الفصل التاسع والخمسون بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات

 الفصل التاسع والخمسون بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات 


صباح يوم بهيج ، أشرقت الشمس ترسم بأشعتها الذهبية لوحة من النور على البيت الذي عاش طويلاً تحت ظلال الحزن


اليوم هو يوم مميز ، يوم العقيقة لأبناء فواز ، الطفلين عزيز وحبيب ، وكأن الفرح عاد أخيراً ليغمر قلوب الجميع .


في جنينة قصر عائلة فواز الواسعة ، حيث تعبق رائحة الذبائح التي تم ذبحها حديثًا احتفالاً بقدوم التوأم ، امتلأت الأجواء بأصوات التحضيرات ، وصوت الصحون تُجهز لاستقبال المعازيم .... الأشجار الكبيرة تُلقي بظلالها الوافرة على المكان وتم لف المنزل كله بالأشجار حديثة الزراعة وكأن فواز أرادها أن تكبر مع أطفاله ، بينما الزينة البيضاء تلتف حول الأغصان وتتراقص مع نسمات الهواء . 


وسط هذا المشهد الجميل ،  وقف فواز إلى جانب رنيم ، يمسك بيدها بقوة وثبات 


الجنينة التي كانت شاهدًا على العديد من أحداث حياتهما ، تشهد اليوم لحظة مختلفة ، لحظة الانتصار .


عيناه تتلألأان بفخر وهو ينظر إليها ، وكأنما يريد أن يُري العالم كله مكانتها الحقيقية فقال بصوت مملوء بالاعتزاز و توجه إلى المعازيم الذين تجمعوا حولهم قائلاً 


_ دي رنيم ، مراتي وأم ولادي  وصاحبة البيت 


كانت رنيم ترتدي فستان أبيض واسع نسقته مع وشاح ناعم فوق رأسها امتد حتى لا يصف وظهرت بلونها الخمري كملاك ناعم بريئ يبرز من تحت وشاحه ناصع البياض 


رنيم ، وهي تقف بجواره شعرت بأن قلبها ينبض بقوة ، وخفقات التوتر تتسارع مع كل نظرة من الحاضرين


ما زالت تتذكر الأيام التي كانت فيها خادمة بسيطة في هذا القصر .. لكن اليوم ، تقف كزوجة لصاحبه ، أم أولاده ويعترف بها أمام الجميع على عكس الماضي الذي  خبئها به ... ولكن تقديمها للناس لم يكن شيئًا بسيطًا بل كان صعبًا ومقلقًا فلم تستطع أن تخفي ارتباكها وبدت عيناها تبحثان عن الاطمئنان.


شعر فواز بتوترها فأمسك يدها بقوة أكثر ، ومال عليها هامسًا بصوت حنون 


_ اطمني يا رنيم ، ده اليوم اللي كان لازم يحصل من زمان. ...انتي مش بس مراتي ، انتي صاحبة البيت وأم أولادي ، والناس لازم تعرف ده .... انتي تستحقي كل الاحترام والتقدير يا حبيبتي . 


ابتسمت رانيم بخجل، لكن عيناها كانتا مليئتين بالامتنان وتحمد الله على ما وصلت إليه  فكلمات فواز  وأفعاله اخترقت قلبها وجعلتها تشعر بقوة لم تعهدها من قبل.


ردت عليه بصوت منخفض، لكن مليء بالمشاعر


_ شكرا يا حبيبي 


فواز ضمها بنظرة مشجعة ، وقال 


_ ده حقك ... انتي تستحقي كل حاجة حلوة  ، وأنا هنا عشان أتأكد إنك تاخدي اللي تستاهليه . 


اتسعت ابتسامتها أكثر ثم نظرت داخل عينيه والسعادة تغمرها ونظرت حولها لتتأكد أنها ليست في الحلم .. فواز أتى لها بِمٍساعِدة لتساعدها في تربية الأطفال والعناية بهما ... فواز اهتم بكل ما تريد فعله وأنصت لها وحققه لها .. زين الدين عاد للمنزل وذهب بنفسه لغرفتها رغم إرهاق مع بعد الأزمة ليعتذر لها ويطلب منها السماح لكنها لم تبالي به ولم تجيبه بالموافقة أو الرفض لكنها عدت الأمر ولا عداوة لكنها لم تصفى له ... 


المعازيم بدأوا بالتجمع حولهما ، يقدمون التهاني والمباركات ، ليس فقط بمناسبة ولادة التوأم حبيب وعزيز، بل أيضًا بمكانة رنيم الجديدة كزوجة كبيرة العائلة . 


أصوات التهاني اختلطت برائحة الطعام الذي بدأ يُقدّم للحضور ، والجو امتلأ بالحيوية  .... كانت الجنينة مليئة بالناس ، الأطفال يركضون حول الطاولات ، والأصوات تتداخل بين التهاني وأحاديث الفرحة .


رنيم، التي كانت دائمًا في الظل ، أصبحت اليوم في قلب هذا المشهد .... شعرت بسعادة لا توصف وهي تتلقى التهاني من الجميع، ولم تفارقها يد فواز لحظة ، وكأنما يؤكد لها في كل لحظة أنها ليست وحدها.... كلما شعرت بالتوتر ، كان يهمس لها 


_ مالك بتترعشي كدة دا انتي مراة الكبير ... خليكي واقفة قوية انتي جنب جوزك  . 


مع مرور الوقت ، شعرت رنيم بأن كل مخاوفها بدأت تتلاشى .... الحضور ، الذين كانوا يرونها يومًا ما كخادمة ، أصبحوا الآن ينحنون احترامًا لها ويباركون لها بكل صدق... وبينما تمر اللحظات ، كانت تدرك أكثر فأكثر أنها أصبحت بالفعل صاحبة البيت ، المرأة التي تستحق هذا الاحترام ، والتي لا يمكن لأحد أن يقلل من شأنها بعد الآن.


الأجواء في الجنينة كانت تعج بالحياة ، والأصوات والتهاني تتصاعد ، ولكن بالنسبة لرنيم كان كل شيء يبدو وكأنه حلم تحقق . هي الآن ليست فقط أم التوأم ، بل امرأة قوية يقف إلى جانبها الرجل الذي أحبها وأظهر لها كا الدعم بعد ما فعله بها وأمامهما مستقبل مليء بالاحترام والحب.


رائحة الطعام بدأت تنتشر في الأجواء ، ممزوجة بروائح البخور التي أشعلوها ...  تجمع الجميع حول المائدة الكبيرة التي امتدت في الساحة ، وكان الجميع يتشاركون الطعام بحب وسعادة.


الأطفال يركضون ويلعبون في أرجاء المكان ، والضحكات تعلو في كل ركن. لم يكن اليوم مجرد احتفال بالعقيقة ، بل كان يومًا للتخلص من الحزن ، يومًا للاحتفاء بالحياة وبداية جديدة مليئة بالأمل.


رنيم وفواز كانا ينتظران هذه اللحظة بفارغ الصبر. بعد سنوات من الحب والمودة، أخيرًا اجتمعا في بيت واحد، حيث امتلأت القلوب بالفرح والعيون بالدموع السعيدة. اليوم الذي حلموا به طويلاً أصبح حقيقة، وبدأت حياتهما المشتركة وسط أجواء من الحب والألفة.


العائلة كانت حاضرة بكل تفاصيلها ... الأمهات والآباء كانوا ينظرون إليهما بفخر وعيونهم تلمع بالرضا ... الأخوة والأخوات تجمعوا حولهما، مشاركين في الضحكات والمباركات. الطقوس العائلية الصغيرة ، من تقديم الحلويات إلى الأغاني  ، جعلت اليوم أكثر تميزًا. حتى الأطفال كانوا يركضون حول الجميع بفرح، يملؤون المكان بصوت ضحكاتهم.


رنيم كانت تتألق في فستانها، وفواز لا يستطيع أن يخفي سعادته وهو بجانبها، عاقدًا الأمل على مستقبل مشرق مستقر ومريح مع حبيبته وأطفاله ... 


_ إيه الولد الجميل دا 


قالها فايز وهو يحمل أحد الطفلين بين يديه ليقبله لتبتسم رنيم في سعادة وهنا قال فوزي


_ أوعى هات هات 


ليبول فايز في ضيق 


_ يابني ما تشيل التاني 


ليقول فوزي _ لأ أنا عاوز دا 


رد فايز في عناد 


_  وأنا بقى مش عاوز غير دا 


_ هو ابني كيس بسكوت في إيه يابني أنت وهو 


هتف فواز وهو يراهما يتخانقان  على أطفاله ليقول فايز في ضجر 


_ معرفش بجد ماله والله 


_ إللي موجود في السلة دا مين ؟


سأل  فوزي في ضيق ليردد فواز رافعًا حاجبيه 


_ سلة 


_ دا مين يا فواز بقى ؟ 


قال فوزي مرة أخرى بسرعة كأنه يتمم بيعة ما ليضغط فواز على أسنانه بينما يجيبه 


_ عزيز 


حمله فوزي ثم رفعه  أمامه لينظر له بنظرات مقيمة بينما يلف جسده يمينًا ويسارًا 


_ دا الكبير ؟ حلو دا هاخده لبنتي !


_ مش هتدفع حقه طيب 


قالها فايز ثم ضحك فكان أسلوب فوزي كأنه يشتري شيئًا 


_ محسسني إنه لعبة .. 


قال فواز ضاحكًا ليضحك فوزي هو الآخر وقبل عزيز وضمه لحضنه ثم قال في فرحة .


_ مش مصدق إني شايل ولادك يا حبيبي 


_ الحمدلله 


قال فواز ثم ضم زراع رنيم له لتبتسم في خجل ثم قالت 


_ فين ريهام يا فوزي ؟ 


قال فوزي _ آيلا حرارتها مش بتنزل خالص للأسف معرفتش تيجي المرادي 


هزت رنيم رأسها في تفهم وقالت 


_ ربنا يشفيها يارب وتخف .. احنا هنبقى نيجي نزورها 


قال فوزي مبتسمًا _ تنوري يامو عزيز 


اغتاظ فواز ليقول 


_ وابو عزيز 


_ لأ خليه في البيت دا مش محتاجينه 


ضربه فواز في بطنه ليتألم فوزي ويضحك فايز وهو يضم حبيب


_ أنت إللي جبته لنفسك ! ... 


_ بهزر معاك ياعم تنوروا أنتوا الاتنين  . 


_ اونكل اونكل ارميلي عزيز ! 


ارتفع صوت رقية تشد فوزي من بنطاله وتردف بكلماتها لينفجر الجميع بالضحك عليها .. تعرف عزيز وتعرف الفرق بينه وبين أخيه .. 


________


_ إيه الفستان الحلو دا ؟


قالت ريم التي كانت تقف بصعوبة بسبب أنها في آخر حملها لتبتهج رنيم ثم قالت 


_ شكرًا 


ثم سألت _ انتي هتولدي امتى ؟


تنهدت ريم في تعب ثم أجابت في تعب


_ خلاص أنا في آخر التاسع معرفش ليه اتأخرت كدة 


قالت رنيم _ إن شاء الله تولدي وتقومي بالسلامة


_ يارب  


ثم تبادلت أحاديث جانبية مع رنيم حتى أتت فجأة من خلف رنيم جميلة تتهادى بثوبها لتقول ريم في سعادة 


_ هيام ! 


تيبس جسد رنيم ما إن سمعت الإسم وذادت صدمتها وهي ترى هيام أمامها تحتضن ريم في اشتياق ! 


_ وحشتيني أوي 


قالت هيام لأختها فبادلتها ريم الإشتياق والسؤال عن حالها فلم تتوقع أن تفعلها أختها وتأتي كما وعدتها لتحضر معها ولادتها 

تبادلا أطراف الحديث ثم سألت رنيم بعدما تفاجئت أنها أرتدت الحجاب وأصبحت محافظة في ملابسها لتبدو أجمل وأفضل عن ذي قبل .. 


_ آه أمال انتي جبتي ايه ؟


تنهدت رنيم ثم أجابت في فخر 


_ ولدين عزيز وحبيب 


تلك اللئيمة .. فهمتها هيام فورًا وعلمت سبب اختيارها لهذه الأسماء  بالتحديد ... فهزت رأسها وقالت 


_ عزيز وحبيب آه!..امال هما فين ؟


تلكعت رنيم في الرد فلاحظت ريم الجو المتوتر فوضعت يظها فوق رأسها واستأذنت فهي في آخر أيام حملها ولا تقوى على تحمل أي مشاحنات وقالت رنيم 


_ مع المربية بتاعتهم .. أهي جات 


جائت المربية تجر عربة الأطفال المجهزة خصيصًا لهذا اليوم فانبهرت هيام بهذه الفخامة وللحظة شردت في حالها وما كان سيحدث لو كانت تنازلت وأنجبت من فواز ! .. لكنها نفت أفكارها فهي بالفعل تحب ذكي ولم  تتمنى يومًا أن تنجب إلا منه لكنها لا تستطيع رؤية رنيم في هذا الجاه وهذه الفخامة ...فدائمًا ما كانت منافستها وغريمتها .. فواز لا يهم هيام أبدًا لكن العداوة كانت بينها وبين هذه الممتلئة ! 


استنوا الفصل الجاي يا جواهر 🤍💎

إرسال تعليق

الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
”نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.“
لا يتوفر اتصال بالإنترنت!
”يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت ، يرجى التحقق من اتصالك بالإنترنت والمحاولة مرة أخرى.“
تم الكشف عن مانع الإعلانات!
”لقد اكتشفنا أنك تستخدم مكونًا إضافيًا لحظر الإعلانات في متصفحك.
تُستخدم العائدات التي نحققها من الإعلانات لإدارة موقع الويب هذا ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.“
Site is Blocked
Sorry! This site is not available in your country.