الجزء الخامس من الفصل الرابع والعشرون رواية الرقيقة والبربري
نادته بصوت مخملي ضعيف، لكن فيه نغمة لم يسمعها منها من قبل، نغمة كسرت كل حواجزه... نظراتها التي تناديه وقضمها لشفتيها بهذه الطريقة .. هل هذه نور !!
اقترب، خطواته ثقيلة من أثر ما يختلج بداخله، لكن قلبه كان يسبق جسده إليها.
ممددة على الفراش، وجنتاها ورديتان، وعينيها نصف مغلقتين، تلمعان ببريق لا يخص الخجل ، بل شيء آخر… شيء طالما حلم أن يراه فيها...
_ نعم يا نور ؟
مدت يدها نحوه ببطء ، أطراف أصابعها لامست أصابعه، ثم قبضت عليه بخفة، كأنها تطلب منه أن يقترب أكثر..
في تلك اللحظة شعر وكأن كل ما كتمه من غيرة وغضب منذ ساعات قد انسكب داخله وتحول إلى شوق جامح...
اقترب أكثر و المسافة بينهما كانت تضيق في كل نفس، هي تتحرك قليلًا في الفراش لتقترب، وهو يراقبها بعينين يملؤهما الهوس والانبهار...
_ مالك يا نور فيه إيه !؟
سأل بصوت يعلم تمامًا ما تمر فيه من أثر الكحول .. لكنه لم يتخيلها هي بالذات في هكذا موقف ! دق قلبه وحاول أن يتمسك بقوته .. لكنه في النهاية وجدها تسير بأطراف أصابعها على بطنه صعودًا لكتفيه ... نظر لموضع أصابعها ثم نظر لوجهها ..
فابتسمت ابتسامة صغيرة، عيناها هاربتان منه، لكنها لم تتراجع.
فجأة مد ذراعيه ورفعها نحوه، ثم أجلسها على ركبتيه وكأنه يخشى أن تهرب، وضمها بقوة وكأن احتواءها هو الطريقة الوحيدة لإخماد الحريق بداخله...
أنفاسه كانت سريعة، يده تتحرك على ظهرها، ليستطيع أن يشعر بوجودها أكثر، أن يتأكد أنها هنا، وأنها له.
همس في أذنها، صوته مبحوح من الانفعال
_ أنا من النهاردة… مش هسيبك تبعدي عني ولا لحظة.
هي لم ترد، لكن رأسها استقر على كتفه، ويديها تشبثتا به، وكأنها تسلّم نفسها لهذه اللحظة...
شعر "رامي" وكأنه يختنق من كل ما مرّ به الليلة… كل صور الغيرة التي عذبته، كل اللحظات التي تخيل فيها نور في غير حضنه، كانت تتكسر الآن بين ذراعيه.
ضمها أكثر، حتى شعر بأنفاسها تختلط بأنفاسه، وكأن جسديهما يتحدثان لغة لا تحتاج كلمات..
كان في حضنها مزيج من البراءة القديمة التي يعرفها فيها، والأنوثة الجديدة التي ظهرت فجأة وأشعلت داخله رغبة لا يمكنه كبحها...
همس بصوت منخفض، لكنه كان أشبه بوعد وتهديد في آن واحد
_ إنتي بتاعتي يا نور … طول ما أنا عايش ، إنتي بتاعتي .
ابتسمت ابتسامة مغرية ، وعينيها نصف مغمضتين، لكنها في هذه المرة لم تحاول الانسحاب أو مقاومته، بل تركت يديها تلتف حول عنقه، وكأنها تجيبه بصمتها..
ليشتد به الشغف ويهتف
_ حتى لما أموت أنتي هتفضلي بتاعتي ومفيش راجل على وش الأرض يمد إيده عليكي !!
لم تجيبه بل داعبت بأظافرها عنقه وهي تنظر له ..
كان يقرأ في عينيها كل ما تمناه منذ زمن… تلك النظرة التي تحمل الانجذاب والاعتماد، وكأنها تطلب منه أن يأخذها ... لم تخفض عينيها ولم تتراجع بل قالت
_ قرب شوية يا رومي ..
_ كدة ؟
سأل بصوته الهامس لتقترب هي وتأن
_ أكتر.. عيزاك تقربلي أكتر..
وبدون أن يدرك، بدأ يفرغ كل ما بجوفه من شوق وغضب في احتضانها، حركاته حازمة لكن حانية، متملّكة لكن عاشقة..
كان يشعر وكأنه يحارب العالم كله ليبقيها هنا، في حضنه، لا يجرؤ أحد على أخذها منه...
ونور، رغم سُكرهت ، استسلمت تمامًا لدفء ذراعيه، وعرف هو أن هذه الليلة لن ينساها أي منهما أبدًا...
.png)