الجزء الأول من الفصل السادس والعشرون رواية الرقيقة والبربري
قاوم النوم بصعوبة ليقع فيه في النهاية بسبب تعبه وارهاقه ....
لكنه كان تعب لذيذ .. ترك ابتسامة لطيفة منتشية فوق شفتيه .. حتى غرق في نوم هنيئ لأول مرة منذ زواجهما ..
يشعر معها بالراحة نعم .. لكن الانتشاء ! شعور غريب عليه تمامًا معها .. لكنه كان مُرضي رضا مطلق ..
فتج عينيه قبلها في اليوم التالي وكأنه كطفل يتلهف للذهاب لرحلة .. ورامي كان يريد رؤية نور بسرعة شديدة ..
حيث كان الصباح يتسلّل على مهلٍ من بين الستائر، يُلقي خيوطه الذهبية على وجهٍ نام بطمأنينةٍ عجيبة.
ففتح رامي عينيه على صوت أنفاسها الهادئة، فابتسم بخفوتٍ وهو يتأملها، شعرها الكثيف يتناثر فوق صدره كغطاءٍ ناعمٍ من الحرير، وجانبها الأيمن مكشوف قليلًا، فتمنّى لو يظل هكذا عمرًا كاملًا...
لم يكن تعب الأمس مألوفًا، كان مُرهقًا، لكنه لذيذ، دافئ، كأن جسده قد أُنهك في سبيل راحةٍ غامرةٍ لم يذقها من قبل.
أحس لأول مرة منذ زواجهما أن النوم بعد ليلةٍ معها، ليس مجرد راحة... بل انتشاء خالص..
مدّ يده ببطءٍ يزيح خصلةً وقعت على وجهها، ثم همس لنفسه ضاحكًا وهو يتأملها في دهشة
_ إيه كل الجمال دا ؟
اقترب منها أكثر، فتمتم بصوتٍ خافتٍ مازحٍ، ونبرةٍ لا تخلو من الدلال
_ إيه يا وحش .. عارف إنك صاحي وعامل نفسك نايم.
لقد كشفها !! نعم .. لقد استيقظت وفتحت عينيها ثم اغلقتها بسرعة وحسبت اللطيفة أنه لم يراها ... لكن على مَن ! فزوجها موهوب في احراجها
فتجت عينيها على مضض وحُمرة الخجل تكسوها ... حاولت أن تنظر بعيدًا عن عيناه المتلاعبة .. لكن لا يكن رامي إن لم يصبغ وجنتيها بحمرة الخجل
_بس إيه الجراءة دي كلها؟
أغمضت عينيها في ضيق... ليهتف ضاحكًا
_ يعني كدة أنا مش شايفك ؟
تحرّكت نور ببطء، وفتحت عينيها بتثاقلٍ وقد احمرّ وجهها، تردّدت قليلًا قبل أن تهمس بخجلٍ ناعمٍ
_ خلاص بقى...
ضحك بخفوتٍ وهو يراقب توترها، عينيه تلتمعان بخبثٍ لطيفٍ وكأنه يتلذذ بإحراجها
_ يعني فاكرة عملتي إيه امبارح يا قطة ؟
خفضت نظرها، تتظاهر باللامبالاة بينما أصابعها تعبث بطرف الغطاء في اضطرابٍ مكشوف
_ مش كل حاجة...
اقترب أكثر، صوته يخرج أعمق هذه المرة، ممتزجًا بالدفء والتلاعب
_ تبقي فاكرة يا مكارة ...
رفعت رأسها له في استنكارٍ مرتبك من نعته لها بالمكارة .
_ والله لأ...
ابتسم، انحنى ناحيتها قليلًا وهو يراقب وجنتيها تزدادان تورّدًا
_ طب فاكرة لما عضتيني .. هنا بالظبط !
ثم أشار لكتفه لتهز رأسها بالرفض وهي ترى آثارها عليه ... ليقول في حزن مصطنع
_ ولا ضهري .. بقى خريطة ! طلعت القطة ليها ضوافر ومتوحشة .
تحدث في خبث ظاهر في آخر كلامه يقصد معاني رجسة تسللت لعقلها فتقطّعت أنفاسها للحظة، ثم همست مذهولة
_ أنا عملت كده؟!
ضحك بخفةٍ وهو يتكئ بيده قرب رأسها، لتشعر بحرارة أنفاسه تلامس جلدها
_ آه... تبقي مش فاكرة.
ثم مال أكثر وهو يداعب أطراف شعرها
_ بصي عموماً، احنا لسه فيها... احنا ممكن نعيد كل حاجة من الأول وانتي فايقة بقى.. وجسمي أنا ياستي مضحي بيه .. اعملي فيه ما بدالك ان شاء الله حتى ترسمي عليه !
شهقت بخجلٍ ودفعت صدره بخفةٍ مرتجفة
_رامي! أرجوك.
تراجع نصف خطوةٍ إلى الوراء وهو يبتسم بصدق
_ عارفة أنا اكتشفت إيه؟ اكتشفت إنك أكتر...
سكت فجأة، كأنه خاف أن يُكمل.
أغضى جفنيه لحظةً، يخفي اضطرابه، كان سيكمل ! كان سيخبرها أنها اكثر امرأة شعر بين يديها بالراحة والمتعة .. كان سيكون أكبر خطأ يرتكبه في حياته ! .. لكنه تراجع عن ذلك وهو يعود ويكمل بعد صمت للحظات يُمسك نفسه عن قول ما جال بخلده ..
ثم تنحنح وأكمل بابتسامةٍ مصطنعةٍ تخفي ما في صدره من دفءٍ غير مألوفة
_ أكتر انسانة بتسعدني في الدنيا ..
قالها لتهرب ابتسامتها من بين شفتيها غصبًا ... ليتحمس وهو يقترب منها ويلفح بأنفاسه الساخنة جلدها الرقيق
_ ها... هنعيد؟ أبوس إيدك قولي آه.
نظرت له بعيون دائرية ناعمة ليتأملها في ضعفِ بالغ ثم جالت عيناه على بقية تفاصيلها متوسلاً بينما يعض شفتيه
_ أبوس أي حاجة قولي آه ...
رفعت حاجبيها بتوترٍ جميل، وصوتها يرتجف بين الخجل والدهشة ولم تلاحظ نظراته ولا أي شيئ .. بل كل ما لاحظته كان شيئ واحد
_ هو أنت... بتاخد إذني؟
ابتسم بثقةٍ هادئة، يقترب منها أكثر وهو يهمس بحب وصوت النوم مازال مرافق لنبرته ..
_ آه، باخد إذنك طبعًا... عوزاني أعمل الجنان اللي في دماغي ده من غير ما تكوني مستعدة؟
كانت تبتلع ريقها بصعوبة، تحاول السيطرة على ارتباكها،ليكمل هو بخفوت مغري وبنظراته التي تتحول فجأة لتصبح جادة بشكل مثير
_ أنا آه... عاوز جناني .. مش هنكر... عاوز أعمل كل حاجة في خيالي معاكي .. بس مش غصب عنك ..
مال نحوها أكثر، عيناه تبرقان بحنانٍ دافئٍ وصدقٍ غير معتاد ... ثم قالت هي بخفوتٍ كأنها تعترف بسرّ
_ ومين قال غصب ؟
_ يعني برضاكي !
سأل يجس نبضها لتنظر للغطاء وتهرب من عينيه .. ليعود ويقول يطمئنها ويرغبها في نفس الوقت
_ يمكن امبارح مكونتيش واعية ، بس المرة الجاية هتكوني فايقة... ووقتها، هكون أسعد واحد في الدنيا.
نظرت له بدهشةٍ صامتةٍ قبل أن تهمس بنغمةٍ هادئةٍ مترددة
_ بس أنا... كنت فايقة!
ضحك بصوتٍ خافتٍ وهو يمسك بطرف الغطاء، عينيه لا تفارقان عينيها
_ يا نور!!
أطرقت للحظة، ثم رفعت وجهها نحوه وابتسامةٌ خجولةٌ ترتسم فوق ملامحها، همست كأنها تتنفس الكلمات من عمقها
_ افتكرت... كله كان من قلبي.
أمال رأسه نحوها في دهشةٍ ممتعةٍ وقال وهو يضحك بنغمةٍ مرحةٍ مشاكسة
_ وحلفتي كدب كمان! دا انتي بقيتي بت نوتي أوي.
ابتسمت بخجلٍ ناعمٍ وهي تتهرّب بعينيها لكنها لم تستطع مقاومة رؤيته بهذا الشكل المثير
_ افتكرت حالًا، وأنا ببص في عيونك كده افتكرت...
_ نور...
همس باسمها لترتعش .. ثم نظرت داخل عينيه ورفعت زراعها المملتئ بشكل مثالي تلمس به عضتها على كتفه وتقول في هيام به
_ وإنت مايل عليا كده، وشميت ريحتك... رجعتلي الذاكرة!
ارتجف صوته وهو يردّ وكأن مقاومته أمامها قوتها قليلة وعمرها قصير ..
_ دا مكانش كلامك يا نور ...
ضحكت وهي ترفع الغطاء قليلاً ونظرت له بنظرةٍ متحديةٍ خفيفة تتذكر الراقصة اللعينة وتشعر بغيرة احتلتها فجأة
_ والله؟ دلوقتي مش عاجبك كلامي يا بتاع الرقاصات!
ثم همت لتقف وتغادر الفراش لكنه اقترب منها بحركو خاطفة
_ طب استني بس... والله ما انتي قايمة.
تجاهلته لكنه شدها من زراعها يلف عليها الغطاء جيدًا وهو يترجاها بعيون فعلاً ضعيفة أمامها ويتأمل جسدها الظاهر من خلف الغطاء
_ متهزريش ! لو قومتي كده، مش هعرف أمسك نفسي.
ارتبكت للحظة، لكن الخجل تحول إلى ضحكةٍ خافتةٍ خرجت من بين شفتيها المرتجفتين وهي تقرر أنها ستتحداه وتوتره هو الآخر ..
_ هقوم.
مدت شفتيها للأمام فتخيل نفسه يقضمها ! لم تحيد عيناه عن شفتيها وهو يقول بصوت رجولي بحة النوم مازالت به
_ متقوميش.
تدللت أكثر وهي تهز كتفها ليسقط من عليه الغطاء وتقول بتهديد اثار فيه الرغبة بها
_ هقوم.
ليجيبها رامي بصوتٍ منخفضٍ مشحونٍ بالرغبة
_ طب قومي... فرجيني.
تجمدت للحظة، نظراتهما تتشابك في صمتٍ ممتدٍّ متوترٍ وحنون في آنٍ واحد...
لم يعد بينهما سوى المسافة التي تفصل الهمس عن اللمس،
فسكنت الغرفة إلا من أنفاسهما المتلاحقة
ثم انحنت نور بخجلٍ جميلٍ تائه، بينما اقترب هو منها كأنّ كل ما حوله اختفى.
نظرت له نور وهو يقترب منها وكأنه يأخذ من استسلامها له الموافقة .. وقالت بهمسٍ مرتعش
_ رامي...
لم تكن سوى دقائق حتى كان ينحني عليها ويهمس أمام شفتيها في حرارة
_ نور...
وسكت كل شيءٍ بعد ذلك ، إلا الدقات التي اختلطت بين قلبيهما... وأصوات حب ذا شغف نبع بينهما في هذه الرحلة .
________________________________
.png)