الفصل السادس عشر من رواية الخادمة الصغيرة
_____
تالت يوم رضا جات وقضت اليوم كله وسط محاولات جلال التودد ليها لكنها بترفض وبتطرده برا الغرفة وبتقفل الباب بالمفتاح ومش بتفتحه غير لأم نعمات سواء جيبالها الأكل أو حاجة تخص الست فريدة ...
جه المغرب وجلال كان عمال يلف ويدور حوالين نفسه وعاوز يشوفها ، فجأة سمع باب اوضة جدته بيتفتح راح فوراً ليها ووقف أدامها يسألها
_ رايحة فين ؟
ردت ببساطة رغم استغرابها وجوده أدام الاوضة وظهوره دايما من العدم أول ما هي تتواجد في أي مكان
_ مروحة يا بيه أني اتفقت مع الست انجي أروح قبل المغرب
_ مانتي كنتي بتنامي هنا..
جوابه استفزها بيتكلم كأنه معملش حاجة فردت عليه تفكره باللي حصل
_ كان .. كان قبل إللي انت
قاطعها بسرعة وقال بحزم وندم _ خلاص يا رضا لو سمحتي ، متفكرنيش بحاجة بشعة زي دي
سكتت رضا وبصتله بخيبة أمل بعدين هو كمل بصدق
_ مبحبش افتكرها .. بحس إني حقير وحيوان
رفع عيونه إللي لمعتها سحرت قلب رضا _ ممكن تسامحيني
قرب منها وبصلها جوا عيونها إللي متشالتش من عليه .. رضا مقدرتش تقاوم إنها تكون أدام عيونه ومتبص فيهم رغم إنها عارفة إن دا غلط لكنها مقدرتش تمنع نفسها في حين ان جلال بدأ يستغل انه بيأثر فيها وبدأ يغدقها بكلامه الحنون
_ مش قادر أعيش وانتي مش مسمحاني
الجملة هزت كل خلية حية فيها .. مش قادرة تصدق إن دا جلال إللي كانت بتستنى صوره من الشهر للشهر، واقف دلوقتي يقولها إنه مش قادر يعيش حياته بسبب زعلها منه ... سرحانها وملامحها الحنونة خلته يكمل على نفس أسلوبه
_ سامحيني يا رضا...عشان خاطري
بصت في الأرض بحزن ومردتش عليه فقال بخيبة أمل
_ خلاص عرفت إني ماليش خاطر عندك
قرب منها فتراجعت خطوات لحد ما دخلت الاوضة تاني فبص جلال لفريدة النايمة وقال
_ طيب علشان خاطر فريدة
راحت رضا بسرعة تقف جمب فريدة وكأنها بتحتمي بيها منه فقرب منها جلال وتجاهل خوفها وعيون رضا كلها تساؤلات وترقب
سحب ايدها وحطها على ايد فريدة وفضل حاطط ايدة فوق ايدها وعيونه زي عيون الثعلب كلها خبث وغموض ورضا قلبها هينفجر من شدة دقاته ومش قادرة تتصرف ودايما أدام عيونه بتحس إنها غرقانه وهالته الجميلة وسحر أنفاسه وسحر تواجده أصلا في المكان إللي هو فيه ببسيطروا عليها وبيعجزوها تماماً وكأنها بتتخدر ... ضغط جلال على ايدها إللي لقاها ناعمة أوي وصغيرة جوا ايده الكبيرة والخشنة فذاد ضغطه أكتر بسبب قوة شعوره بملمس جلدها فانتبهت رضا وسألها بصوت خبيث
_ مش بتحبي فريدة ؟ ...
قرب منها أكتر وايده لسه على ايدها وطلب وكأنه عارف إنه ليه رصيد من الدلال عندها
_ طب وحياة فريدة سامحيني
فاقت على نفسها أول ما لقت أنفاسه الساخنة بتلامس بشرة وجهها بحرارة فبعدت بسرعة وكل جسمها بيترعش من الخوف وفي نفس الوقت من دفئ مشاعر الحب اللي بتشتعل وهو بعيد فما بال لما يقرب منها ...
لفلها جلال وبصلها رغم إنها بعدت وكأنهم في مطاردة ورضا هي الحرامي اللي بيهرب من الظابط ...
_ اطلبي أي حاجة أكفر بيها عن ذنبي
جملة قالها بإندفاع وخوفها منه مضايقه وكان مستعد يعمل أي حاجة عشان ميشوفش نظرات الخوف والاحتقار إللي في عيونها تجاهه ...
سكتت رضا فعرف جلال إن مفيش أمل إنها تسمعه دلوقتي خالص... فحس بالإحراج وراح عشان يخرج
_ خليك ..
فجاة وقف أول ما سمع طلبها بصوتها المتوتر ، بصلها بعد ما كان أداها ضهره وماشي وسمعها بتكمل
_ متسافرش ... ستك كانت عوزاك جمبها علطول ، ومتعملش حاجات وحشة تاني ، متعملش حاجات حرام تاني
ابتسم جواه ومكانش عارف هل هو بيبتسم عشان هو أيقن بعد الجملة دي إنها هتسامحه وهيوصل لهدفه ولا عشان حد عاوزه ميسافرش .. حد مش عاوز منه غير إنه يقعد ميبعدش ... على كل حل رد بخبث
_ مش هسافر طالما أنتي عاوزة كدة ...
حطت عيونها في الأرض من الخجل فلمعت عيون جلال بفكرة وقال باللي خلاها ترفع راسها وتتصدم
_ بس على فكرة أنتي كمان عملتي حجات حرام
عيونها كانت كلها تساؤلات ففكرها باللذي مضى
_فاكرة لما جيتيلي اوضتي باليل وكنتي حاطة ميك اب ولابسة فستان ضيق
بدأ جسمها يرتعش ووشها أصفر فقرب منها يفكرها بذنبها أكتر
_ وبعد كل دا وعوزاني مفكرش فيكي وحش واتجرء عليكي
رفع حاجبه لما لقاها مش عارفة ترد _ سكتي ليه ؟
_ستك هي اللي قالتلي اعمل كدة ... اني بريئة
اخيرًا اتكلمت بصوتها إللي كان بيترعش فقرر إنه يقلب الطرابيزة عليها ويهاجمها هو المرة دي
_بريئة ازااي بقى بعد االلي عملتيه ، انتي شاركتي في اللي انا كنت عاوز اعمله معاكي ...
هزت راسها ترفض إللي هو قاله وعيونها فيها الدمع
_ متقولش كدة اني شريفة ... بس ستك قالتلي ان
كانت عاوزة تكمل وتقوله انه جدته أقنعتها أنهم أصلا في عداد المتجوزين ومش مشكلة إللي بتعمله كدة كدة هيتجوزوا بس سكتت ... حست بالعجز لأنها مظلومة ومش عارفه تدافع عن نفسها وكل دا عشان تحفظ سر فريدة ، دمعة نزلت منها من غير ما تحس من شد الحزن أما جلال فضوله خلاه يسأل عن إللي سكتت عنه
_ان ايه؟
بلعت ريقها وبعدين تماسكت و قالت باستسلام ترمي اللوم على نفسها لأنها فعلاً غلطت وشجعته عليها وهي عارفة كويس إنه عنده حافز إنه يعمل أي حاجة حرام ومعندوش موانع ومراعتش دا
_مفيش حاجة ... أني فعلا غلطت ... الغلط راكبني من ساسي لراسي
وقف جلال شوية سرحان مش فاهم حاجة بعدين رضا اتفاجئت من تعابير وشه إللي كلها توهان وبلاهه فضيقت عيونها وسألت مستغربة من حالته
_ مالك يا جلال بيه ؟!
رد جلال بجهل شديد _ يعني إيه الجملة الأخيرة دي؟
نفخت خدودها بغضب منه ومن بروده ومن قلة فهمه لأمثلة وكلام مصري كتير
_ يعني أنا غلطانة وخلاص متزهقنيش بقى
قالتها بغضب وفعلاً غباءه وهبله خرجها عن شعورها
_ خلاص اهدي .. وبعدين كنت أتحمل أنا إزاي أدام الجمال دا كله والحركات دي ، رضا أنا راجل مش ولد .. انتي فاهمة كلامي صح
بصتله بعمق بعد ما فهمت أنه خاض علاقات محرمة وقالت بحزن
_ ياريتني ما كنت فهماه .. ربنا يغفرلك ويتوب عليك
سأل _ أهمك للدرجة دي ؟
مردتش فطلب تاني بأسلوبه _أرجوكِ سامحيني
سكتت ولعبة جلال إنه يفكرها بأخطائها خلتها تحس بالذنب وإنها فعلا شريكة معاه في كل إللي هو عمله ، خلتها تحس إنها عذراه ، خبيث جلال قدر يلعب جوا عقلها الصغير كويس .
_ مسمحاك يا جلال بيه
نطقتها بخفوت فردد جلال _ بتقولي ايه؟
عادتها مرة تانية بقوة أكبر_ مسمحاك يا جلال بيه .
رغم إنه سمعها أول مرة إلا إنه حب يسمعها تاني لكنه اضايق وقال
_ بما إنك سامحتيني مش عاوز أسمع كلمة بيه دي تاني .. قوليلي زي ما كنتي بتقوليلي قبل كدة
تجاهلت كلامه _ عن إذنك ، أني اتأخرت والدنيا ليلت
_ خليكي هنا النهاردة
بصتله بعيون كلها تحذير _ وبعدين يا جلال بيه !!
_ عشان فريدة
شاكسها بعيونه فخبت ابتسامتها وبعدين ربع ايديه واتنفس براحة وقال
_ متتأخريش بكرة .. تعالى أول ما الصبح يطلع
هزت راسها بالموافقة فوراً فاداها ضهره عشان يمشي لكن قبل ما يمشي قال بنبرة ذات مغزى
_ ودا مش عشان فريدة على فكرة..
بعدين ابتسم بتلاعب هو جزء لا يتجزأ من شخصيته ومشي يختال بنفسه بعد جملته إللي خلت قلبها يرقص من الفرحة ... عاوز يشوفها وعاوزها تيجي من بدري كمان ... الدنيا كلها مش سيعاها بعد الجملة دي بس.
____
راح جلال لأمه إللي سألته فوراً
_ ها سامحتك؟
قرب منها بفخر وجاوب _ طبعا ...
_ حرص منها عشان دي خبيثة
ابتسمت انجي بنصر وفرحة لكنها حذرته من رضا فاستهزء جلال
_ أحرص منها إيه دي واحدة عبيطة ، دي سامحتني في يومين !
_ متنفخش نفسك أوي كدة واهدى لحد ما تتجوزها .
اتنهد جلال بضيق_ بجد مش عارف أتخيل الفكرة ... أتجوزها !
_ أعصر على نفسك لمونة ...
رد جلال بغباء وبلاهه _ أعمل إيه ؟
عضت أمه على شفايفها بغيظ من ذكاء ابنها المحدود واستعيابه إللي مش موجود تقريباً 😹
_ أنت طالع غبي ومستفز كدة لمين ؟!!!
رد عليها رد مستفز أكتر _ يعني الولد بياخد من جينات أهله ، فهي جيناتك انتي وبابا يا ماما
_ صبرني يارب ...
نفخت انجي في زهق وبصتله بضيق وخرجت وهبدت وراها الباب بقوة
_ مش فاهم إيه معصبها
سال باستغراب بعدين رمى نفسه على السرير المريح وضم رجليه على بعض وحط ايده تحت دماغه بروقان وعقله المنحرف بدأ يكلمه
_ هما صحيح أجبروك على الجواز ... بس أنت نفسك في رضا ... استمتع بكل لحظة هتجمعك بيها ... نفذ كل إللي حلمت بيه طول حياتك ، سيطر عليها وعيش إللي نفسك فيه .
ابتسم باتساع وغمض عيونه وهو بيتخيل كل إللي هو عاوز يعمله معاها وكل ما كانت فكرة الجواز بتزعجه كل ما بيفكر نفسه إنه وضع مؤقت وانه هيقدر ينبسط من الوضع دا
_
التلت أيام دول كانت مراة أبو رضا وأخواتها من ابوها وابوها نفسه راحوا قعدوا عند أهل مراته ... ورضا فضلت لواحدها طبعا كالعادة مرمية ملهاش حق إنها تخرج ولا حتى تشوف الدنيا وتفرح شوية ...
أول ما مراة أبوها رجعت ملقتش رضا في البيت وقلبت عليها الدنيا ملهاش اثر لحد ما نعمات الخبيثة قالتلها إنها بقالها يومين من ساعة ماهي راحت عند أهلها وهي رجعت تروح تاني عند الست فريدة وبترجع بليل متأخر
مراة أبوها سمعت كدة من هنا والغضب عمى عيونها وقعدت أدام عتبة البيت مستنية رضا ترجع عشان تربيها وتحاسبها على إللي هي عملته وجابت مراة عمها وبنت عمها عشان يتكاتروا عليها كالعادة
رضا فعلاً متأخر المرة دي عن أي مرة تانية بسبب أنها فضلت تتكلم مع جلال ودا إللي أخرها
أول ما وصلت لقتهم قاعدين على عتبة البيت هما التلاتة وشكلهم يخوف واتفاجىت إن مرآة ابوها رجعت بدري من عند أهلها ولسة راحة تقول سلام عليكم لقتهم هجموا عليها وبيضربوها جامد
حاولت تصرخ بس دا مذادش الطين غير بلة ولمت الشارع كله عليها
_ راحة هناك تاني ليه يا عديمة الشرف... بتستغلي إننا مش موجودين وتروحي تباتي في القصر تلت أيام .. بتعملي إيه هنااك تلت أيام.. مش مكفيكي فضيحتك
مرآة ابوها قالت كدة بأعلى صوت وطبعا ذودت كلام من عندها عشان تفضح رضا أكتر وإللي كانت بتصرخ وبتحاول تدافع عن نفسها ......
_ ماهي هتجيب الجرءة دي منين ،طالعة لأمها
مراة عمها هي كمان مرحمتهاش وفضلوا يعيبوا فيها ويتشموها بأبشع الألفاظ وجه أبو رضا إللي كان سامع كل حاجة ومتدخلش
صرخت رضا تستنجد بأبوها والعياط مغرق وشها
_ يابااا .. الحقني منهم.. والله ما عملت حاجه يابا
_ اخرسي يا بت لسة ليكي عين يا بجحة..
مراة ابوها ضربتها أكتر بجذمتها .. رضا حست إنها عريانة وقلبها اتكسر وهي شايفة أبوها مش بيحن عليها ولا بيمنعهم وحست إن ملهاش أي سند في الدنيا دي ...
أما الناس كانت بتضرب كف على كف منهم إللي بيحتقر رضا وصدق عنها الكلام ومنهم إللي صعبانة عليه فعلاً واتدخل وفكوا الموضوع ومرأة ابو رضا سحبتها من شعرها ودخلتها رمتها في أرضية المخزن اللي بيحطوا فيه علف المواشي والطيور
رضا كانت كل جزء في جسمها مجروح وشفايفها كانت بتنزف ، ومناخيرها كمان وحجابها سقط عنها وشعرها اتفرد فكانت زي الأميرة المكسورة وإللي مش قادرة حتى تطلع صوت من كتر قسوة الألم
قربت منها مراة أبوها بوشها صاحب التعابير الصعبة جدا والبغيضة وقالتلها
_ اعملي حسابك .. بكرة جايلك أبو أحمد الجزار ومش هيطلع غير وهو كاتب كتابه عليكي ... حسك عينك أسمع منك كلمة رفض ولا مش عاوزة ... خلينا نسترك ونخلص من عارك
جيبالها عريس عنده ٦٥ سنة وأولاده الرجالة أصحاب أبو رضا ... رضا رغم كل الألم إللي فيها إلا إنها حاولت تعافر وترفض وتهز رأسها
_ مش عاوزة ... مش عاوزة ...
ردت مراة عمها _ صحيح ما إللي زيك ملهاش السترة أبدًا ... ...
_ ارفضي زي ما ترفضي ، كدة كدة هتتجوزيه غصب عنك
قالتها مرآة ابوها بتشفي رهيب وخرجت وسابت رضا في ظلمة المخزن وقذارته ... رضا فقدت الوعي من كتر الألم والدوخة إللي حصلتلها ورفضها لظلمات الواقع خلاها تنتقل لنور الحلم
مراة عمها ومراة ابوها قاعدين يشربوا شاي ولا على بالهم إللي حصل لحد ما مراة عمها قالت
_ بس دي كان حقها تتجوز حد حلو أوي .. البت حلوة
رفعت مراة ابوها حاجبها _ وإللي هتتجوزه دا هيدفع فيها شيئ وشويات ياختي
_ بس بصراحه ، لو اتقدم لبنتي هرفضه ، واهي رضا من دور بنتي
زعقت فيها وقالت _ بقولك إيه ابلعي كلامك ياختي وخلي بالك من بنتك وخليني أنا اخد بالي من بناتي ...
سألت _ يعني لو اتقدم لواحدة من بناتك هتوافقي
شهقت مراة أبوها وقالت بفخر _ فشر .. بناتي مياخدوش إلا الشباب يا حبيبتي ، عشان يفرحوا في حياتهم ويتبسطوا .. إنما دي عارها في كل حتة ... وبعدين سمرة دي تبوس ايدها وش وضهر إنها لقت عريس يشيل
_ على رأيك...
قالتها مراة عمها ورجعوا هما الاتنين يشربوا الشاي التاني ويتكلموا على الناس وينموا عليهم.. هي دي قعداتهم كلها حرام وكبائر رغم انها منتشرة لكنها من أكبر المحرمات وفي الآخر بيقولوا على الناس معندهمش زمة وشرف !
______
نهاية الفصل