الجزء الخامس والأخير من الفصل السابع عشر رواية الرقيقة والبربري

 الجزء الخامس والأخير من الفصل السابع عشر رواية الرقيقة والبربري 


كانت إضاءة المكان خافتة ، سار رامي بخطًى متسارعة نحو الكوفي المخفي، نظراته تلتهم الوجوه من حوله، وقلبه يخبط صدره بجنون كأنّه يصرخ قبل فمه 

_ يارب تكون هنا . 

وقف أمام المكان، تطلّع حوله، ثم تحرّك بخطًى مشوشة، يبحث... يبحث بعينيه، بقلبه، بروحه... the hidden coffee..  أخذها إليه عدة مرات .. أحبت المكان لأنه مخفي عن عيون معظم الناس ... تمنى لو بجدها هنا ! تمنى وهو يسير على الطريق ويبحث بعينيه عنها وسط الوجوه .. 

ثم... رآها.

كانت منكمشة خلف جذع شجرة في الزاوية المقابلة، وكأنها تختبئ من العالم، من الخطر، من الألم... جسدها الصغير ملتحف بالبرد والخوف، وعيناها تدوران كفأرٍ مذعور، تتابع المارّين بريبة، وكلّ رجل يمرّ يزيدها رجفة وانكماشًا.

اقترب رامي خطوة، ثم اختنق صدره فجأة، وخرج اسمه من حلقه مجروحًا، قويًا، حيًا 

– نور!!

ارتعشت الفتاة كأنّ الرعد ناداها، ورفعت رأسها بسرعة، نظرت إليه... ثم قامت فجأة، كأنّ صرخة روحه أيقظت بها كل ما مات فيها..ركضت نحوه.. بكل وجعها وكل حزنها .. شعرت بالفرحة كأنها وجدت طوق نجاة ! 

ركضت كأنّها تركض نحو الحياة بعد موت، نحو الأمان بعد تيه، نحو النور بعد ليل طويل.

ولمّا وصلت إليه، لم تتردّد لحظة، بل ارتمت في حضنه بكل قوتها، دفنت رأسها في صدره، وانفجرت بالبكاء.

ضمّها رامي بقوة، بقسوة المحب النادم، وبلهفة الغريق الذي عثر على اليابسة بعد ظنّه أنها لن تأتي.


_ اهدي .. أنا هنا .. أنا هنا خلاص !


لم تتوقف عن البكاء المتواصل ولو للحظة وصوتها يرتفع اكثر حتى شعر برطوبه قميصه الذي تبلل بدموعها الغالية .. 

– كنت حاسس... حاسس إني هلاقيكي هنا...

همسها لا يكاد يُسمع، وصوته يرتجف من فرط ما يحمله قلبه..

– "أنا... أنا كنت لوحدي أوي... كنت مرعوبة... مش عارفة أروح فين ولا أعمل إيه...

قالتها وهي تتشبّث بقميصه، كأنها تخشى أن يفلت منها مرة أخرى.

– معلش... أنا آسف... آسف على كل حاجة... خلاص، خلاص يا نور، أنا جيت، أنا مش هسيبك تاني... والله ما هسيبك تاني أبدًا.

شدّها إليه أكثر، كأنّه يضمّ كل ذراتها المبعثرة، كأنّه يريد أن يخبّئها داخله كي لا تطالها الحياة من جديد.. 


_ أنا خايفة أوي يارامي .. 

قالت في انهيار ليشد على جسدها ويغمض عينيه ليرى قلبه ببصيرته يتهشم .. يحترق من أجلها ! ... 

_ أنا هنا .. هنا يانور .. امانك وسندك يا حبيبتي.. انتي في حضني متخافيش . 

شعرت بين ذراعيه أن كل خوفها قد تبخر، أن العالم صمت، ولم يتبقَ فيه سواه. رائحته، دفء صدره، صوته، كلّه كان عودة للحياة بعد أن دفنت نفسها حيّة في لحظة تهور ويأس.. 

________________________

وصل رامي إلى البيت يحمل بين ذراعيه أغلى ما امتلك قلبه يومًا... نور.

كانت مستكينة في حضنه، كأنها فقدت القدرة على السير، أو ربما لم تعد تثق بالأرض تحت قدميها.

فتح الباب بسرعة، وقبل أن يهمّ بالنداء، سمع خطواتٍ تتسارع نحوه.

كان رأفت يركض، وجهه مكدود، وصدره يعلو ويهبط كمن عاد لتوّه من القبر.


–  نور!!

صرخ بها وكأنها صرخة نجاة، وكأنّ اسمها وحده يعيده إلى الحياة.

اقترب منها، سحبها من رامي برفقٍ ولهفة، ضمّها بقوة بين ذراعيه.

– حبيبتي... يا بنتي... يا نور عيوني... كنت فين؟ كنتي فين يا قلب أبوكي؟!


لكن نور لم ترد، فقط دفنت رأسها في كتفه، ثم همست بصوت خافت مبحوح

– أنا تعبت يا بابي...

انكسر قلب رأفت، فأشار لرامي وهو يحملها من جديد 

– هات... هاتها فوق تنام شوية. 

لكن رامي مسكها وحملها بين زراعيه ثانية وهو يتحدث مع رأفت ببرود وعيونه تشكك فيه شك لم يريح رأفت ! 

– هطلعها أوضتها... اطلب أنت دكتور . 


وصعد بها رامي برفق، وضعها فوق السرير، سحب الغطاء عليها، لكنها لم تترك يده، كانت أصابعها متمسكة به كأنها طوق نجاة.

همس لها 

– أنا مش هبعد... هنا، جنبك... 

أغمضت عينيها على صوته، وعلى رائحته، وعلى ما تبقى لها من أمان.

بعد دقائق، نزل رامي، وعلى الفور طلب رأفت طبيب العائلة.

حضر الطبيب سريعًا، وبعد فحصٍ دقيق قال بهدوء 

– البنت حالتها كويسة، بس تعرضت لتوتر عصبي شديد، وعندها هبوط حاد من القلق والخوف... محتاجة ترتاح كام يوم، ومحدش يضغط عليها بكلام أو أسئلة.


أومأ رأفت برأسه، ثم نظر للطبيب

– شكرًا يا دكتور.

وانصرف الطبيب.

_عايزك في مكتبك ! 

قال رامي بنبرة جادة .. 


_ دا وقته ! 


أردف رأفت متهكمًا ليقول رامي بأسلوب حاد وقوي 


_  دلوقتي حالاً . 

ثم توحه رامي للمكتب ولم يجد رأفت بُد من أن يذهب خلفه..  

ظلّ الصمت بين رامي ورأفت مشدودًا، حتى قرر رامي قطعه وهو يجلس أمامه بنظرات ثابتة، ونبرة عميقة

– أنا عايز أعرف... إيه اللي حصل بالظبط وخلى نور توصل لكدا؟

صمت لحظة، ثم أكمل وهو يضغط على كلماته وقد تأكد أن هناك شيئ مريب يخبئه حماه وزوجته . 

– نور مالها يا رأفت؟! 

توترت ملامح رأفت فجأة، ارتبكت يده على الطاولة، وتنهد بعصبية وهو ينظر بعيدًا عن عيني رامي.

تعالوا قناة التلجرام .. اسمها rakafalef ابحثوا عنها وادخلوا فيها 🤍🤍❤️❤️

نهاية الفصل الطويل🥺🥺🥺🥺🥺❤️

الحقيقة الفصل الجاي ❤️❤️❤️❤️🤌

ياترى إيه هي الحقيقة ؟

وياترى رد فعل رامي إيه؟


تعليق واحد

  1. رائعة تسلم ايدكي
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.