الفصل العاشر من رواية إبنة الراقصة

 الفصل العاشر من رواية إبنة الراقصة 



إبنة الراقصة:

** الفصل العاشر ***

١٠

______


_ أنا مش هقعد هنا .. 


قالت شوق وهي في حضن إبراهيم 


_ هي مذوداها كدة ليه 


همست نبيلة وهي تتذكر بكاء شوق العالي لتنظر نفين للفتاة ولنظرات هارون بعيون مترقبة ترصد كل شيئ ولم تعطي أهمية كبيرة لكلام نبيلة التي لا ترى إلا التفاهات لكن نفين كانت ترى أكثر من ذلك


_ طب وستك يا شوق ؟ 


قال إبراهيم يحاول ردعها عما في رأسها فردت


 _ ماليش دعوة أنا همشي .. هروح بيتنا 


_ وبيتكوا دا فين ؟ 


قالت جيهان ليضغط إبراهيم فوق أسنانه يكظم غيظه بينما هارون لم يتحدث ولكن بدى على وجهه الغضب من سخرية جيهان لتخرج شوق من حضن عمها وتقول بقول دون خجل 


_ الكبارية .. كنت مرتاحة فيه أكتر من بيتكوا ! 


ليتدخل أحمد 


_ بس مينفعش يا شوق ترجعي المكان دا تاني 


لترد دون أن تلتفت له 


_ دا المكان إللي أنا اتربيت فيه 


ثم أخذت نعال عشوائي وحملت حقيبة اليد التي وضعت بعدها قطعتين أو أكثر من الملابس وخرجت دون أن يعترضها أحد ... 


اتصل هارون بحرس البوابة وقال _ سيبوها تخرج وخلوا حد يمشي وراها . 


ثم نظر الجميع لبعضهم ومازالوا يستوعبون من حدث 


_ محدش ييجي ورانا ! 


قالها هارون ثم خرج ليقف إبراهيم مكانه لكن ماهر شده من زراعه وأخذه للمكان الذي يجلسون فيه ليتحدث معه قليلاً 


بعد وقت تجمعت النساء في المجلس الخاص بهم داخل البيت


_ كل دا عشان ضربها قلم واحد !


قالت نبيلة لترد هدير مستنكرة ما تسمع 


_ و هو المفروض يضربها أصلا ؟ 


هنا اهتاجت جيهان من مدافعة هدير عن شوق بهذا الشكل 


_ مالك يا هدير انتي مكنتيش كدة ولا قعدتك مع البت دي ف


_ متكمليش يا عمتي بعد إذنك !


قال عبدالله بنبرة قوية وعيون ترسل نظرات تحذيرية للجميع أن من سيتعدى على أخته سيجد ما لا يحمد عقباه لتقول جيهان 

 

_ بتعمل راجل على عمتك إللي ربتك يا عبدالله !.


_ أنا مبعملش راجل .. أنا راجل . 


كان هذا رد "عبدالله" الذي لم يترك لكلامها المسموم أن يستعطفه .. أما جيهان فتفاجئت من رده ولم تعرف ماذا تقول 


_ أنا قايمة أنام 


قالت نفين بعدما تنهدت وقطعت هذا الصمت فقالت نبيلة 


_ ما بدري 


ردت نفين بلا اهتمام 


_ عندي شغل بدري .. يلا يا ماما انتي كمان قومي روحي انتي وأسماء بيتها جوزها ممكن يوصل في أي وقت  


ثم صعدت لغرفتها تحت نظرات نبيلة التي رغم تعاملهم الجيد إلا أنها لا تنسى أبداً أنها كانت زوجة هارون ... وكان هارون يكن لها مشاعر كبيرة وكثيرة لكن حدث بينهما ما أدى لطلاقهما ... 


صعدت نفين لغرفتها وما إن دخلت حتى نزعت حجابها ورمته أرضًا ومالت بفرعها على مكتبها تستند عليه... لا تستطيع التصديق أن ما رأته حدث ! ... أن نظرات هارون لهذه الفتاة كانت بهذا الشكل ! ... هل ضربها غيرة أم ضربها لأنه يعتبر نفسه عمها ؟ ماذا بينه وبينها ليضمها إلى صدره بهذه الشكل! إنها فتاة عشرينية صغيرة وهو مازال في آخر عقده الثالث ومازال شابًا نشيطًا كامل الرجولة ... احتارت أفكارها حتى وقفت وذهبت للفراش لتنام من شدة انهاك عقلها ... 



_______


وقف هارون ينظر لها وهي تجلس في ذلك المقعد الذي جهزه هو وعائلته على الطريق السريع بجانبه ثلاجة ماء ومزروع حوله شجر حتى إذا اضطر أحد أن يلجئ إليه يجده مجهز ولا تطاله حرارة الشمس ... رغم ندرة المارة من هذا الطريق المخصص للسيارات إلا أنهم جهزوه .. بعدما سارت في هذا الشارع الطويل كثيف الأشجار الذي يؤدي نهايته إلى بيتهم وأوله إلى هذا الطريق السريع جلست هناك تنتظر وقوف أي سيارة ... 


اقترب منها وسمع نحبيها ولم تراه هي بسبب الأشجار فتابع اقترابه ثم جلس جانبها وهي تدفن وجهها في يديها وتبكي ليقبض على شفتيه وهو يرى كل هذا الحزن والقهر 


_ شوق 


ما إن سمعت صوته حتى رفعت وجهها الأحمر وارتمت شوق بين زراعيه ورغم تفاجئه من ردة فعلها بدلاً من أن تثور عليه وترفضه إلا أن جزء داخله كان يعلم أن هناك شيئ غريب يدور خلف جفنيهما ... شيئ دفعه للذهاب وحده رغم أن خلافها الأكبر كان معه هو .. ! 


_ حرام عليكوا ... حرام عليكوا والله معملتش حاجة ..


قالت وهي بين زراعيه فلم يحرم نفسه من لذة ضمها لصدرها بقوة كأنه يعتذر لها ليقول 


_ معلش يا شوق .. حقك عليا


لم يهدئ بكاؤها ليسترسل  


_ أنا مبمدش إيدي على ستات 


ضربته في ظهره بقبضتها قائلة بشراسة 


_ غصب عنك مش هتمد ايدك مش كرم أخلاق منك 


_ معلش حقك عليا 


قال وهو يعرف أن معها كل الحق لتلومه وهي تتمسح في صدره تبلل بدموعها جسده 


_ مديت إيدك عليا أنا بس !


_ انتي اللي رقصتي ! 


قال بقوة لتخرج من بين زراعيه وتحدثت بهذه النبرة المدللة .. نبرة مدللة تظهر في كل كلماتها حتى وهي غاضبة .. نبرة كلما تتحدث بها يدرك أنه لم يخالط النساء قط رغم زواجه بثلاثة منهن ! .. لكنها كانت أنثى مختلفة .. مختلفة في كل شيئ . 


_ وانتوا تدخلوا من غير ماتقولوا احم حتى ليه ؟ دا الكبارية بتاعنا كان فيه ذوق عن كدة


أغضبته بكلماته لتتشرس ملامحه قائلاً 


_ متجيبيش سيرة الزفت دا تاني 


ارتمت في حضنه مرة أخرى وارتجف جسدها وهي تتوسله بصوتٍ ضعيف 


_ متتعصبش عليا كدة بخاف منك ! 


تلك الحركات ! حركات تجعله يريد أن يُسكنها قصر عالي لا يصل إليه غيرها ويحميها من الجميع حتى نفسه .. 


_ أنا آسف!


آسف! رددها مرة أخرى داخل نفسه .. هل هو من نطق بها ؟ لم يكن نرجسيًا لكنه لم ينطق بها صراحتًا من قبل ! 


_ هتعمل إيه بقى عشان تصالحني ؟ أسفك مش كفاية 


قالت بعيونها الواسعة الجريئة لتدفعه للسؤال 


_ عاوزة إيه؟ 


_ عاوزة حجات كتير ! كلها هتجيبها 


_ بكرة تيجي معايا نروح مكان كويس فيه محلات كتير .. 


فرحت شوق وتحمست ليكمل 


_ يلا وتطلعي أوضتك وتنامي كويس .. 


ابتسمت ليبادلها الإبتسامة قبل أن تقول 


_ ولو مديت إيدك عليا تاني ؟ 


رد بصدق _ عمري ما هعمل كدة تاني .. كانت لحظة شيطان أنا مبضربش ستات يا شوق 



_ وأنا قولتلك دا فرض عليك مش كرم أخلاق منك 


قالتها في غرور ليبتسم رغما عنه ثم مد يده لها لتقف لكنها فجأة تأوهت 


_ آه 


_ إيه؟ 


سأل هارون في قلق لتقول في ألم 


_ وسطي 


_ ماله ؟! 


نظر هارون ليجد ثوبها به بقعة دماء صغيرة ليجلس فورا بجانبها ليهدر


_ إيه الدم دا !!!


قالت في ألم وهي تتذكر 


_دا بايني اتخبطت في حديد الشباك عورتني 


_ قومي بسرعة 


وما إن وقفت حتى حملها هارون لتتفاجئ به ثم وضعت رأسها على صدره وارتاحت وهو في غاية القلق عليها 


دخل بها المنزل ومازالت جلسة النساء قائمة لينظروا له وقد ملئهم العجب 


_ فين نفين ؟ 


سأل هارون بينما جميعهم وقفوا وكأن على رؤوسهم الطير .. فهذه الفتاة خرجت على قدميها باكية ومضروبة والآن تعود فوق نفس الزراع التي ضربتها !


قالت هدير بعدما ذهبت لهما قائلة في لهفة 


_ فوق ياعمي مالها شوق ؟


صعد هارون ولم يجيبها لتصعد خلفه ونظرت جيهان لنبيلة بنظرات غامضة لكن ماهر دخل وقال لجيهان وأسماء 


_ يلا يا جيهان أنا مستنيكي في العربية ! 


كادت جيهان أن تموت من فضولها ونبيلة فجأة شعرت بغيرة قاتلة وهي ترى هارون يحمل هذه الفتاة 


دق الباب ومازالت هي بين يديه لتقول هدير 


_ ياعمي هي كانت طلعت تنام ودي شوق اوضتها  وانا هخبط عليها 


_ خشي صحيها يا هدير 


قال هارون بغضب لتنظر له شوق في ابتسامة متخفية قائلة 


_ ملوش لزوم  .  


_ اسكتي ! 


أمرها لتصمت وتضع رأسها في صدره وهو يشعر بكل حركة تخرج منها 



بعد دقائق قد كان أدخلها للغرفة وتمددت فوق الفراش فقال لها 


_ مفيش مناديل ولا قطن عندك ؟ 


هزت رأسها بالرفض ليدخل الحمام يبحث عن أي شيئ ليجد علبة صغيرة بها كحول وقطن فخرج 


_ أنا لقيت ال


توقف عن الكلام بعدما وجدها خلعت عبائتها وبقت بقميص نومها فقط وياليتها بقت به فقط بل رفعته حتى ترى الجرح ثم نظرت له وقالت 


_ تعالى ياعمي بص كدة !


وقف مكانه لا يستوعب ما يراه ثم اقتربت قدماه رغمًا عنه منها حتى جلس فوق الفراش برفق بجانب خصرها لتقول بنبرة متألمة 


_ دي بتوجع أوي ! بص !


مرة أخرى تطلب منه أن ينظر لينظر وكأنه لا يستطيع المقاومة ليجد يده ترتفع ليرى الجرح ليصدر عنها تأوه جعله ينظر لعينيها ويغيب فيهما فاقتربت منه ببطئ ومازالت ملامحها متألمة كالمساكين ثم وجد فجأة يديها الرقيقة ترتفع فاحتار علاما ستضعها وتفاجئ وهي تحيط رقبته بأصابعها كأنها تخنقه لتنفتح عينيه في تفاجئ لكنها أرخت أصابعها وسلطت نظرها لنقطة معينة 


_ ألف سلامة عليك ! 


قالت ليستغرب فضغطت بإصبعها على الجرح الذي قد تركته على رقبته وهي تبعده عنها قاصدة جرحه ليتألم ويظهر على وجهه ثم اقتربت منه واعتدلت لتميل برأسها على رقبتها وهو لم يتوقع خطوتها القادمة ووضعت شفتيها فوق الجرح ليتصلب جسده بالكامل وتنفتح عينيه لا يدرك ماذا يحدث 


_ انتي بتعملي إيه ؟


سأل هارون لتجيبه بصوت منخفض رقيق متألم من أجله 


_ ببوس رقبتك .. مش أنت متعور هنا 


_ ابعدي ..


طلب منها وهو ينظر لها من أعلى فمازالت عينيها أمام جرح رقبته لتتسائل 


_ ابعد ليه مش أنت زي بابا وأخوه ؟ 


_ آه بس .. 


قال ثم ابتلع ماء حلقه ولم يعلم ماذا يجيب لتضع يده على عنقه تلمسه سائلة في همس وهي تميل عليه 


_ بس إيه ؟ 


لم يجيبها لتقترب مرة أخرى وتقبله قائلة وهي تصالحه 


_ أنا آسفة اني عورت رقبتك .. بس إيدك ضربتني ! كان لازم اقطعها هي مش اقطع رقبتك كدة !


_ اوعي يا شوق


قال هارون لتبتعد قليلا وهي ترى ملامح وجهه تغيرت كثيرًا ... 


دق باب الغرفة لتدخل نفين ورائها هدير لتقول ما إن دخلت في غضب 


_ انتي قاعدة كدة أدامه إزاي؟؟ 


تأفف هارون في غضب وقال


_ نفين ؟ خلصي شوفي الجرح بلاش أسئلة فارغة 


ارتفع صوت نفين ولم تستطع منع نفسها وقد نتجت تعليقاتها من الغيرة الشديدة ليس إلا  لتقول 


_ أسئلة إيه دي إللي فارغة أنت إبن عم أبوها مش أخوه واللي بيحصل دا حرام يا هارون 


_ وعمك انتي كمان ومينفعش تخرجي أدامه بالروب والطرحة مبينة نص شعرك 


قالت شوق لترد عليها فنظرت لها نفين في غضب ساحق لكن الأخرى لم تخاف وبادلتها النظرات بقوة لتنظر لهارون وتراه غير معترض على ما يحدث لتجلس مرغمة فوق الفراش وتهتم بجرحها بشكل طبي صحيح ولكنها كانت عنيفة حتى أن شوق تألمت من يديها الثقيلة لتقول لها 


_ براحة شوية ياعمتي


لتجيبها نفين وهي تضغط على أسنانها 


_ أنا مش عمتك ! أنا بنت الحاج ماهر ! 


_ بس انتي كبيرة لازم احترمك بردو


_ عايزة تحترميني أبقي قوليلي يا دكتورة نفين ! 


لتقول شوق في سخرية _ ودي بردو ايدين دكتورة ولا عاملة في مصانع الحديد والصلب 


ابتسم هارون لتنظر له نفين في غضب لكنه لم يهتم ثم خرجت في غضب واقتربت هدير من شوق لتطمئن عليها ثم خرجت وراء عمتها وبقى هارون في الغرفة وقبل أن يخرج أوقفته بكلامها 


_ أنا مكونتش أعرف إنك مينفعش تشوفني كدة 


نظر لها ولم يجيب لتعود وتقول بنبرة متلاعبة 


_ بس أنت كنت عارف ممنتعنيش ليه ؟ 


توتر هارون ولم يعرف ماذا يجيب لكنن أجاب بنبرة قوية رغم سخافة إجابته


_ منا كنت عمال أقولك ابعدي .. 


_ حصل خير ياعمي .. أنا إللي غلطانة حقك عليا ... 


قالت شوق فأطعاها ظهره ليغادر لتسأل 


_ طب هتاخدني بكرة ؟


_ ان شاء الله 


ومرة أخرى كاد أن يخرج لتسأل فجأة بنبرة أرابته 


_ عمي هو أنت كدة تجوزلي ؟ 


صمت هارون ولم يعرف بماذا يجيب ثم طال الصمت حتى نظر لها نظرة غريبة وقال 


_ نامي يا شوق . 


ثم خرج وترك شوق تبتسم ابتسامة خبيثة متلاعبة ثم قضمت شفتيها وعدلت جسدها وتنهدت وبقت تتذكر لمساته لها ولمساتها له .. بقت تتذكر كل ما حدث بينهما اليوم وعندما أتت للكف الذي أخذته أمام نبيلة وبسببها حتى تمتمت 


_ ماشي يا نبيلة .... 


________


ما إن دخلت نفين غرفتها حتى أمسكت هاتفها وبعثت رسالة بسرعة محتواها 


_ خلي بالك من جوزك يا نبيلة ... 


_ في ايه يا نفين ؟ 


استقبلت رسالة بسرعة من نبيلة زوجة هارون لتكتب نفين 


_ احنا بيتنا مبقاش زي الأول.. طلعت يسرية وجايلك واحدة تانية أصعب وعلمي على كلامي 


ثم أغلقت هاتفها وصدرها يعلو ويهبط من الغضب وهي تردد 


_ آه يابنت العالمة ! دا أنتي بتلعبي على كبير !


_______


دخل هارون غرفته ليجد نبيلة منتظراه في تأهب ترتدي قميص نوم رائع لتسأل 


_ كنت فين ؟ 


قال _ المهم إني جيت 


_ أنا مراتك ومن حقي أعرف كنت فين 


لم تعجبه لهجتها لكنه قال 


_ مانتي شوفتيني وأنا مطلع شوق 


_ وكنت عندها للسعادي ؟ 


سألت في غيظ ليقول 


_ كانت مجروحة 


_ ان شاء الله تكون مدبوحة حتى انتي تقعد عندها للسعادي ليه ؟ 


هدرت فيه لينظر للأعلى ثم قال 


_ نامي يا نبيلة .. أنا مش هرد عليكي .. 


_ مستنياك عشان أنام في حضنك 


قالت ليقول .. 


_ تعالي يا نبيلة 


ثم ضمها لحضنه ونامت فيه .. شعرت برائحة غريبة فوق صدره وخصلة شعر فوق قميصه الذي لم يستبدله لتقول 


_ مش هتقوم تستحمى ؟ 


رد _ لأ ..  مش قادر خلاص 


_ وحشتني يا حبيبي 


قالت نبيلة فلم يتهرب منها لتتابع اقترابها منه حتى وصلت لعنقه وهنا صُدمت مما رأت! جرح في عنقه هي نفسها لم تجرحه له يومًا 


_ إيه دا يا هارون مين عملك كدة؟! 


_ اتتورت وأنا بشد شوق 


أجاب ببرود لتعتدل هي على الفراش وتصرخ فيه 


_ يعني البت دي هي اللي عملتلك كدة 


_ جرا إيه يا مرة ما تلمي الدور أنا من الصبح ساكتلك واقول اهدى .. بتعلي صوتك عليا  ! ما تفوقي يا نبيلة ... 


شعرت نبيلة أنها ذادت الأمر لتقول 


_  يعني أنت مش شايف ان دا عادي 


قال في اقتضاب 


_ أنا شايف إنك تكتمي وتنامي . 


صمتت نبيلة وهي في قلبها حيرة غريبة ليقول هارون 


_ أنا مش ناسي إنك السبب في طلاقي ليسرية وانك وصلتي كلام لأبوها خلاها تطلق وخلتيها خربت بيتها .. انتي المفروض تطلقي من زمان بس عشان ظروفك انتي موجودة يا نبيلة .. متغلطيش عشان كل ما هتغلطي كل ما هفكرك بأغلاطك القديمة كلها وغلطاتك كتيرة ! 


قال هارون لتبتلع نبيلة مافي حلقها ثم قالت 


_ طب هو أنا زعلتك يا حبيبة ! 


_ متقدريش تزعليني ! 


ثم ترك لها الفراش ودخل الحمام يزيح عنه تعب اليوم بعدما أضاعت النوم من عينيه ..


لكنه لم يكن استحمام بل كان حرب .. صراع حاول فيه إخراج مظهر شوق وهي بهذا القميص أمام عينيه .. شفتيها فوق عنقه ولون جسدها المميز وانحناء خصرها وهذه النبرة وتلك النيمات التي تصدرها عندما تتحدث ثم تذكر سؤالها .. هل يجوز لها ؟! بالطبع يجوز  ... 


تنهد هارون رغم برودة المياة إلا أن هواء أنفاسه كان حارًا شديد السخونة .. 


أنهى الحمام وخرج منه وهو يحاول ضبط أنفاسه وإخراج شوق منها .. فلو جاز شرعًا لن يجوز في عرفهم وهو لن يقبل أبدًا ... وكل ما حدث لم يكن إلا لأنه عمها ولم ولن يسمح بأي مشاعر أخرى بالتوغل ... 

_____


في اليوم التالي نزلت شوق وركبت السيارة الخاصة بهارون بعدما ألقت عليه تحية الصباح وودعت الجميع بعد الإفطار وركب جانبها هارون في ابتسامة مقتضبة وارتدى نضاراته لكن فجأة خرج في وجههم إبراهيم الذي قال


_ أنزل يا هارون 


نزل هارون من السيارة ليقول ابراهيم 


_ واخدها ورايح على فين ؟ 


لم يعتاد أبدا أن يسأله أحدعلى أي شيئ 


_ هننزل نشتري حجات ليها 


_ طيب أنا هنزل معاها أنا زي أبوها 


مسكه هارون من زراعه بعنف ليرجعه خطوات للوراء بعدما كان متوجه للسيارة وهدر فيه 


_ مانا كمان زي أبوها!


هنا تشرست ملامح ابراهيم وتدخل ماهر وهو يقول 


_ لا ياحبيبي مش زي أبوها.. إبراهيم هو إللي زي أبوها 


_ انتوا اتهبلتوا ؟ 


هتف هارون في غضب ليقول إبراهيم 


_ لا متهبلناش بس بعد إللي حصل امبارح دا مش هنسيبك لواحدك معاها


هز هارون رأسه في غيظ وغضب وعرف أن نفين قد حكت لأبيها ووزع نظراته بينهما وشوق تنظر لهم من بعيد لكنها لا تسمع شيئ فهي داخل السيارة  


_ طب أنا هاخدها يا رجالة وهنطلع وهنرجع آخر الليل .. ولا اخليها نبات برة ؟ 


قال فلا يهزه أحد ولا يقف أمامه وخصوصا نفين ليهدر فيه ماهر 


_ دا أنت باين عليك انت اللي اتهبلت .. أقسم بالله مانت واخدها ورايح في حتة البت دي لو عاوزة تغور في أي داهية هتروح مع أبوها إبراهيم 


_ طب يا رجالة وروني هتعملوا إيه ! 


قال هارون وقد تملك منه الغضب والعند 


_ هارون 


_ اوعى ايدك ! 


هدر بخشونة وبصوت مرتفع في إبراهيم الذي كاد أن يمسك زراعه ليمنعه عما يريد ليصرخ بهما هارون بعدما سبهما مسبة نابية 


_ أنتوا هتحكموا عليا ولا إيه ؟ احكم على بيتك يا دكر أنت وهو .. وابقى شوف بنتك الللي بتبات برا بالليالي يا حج ماهر والاسم دكتورة ولا مصايب ابنك الخمورجي ! 


ثم تركهما وغادر ولأول مرة قد تطاول عليهمة بهذا الشكل حتى أن ماهر لم يصدق أن من يراه أمامه هو ذاته هارون 


ما إن ركب السيارة مرة أخرى حتى سألت 


_ هو فيه حاجة ؟ 


أجاب باقتضاب 


_ لا 


ثم انطلق بالسيارة بسرعة كبيرة وهي التي تخاف من السرعة طلبت منه في رفق 


_ عشان خاطري براحة 


ارتفع صوت هارون الغاضب 


_ ما تخرسي بروح أمك بقى وانشفي 


قالت بخوف أشد 


_ بخاف من السرعة دي خلااص براحة 


خفض هارون السرعة وبقى طوال الطريق غاضب بشدة وما إن وصلوا لمجمع تجاري ضخم دخل من الطريق المؤدي لمرأب السيارات وركن سيارته 


_ انزلي !


أمرها لترفض 


_ لأ  ! 


_ في إيه ؟ 


سأل لتنظر له 


_  بتتعصب عليا ليه ؟ 


_ اللهم طولك يا روح .. دا طبعي ودا أسلوبي عجبك عجبك معجبكيش غصب عنك هتحطي جذمة في بقك وتكتمي 


قال في نفاذ صبر لكنها لم تخاف وردت عليه كأنها تتحدى مزاجه الصعب 


_ لأ مش هسكت ولو أنا تقيلة عليك أوي كنت خلي أحمد ولا عبدالله ييجوا معايا على الأقل من دوري وخلقهم مش ضيق زيك ! 



كل كلمة قالتها استفزته .. حرفيا كل كلمة تسببت في حرق كمية هائلة من كرات دمه الحمراء !! 


_ طب خليكي قاعدة . 


لم يجيب إلا بهذه لتقول 


_ هو دا إللي هخرجك وها


لكنه قد فقد كل ذرة صبر لديه ليهدر فيها 


_ اسمعي يابت انتي ، انتي تلمي نفسك وتعرفي بتتكلمي مع مين كويس وإلا أنا فعلا جزار وهقطعلك لسانك 


اعتدلت ناحيته بسرعة وقربت وجهها منه قائلة بعيون متحدية 


_ كل مرة بتهددني بتقطيع لساني ومشوفتش حاجة يعني لحد دلوقتي .. أهو 


ثم اخرجت لسانها وأعادته مكانه 


_ لساني لسة موجود 


لمس شفتيه بلسانه والشيطان وسوس له بما يدور في عقله هذه اللحظة ثم ردد بنبرة غامضة 



_ هقطعولك .. ورحمة أبوكي لأقطعهولك ! 


تراجعت شوق في مقعدها من نظراته العنيفة ليأمرها 


_ انزلي 


نزلت دون مجادلة ودخلوا للمول .. وبعد دقائق اندمجت في الشراء ونست كل أحزانها تقريبا وبدأت تقيس وتجرب العديد من الأشياء حتى وقفت أمام محل فخم رائع 


_ الله حلو أوي .. دا محل إيه دا ؟


هتفت شوق وهي تنظر له ليجيبها هارون الذي حمل أكياسها الكثيرة 


_ دا محل الماظ 


_ بجد ! هو دا الألماظ ! 


انبهرت ليشعر ببعض الحزن فهي إبنة إيهاب المليونير لكنها لا تعرف كيف يكون شكل الألماظ ! ليقول في رفق 


_ تعالي يا شوق .. 


دخلت شوق معه المحل وتفاجئت عندكا رأته يختار لها خاتم وعقد وإسوارة ويطلب منها أن تختار هي بنفسها ومع كل قطعة طان قلبها يسقط من مكانه من شدة الفرحة 


انتهوا من الشراء وخرج هارون وهي تكاد أن تقفز من الفرحة وهي تنظر لهذا الأنسيال والخاتم الذين زينوا يديها لتقول 


_ الله حلوين أوي! أول ما أروح هلبس الحلق والعقد علطول وهسيب الاسوارة لخطوبة هدير 


قالت ليقول هارون 


_ هدير مش هتعمل خطوبة هي قراية فاتحة وبس 


لتقول _ خلاص يبقى لأي مناسبة تانية 


قال هارون _ البسيهم في أي وقت دي مش آخر مرة هتشتري فيها الماظ



فرحت واشتدت بها الفرحة لينظر لها كأنها طفلة ثم قال 


_ تجيبي دهب ؟ 


شهقت ثم قالت 


_ هو ينفع اجيب دهب ؟؟!


_ إذا كان جبتي الماظ مش هتجيبي دهب 


كادت أن تدبدب في الأرض من فرحتها لكنها بدت ثابتة وهتفت في دلال 


_ ياريت .. 


ابتسم هارون ثم أخذها لمحل ذهب واشترى لها عدة أشياء من اختيارها والفرحة والحماس .. 



بعد هذه المشتروات الكثيرة قالت شوق 


_ أنا ناقصني بناطيل وفيه بنطايل شوفتها شكلها حلو أوي 



_ لأ انتي هتلبسي العبيان بس أو فساتين طويلة وواسعة 


قال في حزم لتنظر له وتتأفف ولم تجيب وفي طريقهم لأحد المطاعم وقفت شوق تنظر لمحل للملابس النسائية متصنمة تنظر لهذه المجسمات والمعروض عليها كالهائمة ليفهم ما يدور في رأسها وقال 


_ انتي لسة صغيرة على الحجات دي 


_ لأ مش صغيرة ... فيه حجات عجباني !


قالت ليشعر بالشك نحوها ولم يستطع منع نفسه من سؤالها 


_ هتلبسيهم ازاي ؟


_ في ايه ياعمي هلبسهم زي ما احب البسهم .. هو أنا هلبسهم أدام الناس ما كله في أوضتي 


_ ماشي يا شوق 


صمت هارون حتى لا يغضبها وقد استشعر من نبرتها اللوم والعتاب 


دخلت شوق المحل وغابت .. غابت كثيرًا ! ... لم يدخل هارون المحل وظل يقف في الخارج ينتظرها لكنها لم تخرج حتى بعد مرور نصف ساعة كاملة ! 


احتله الغضب وكاد أن يدخل لكن لفت نظره قميص قصير من الحرير .. لونه مزيج من الأحمر الداكن والبنفسجي " بيرجاندي " كما يطلقون عليه .. لكنه فجأة وجد أحد العاملين في المكان يأخذ المجسم المعروض عليه ليأخذ منه القميص ... ماذا سيحدث لو أنها هي من اختارته ؟! وكيف ستصبح فيه ؟ بالتأكيد ستكون مثل الكرزة الناضجة أو كحبة رمان داكنة جذابة ومثالية !


نادت شوق عليه فدخل ورمى لها نظرة حارقة لم تعطيها أي اهتمام وانتهى من الدفع وخرجوا لتقول شوق 


_ هاتلي تليفون زي بتاعك 



لم يجيبها لتقول 


_ مستخسره فيا أصل شكله غالي 


استهزء هارون 


_ استخسر فيكي ! انتي عارفة انتي صارفة كام لحد دلوقتي 


_ فدايا .. 


قالت في غرور ودلال لينظر لها وهو يريد أن يضربها بقسوة على هذا التأخر وهذا الاستفزاز لكنها لم تنفك عن طلب ما تريد 


_ يلا هاتلي تليفون 


_ لأ  .. 


_ لأ ليه ؟ 


_ لأ يعني لأ إيه هتعاركيني ولا ايه ! 


هذه المرة رفض بقسوة لتقف في الطريق للسيارة وقد كانا وصلا للمرأب لتسأله 


_ لا  .... بس كلهم معاهم اشمعنا أنا ؟


نظر لها .. ملامحها تتهمه بما فهمه لكنه اقترب منها وقال في صوت منخفض لكنه مليئ بالغضب والضيق وهي تدفعه دائمًا ليتذكر أصلها 


_ بقولك ايه ابلعي ريقك واسكتي متتكلميش تاني ..


نظرت له شوق في حزن ثم صمتت ودخلت السيارة وهي تعلم لماذا لا يريدها أن تمتلك هاتف .. وهو يفكر لماذا اشترت ملابس نسائية وهي عزباء وبعدها طلبت هاتف .. ماذا ستفعل بهما وما الرغبة من وراء هذا الطلب ! ... 


خيم الصمت عليهما حتى وصلا للمنزل كانت الشمس على وشك الغروب واليوم انتهى فقد قضوه كله في التسوق 


كانت ستننل بسرعة لكنه قال 


_ خدي حاجتك محدش هيطلعهالك !


قال ذلك لتقول في أنفه 


_ خليها .. 


ثم خلعت خاتمها الألماس والأنسيال وتركتهم على التابلوه ونزلت من السيارة تاركة إياه يتأملها في استغراب شديد وصدمة مما فعلت ..

 _____

وبكدة دا يكون آخر فصل هيتنشر في العام .. إللي عاوز يكمل الرواية ويشتريها يتوصل معانا في صفحة الفيسبوك أو  رقم وتساب  +201098656097  


رقم وتساب  01098656097 


نهاية الفصل *

تعليق واحد

  1. 😢😢😢😢😢😢😢😢😢😢
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.