الفصل السادس من رواية عشق أولاد الزوات
________________
_ كنت متأكدة إني هلاقيكي هنا !
قالتها هيام مبتسمة ما إن دخلت المطبخ ووجدت أختها تكمل إعداد طعام زوجها الخاص .. لتقترب منها مداعبة إياها
_ بتحضريله الأكل ؟!
ابتسمت ريم ثم ردت لها المداعبة اللطيفة
_اها .. وانتي ليه مبتحضرليوش عن فيه الأكل هو كمان
لتجلس هيام على أحد المقاعد ثم قالت في شيئ من الحزن
_ صدقيني أنا عمري ما حسيت إن فواز معايا أصلا علشان احضرله أكله أو حتى أسأله عن يومه !
لتحاول أختها التهوين عليها قائلة _ يمكن بس الشغل تقيل عليه وشاغل باله شوية اعذريه
لتقول بخيبة أمل _ بقالنا سنتين متجوزين يا ريم وهو كدة من أول يوم ..
أغلقت الريم النار وجذبت أحد الكراسي وجلست لتصبح مواجهه لأختها وتحاول التخفيف عنها
_ معلش يا هيام بس والله شغلهم فعلا صعب ومشاكله مبتخلصش
لتشتكي لها أختها ما تعانيه مع زوجها _ طيب وأنا مش من حقي أفرح مع جوزي ، مينفعش ياخد إجازة ولو يوم واحد علشاني
لتتذكر تلك الرحلة لأمريكا ليقضوا العطلة واعتذر هو عنها ولم يذهب معهم
_ دا الإجازة إللي فاتت مجاش معانا فيها وكله علشان الشغل
كانت تتحدث في حزنٍ ظاهر عليها وتشتكي لأختها ولم تكن تعلم أن رنيم في غرفة المخزن الملحقة بالمطبخ
استمعت رنيم كل كلمة قالتها هيام وكم شعرت بالسعادة الهائلة .. فيبدو أن فواز لا يستمتع سوى معها هي فقط .. كانت تبتسم كالبلهاء رغم حزن الأخرى
وما إن ذكرت هيام موضوع العطلة حتى تذكرتها رنيم وابتسمت عندما مرت لمحات منها في عقلها ، وأكثر ما أسعدها هو أن فواز رفض الذهاب مع العائلة من أجلها ومن أجل أن يبقى جانبها
_ كله شغل شغل طيب وانا ، وأنا فين من حياته يا ريم ؟!
بنبرتها الهادئة المتفهمة عرضت _ ما تتكلمي معاه ؟
لتتهكم هيام رافعة رأسها في تكبر _ واتذلله بالمرة يمكن يرضى يقعد معايا شوية
تنهدت ريم ثم ربتت على كف أختها شارحة لها
_ دا مش ذل دي لغة حوار اتكلموا واتفاهموا .. كدة الموضوع كل مادا هيتعقد أكتر ومش هيتحل لو متكلمتوش
تهكمت هيام قائلة بضيق _فواز مشاعره باردة أوي ، دا مبيضحكش أصلا يابنتي ، غير انه بحس كدة انه متبرمج على تصرفات معينة استحالة يخرج عنها حتى معايا .. مع مراته!
ضيقت ريم عينيها .. فأختها النسخة الثانية من فواز.. نفس الصفات والعادات والمثالية والنفخة الكاذبة .. شخصياتهم قريبة للغاية ومع ذلك تشتكي منه
لتقول ريم _ مش شايفه انكم شبه بعض شوية
ضحكت الأخرى في سخرية _ لأ فواز دا ملك المثالية والتكبر أنا مجيش جمبه حاجة ، حاولت معاه كتير ومفيش فيه أي فايدة
ابتسمت ريم ثم قالت _ والله تستاهلوا بعض
لم تستطع إلا أن تبتسم لأختها الصغيرة قائلة
_ والله انتي مش عارفه حاجة
وما إن انتهى الحديث وبدأت الأختين في ثرثرة أخرى ...تنفست رنيم الصعداء وحاولت محو إبتسامتها من على وجهها فكل كلمة سمعتها جعلت قلبها يرفرف وشعرت بتميزها في قلب حبيبها وتذكرت موقفها معه منذ دقائق حينما كان يضحك بقوة بل ويلاعبها ووصل به الجنون أنه يريدها على أرض المطبخ !
ما إن ظهرت من وراء الباب حتى هاجمتها هيام فورًا بإندفاع
_ انتي هنا من امتى !!؟
نظرت لها رنيم ولم ترد لتتحدث في حدة
_ انطقي !!
هنا تدخلت ريم وقد لاحظت احمرار وجه رنيم لتقول
_ رنيم ممكن تشوفي الولاد وأنا هعمل القهوة
خرجت رنيم بعد أن رمت هيام بنظرة كارهه ، وتحدثت ريم مع أختها
_ فيه إيه يا هيام هي جات جمبك .. بتعمل شغلها
لتكز الأخرى على أسنانها فهي لا تقبل أن يرى أحد ضعفها أو ينكشف غطائها أمام أحد غير أختها
_ أكيد سمعت كل حاجة
لتنفي الأخرى _ لأ معتقدش رنيم مش بتتصنت
سخرت هيام _ والله انتي طيبة .. تعرفي
استمعت لها ريم لتكمل الأخرى بصدق _ عمري قلبي ما ارتاحلها .. مع إنها معملتليش حاجة بس مش بقبلها وبجد طول ماهي موجودة أنا بكون مخنوقة ..
اندهشت من كل تلك المشاعر السلبية الموجودة داخل قلب أختها تجاه رنيم لتردد
_ للدرجادي !!؟
نظرت لها هيام في حزن وبدون أن تفكر أو تعي ما تقول تمتمت
_ بحس انها سارقة سعادتي يا ريم ..
هنا انفتحت عيني ريم في صدمة شديدة فتلك الكلمات تحمل معاني عميقة
_ استهدي بالله واستعيذي من الشيطان .. هو إللي بيصورلك كل دا علشان يضايقك وخلاص
رددت هيام بلسانٍ ثقيل _ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ثم ذهبت بعالم آخر ... وتذكرت شيئًا لم تستطع نسيانه حتى هذه اللحظه مع أن مر عليه ما يقرب من العشرون عامًا وقد كانت صغيرة للغاية ..
عندما كانت في العاشرة من عمرها ورنيم بالخامسة وفواز بالخامسة عشر من عمره ...
اقتربت رنيم تحاول شد منها صندوق السكاكر الخاص بفواز .. فهي تعلمه جيدًا ودائمّا ما يعطيها منه
صرخت الصغيرة القصيرة و الممتلئة الجسد اللدغة بحرف ال س
_ ثيبي ثيبي ، دي حجات فوز يعني حجاتي
وعلى الجهه الأخرى هيام تشد العلبة وتخبرها
_ لأ مش حجاتك ومتمدميش إيدك عليها تاني
هنا أتى فواز على صوت الصرخات
_ ليه الصوت العالي
هنا تحدثت هيام في حدة وغضب _ فواز البنت دي بترخم علينا وعاوزة تسرق الشوكلت بتاعتنا
لتتقدم رنيم التي كانت تشبه الكره في ذلك الوقت وتهتف بينما دموعها نزلت على وجنتيها الحماروتين
_ أنا مش ثراقة ، هي إللي واخده حجاتك يا فوز
غضب صغيرته وحزنها بل ورؤيته لدموعها جعله يقترب من هيام وينظر لها محذرًا إياها أمام أصدقائها
_ متزعليش رنيم تاني يا هيام وإلا مش هدخلك البيت انتي وصحابك
ثم توجه لتلك الكرة الصغيرة " رنيم الصغيرة والممتلئة" وحملها على كتفه الكبير ورحل
بينما وقفت هيام تتابعهما في غيظ شديد ودموع محبوسة فلقد أحرجها أمام جميع أصدقائها من أجل إبنة الخادمة اللعينة ... تركت مكانها وتوجهت ورائهما لترى إلى أين سيذهبا .. وقفت خلف شجرة في الحديقة وهي ترى فواز يمسح دموع رنيم التي جلست بحضنه تبكي ويطلب منها برقة أن تتوقف عن ذرف الدموع
_ بطلي عياط
تحدثت بين بكائها _ هي وثحابها بيكرهوني
مسح على شعرها ثم قال بقوة حتى يمنحها بعض المساندة
_ محدش يقدر يكرهك
شفتيها الممتدة للأمام في حزن وسوائل أنفها الساقطة على شفتيها والتي كانت تلمع تحت ضوء القمر وتحت تلك الأنوار الخافتة في الحديقة الخلفية ، جعلت منها طفلة مهنتها سرق القلوب وأثرها ..
تجاهلت قوله هاتفة _ أنا اثلا إللي بكرهها
هنا رفع ذقنها له لينظر داخل عينيها قائلاً
_ الكره دا كلمة كبيرة أوي ، اوعي قلبك يكره حد ... أنا عاوزه حلو ونضيف كدة على طول علشان تبقى شطورة
هزت رأسها يمينًا ويسارًا رافضة ما يقول ومصره على قولها
_ تؤ أنا بكرهها بردو
ابتسم على طفلته العنيدة ثم داعب خصلات شعرها المجعدة مخبرًا إياها
_ انتي أحسن بنت في الدنيا كلها ، واحسن بنت في الدنيا مينفعش تكره حد ولا تشيل في قلبها من حد .. اتفقنا
رمشت عدة مرات وهي تنظر داخل عينيه وأذنها تستمع لما قال وعقلها وقلبها يقتنعا به ..
لتردد بعد لحظات بعدما فكرت بوعيها الصغير فيما قال
_ اتفتقنا
ليضحك عاليًا وقد حولت معنى الكلمة تمامًا فقط بتبديلها أحد الأحرف
_ اتفتقنا !! أموت واشوفك يامو لسان طويل لما تكبري هتبقي عاملة إزاي وهتعملي إيه
ابتسمت له في إتساع قائلة وعينيها الصغيرة تحلم وتلمع
_ لما أكبر هبقى حلوة أوي أوي ، وعلشان كدة أنت هتتجوزني .. لأ أنا إللي هتجوزك !
ليفتح عينيه منهدشًا من حديث الصغيرة فهي بالنسبة إليه ليست إلا أخت صغيرة رق قلبه لها وعشقها ولكن عشق طاهر لا تشوبه شائبه
ومع ذلك سايرها حتى لا تحزن قائلاً
_ تتجوزيني !
سحبت نفس من أنفها لتصدر صوتًا لطيفًا آخر وتهدده قائلة بنبرتها الطفولية
_ آه ولو رفضت .. هفضل اعيط تلت ثاعات
ليبتسم بصدق _ يااه تلت ساعات بحالهم ، لا ياستي على إيه هتجوزك وامري لله
هنا ضحكت ضحكة صغيرة ومسكت ذقنه التي كانت في بداية نموها
_ امممم أنا أثلاً أثلاً بحبك
تلك اللذيذة الساحرة بحركاتها وتفاصيلها جعلته بلا أن يدرك يقول
_ أنا كمان بحبك
فتحت عينيها متفاجئة وسعيدة _ بجدد بتحب رنيم !!!
قرص على خديها الإثنين مقتربًا منها مازحًا معها
_ وبعشق خدود رنيمم
اغمضت هيام عينيها .. فقد ذهبت ورائهما وسمعت حوارهما ورأت كل ما جرى بينهما .. حتى تلك القبلة التي نزلت على خدود رنيم وكانت مصدرها شفتي فواز .. خلقت في قلبها غصة لم تنساها حتى الآن ولن تنساها أبد الدهر
وما صبرها قليلاً ، هو معاملة فواز التي تغيرت لها ما إن كبرا ، فهي تشهد بعينها أن فواز لا يتعامل مع رنيم إلا نادرًا وإن تعامل فإنه يقف في صفها هي وليس بصف تلك الخادمة ...
وبتلك الطريقة لم يخطر ببالها أبدًا أن تكون هناك علاقة سرية بينهما .. ففواز قد أجاد دوره جيدًا ولم يجعل أحد يشك في أمره ولو للحظة واحدة
_____
_ أقدر أعرف مين هي ؟!
اجابه فوزي بهدوء _ دكتورة ريهام يحي
رفع حاجبه وسأل في تكبر _ مين عيلة مين ؟
ابتلع فوزي ريقه .. فهذا ما كان يخاف منه ويهابه .. فهو يعلم أن أهم ما عند فواز هو العائلة وإسمها .. وليس فواز فقط .. بل جميع أفراد عائلته .. فهل يستطيع الصمود وقول ما يريد أم أنه سيتراجع لخوفه من ردة فعل عائلته ؟!
لا تراجع .. سيخبرهم جميعًا برغبته بالزواج من فتاة ليست بمستواهم الإجتماعي
_ دكتورة ريهام يحي عبدالحي .. صاحبة الأرض اللي أنتوا عاوزين تاخدوها
وقع الخبر على قلب فواز كالصاعقة التي أوقفته عن الدق للحظات .. هل ما سمعه صحيح !!
هنا فهم لم كان يسأل أخاه عن الأرض ... تلك اللعينة بالطبع دارت على أخيه الصغير ليتزوجها
حاول التمسك بأعصابه حتى لا يقف الٱن ويمزق وجهه ..
ضغط على نفسه وسأل _ وانت بقى تعرفهم منين ولا تعرف عنهم إيه ؟!
لم يصدق فوزي أن أخاه يسأله عنها بلا أن يغضب ليثق بنفسه أكثر ويرتاح في جلسته أكثر
_ مفيش شوفتها وحبيتها ..
_ حبيتهااا .. امممم
ضيق فوزي عينيه مستغربًا طريقة أخيه التي تحولت فجأة .. وقف فواز من مكانه وبدأ في فك أول أزرار قميصه ببطئ وشفتيه متشنجة كأنه يحبس شيئًا في حلقه يريد إخراجه مما ينم عن غضبه الشديد ..
شمر عن اكمامه وهو ينظر لأخيه بطريقة غامضة وهنا صدق حدس فوزي ففواز .. ليس بخير !
فرد فواز جزعه وارتفع رأسه عاليًا في تكبر سائلاً بصوته الهادئ المنخفض
_ انت عارف دول اصلهم ايه ؟
هز فوزي رأسه معبرًا عن ما في قلبه دون خوف
_ ميهمنيش أصلها ، ريهام محترمة جدًا ومتعلمة ودا إللي يهمني
رفع فواز حاجبه مبتسمًا في ذهول وسخرية تخبئ ورائها غضب عارم ..
_ صباح الخير يا ولاد
كان ذلك والدهم الذي ابتسم ما إن رٱهم سويًا
ليضحك فواز ضحكة تتضمن الهزء
_ صباح الخير يا والدي العزيز ..
استغرب والده من طريقته ليسأل_ مالك يا فواز ؟!
هز رأسه يمينًا ويسارًا وقد ظهر مالذي سيفقد عقله بعد قليل
_ لأ أنا ماليش خالص .. الموضوع كله عند إللي لسة مخلص مدرسة أول امبارح
تغيرت معال فوزي للضيق واحتد صوت والده وهو يحذر فواز
_ بتتكلم عن أخوك كدة ليه
عض فواز على شفتيه ثم قال في إحتقار ووجهه ممتعض مما ينطقه لسانه
_ ابنك عاوز يتجوز خدامة بنت خدامة
رفض فوزي الإهانة المبطنة في كلام فواز قائلاً
_ لأ ريهام مش خدامة يا فواز .. ريهام دكتورة ممتازة وحتى لو كانت خدامة فنا بحبها وميفرقش معايا هي إيه ومهنتها ايه
لم يستوعب أبوهم ما يقولان ليهتف فيهما
_ فهمني يا فواز في ايه .. خدامة مين يا فوزي
هنا ارتفع صوت فواز على غير عادته بالمرة
_ البيهه عاوز يتجوز أخت صاحبة الأرض اللي إحنا عاوزنها في اكتوبر
انفتحت عيني والده في تفاجئ شديد ووجهه اسود فورًا يريد أن يكذب ما يسمعه بكل الطرق
هنا قال فوزي ببعض الحدة _ اديك قولت أهو ، عندهم أرض في اكتوبر تساوي ملايين يعني مش خدامين ولا شحاتين
سبه فواز وارتفع صوته أكثر _ غبي .. دول كانوا خدامين تحت رجل الخواجةة .. ولما جدها فدى الخواجه بروحه ومات ، قام كاتب لهم حتة الأرض .. إللي أنت عاوز تتجوزها الخواجة اشترى روح جدها بحتة أرض زي الحُق يا باشااا
ابتلع فوزي ريقه فهو لا يعلم تلك القصة .. لكن هذا لن يمنعه عن حبه الوحيد .. صمت كل من بالغرفة إلا فواز الذي لم يصمت لحظة يحاول بشتى الطرق منع أخيه عن تلك الزيجة المخزية التي ستذهب بإسم العائلة في الأرض
وهنا فايز دخل ودخلت وراءه رنيم التي كانت تحمل القهوة لكنها تفاجئت كما حال فايز بصراخ فواز الذي ما إن رأى أخاه الأوسط حتى احتد صوته أكثر
_ تعالى يا فايز بيه شوف .. أخوك عاوز يتجوز حتة خدامة
أحمر وجه رنيم من كلمات فواز ... ونظر فايز لأخيه مصدومًا مما سمع واقترب منه سائلاً إياه بهدوءه المعتاد رغم تفاجئه
_ أنت فعلاً هتعمل كدة يا فوزي !؟
علق الكلام في جوف أخيهم الصغير بينما هاجمه فواز هو الآخر بعينيه الشرسة وصوته المرعب .. ولأول مرة يرتفع صوته في ذلك البيت وهو يضغط على كل كلمة تخرج منها وكأنها ستكون الأخيرة
_ أنت هتقبل إن خدامة تشيل اسمك يا فوزي .. لو أنت هتقبل فنا على جثتي إني أقبل
والدهم مسك قلبه لا يستطيع أن يتقبل الأمر أو حتى الكلام
وقف فوزي واقترب من فواز الذي شعلل الأمر وضخمه ليحاول تهدأته وشرح له وضعه
_ بقولك أخوك الصغير بيحب وعاوز يتجوز تقوم تعمل كدة
هنا اندفع فواز ناحيته في غضب ساحق لكن فايز وقف بينهما حتى لا يتهور فواز ويضرب أخيه
_ ملقتش غير ولاد الخدامين إللي تتجوز منهم يا فوزي !!!
انتشر صوته في كل الأرجاء حتى أن هيام وريم قد نزلا مرعوبتين من غرفهما ليريا ما في الأمر
أما رنيم فكادت أن تنزل دمعتها لكنها تماسكت واستحضرت كل قوتها .. كلماته صعبة وقاسية ... لم تكن تعلم أنه يستحقر الخدم إلى تلك الدرجة
لم يعرف فوزي كيف يواجه غضب أخيه الكبير ليقع نظره فجأة على رنيم التي وقفت في المكتب كالصنم غير قادرة حتى على تحريك قدميها لتخرج
اقترب منها يحاول اقناع فواز بوجهة نظره
_ عندك رنيم اهي .. أأمن واحدة في الدنيا ، بتعلم ولاد فايز إللي المدرسة إللي بتدفعوا فيها ملايين متقدرش تعلمه ، شايلة قصر بناسه فوق راسها وبنت شريفة محافظة على نفسها رغم أنها عايشة لواحدها وسهل أوي تنحرف عن الصح وبتتعامل مع طبقات عالية لكن عمرها ما اغرتها الفلوس وعمرنا ما شوفنا منها حاجة وحشة ..
اغمض فواز عينيه غاضبًا وساحقًا أسنانه بينما عروقه كادت أن تنفجر .. ولأول مرة يصل لتلك الدرجة من الوحشية ... والأكثر أن رنيم هنا واستمعت لكل ما قال وجسدها يرتجف من هول الفاجعة
أكمل فوزي يحاول استعطاف أخيه _ يا فواز البنت إللي بكلمك عنها دي كدة بالظبط ، أنا لفيت وراها أربع شهور عمري ما لمحت حتى كعب رجلها .. أنا والله عرفت اسمها بالصدفة
هنا تحدث فايز وبالطبع هو الآخر لم يقبل بحديث أخيه
_وايه يضمنك انها مش طمعانة في فلوسك ..
اندفع فوزي مرة أخرى يسأل رنيم ليثبت لهما أن نظرتهما خاطئة
_ رنيم لو حد مننا احنا التلاتة كان اتقدملك كنتي هتبقى طمعانة فيه علشان فلوسه ! ؟
صرخ فواز وكأنه خرج عن وعيه _ انت بتسأل مين ماهم زي بعض ، خدامين يا بشمهندس
شق قلبها نصفين بحديثه وهنا ارتفعت عيني رنيم لتسقط نظرتها داخل عينيه مباشرة .. لتجده متحفزًا بوجه احمر منتفخ لا يأبه لأحد .. لتشعر أنها لأول مرة تراه بحياتها !
نظرت له مطولاً تتأمله وبعد لحظات فقدت سيطرتها على نفسها ونزلت دمعة من عينيها ونظرات الخذلان تلقاها هو في سخرية لاذعة من درامتها التي لا تنتهي في وجهة نظره ..
اندفع فوزي قائلاً في غضب ومصرًا على قراره
_ كفاية بقى خدامين خدامين بلاش العقد دي ..و لو كانت ايه حتى هتجوزها
بوجه بري كالأسد الغاضب قال فواز متحديًا رغبة أخيه
_ بقولك دا على جثتي
وهنا خرج صوت أبيهم متألمًا لينبههم بوجوده الذي نسوه
_ قلبي !
جرى عليه فايز في قلق كبير ممسكًا يديه
_ بابا مالك !؟
صرخ فايز برنيم _ رنيم ماية بسرعة ودوا بابا بتاع القلب
ومن شدة غضب الأخوين لم ينتبها لشيئ واشتد بينهما الحوار وقد كانت حضرت الأختين وطالعوا ما يحدث في دهشة وصدمة بينما يلفظ فواز
_ مليون واحدة تتمنى نظرة منك اشمعنا دييي بالذات !!!
هنا ارتفع فوزي صوته ولأول مرة يثور في وجه أخيه الأكبر
_ هو القلب لما بيحب بيختار يحب مين ؟!
هنا سكت فواز واهتز جسده في رعشة لم يشعر بها غيره لأنه ويالسخرية واقع في عشق خادمة حد النخاع حتى أنه لا يستطيع التنفس إلا قربها ... ابتلع ريقه وصدره يعلو ويهبط في هياج .. حيرة وصراع وقع بهما .. دوامة الحب وصراع المستويات والمسميات والمثاليات .. لا يعلم أي طريق يسلك .. لكن كل ما يعلمه أن تلك الزيجة لن تتم أبدا فأخيه الصغير لن تُكتب خادمة على إسمه مهما حدث
______
هتف بهما فايز يحاول السيطرة على الأمر وغير محتمل ما يحدث الآن
_ بس بقى انتوا الاتنين بابا قلبه مش متحمل
انتبها لما يحدث فجأة وبدأ والدهم في التحدث
_ لو عملت كدة يا فوزي .. لا أنت ابني ولا أعرفك
لينصدموا من حدة كلمات أبوهم وشدتها ليقول فايز
_ إيه لازمة الكلام دا بس يا بابا
تجاهله أبيه ونظر لفوزي في تعب وارهاق ومع ذلك بصوتٍ صارم
_ لو عملت كدة يا فوزي لا أنت ابني ولا أعرفك
انت سامع !!
كاد فوزي أن يجن من تلك العائلة .. ما المشكلة بالأمر .. هو يريد أن يتزوج .. ما الداعي لكل ذلك الصريخ والغضب والدراماا
حاول فايز تهدأة والده حتى لا تتأخر حالته
_ خلاص خلاص يابابا اهدى لو سمحت محصلش حاجة .. فوزي كان بيقترح بس
رفع فوزي رأسه مدافعًا عن حبه بكل قوته
_ لأ أنا مش بقترح يا فايز .. أيوة أنا بحبها وعاوز اتجوزهل وميهمنيش هي إيه وبنت مين إن شاء الله حتى تكون شحاتة في الإشارات
هنا كور فواز قبضته واتجه مسرعًا ليضرب فوزي
_ لا دا أنت اتجننت على الآخر
وقف فايز ليمسكه من خصره ويمنعه من فعل ما يقدم عليه
_ فوااز اوعى !!
قال فوزي في غضب _ مسمحلكش يا فواز وياريت يكون الحوار بنا ليه حدود وتحترمني زي ما بحترمك
سبه فواز في إحتقار وإذدراء _ انت خليت فيها احترام دا أنت بقيت زبالة وذوقك بقى رخيص
انفتحت عيني فايز وفوزي من ألفاظه بل وغلطه في أخيه هكذا بمنتهى السهولة .. وقبل أن يقولا أي شيئ كان والدهما بصوته الواهن يطلب منهما الخروج
_ اطلعوا برا وسيبوني مع فواز .. براا
نظرا للباب ليجدا هيام وريم واقفتين يتابعا ما يحدث في صمت
.. نظرت ريم لزوجها في تفهم وحنان ليتنهد ويغمض عينيه في تعب .. أما هيام فكانت غاضبة من فوزي بسبب رغبته بالزواج من خادمة ومساوتها بهم ..
_____
جلس فايز وفوزي في الحديقة ليحاول فتيز فهم قصة أخيه الذي كان يقول
_ يافايز الناس محترمة جدا جدا .. حتى أبوك عاوز ياخد منهم ارضهم بالعافية !
استغرب سائلاً _ أنت بتتكلم عن مين بالظبط
_ أرض غادة يحي عبدالحي يا فايز .. أكيد عارفها
ضيق عينيه وقد ضاع وعيه فهو لم يكن يعلم أن الحوار على تلك العائلة بالضبط
وتذكر ذلك اليوم وغرق به ثم استفاق فجأة قائلا محاولا التتويه عن الموضوع
_اهم حاجه متفتحش الموضوع ادام بابا وفواز تاني
ليصر فوزي قائلاً_ ماهما لازم يقبلوا دلوقتي ولا بعدين .. البنت دي مش هتجوز غيرها
حاول فايز مسايرته فربت على كتفه قائلاً
_ you will get the best woman ever
"ستحصل على أفضل إمرأة بالعالم"
نظر له فوزي داخل عينيه في حزم
_ i will get her !
" سأحصل عليها هي "
_____
أغمض عينيه ما إن وصل إلى ذلك المكان ... لا يصدق أنه هنا مرة أخرى ولكن .. ها هو هنا ! في نفس الساعة التي أتى بها المرة الماضية
نزل من سيارته وقد قرر أنه لن يذهب هذه المرة إلا وقد علمها هي وأختها درسًا قويًا ... صحيح أنه لم يتحدث كثيرًا ولم ينفعل .. ولكن هذا طبعه فهو هادئ لأقصى درجة وهدوءه لا يدل على رضاه عن الأمر
بعد دقيقتين من نزوله وجدها تتقدم بعبائتها وشنيها المستعار لتقف أمامه في تأهب منتظره حديثه
خلع نظارته ونظر داخل عينيها وبصوته الهادئ الثابت أمرها
_ خلي اختك تبعد عن أخويا .
ابتسمت في سخرية _ العب بعيد يا شاطر
لم يتوقع ردها ولا طريقتها لكنها استفزته للغاية ، ليهددها ويطلق شروره عليها
_ لو عوزاها تكمل في جامعتها يبقى احسنلها تبعد عن أخويا
اقتربت منه بخطوات واثقة ومتحدية وقالت بصوتٍ متروي وهادئ .. وللعجب كان صوتها ناعمًا على عكس المرة الماضية .. حاول ألا يهتز أمامها فعينيها خطيرتين تأثره وتسيطر على خلايا جسده
_ اختي هتكمل في جامعتها غصب عنك وهتتجوز إللي قلبها رايده ورايدها غصب عنك .. بالسلامة وريني عرض كتافك ورانا أكل عيش مش فاضيين للهري
لم يتحمل فايز إهانة أكبر واحتدت عينيه واقترب منها يشدها من زراعها بقسوة ثم وبحركة خاطفة جذب شنبها المستعار رماه أرضًا ..
_______
وكدة يكون برتنا خللصصص