" الفصل الرابع والتسعون من رواية الخادمة الصغيرة "
الخادمة الصغيرة
_ علي .. علي حبيبي !!
صرخت كريمة في جنينة المستشفى بأعلى صوت وهي بتستقبل علي ابنها إللي نزل من حضن جري على حضن أمه
خدته في حضنها وضلت كريمة تعيط بانهيار كبير وهي شايفة ابنها متعور ومجروح .. وحد ضاربه طبعا
_, عملوا فيك إيه يا حبيبي ، حسبي الله ونعم الوكيل!
_ ضربوني يا ماما ..
قالها الولد فعيطت كريمة وهي بتتفحصه
_, حد يعمل في ابنه كدة .. الهي إللي مد ايده عليك ايده تتقطع
قال الولد بحماس _ ما عموا جلال ضربهم والراجل الكبير الوحش جاب دم وفرحت فيه أوي وايده إللي كان بيضربني بيها كلها كلها اتغرقت
هنا بصت كريمة لجلال إللي كان وااقف ادامهم وحط ايده على ضهر جلال وهو بيبتسم ابتسامة خفيفة
_ حمدلله على سلامة علي ..
لسة كريمة شايلة علي وقالت لجلال بامتنان كبير
_ أنا مش مصدقة إنك رجعتلي ابني !
سكت جلال .. يعني كان يقولها إيه! إن هو كمان مكانش مصدق إنه ممكن يطلع منه الشجاعة دي كلها !!! ولكن كريمة دعتله واعتذرتله على إللي قالته قبل كدة
_ ربنا يسترك ويسعدك ومتزعلش في يوم أبدا يا جلال .. أنا مش عارفة أشكرك إزاي وبتأسفلك على الكلام إللي قولتهولك
شعر طلال بالخجل إنها بتشكره وقال
_ أنا خدتلك حقك منها .. بس الرجالة اكتشفت ان هي عندها طفل صغير ، لو حابة إنها تدخل السجن
أول ما سمعت تراجعت عن فكرة الانتقام وقالت
_ خلاص ، ربنا يبعدنا عنها وربنا هيحمينا منها ، المهم ابني رجعلي ومالوش ذنب ابنها يعيش من غير أم أول سنين عمره ..
هز راسه وقال _ تمام ، لو عوزتي أي حاجة أنتي وعلي أنا موجود كأن بابا موجود بالظبط
وكان رايح يمشي لكن كريمة سألت _ جلال .. لقيت مراتك !
هز راسه بالنفي ، فبصتله بأسى وحبت تسأل عن حاجة تانية فهو قال
_ دا أبويا ودي أمي ، لو سمحتي أنا هعرف أرجع حق بابا وأتصرف مع ماما ، أي كلام في الموضوع دا هيزعلني
ردت بحب _ وأنا ميرضنيش زعلك أبدا وأهم حاجه عندي إن ابني رجعلي وأبوك قام بالسلامة
قربت من جلال ومسكت ايديه وقالتله
_ أدخل شوفه ، هو نادى عليك أول ما صحى ،بس رجع نام تاني ، ادخله يمكن لمت يحس بيك يتطمن ويصحى
هز راسه بالموافقة وهو أصلا كان هيروح لأبوه وفعلاً راح ودخله وقعد جمبه على كرسي جمب السرير بعد ما أبوه خرج من العناية المركزة !
اتأمل أبوه وواتامل جماله وشبابه وقال بحب
_ شكلك حلو أوي وأنت نايم ، بس أنا عاوزك تصحى .. أنت لسة صغير على كل دا ..
مسك ايده وباسها وهو بيقوله بشجن
_ وحشتني .. فتحت مرتين وأنا مش جمبك، فتح عينك دلوقتي يا حبيبي ، إبنك الكبير معاك !
وكأن أمنيته اتحققت وبدأت عيون حسين تفتح وايديه إللي بين ايدين تتحرك .. لقى جلال أيد أبوه بتضغط على ايده !
بصله لقاه مفتح عيونه ولكنه قفلها تاني فحس بإحباط كبير وإن خلاص أبوه نام لكن حسين فتح تاني وكان باين إنه متضايق من الإضاءة وكان بيعود عينخ على النور
_ بابا !!
قالها جلال بسعادة لما ضغط ابوه على ايده تاني وفتح عينيه والمرة دي مقفلهاش وقال حسين بصعوبة
_ جلال !!
فرح جلال جدا وطلع ينادي على الدكتور ولعد فترة كانت كل أمور حسين بخير واتحسنت والدكاترة عملوا اللازم وسمحوا لكريمة وعلي بالدخول والزيارة كمان
_ حمدلله على سلامتك يا روحي ، با أغلى ما عندي .. حمدلله على سلامتك يا حبيبي
قالتها كريمة وهي بتعيط وماسكة ايد حسين وبتبوسها وجلال واقف بعيد شوية سايبلهم المجال انهم يعبروا عن مشاعرهم وعلي قال وهو كمان قرب يبوس ايد حسين
_ حمدلله على سلامتك يا بابا وحشتني أوي
ابتسملهم حسين بإرهاق شديد وقال بصعوبة
_ انتوا كمان وحشتوني !
وبعدين بص لجلال فجلال بصله وعيونه فيها دموع
فهم جلال نظرات أبوه وراحله علطول وكريمة ووسعت شوية ليه عشان يقرب من أبوه فعيون حسين دمعت وهو بيقول وقلبه واكله على إبنه الوحيد
_ وحشتني .. وحشتني أوي يا حبيبي، طمني عليك
باس جلال ايده وحاول يمسك دموعه لما افتكر إللي حصله وقال
_ حمدالله على سلامتك الأول يا حبيبي ، أول ما تخرج هحكيلك كل حاجة..
_____
عدى أسبوعين كاملين وخرج حسين وعرف كل حاجة حصلت وكل الكوارث إللي حصلت وكمان عرف إن انجي لسة على ذمة التحقيق وإن أمه صحت وفاقت .. وعرف إن جلال هو إللي رجع علي وهو إللي طلع أمه من الحبس وقعدها عند مراة أبو رضا لأنه رغم إنه خرجها من الجريمة إلا إنه مسامحهاش على إللي عملته فيه وفي أبوه ووداها لشريكتها في الجريمة!!
أما جلال وحسين وكريمة وعبي وفريدة قعدوا مع بعض كلهم وحسين طبعا حالته اتحسنت جدا
وجلال لسة بيدور على رضا وبيسأل عليها في كل مكان وحتى في القاهرة ودور عليها في مكان ممكن يخطر على بال حد لكنها ملهاش أثر ولا هي ولا إسمها في أي مستشفى ولا في أي قسم !
لدرجة إنه اتصل بمازن يسأله عنها وطبعا مكانش عارف عنها أي حاجة وسأل صحاب مازن كمان إللي هما أصلا في امريكا وعمرهم ما جم مصر ، لف عليها العالم كله وملهاش أي أثر!
ولسة رافض يشوف الأطفال ورافض يتعامل معاهم وهما في رعاية نسيمة وأم نعمات ولسة حتى مسماهمش ولا قربلهم وبيرجع كل ليلة يعيط في اوضته لحد الصبح ومبقاش يعرف ينام طول ماهو مس لاقيها وبقى بيستعصب ياكل أي أكل ولا يتغطى في البرد وهو مش عارف ياترى هي جعانة ولا بردانة ولا حالها إيه!!
وكله ملاحظ دا لكن مقدرش حد يطلعه من حالته ولما بيقعد معاهم بيمثل السعادة والفرح ولكن باين على جسمه إللي خس النص ووشه إللي بقى باهت ودقنه وشعروا إللي طولوا إنه بيعاني وبيموت بالبطيئ ...
في يوم عرضت فريدة على حسين وعيلته أنهم يعيشوا معاها هنا في البيت إللي فضي عليها ولأنها هتشعر بتحسن أكبر لما تعيش معاهم ولكن حسين رفض فخده جلال وراحوا يتكلموا وهو بيقوله
_ ليه رفضت يا يا بابا أنت مش عاوز تقعد معانا أنا وتيتا ؟
نفى حسين بسرعة _ أنا نفسي طبعا يا حبيبي بس مش أنا يا جلال ..
فسأل جلال _ أمال مين ؟ طنط كريمة !
نفى حسين وقال بتوتر _ لو أنت عاوزني أمشي أنا وهما أنا ..
هنا جلال فهم أن هو المشكلة وإن أبوه مفكر إن وجوده هيتعبه فقرب جلال من أبوه وأخده وقعدوا على طرابيزا في الجنينة واتنهد وقال
_ خليك يا بابا ... أنا عاوزك تعيش وتفرح .. وكمان عاوزك تجيبلي اخوات كتير .. أنت اتعذبت وأنا محتاج اخوات !
كلام جلال خلى حسين يفرح جدا ويحس أنه أخيرا هيقدر يفرح من غير ما ييجي على ابنه وهتف في سعادة كأنه ما صدق
_أنا معاك يا جلال وعمري ما هسيبك أبدا ، أنا ما صدقت رضيت عني ...
ابتسم ورد _وأنا كمان معاك يا بابا
حسين كان فرحان جدا وايده كانت لسة مربوطة بحامل عشان كتفه لسة بيألمه طبعا مكان الجرح وقال جلال
_ هعامل علي على إنه أخويا الصغير .. متخافش عليه... شد حيلك أنت بس وهاتلي كام أخ تانيين ... واهو الحق أربيهم مع ولادي ...
ضحك بحزن في نهاية كلامه وأبوه كمان ضحك وقال جلال
_ دا باينله كدة هم يضحك وهم يبكي
قال حسين بشيئ من اللوم _ مش هتشوفهم بردو يا جلال .. حرام عليك تسيبهم كدة
تنهد جلال وقال بحزن مقدرش يخبيه
_ مش قادر يا بابا .. بس اوعدك قربت اتقبل الموضوع ، أصل مفيش أدامي غير كدة
ربت حسين على كتفه ورجع تاني قال جلال بقوة وتخلص من حزنخ وضعفه ورا ماسك جديد هو صنعه عشان يواجه بيه الأيام الصعبة إللي لسة هتنزل فوق راسه ببعد رضا عنه وقال بإصرار
_ ومن النهاردة مش أنت لواحدك إللي هتحكم البلد دي ! ... أنا معاك وفي ضهرك ...
____
على حافة القرية وقفت عربيات سودا كبيرة وفيها رجالة كتير
نزل جلال هو ورجالته من العربيات دي وقالهم جلال أنهم يدخلوا المكان ويطلعوا كل إللي جواه ودخلوا بالفعل وجلال بيأمرهم بقوة
_ أي حد جوه اعرفهولي هو ومين واسمه إيه ، لو لقيتوا أي حاجة ممنوعة مع أي حد طلعوه على المركز
ودخلوا الرجالة طلعوا كل إللي في القهوة ولقوا فعلاً خمور وبيرة وحجات مسكرة كتير محدش كان متوقع إنها تكون هناك لكن جلال طبعًا عارف خبايا الغرزة دي ولقوا حشيش كمان !
طلع إللي المفروض شغال قهوجي وهو بيقول لجلال وهو بيلطم من إللي بيحصل في القهوة
_ جرى إيه يا بيه دي القهوة إللي بنسترزق منها حرام عليك هتقطع عيشنا
شده حلال من ياقة قميصه من غير تفاهم وقاله بقوة
_ هتفتح قهوة عادية ب احترامك تسترزق منها هسيبك ، غير كدة هطربقها عليك وعلى دماغك
رد الراجل بتوتر _ يابيه ماهي قهوة محترمة بيقعد عليها الناس يشربوا الشاي والحجرين ويمشوا
هنا جلال شده بعنف كبير وقاله
_ دي مش قهوة دي غُرزة ! فاهم ولا أفهمك
_ ولا تفهمني ولا تفهمه
جه الراجل صاحب الغرزة وأول ما شاف جلال ورجالته ضحك وابتسامة صفرا ملت وشه وقال بأعلى صوته يكمل كلامه وكأنه قاصد يفضح جلال أدام رجالته والرجالة إللي خارجة من القهوة
_ خلاص ياض دا جلال بيه كان زبون دايم عندنا ، دلوقتي خلاص بعد ما الرقاصة ماتت مبقتش الغرزة ليها عوزة .. متخافش هنجيب غيرها
ولكنه فجأة لقى نفسه في ايد جلال وهو لاوي دراعه وفاتح سكينة على رقبته
الراجل كان مصدوم ، كان مفكره جلال القديم .. لكنه تفاجئ بيه وهو بيهدده بثبات وقوة
_ كلمة تانية على جلال بيه الصواف هدبحك أدام الرجالة دي وأخلص البلد من نجاستك ..
وضربه جلال بركبته في ضهره فالراجل تأوه بوجع ووقع على الأرض
_ وأي حد هيفكر يجيب إسم حد من عيلة الصواف على لسانه ميزعلش من إللي هيجراله
ضرب الراجل بايد السكينة على عينه فصرخ ولكن جلال مهتمش ورماه لرجالته وهو بيقولهم
_ خده معاك في العربية ووديه على المركز مع إللي لقيتوه الظابط مستنيكوا
الراجل القهوجي كان واقف يترعش وهو شايف سيده بيتسحل ورايح على القسم مع كام تربة حشيش
جلال شده بعنف وبصله بخطر وقاله
_ وأنت يالا لو عاوز تعيش هنا وسطنا ، تبقى شريف وتخرس عن أي حاجة سمعتها أو شوفتها الفترة إللي فاتت
الراجل من كتر الخوف اتخرس فزعق فيه جلال
_ ماترد يا روح أمك ولا عاوز تروح معاه
اندفع الراجل يبوس ايد طلال ويتوسله
_ أنا تحت أمرك يا جلال بيه ابوس ايدك أنا في عرضك مش عاوز أنام على البورش ، انا متجوز ومراتي حامل في بت عاوز اربيها
قاله جلال _ طالما هتخرس وهتبقى محترم هتعيش في حمايا ، غير كدة أنا إللي هربيك بنفسي
جلال كان عارف إن الراجل دا طيب وكان كويس وكان بيساعد الرقاصة سارة في كل حاجة ، لكنه مكانش ليه أي مكان يروح فيه ولا يشتغل فيه غير الشغلانة دي مع سارة طبعا وعلشان كدة جلال أداله فرصة جديدة وحياة جديدة كريمة وشريفة ...
واخد جلال جركن البنزين من العربية وبعد ما كل الناس خرجت دخل غرق المكان كله بنزين وهو بيفتكر إن هنا ارتكب أبشع الذنوب وهنا وقفت حبيبته منهارة وهي بتكلم سارة عن حملها .. دموعه نزلت وهو بيغرق المكان كله بنزين
وأول ما خرج فتح الولاعة إللي كانت معاه ورماها شبطتت في البنزين والغرزة كلها ولعت أدام عيونه ! ...
النار بتعكس نظرة جلال ! .. كان حاسس إن النار دي بتنهش فيه من جوا مش بتنهش الحجر إللي ادامه!
...
وهنا افتكر حاجة مهمة .. الغلطة إللي فضلت من الغرزة ... ولاده !