الجزء الثالث من الفصل الثامن عشر رواية الرقيقة والبربري
صمت رامي وهو يرى لأول مرة نسخة أخرى مختلفة تمامًا من رأفت ليكمل رأفت
_ ومستعد أعمل كدة مع أي حد يفكر بس يأذي بنتي ..
رمشت عيون رامي ورغم اختلاف الموضوع إلا أنه فكر للحظة .. ماذا لو عرف حماه عن علاقاته السابقة وخياناته المتكررة لنور ! .. وضع تفكيره هذا جانبًا ثم قال متفقًا مع رأفت
_ يستاهل .. أنا لو مكانك هعمل كدة .. ولازم كل كلب يفكر يقرب لطفلة .. يحصل فيه كدة ..
رأس رأفت مرفوع لأنه رجل عرف كيف ينتقم لابنته ولنفسه وللمجتمع كله بقتل ذلك المغتصب الحقير .. لكن رامي أكمل وقال
_ بس أهم حاجة محصلتش .. نور متعالجتش ! ...
وكأن رأفت لم يفهم ليكمل رامي
_ نور محتاجة تتعالج وتفوق من الصدمة دي لأنها لسة مأثرة عليها .. محتاجة طبيب ومحتاجة معالج نفسي كمان.. نور بعد إللي مرت بيه محتاجة فريق نفسي كامل يساعدها تتخطى إللي هي شافته .. إللي شافته مش قليل !
عمَّ الهدوء الغرفة بعد كلمات رامي، لكنه لم يدم طويلًا، إذ انفجر صوت رأفت بنبرة حادة ملؤها التوتر
– تتعالج؟!إنت بتقول إيه يا رامي؟!بنتي مش مجنونة!نور كويسة، وقفت على رجليها، وحبتك واتجوزتك!إنت إزاي تفكر كده؟ كل الموضوع ان نور رقيقة أوي ... بنتي أنضف وأطهر من إنك تتكلم عنها كده!
رفع رامي عينيه نحو رأفت، ونبرته كانت حازمة رغم خفوت صوته
– أنا مقولتش إنها مجنونة... أنا بقول إنها موجوعة!اللي حصل مش بسيط، ومينفعش نكمل حياتنا كأن مفيش حاجة حصلت، وهي جوّاها حرب مش بتخلص!
هز رأفت رأسه بتعجّب ونفاد صبر
– لا، دي بنتي وعمري ما أدخلها مستشفى المجانين ولا أرميها لدكاترة يجربوا فيها وهي أصلا سليمة !أنا شايفها عايشة وبتضحك وبتحاول!وانت بدل ما تطبطب وتحتويها، عايز تبعتها لدكاترة؟!تبقى أنت اللي مش قد المسؤولية!
وقف رامي بثبات، وعيناه تفيضان بوجع أكبر من الكلام
– يمكن أنا مش قدها...بس متأكد إني مش هكمل وأنا شايفها بتنزف من غير ما أقدر أعمل حاجة.أنت شايفها بتتحسن، بس أنا شايف الحزن في كل حركة وسكوت وضحكة.. أنا إللي عايش معها
هبَّ رأفت يصيح فيه معترضًا بشدة
_ أنت مش هتعرف بنتي أكتر مني ! بنتي طبيعية وكويسة ومش هخلي حد في يوم يقول عنها انها تعبانة ولا مجنونة وأنت أول واحد ..
ليرد عليه رامي والحسرة والحزن طغوا على نظرات عينيه حتى شعر بأنه لا يرى جيدًا بهما مرددًا بصوت متألم
_ بنتك مش طبيعية وأنا جوزها وأكتر واحد عارف انها مش طبيعية ! مسألتش نفسك أنا وهي مخلفناش لحد النهاردة ليه ؟ مش عاوز أحكيلك وأفسرلك يا رأفت باشا بس أنا عايش كأني مش عايش وكل فين وفين ما بنتك بتخليني اقربلها .. غير كدة بتعيط أو حتى تصوت وتصرخ زي مانت شوفت قبل كدة ..
وقف رأفت يشده من قميصه وينظر له في غضب وشراسة
_ أنت إللي حيوان ومش عارف تصبر عليها .. أنت إللي عايز تتعالج مش هي !
تأمله رامي .. يرى في عينيه أب غاضب يدافع عن ابنته بشراسة .. لكن من زاوية أخرى .. هو رجل أناني بفكر محدود .. سكت للحظة، ثم قال بوضوح كأنه قرار لا رجعة فيه بعدما لم يجد بُد من المناقشة ..
– أنا كده هطلق نور.
كملوا للجزء الرابع من الفصل ..