الفصل الثامن والخمسون بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات
عشق أولاد الذوات:
فواز شعر بالغضب والحزن في آن واحد. كان يعرف أن والده عاش حياة قاسية، وأن تجربته المؤلمة شكلت الكثير من سلوكياته، لكن في نفس الوقت، لم يستطع فواز تقبل أن تلك المخاوف غير المبررة جعلت والده يحاول التدخل في زواجه من رنيم. ومع ذلك، بدأ فواز يتفهم الدوافع خلف سلوك والده، وأن ما كان يبدو قسوة لم يكن سوى خوفًا عميقًا من تكرار المأساة.
_ أنا بحبك .. خوفت تعرف حقيقة أمك نفسك تتكسر وأنا ربيتك على عزة النفس والقوة ومكونتش هسمح أبدًا إنك تتكسر أدام أي حد... كان عندي مخاوف كتير بس كل إللي كان يهمني ان فواز باشا زين الدين ميحطش راسه في الأرض أبدًا .. ولا مشاعره تتحكم فيه ولا حد يسيطر عليه ..
لم يتحدث فواز وأكمل زين
_ أنا اتجوزت فوزية عشانك بعد ما جوزها طلقها وأدام كل الناس كنت أنت إبنها هي والخاينة ابنها مات مجاش ! .. عمرها ما قصرت لحظة معاك وخلت حياتها ليك لحد ما قدرت أحس ناحيتها بحاجة وجبنا أخوك فايز وبعده أخوك فوزي .. وعشنا بجرحنا جوانا والصدمة لحد النهاردة ...
شعؤ فواز بالشفقة على والده رغم أفعاله الخطيرة وأخطاءه ، توسله زين
_سامحني ... دا طلبي منك .. سامحني عشان أنا عيشت عشانك .. عشان أعوضك وأربيك في حضني واحميك
قال فواز بعيون ملتهبة من الدموع الصامتة
_ أنت عملت عكس دا
رد وحاله لم يختلف عن حال إبنه
_ مكونتش أعرف.. مكونتش أعرف إن تربيتي ليك طلعت وحشة كدة بس نيتي كانت حمايتك .. خوفي ورعبي عليك .. هاجس دايما بيوسوسلي انك هيجرالك زي ما جرالي خصوصا انك شبهي في كل حاجة .. شكلك وطريقتك وتفكيرك .. كأنك نسخة مني !
_ لآخر لحظة كنت عاوز تفرقني عنها
قال فواز بعيون متهمة ليقول زين في حزن وغضب
_ رنيم زيها .. نفس جسمها وتصرفاتها .. هدوئها ومسكنتها .. كل حاجة يا فواز .. أنا عارف إني غلطت كتير ومش عارف أعمل إيه أكفر بيه ذنبي .. بس كنت شايف حياتي بتتعاد مرة تانية فيك !
هز فواز رأسه وقال _ أنت عملت كتير أوي في رنيم .. انتقمت منها من غير ذنب .. مخانتنيش ولا سابتني فحليتها تبان انها خاينة وكلبة فلوس
_ أنا آسف ...
دموع زين الدين لم يتحملها قلب ابنه لكنه مع ذلك عاتبه
_ آسف دي مش ليا .. أنت كدة كدة أبويا ومش هيهون عليا اني أسيبك يجرالك حاجة بس رنيم ! اللي عمرك ما احترمتها ولا قدمتلها اعتذار واحد
قال زين في صدق وندم حقيقي بعدما راجع نفسه هذه الأيام
_ هتعذرلها وهعوضها عن كل الوحش إللي عملته
نظر له فواز وصمت وتملكه إحساس غريب بالمصالحة. رغم كل الألم والخيانة التي تعرض لها والده، ورغم كل الصعوبات بينهما، عرف فواز أن الحل لن يكون سوى في التسامح والمضي قدمًا... شعر بالشفقة والتعاطف تجاهه فهو الآن يرى والده شاب خانته زوجته وهربت وهي مازالت على ذمته وعلى اسمه وأضاعت عرضه وشرفه وماله فدفنته وهو على قيد الحياة
قال فواز بصوتٍ متأثر _ كل دا حصل ! للدرجادي الست إللي خلفتني كانت وحشة أوي كدة .. لسة على ذمتك ؟
قهر الرجال كان صعبًا وتجرعاه تجرعًا .. امرأة واحدة وخطأ واحد أضاعت حيوات آخرين ...
_ انت اتحملت إزاي؟
سأل فواز ليقول زين والألم يعتصر قلبه حزنًا على حاله
_ متحملتش.. بقيت مريض قلب وانا لسة مكملتش التلاتين .. مريض قلب وضغط ومشاعري مبقتش حاسس بيها .. والسنين عدت وأنا بخبي وبقوى وأي حاجة مبشوفش فيها مكسبي بسيبها ومبحاولش معاها ..
نظر فواز له قهر قهر ثم نطق بإسمه
_ بابا !
نظر له زين في خذلان وخجل ينتظر عفوه كطفل صغير فرفع فواز يده له ويقبلها ليشعر زين أن قلبه تعافى بالكامل بينما يقول فواز
_ أنا آسف على كل حاجة عشتها .. وآسف على إللي اتعمل فيك .. ومش عاوز نفتح الموضوع دا تاني .. أنت أبويا وفوزية أمي !
بكى زين الدين فرحًا فوقف فواز ليميل عليه ويضمه وبقدر ما استطاع بادله زين الحضن ودموعه تسقط في سعادة شديدة وقرر فواز أن يغلق هذا الحديث تمامًا وأن يمنع الحديث عنه فما سمعه ذاد جرحه فكيف لرجل أن يتحمل سماع كل هذا عن أمه حتى وإن لم يراها ! ...
سامح فواز زين وخرج من الغرفة بعدما ظل معه قليلاً يحاول مسح دموعه ومداواته وتشجيعه على أن يعود لصحته ولمكانه قريبًا ..
خرج من الغرفة ليجد اخوته متجمعين هناك وفوزية بينهم قلبها يرتجف داخل صدرها ليشعر بالشفقة الشديدة عليها فهي أيضًا خانها زوجها وترجعت الألم والحزن ومع ذلك ربته واهتمت به ولم تنتقم من أمه فيه ولم يرى منها طوال حياته أي قسوة ..
ابتسم لها فواز ليرفرف قلبها وتذهب له بسرعة ليقابلها هو الاخر ويقفا في نصف الطريق وأخذها بين زراعيه ليغطيها بقامته وينظر ليجد إخوته يهنئون بعضهما وكذلك زوجاتهما ليبتسم وتذيد فرحته ثم أخرج فوزية من حضنه ليقول
_ مش عاوز أشوف دموعك دي يا ماما أبدًا ..
شهقت من السعادة بينما تردد _ ماما !
أكد فواز وهو ينظر لها في حب خالص كمشاعر إبن خقيقي وأمه
_ أيوة ماما .. انتي أمي إللي أنا أعرفها ومش عاوز أعرف غيرها ...
بكت فوزية أكثر ولم تجد كلماته تجيبه سوى السعادة والفرحة الشديدة وهي تضمه بشدة إلى حضنها وقد ذهب كابوسها وسامحها إبنها وارتاح قلبها ... وبعد كل هذا العذاب
قرر فواز أن حياتهم القادمة لن يتذوقوا فيها الألم أبدًا ... ستنتهي الصراعات وتختفي مشاعر الكره والحقد ولن يبقى بين العائلة سوى الحب والرحمة
______
نهاية الفصل .. فاضل الخاتمة 😡😭
_________