الفصل الحادي عشر من رواية نيران الغيرة
قاطعها ربيع وقال:
_مبسش هى لو قعدت مية سنة عمر ما هيجلها عريس زى ده، و بعدين فيها إيه لو متجوز طب ما كل اللى بيجولها يا متجوزين، يا واحد عاوز واحدة تربيله عياله بعد موت مراته يا رجل كبير عاوزها خدامة و فى داهية شبابها كل اللى بيجى عارف أن فاتها قطر الجواز و بيبقى من جوه مستقل بيها، إنما ده عارف قيمتها و شاريها و هيحطها فى قصر عالى و مع أول عيل هتجيبه هتحط رجل علي رجل و هيبقى زيها زى ضرتها ورأس برأس مع بنت عمارة الباسل، فتحى مخك و خليكى وراها و متخلهاش تضيع الفرصة دى منها، بجوزتها دى هترتاح، هتنام علي ريش نعام زى الأكابر و هتلبس الحرير و اللى هتأكله ع الفطار مش هيبقى زى الغداء و لا العشا، دى ناس طبليتهم بتبقى عمرانة متبقيش وش فقر أنتِ و بنت أختك وترفصوا النعمة.
ظلت سعيدة تسمع دون أن تعلق، و ربيع لا يكف عن وصف منازل الفلاحين الفقراء بالقرية، و منازل آل الباسل التى تتميز بالفخامة، و خصوصًا حمد الذى يملك ثروة تفوق أبناء أعمامه و أخواته بمراحل، حتى أنه أغنى من والده و والد زوجته.
وصلت سعيدة حيث وجهتها و غادر ربيع، دخلت جلست مع آمنة و لكن عقلها مشغول بحدث زوجها، لاحظت آمنة شردوها و سألتها أن كانت مريضة فإجابتها و قالت إنها مرهقة قليلًا و دخلت الغرفه لكى تنام.
انضمت لها آمنة، و بعد دقائق غفت آمنة و ظلت سعيدة مستيقظة، لم تستطع النوم بسبب الأفكار التى ملأت رأسها و تخيلها لآمنة و هى تعيش بمنزل حمد و ترتدى ملابس أنيقة و يديها مليئة بالمجوهرات و الذهب، رأتها و كأنها أميرة بمنزل ملكها ابتسمت، و هى تنظر لآمنة، و تربت علي شعرها البنى الطويل و هى تقول:
_أنتِ خسارة فى الفقر، بالك أنتِ لما ترتاحي من الفقر و تلبسي الحرير هتبقى فشر سعاد حسني اللى بيحكوا عن جمالها، مش هسيبك للفقر ينهش فيكى زى ما عمل فى أمك، كفاية فقر و بهدلة و هتجوزى ابن الباسل و هكيد فاطمه المعـ/ـفنة و ابنها سرنجة أبو كرامة، يبقى ياخالي أمه و كرامته ينفعوا أهوه هيتجوز واحدة شكل أمه مش بينلها وش من قفا، و أنتِ هيأخدك ابن الأكابر اللى يستاهل حلاوتك، ده كفايه شوية الشعر الحرير مع العيون السودا المتكحلة و الرموش الطويلة دول هيخلوه يمشى يكلم نفسه، و لا لما تحطى الأحمر و الأخضر هيتهوس بيكى أكتر ماهو مهوس.
__________#بقلمى_برنسيسN
مر يومين ولم يتغير شيء، كلما حاولت سعيدة بفتح الحديث مع آمنة عن الزوج تقاطعها و تطلب منها إلا تتحدث معها بهذا الأمر، أرسلت لحمد تخبره إنها تحتاج لعدة أيام أخرى، وافق فهو ليس أمامه خيار أخر.
أشرقت شمس الصباح، نهضت آمنة نشيطة رتبت المنزل و تناولت الفطور مع خالتها و أستاذنتها أنها ستذهب لزيارة صديقتها صفية و ستعود قبل موعد الغداء.
مرت فى طريقها علي محل بقالة و اشترت سكاكر و حلوى لأطفال صفية، ثم أكملت طريقها وصلت إلى منزل صديقتها.
استقبلتها صفية بترحيب و سعاده بتلك الزيارة، بعد تبادل السلام مع والدة زوج صديقتها، ذهبت معها للجلوس بغرفة الصغار حتى يأخذوا راحتهم بالحديث.
صفيه بمرح:
_أنتِ متعرفيش زيارتك دى فرحتنى إزاى طمنينى على أخبارك خلاص موضوع صالح أتقفل؟
تبسمت آمنة و قالت:
_طبعاً أتقفل ده فرحه أتحدد بعد شهور زى ما سمعت من عثمان ابن خالتى و هو بيقول لعم ربيع، غيرى السيرة لا عاوزة أتكلم عن صالح و لا عن أى حاجة تخص الجواز .
ضحكت صفية:
_و الله عندك حق، هو يعنى اللى أتجوزوا أخدوا إيه؟
قطع حديثهم صوت زوج صفية وقفت و هى تقول:
_جبنا فى سيرة القط جه ينط و الله أنتِ فى نعمة، هخرج أشوفه راجع دلوقتي ليه.
حركت آمنة رأسها بإيجاب خرجت صفية وجدت زوجها يحلس بجوار والدته و ملامحه لا تبشر بالخير.
اقتربت منه و سألت بقلق:
_مالك وشك مقلوب كده ليه، أنت اتخانقت مع حد فى الشغل؟
وقف زوجها و صاح بغضب:
_مين سمحلك تدخلى البت دى دارى، اغنتِ عاوزة تشبهى نفسك دونن عن بنات و حريم البلد كلهم ملقتيش غير دى و تصاحبيها.
نظرت صفية إلى حماتها بغضب، فلوت العجوز فمها بتهكم و لم تتفوه بكلمة، اقتربت صفية من زوجها و تحدثت بصوت منخفض:
_أقعد و استهدى بالله، آمنة غلبانة و كل اللى بيتقال عليها كدب صدقنى يا عيد كل الكلام ده اللى طلعته عليها فاطمه أم صالح و كله كدب .
تحدثت العجوز:
_أنهى كلام بظبط اللى كدب، إنها مرفقة صالح التمرجى و لا إنها لفت علي ابن خالتها لما صالح زهق منها و لا ان كل ما يجيلها عريس تطلع فى عيب عشان خايفه تتفضح أكتر ماهى مفضوحة، أنتِ شكلك مش هترتاحى إلا لما تتفضحى زيها و تجيبى لابنى العار.
صاح عيد بنفعال:
_مش فاضل غير كده لا و رب الكعبة ما يحصل ...
أمسك صفية من ءراعها و ضغط عليه بقوه لتصرخ بألم و تبكى:
_أنا مش هستنى لحد ما الناس تتكلم علينا و سيرتك تبقى على كل لسان، تدخلي حالًا للبت اللى قعدة جوه وتقوليلها متعتبش الدار دى تاني والا قسمًا بالله لو عرفت أنك كلمتيها أو دخلتها بيتك تاني لأكون مطلقك ومرجعك بيت أبوك و واخد العيال و حرمك منهم سامعة ولا مش سامعة.
حركت صفية رأسها بإيجاب خوفًا منه و هى تحاول كتم شهقتها، كانت آمنغه تقف بجوار الباب و سمعت و رأت ما حدث، خرجت و هى تحاول تمالك دموعها لقد فهمت سبب بعد الجيران عنها و خصوصًا الفتيات كلمها حاولت الحديث مع أحداهن تتركها و ترحل بعد أن تخبرها بأى عذر عكس السابق، و نظرات الرجال الآن فهمت لما يتهمسون و هم ينظرون لها و منهم من يتطلع لها بابتسامهدة و من يرمقها بشمئزاز لم تكن تعطى بال لكل ذلك، الآن اتضحت أمامها الرؤية الجميع يتحدثون عنها و يقولون ما ليس فيها، أصبحت حديث البلدة، الفتاة سيئة السمعة و التى ينفر منها الجميع و هى لا تعرف.
تحدثت بصوت يكاد يكون مسموع:
_سيب أيد صفية يا عيد، أنا همشي و مش جايه هنا تانى و لا هكلمها، سلام عليكم .
خرجت و ما أن ابتعدت عن من لهم، حتى هبطت دموعها دون توقف، بعد دقائق وصلت منزلها انهارت أكثر و أكثر لم تتحمل صرخت و هى تقول:
_يا رب ارحمنى، أمى و أبويا ماتوا و معترضتش بس ليه شرفى، ليه سمعتى، أنا عملت إيه ل فاطمة و لا غيرها، يا رب أنت العالم بيا أنا لا بأذي حد و لا عمرى جيت علي حد، يا رب الرحمة من عندك يا رب أنا مبقتش متحملة يا رب ارحمنى، أنا مليش غيرك يا رب أنا تعبت يا رب قلبى وجعنى يا رب أنا عملت إيه يارب أرحمنى، أرحمنى يا رب من الناس اللى مبترحمش يا رب أنا مظلومة و أنت العالم أنا معملتش حاجة أنا عايشة كافية غيرى شرى يا رب الرحمة مش طالبة غير الرحمة و الستر يا رب .
ألقت بجسدها فوق الفراش و ظلت تبكى دون توقف، استمر بكائها لاكثر من ساعتين، جاءت سعيده فزعت حين سمعت صوت آمنة و هى تبكى، ركضت لداخل لتطمئن عليها، جلست جوارها و سحبتها حتي تجلس و ضمتها و هى تقول:
_مالك يا آمنة مين زعلك، ردى يا بنتى اتخانقتى مع حد؟
نظرت لها آمنة و حركت رأسها ب لا و سألتها:
_أنت عارفة اهل البلد بيقولوا عليا إيه؟
نظرت سعيدة للارض و بكت، زاد نحيب آمنة و هى تقول :
_بقى أنا كنت مرفقة صالح ولما سابني رحت رافقت عثمان العيل اللى بعتبره اخويا، أنا يا خالتي طب أنا عملت إيه عشان يقولوا عليا كده؟ مش كل حاجه بيبقى لها سبب، إيه السبب اللي يخليهم يقولوا كده؟ عملت إيه يا خالتي قوليلي أنا غلطت في إيه ؟ طب أنا أذيت حد فيهم عشان يؤذيني كده أنا عملت إيه لفاطمة عشان تطلع عليا الكلام ده؟ عملت إيه لأهل البلد عشان يكرروا الكلام وراهم من غير ما يفكروا؟ انا ذنبي إيه في اللي بيحصل ده يا خالتي ردى عليا أنا غلطت في إيه؟
تحدثت سعيدة بصوت باكى و قالت:
_أنتِ أشرف من الشرف وقطع لسان فاطمة أو غيرها قطع لسان أي حد يتكلم عليكى يا ضنايا، اللي حصل أنتِ ملكيش ذنب فيه ومظلوم بس بإيدك ترفعي الظلم عن نفسك.
مسحت آمنة دموعها و قالت بقوة:
_عندك حق، أنا هروح ل فاطمة و أقولها أنها كدابة و أفضحها قدام كل الناس .
تنهدت سعيدة و قالت:
_و الدليل، ماهو لازم يكون معاكى دليل علي إنك شريفة
صرخت آمنة:
_نعم و هما عاوزين منى دليل كمان، ليه هما كانوا طلبوا منها دليل لما اتكلمت عليا، ساكتة ليه؟
سعيدى بتوتر:
_كلامى مش هيعجبك مع إن مفيش حل غيره، من الأخر انتى لازم تتجوزى
وقفت آمنة و هى تصرخ تضم رأسها و تغمض عينيها بألم و تقول:
_أتجوز إزاى هو بعد الكلام ده مفيش حد هيرضى بيا ،و بعدين أنا مش عاوزة أتجوز.
وقفت سعيدة و جذبتها و اجلستها رغمًا عنها و قالت:
_لازم تتجوزي، افهمى أنتِ لما هتبقي في عصمة راجل محدش هيقدر يجيب سيرتك بكلمة و لو ع الكلام فمش كل الناس صدقت و فى ناس كتير مصدقتش و عارفين إنها كدابة، زى حمد الباسل كده، ماهو لو كان مصدق مكنش جاب أخواته و جه يطلبك لجواز و يقولك اشرطى برحتك.
وقف آمنة و قالت بحدة:
_حمد لا، مش هتجوز واحد متجوز و عنده نص دستة عيال.
جذباتها خالتها من زرعها لتنظر لها وقالت:
_لا ليه، وبعدين أنتِ ما لك ومال عياله إن شاغ الله يكون عنده دستة بحالها مش أحسن ما تأخذي راجل عجوز عشان تخدميه ولما يموت عياله يرموكى بره وزي ما دخلتى زي ما خرجتي و ترجعى لنفس القعدة، اسمعى كلام خالتك الرجل بيحبك و شاريكى ماتبقيش بطرانه، البطران سكته قطران يا بنت أختي الفرصة دي مش هتجي لك تانى
آمنة بضيق :
_لا يا خالتى حمد لا بُصى ..
قاطعهتا سعيدة:
_بُصى أنتِ و بطلى هبل، أحنا هنبعتله يجى عندنا و أقعدى و أتكلمى معاه و حطي شروطك هو مش عاوز منك غير توافقى عليه و أن أهله مش هيعرفوا بجولزكم أول كام شهر لحد ما تحملى و هو هيكلم أبوه و يحطه قدام الأمر الواقع و البلد كلها تعرف، أن آمنة بنت زبيدة و غريب أتجوزت حمد ابن الباسل عين أعيان محافظة الدقهلية، غير إنه هيكتبلك شقة فى المركز باسمك و هيجبلك شبكة و غير المهر فكرى كويس .
حركت آمنة رأسها برفض:
_لا أنا ميهمنيش الفلوس، يغور بفلوسه.
ضربتها خالتها بكتفها:
_تفى من بُقك، غوره تأخد الفقر و اللى عاوزه، خلينى معاكى للآخر مش عاوزة فلوس بس عاوزة تسترى زى باقى البنات الراجل هيتجوزك و هيجبلك بيت فى أحسن مكان بعيد عن البلد و قرفها عاوزة إيه تانى عشان توافقى؟
نظرت لها آمنة بتفكير و صمت لم يدم إلا للحظات ثم تحدثت بجمود و قالت:
_خلاص أنا موافقة بس عندى شرط .
اتسعت ابتسامة سعيدة و قالت:
_شرط إيه قوليلى و أنا هبلغه و إن شاء الله هيوافق.
جلست آمنة و نظرت إلى خالتها و قالت بثبات:
_لا أنا اللى هقوله و هو و لو خلص البارت تقولوا رأيكم؟
آمنه عملت الصح و زواجها من حمد هيبقى بالسهولة دى و شرط إيه و هل حب حمد هيخليه يوافق علي أى شرط مهما كان صعب يتبع #نيران_الغيرة #عشق_و_إمتلاك
#بقلمى_برنسيسN #نرمين_السعيد