفاصيل بس تحسسني بالاهتمام، تفرح لو شافتني مبسوط وتشاركني فرحتي، حتى لو كان الموضوع عادي، ميبقاش كلامها عن الأرض والفلوس والعيال والخلفة.


نظر لحبات المطر علي الزجاج و أكمل:

تهتم بنفسها وبمشاعري تحسسنى أنها بتعمل حاجة مميزة عشاني، تحب تقعد معايا مش مجرد ما أدخل من الباب تقف و تقولى أنا عاوزة أنام وهي من الأساس مستنية و قاعدة تقضية واجب، تدخل المطبخ ولو مرة كل شهر مرة واحدة تعملي الأكل بنفسها ، وتقولي أنا عملتلك ده يا حبيبي، تخصصلي وقت من يومها حتى لو ساعة واحدة أنا راضي ومش شرط كل يوم أنا من كتر الجفا اللي عايش فيه بقيت راضي حتى ولو بالقليل، أنا ميهمنيش الفلوس أنا عاوز مشاعر في ناس كتير بتعتبر ده تفاهة وأن الراجل شخص معندوش مشاعر و مبيفكرش في الست غير في حاجة واحدة بس، زي مفيش ستات بتحب تشوف الاهتمام من شريك حياتها في رجاله كمان بتبقى مفتقدة ده، أنا أتربيت من غير أم اتحرمت منها بدري  أي نعم مش مطالب من مراتي أنها تبقى أمي، بس على الأقل تملئ ولو جزء بسيط من فراغ المشاعر اللي جوايا، أنا كنت مستني من بدور أنها تظهر أي اهتمام بس ده محصلش، حتى لما لفت نظرها ،و أتكلمت معاها خدتها عند وأهملت أكتر من الأول، أنا عارف أن هى بتحبني بس بتحبني عشان أنا جوزها، عشان لازم تحبني، مش بتحبني عشان هي حاسة بمشاعر جواها.


قال حسن بتعجب:

_إزاى ده لا مش معقول فاهم؟! 


نظر له حمد و قال:

_يعني هي مأقلمة عقلها و قلبها على أن أنا جوزها و إني بحبها و هي بتحبني أو ممكن أكون فاهم غلط ومفهوم الحب ده مش عندها، هي قالتلي أنه مش عندها يعني هي ممكن توصل لدرجة إنها تكون مابتحبنيش، أنت شايف هي وصلتني لإيه؟ أنا مبقيتش عارف هي بتحبني ولا لأ اللي بيننا ده إيه معقول زي ما قالت أننا اتجوزنا بس عشان أنا أجيب فلوس وهي تخلف، هو ده الجواز وهو ده الصح ،وأنا اللي غلط، هي مش شايفة أي حاجة أنا بعاملها غير إنها واجب عليا وأن مهما عملت مش هبقى بقدم حاجه زيادة، مش مقدرة تعبي، مش مقدرة أي حاجة أنا بحاول أوصلها أو إحساسها بها، مش  عارفة إنى  لما بعمل حاجة عشان العيال أو بجيبلها حاجة ببقى عايز أسعدها وببقى قاصد ده، أنا مش عايز أخليها محتاجة حاجة بس هي شايفة ده واجبى هو واجبى بس لو... 


قاطعه حسن وهو يربت على يده ويقول:

_فاهمك، والله فاهمك وزعلان إنك موصلتش للي عاوزه، بس أنت قُلت في أمل صح؟


تبسم حمد بحماس و أخذ نفس طويل و قال:

_أيوه بأذن الله فى أمل صح أنت جيت ليه، و إزاى عرفت أنى فى الشقة اللى واخدها لآمنة؟!


أجابه حسن قائلًا:

_وحيد راحلك البيت أم شبل قالتله أنك أخدت عربيتك و نزلت المحافظة ، فجالى و قالى و قال إنه قلقان عليك و مش عارف يوصل لمكانك و لا عارف ممكن تكون روحت فين، بس أنا عرفت و مكدبتش خبر ولبست وجيت أطمن عليك.


تحدث حمد بمحبة:

_ربنا ما يحرمنى منكم أبدًا .


قال حسن بابتسامة:

_و لا منك، أنت أخونا الكبير، يعنى فى مقام أبونا ده أنت أحن علينا من الحج محمد الباسل نفسه، فاكر لما كان يجي يضربنى أنا ولا وحيد لما منسمعش الكلام كنت بتعمل إيه؟


ضحك حمد :

قال فاكر كنت بقف فى النص و أحضنكم عشان الضرب يجي عليا مكانكم،  كان أبويا يتعصب و يقولى أنت جبلة كل مرة تأخد العلقة مكانهم جتتك نحست من كتر الضرب، مع أن كل مرة كنت بتوجع عن اللى قبلها.


جاء النادل وقطع حديثهم حين وضع الطعام، بعد وقت قصر انتهى حمد من تناول طعامه، نهضوا و وتوجهه إلى إحدى المتاجر التي تبيع الحلوى.


اشترى حسن الملبن الذي تحبه روح، وعسلية لصغيره حمد، وثلاث علب تحتوي على أنواع حلويات مختلفة، واحدة لزوجته وابنه، وواحدة لوالده و أمه الحاجة شربات التى قامت بتربيته وجدته، والثالثة لأخيه وحيد وزوجته وأطفاله.


أما حمد فاكتفي بشراء علبتين بحجم كبير واحدة لأطفاله، والأخرى أخبره حسن أنها لأحد مميز بالنسبة له، كان مهتم باختيار كل قطعه توضع بها وبطريقه لفها،  تبسم حسن بمكر و استنتج لمن تكون هذه العلبة ولكن لم يعلق،  وغادر المتجر معًا عائدين إلى قريتهم.

_______________#بقلمى_برنسيسN

بدأ يوم جديد مختلف ملئ بالأمل والتفاؤل و حسن الظن بالله عز و جل، فعند شروق الشمس وحلول الصباح تتفتح قلوبنا كما تفعل الأزهار في الحقول، وتبدأ أمنياتنا كالعصافير ترفرف باحثة عن سبيل لتحقيقها، و كان هذا حال حمد الباسل أو العاشق الذي تحرك من فراشه ما أن رأى الشروق و وتوجهها إلى الخزانة وبدل ثيابه، تحرك للخارج دون الاهتمام لتلك النائمة تغض في نوم عميق رغم استيقاظه ،وتحرك بجوارها بأنحاء الغرفة، إلا أنها لم تهتم به حتى بالجلوس و سؤاله أن كان يحتاج لشيء.


خرج و ذهب حيث يرقد (جواده ريحان)، الذى وقف و نظره إليه و أصدر صهيل بصوت مرتفع و صافى، وكأنه يرحب بحمد الذي أقبل عليه بابتسامة عكس الأيام السابقة.


مد حمد يده و ربت علي مقدمة وجهه، ثم صعد على ظهره وما أن صار به لبعض الوقت و وصل به إلى إحدى الشوارع المؤدية إلى منزل آمنة، حتى أسرع (ريحان) دون أن ينتظر أمر من حمد، لم يتوقف إلا بالجهة المقابلة لمنزلها كما اعتاد أن يقف بصاحبه لرؤية محبوبته، صاحبه العيون السوداء.


كان حمد يعلم أنها تخرج بهذا الوقت لتعطي اللبن الفائض عن حاجتها لإحدى البائعين الذي يمر على منازل الفلاحين صباح كل يوم لشراء الحليب و القشطة والجبن و السمن منهم.


خرجت وهي تحمل بيدها أناء فخار متوسط الحجم وكان يحتوي على القشطة، ثم عادت للداخل وخرجت ومع إنهاء أخر مليء بالسمن، أخذهم الرجل و دفع لها ثمنهم ثم غادر، وقفت مكانها تعد النقود، وبعد أن انتهت من عد نقودها التفتت وعادت للداخل دون الانتباه لمن يتابعها بالجهة المقابلة لمنزلها.


تبسم بحب و سعادة و امتطى ريحان مره أخرى و توجهها إلى أرضه، لاحظ الجميع ابتسامته و اختلافه الملحوظ عن الأمس اقترب منه حارس.


تبسم حمد و قال:

_أنا كويس، إمبارح كان فى حاجة معكرة مزاجى بس شبه لقتلها حل .


نظر له حارس بتعجب و سأله:

_إزاى عرفت أنى كنت هسألك عن تغير حالك،  أنت بتضرب الودع يا جدع أنت ؟!


ضحك حمد بكامل صوته و قال:

_لا بس شوفت السؤال علي وشك، اطمن أنا كويس و بإذن الله الجاى أحسن.


تعجب حارس أكثر وقال:

_سبحان مغير الأحوال من فين جايب التفاؤل ده كله 


قال حمد بجدية:

_من حُسْنُ الظَّنّ بالله، أنا كنت مهموم شوية بس لما قعدت و فكرت،  عرفت أن الحل عند ربنا ف ليه أشيل همها وربي موجود هو هيدبرها وأنا ما عليا غير  حسن الظن به.


سأله حارس بفضول:

_طب إيه الموضوع؟ قولى و لا أنت هتخبى عليا دى عمرها ما حصلت!


تحدث حمد و هو يسير متوجه إلى ريحان:

_متشغلش بالك أصلها حاجة خاصة بالعيلة و إن شاء الله هتتحل .


التفت له حارس و قال:

_يكنش قصدك على مشكلة سند نسيبك و مراته ؟


كاد حمد أن يسأله عن ماذا يتحدث و لكن تراجع و قال:

_حتى أنت عرفت بمشكلة سند بلدنا دى مبيستخفاش فيها حاجة أبدًا.


أخذ ريحان ،و غادر سريعًا كي لا يعطي فرصة لحارس أن يسأل أسئلة أخرى، هو لا يعلم شيء عن خلاف سند وزوجته وإذا سأله حارس لن يستطيع أن يجيبه.


ذهب إلى المسجد وقت صلاة الظهر  و صلاه في جماعة، بعد الانتهاء من الصلاة والخروج من المسجد، ذهب إليه زوج سعيدة والذي كان يصلي معه.


تبسم الرجل بحرج و قال:

_و الله ما عارف أبدأ كلامى إزاى و لا أقولك إيه يا حج حمد .


تحدث حمد بجدية ودون اي مقدمات:

_متقولش حاجة يا أبو عثمان أحسن،  اللي حصل كان طبيعى أنه يحصل من أى بنت وإنها ترفض تتجوز واحد زيى متجوز وعنده عيال، المهم أنا كنت عاوزك عشان أقولك أني هجيلك دارك النهاردة بعد صلاة العشاء، وعاوزك تبلغ الست اغم عثمان تكون موجودة، ومش عايز آمنه تكون موجوده أو تعرف أني جاي عندكم ممكن؟


تبسم الرجل وقال بترحيب:

_قال ممكن قال، طبعًا ممكن أنت تشرف في أي وقت الدار دارك وآمنة مش هتعرف هى مبتخرجش من دار خالتها هى اللى بتروحلها.


حرك احمد رأسه بإيجاب وسمح للرجل بالمغادرة، توجهها حيث منزل والده ليعرف من جدته سبب مشكلة سند وزوجته، فهو يعلم أنها لا يخفى عليها شيء رغم إنها لا تخرج من غرفتها، إلى أن أخبار العائلة وأن لم تكن أخبار البلد بأكملها عندها.

____________#بقلمى_برنسيسN

بدأت الشمس بالغروب، ترك حمد جدته بعد أن عرف منها ما كان يريد، غادر ليلقى نظرة أخيرة علي أرضه قبل مغادرة العمال، كان يضحك و يتحدث كثيرًا، و عينيه لا تفارق السماء و يتأمل غروبها كالعادة و يرى فيها حبيبته، فهى مميزة و جميلة مثل الشمس، العشق يصنعُ المعجزات ويحوّلُ الألوان القاتمةَ في حياتنا إلى ألوانٍ صارخةٍ نابضةٍ بالأملِ والحيويةِ يلوّن الأيامَ بالأخضرارِ كأوراق الشجر في أبهى أيام الربيع وحتى في أخر سويعات غروب الشمس الذاهبة إلى الغد يكون المحبوبُ سببًا في تلوينها بالجمال، فيا أيها المحبوب الذي يسكنُ في القلبِ اقترِبْ حتى يُصبِح للشمسِ معنى رقيق في غروبها وأشرِق بقلبكِ عوضًا عنها لأنَّ قلبكَ الورديّ لا يعرف الانطفاء بل إنّه قنديلُ قلبي الذي أرى من خلالهِ طريقي في وسط هذا الحزن الذى عشت فيه أغلب أيامى.


حان وقت ذهاب حمد لمنزل أبو عثمان، ارتدى ثيابه و لف عمامته ثم تعطر، ذهب إلى سيارته و أخذ علبة الحلوى، و غادر إلى وجهته سيرًا علي الأقدام كى لا يلفت الانتباه إليه، فشوارع القرية بهذا الوقت تكون فارغة فالنساء لا تخرجن بعد الغروب و كذالك الأطفال و الرجال أما بالمسجد أو المقهى أو نائمون.


وصل إلى وجهته، طرق  على الباب و ما هى إلا

هنية، وفتح أبو عثمان الباب ورحب به، دخل حمد وجلس بغرفة الضيوف وجلس معه أبو عثمان، وضع حمد العلبة على الطاولة الخشبية المستديرة التي تتوسط الغرفة، دخلت أم عثمان، ألقت التحية ورحبت بحمد ثم قالت:

_تشرب إيه ياحاج حمد، و لا أحضر عشاء؟


جاء حمد ليرد و لكن قاطعه أبو عثمان حين قال:

_جرى إيه يا ولية أنتِ لسه هتسألي روحي حضري العشا.


تحدثي حمد قائلًا:

_لا عشا إيه، أنا مش عاوز حاجة، أقعدي يا أم عثمان بعد أذنك خليني أقول الكلمتين اللي جاي أقول لهم عشان أروح داري خلي الراجل ده يقوم يرتاح كفاية عليه تعب الشغل طول النهار.


تحدث أبو عثمان بلوم و قال:

_ده إيه ده يا سي حمد، لا والله ملكش حق كده أزعل أنت عاوز كل مرة تيجي وتمشي من غير ما تاخد واجبك، هو أنا لو عندك ترضى أعمل اللي أنت بتعمله ده؟


تبسم حمد وقال:

_خلاص متزعلش، لو أمكن يا أم عثمان تعملي شاي، ده حاليًا إنما قريب إن شاء الله هيبقى شربات.


نظرت سعيدة إلى زوجها الذي أشار لها بعينيه أن تنهض وتعد لهم الشاي، دون أن تعلق بشيء حركت رأسها بإيجاب ونهضت وتوجهت إلى مطبخها، دقائق قليلة وعادت ومعها الشاي، قدمت لحمد ثم زوجها و جلست بعدها رفع حمد يده، و أخذ رشفة من الشاى 

ثم تحدث موجهًا كلامه لأبو عثمان و سعيدة معًا

و قال:

_أنا هدخل فى الموضوع من غير مقدمات، اغنا لسه عند كلامى و بجدد طلبى بالجواز من آمنة.


جاءت سعيدة لتتحدث، منعها زوجها حين أشار لها أن تصمت، فلم تقُل يء و أكمل حمد حديثه:

_أنا شاريها و مش زعلان من كلامها اللى قالته قبل سابق؛ لأنى عاذرها فيه، و مع أني كنت متوقع انث هى تسمعني وتديني فرصة أتكلم معاها وأفهمها موقفي وهي طبعًا ماعملتش ده، بس ما علينا اللي فات مات وخلينا في الجديد أنا جايلكم النهاردة وعاوز أعرف رأيكم أنتم موافقين ولا مش موافقين؟


نظرت سعيدت لزوجها فحرك رأسه بموافقة فتحدثت و قالت:

_موافقتنا أو عدمها لا هتقدم و لا هيتأخر ما دام صاحبة الشأن بنفسها قالت لا، إحنا مانقدرش نغصبها، آمنة مش صغيرة وبصراحة كده أنا أخاف أضغط عليها و أخسرها هي بعد موت أمها وأبوها مش فاضلها حد غيري، أنا بنام وأقوم وأنا بفكر و بسأل نفسي حالها هيكون عامل إيه لو جرالى حاجة أنا كمان و هى رافضة الجواز سواء منك أو من غيرك، ده غير أنى متأكدة أن الست بدور مراتك مش هتوافق يكون ليها ضرة، متزعلش مني بس أحنا ناس غلابة على قد حالنا ومش حمل دخول في مشاكل و لسه بقولك أنى قلقانة عليها وشايلة همها مش هروح أرميها في النار بايدي، ده غير ميزان العيلة بتاعكم من يوم ما وعينا على الدنيا دي وإحنا بنشوف عيلة الباسل وهما بيتجوزوا من بعض وعمرها ماحصلت وحد أتجوز من بره حتى اللي عايز يتجوز مرة و تانية أو تالتة بيكون من بنات الباسل إيه بقى اللى جد؟


تبسم حمد و قال:

_ميزان العيلة اللي حاطه جدودي يعني بشر مش شيء مُنزِلَ، وعادي جدًا أنه يتغير أنا حابب بنت أختك و رايدها في الحلال وفاهم كل اللي بتقوليه واللي بتفكري فيه واللي مقلتهوش واللي ما خطرش على بالك كمان، كل ده أنا فاهمة وعارفه وفكرت فيه وعامل حسابه اغن شاء الله لما آمنة توافق أنا هتجوزها وهنعيش في المحافظة، وده مش هيبقى دايمًا هي فترة  بسيطة لحد ما تحمل، وقتها أنا هكلم أبويا وأعرفه، اه هتحصل مشاكل وكبيرة مش قليلة بس أنا مستعد أواجه كل حاجة ومتخافيش عليها هي محدش هيقدر يمس منها شعرة طول ما أنا موجود وكرمتها متصانة، واللي هيفكر يقول لها بم هقطعله لسانه و كل حد غلط فى حقها أنا هعرف أجيب حقها منه و عهد الله لخليها تاج علي رؤوس الكل.


تبسمت سعيدة، لمعت عيونها بدموع و هى ترى الصدق و الحب بعيون حمد و هو يتحدث عن آمنة، و لكن بداخلها خوف على ابنة أختها تذكرت حديثه عن أخبار والده بالزواج بعد حمل آمنة أى إنه يريد أن يتزوجها بالسر ف اختفت ابتسامتها و قالت:

_انت عاوز تتجوزها فى السر و لما تبقى تحمل تبقى تعرف أهلك، بقى أنت كده هتخليها تاج علي رؤوس الكل و لا هتخلى سمعتها علي كل لسان، مش كفاية اللى هيقولوا وأنها أخدت الراجل من مراته لا و كمان جوزهم كان فى السر و لولا الحمل مكنش اتعرف، لا أنا مش موافقة.


تحدث حمد سريعًا:

_أهدى بس وأسمعيني الجواز مش في السر ولا حاجة أخواتي هيبقوا عارفين وأنتم عارفين يبقى فين السر في كده، وبعدين دي فترة بسيطة لحد ما يجي الوقت المناسب و الكل يعرف وبعدين هي الناس وراءها إيه غير الكلام وتأليف الحكايات على مزاجهم يعني هم دلوقتي مبيتكلموش و مبيقولوش عنها اللى مش فيها، أنا من البلد يا أم عثمان يعني مش غريب عنها وعارف كل اللي داير فيها وبيتقال، صدقينى مصلحة آمنة معايا محدش هيحبها ولا هيخاف عليها قدى وأنتِ لو بتحبيها فعلًا زي ما بتقولي وافقي، وأنا والله هعمل كل اللي أقدر عليه عشان محدش يمسها بكلمة، هى هتكون مراتى و أم ابنى أو بنتى أنا لو عاوز أتسلى أو عاوز أى واحدة و السلام كنت أتجوزت من برا البلد و اشترط عليها مفيش خلفة أو أتجوز من العيلة ما أنتِ عارفة أنه مش ممنوع و متاح، بس أنا عاوز آمنة يمكن ربنا بعتني ليها عشان أعوضها عن أى حاجة شافتها و أكون سبب فى رفع الظلم عنها و أحميها من كلام أهل البلد و لسانتهم اللى جايبة فى سيرتها عمال علي بطال، قلت إيه يا أم عثمان، موافقة هتكلميها و تقنعيها و لا أقوم أمشى؟


لم ترد و نظرت للأرض فوقف حمد و وضع الكوب و هم ليرحل وقف أبو عثمان و منعه و قال:

_و الله ما أنت ماشى زعلان، أنت رجل محترم و صريح و لو خالتها مش هتكلمها هكلمها أنا. 


وقفت سعيدة و تحدثت و لكن بتردد نابع من قلقها علي آمنة:

_أفرض أبوك رفض تكمل معاها و قالك طلقها و لو ع الواد تأخده بعد ما تولد و لا تسقطها هتسمع كلامه ؟


نظر حمد إليها و تنهد و قال:

_لا طبعًا، قسمًا بالله من يوم ما تكتب علي اسمى و تبقى مراتى ما هسيبها إلا بمفارقة روحى لجسمى، و طول ما فيا نفس هفضل متمسك بيها، أنا بقولك هكون أمانها مش أنا اللى أكسرها يا ست سعيدة و أنا لو مش متأكد أنى أد كلامى و بعون الله هقدر أنفذه مكنتش قولته، أنا واثق في كل كلمة قلتها ومفيش سبب هيخلينى أخلف عهد خدته على نفسي أو لحد، لا يوجد سبب واحد يجعل رجل حقيقي يخلف وعده إلا الموت، وأنا قولتلك طول ما فيا نفس كلامى سيف على رقبتى وهنفذه. 


نظرت إلى زوجها الذى شجعها علي الموافقة، ثم نظرت إلى حمد و قالت:

_أنا هعمل اللى عليا و اللى فيه الخير يقدمه ربنا.


أستأذن حمد و غادر و من بعده خرجت سعيدة مع زوجها ليقوم بإيصالها إلى منزل آمنة.


سعيدة:

_أنا خايفة يا ربيع، عيلة الباسل مش هيعدوها بالساهل، خايفة البت تروح فى الرجلين.


تنهد زوجها ربيع بضيق و قال:

_أنتِ ليه بتقدرى البلاء قبل وقوعه، و بعدين الراجل أتعهد و حلفلك أنه مش هيسمح لحد يمسها، اقنعيها خليها تتجوز أنتِ عجبك قعدتها و كلام الناس عليها. 


حركت رأسها برفض:

_لا طبعًا، بس ...


قاطعها ربيع وقال:

_مبسش هى لو قعدت مية سنة عمر ما هيجلها عريس زى ده، و بعدين فيها إيه لو متجوز طب ما كل اللى بيجولها يا متجوزين، يا واحد عاوز واحدة تربيله عياله بعد موت مراته يا رجل كبير عاوزها خدامة و فى داهية شبابها كل اللى بيجى

إرسال تعليق

الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.