الفصل الرابع والخمسون بعد المائة من رواية عشق أولاد الزوات 🤍🤍🤍💖
عشق أولاد الذوات
كان فواز يجلس فوق فراش رنيم عاري الصدر صامتًا كعادته فدخلت عليه رنيم ووقفت أمامه تسند ظهرها للباب لكنه اعتدل وشدها من يديها لتسقط في حضنه ويأخذ منها قبلة عميبة قاسية سلمت فيها رنيم لها كل راياتها رغم عنفه وغضبه .. لكنها استسلمت للأمر وتقبلت صفاته التي من الصعب التكيف معها
_ براحة بس يا روحي
قالت بعدما افلتها بصعوبة لينظر لها نظرة قاسية ثم مالت نظرته وأخذها في حضنه لتنام فيه في هدوء لا تحصل عليه إلا بين زراعيه
_ مش هتشوفه !
سألت رنيم بعد لحظات من الصمت وهي تتلمس عضلات صدره
_ روحله يا حبيبي
طلبت منه في رفق ليرد
_ لأ
_ علشان خاطري !
همست لكنه لم يتفاعل ولم تتزحزح ملامح الغضب من فوق وجهه
_ فايز بيقول إنه بيموت !
_ عاوز أبوه وأمه جمبه مش عاوز يخسر خالص
ردد فواز في حنق لتمنعه رنيم عن هذه النبرة
_ فواز متقولش كدة
_ وعوزاني أقول إيه
سأل في غضب لتضع يدها فوق موضع قلبه وتنظر داخل عينيه في رقة وتوسل
_ تقول إللي قلبك الجميل عاوزك تقوله
اعتدل فواز وأبعدها عنه دون رد لتكمل كلامها علها تؤثر فيه
_ مامتك عيطت كتير واتحايلت عليا عشان تشوفه
نظرة السخرية التي أعطاها لها جعلتها تدرك أن خذلانه منهم لن يُشفى بسهولة
_ إيه هي مش مامتك ؟ الأم هي إللي ربت واهتمت وتعبت عليك مش
أوقفها فواز بكلمة مقتضبة وأسنانه تحتك ببعضمها
_ خلاص ! ..
_ مش خلاص .. أبوك بيموت !
قالت رنيم معارضة له لأول مرة بعد هذه الأزمة فقال فواز
_ بقيتي بتحبيه خلاص ؟
قالت رنيم في رقة
_ بحبك أنت .. وعارفة إنك مش قادر تقعد هنا وهو هناك في المستشفى
شرف فواز في الرد لكن الدق على الباب قاطعه ليأمرها
_ متفتحيش
لكنها عاندت وارتدت وشاح الصلاة وفتحت الباب فدخل فايز بسرعة دون سابق إنذار ووقف أمام أخيه بعيون حزينة وتبعه فوزي فورا ليحتلوا الغرفة على فواز
_ للدرجادي بقيت كارهنا !.. الأخوة إللي بنا خلاص اتبرئت منها !
قال فايز ليضيف فوزي في تأثر
_ أنت أخونا الكبير يا فواز
_ فايز أخوك الكبير
قال فواز لينصدم الإثنين ليتوجه هنا فايز بسرعة ينفي ما قاله
_ لأ فايز أخوك الصغير ومن غيرك ولا حاجة
_ أنت إزاي تقول كدة ! .. حتى لو أمنا مش واحدة بس إحنا لسة اخوات
هدر به فوزي والوضع يرعبه ففي يوم وليلة تغير كل شيئ
توسل فايز _ أرجوك تعالى شوف بابا .. هو محتاجك أوي
ليقول فواز في تهكم
_ قلقانين على ابوكوا وامكوا .. من حقكوا .. وأنا من حقي إني مروحش
_ بقت ابوكوا وامكوا
هنا دخلت فوزية التي سمعت كلامه ليشيح فواز بنظره عنها ويرتفع صدرن وينخفض في عنف ثم شد قميصه ليرتديه فنظرت له بأعين دامعة معاتبة
_ بتلبس ليه وبتغطي نفسك ادامي !
اقتربت منه ومسكت وجهه دون ارادته تقول بقوة
_ أنا إللي ربيتك .. أنت أول ما شافت عنيا !
نزع فواز نفسه منها ورنيم لم تتدخل بل وقفت تشاهد وهنا نظرت لهم فوزيةوأمرت
_لو سمحت امشوا
خرجوا وبقى فوزية وفواز معًا فقط
_ هونت عليك !؟
سألت بقلب أم مسكينة قسى قلب إبنها عليها لتقترب منه وتسأل في انهيار
_ أنت عارف معاملتك دي عاملة في قلبي إيه ؟!
_ وانتي مش عارفة إللي عملتوه عمل فيا أنا إيه!!
شاور على نفسه في قهر لتقول من بين دموعها
_ أنت أول ما عرفت اعتبرتني مش امك في ساعتها !
رق صوتها ومسح هو دموعه لا يريدها ان تسقط مرة أخرى وشعور الغربة مازال يسيطر عليه بينما هي تقول وتشرح بين بكاؤها
_ عشان كدة خوفت .. عشت طول عمري خايفة تعرف وتسيبني بعد ما قلبي كله بقى ليك أنت بس .. أنا مفيش واحد في اخواتك حبيته أدك
لم يقدر على النظر في عينيها لتقول مسترجتة ذكريات الماضي
_ أنت إللي كنت تاخدني في حضنك لما أعيط وانهار .. كنت عيل سنتين وتشوف دموعي تجري تحضني وتطبطب عليا وفضلت طول حياتك كلها كدة .. أنت سند ليا أكتر حتى من أبوك .. يمكن أنت إللي صبرتني على عيشتي معاه
لم يستجيب لها رغم دموعه التي لم يستطع السيطرة عليها لتكمل
_ أنت حبيبي .. أنت كنت شريكي في زعلي وحزني كنت ببصلك واقول إزاي جالها قلب تسيبك وتمشي ! .. كنت حاسة إن أنت كمان اتخانت واتجرحت .. أنت عارف هي هربت مع مين ؟ .. مع جوزي .. !
نظر لها فواز في هلع وكأن كلماتها تذيد جرحه وهي تخبره عن ماضي أمه القذر ! هل كانت أمه بهذا السوء
_ كنت خايفة عليك تتجرح لما تعرف ! وكنت خايفة يبقى فيه مسافة ما بنا . كنت خايفة تعاملك معايا ميبقاش تعمل ابن مع أمه . .. زي دلوقتي بالظبط ..
ثم بكت بينما تهدر فيه
_أنت بتجرح قلب أمك مش قلب واحدة غريبة عليك فوق أنا أمك يا فواز أمك
صمت فواز ثم هز رأسه ورفعها للأعلى كأنه يسأل ربه لماذا أبليتني بهذا البلاء ! أم ليست بأم والأم الحقيقية فاجرة وخائنة تخلت عني وهربت مع عشيقها !
نظر لها فواز وكأن روحه غادرت جسده
_ أنا للأسف فوقت وعرفت
فوزية وقفت في زاوية الغرفة، يديها ترتجف وهي تحاول أن تتماسك. قلبها مكسور، فجموده وصده لها جعلها خائفة ... خائفة أن يكون هذا نهاية العلاقة التي قضت حياتها كلها تبنيها. كانت تحبه كأنه ابنها من دمها ولحمها، وربما أكثر. فواز لم يكن يعرف أنها ليست والدته الحقيقية، وكانت هي وزين الدين متفقين على أن يُخفيا عنه هذه الحقيقة. كان الهدف أن يحمياه من الألم، من الخيبة، من جرح أن أمه الحقيقية تخلت عنه... كان الهدف أن يظلوا في نفس مكانتهما عنده ..
"كيف سيقبل هذا؟ هل سيكرهني؟" كانت هذه الأسئلة تدور في ذهنها دون توقف. الخوف كان يتملكها، فلطالما كانت أمًا له بكل شيء، من أول لحظة حملته بين ذراعيها حتى الآن. لكنها تعلم أن هذه الحقيقة، التي كانت تخشى اليوم الذي ينكشف فيه، قد تكون أقوى من أي حب.
_ أنا أمك!
بكت فوزية تتوسله أن يعيدها كأمه ليشيح بوجهه عنها ويكتم وجعه داخله
_ متعملش فيا كدة بعد كل السنين دي .. افتكرلي حاجة حلوة بس !
لم يجيبها لترتفع شهقاتها .. صوت البكاء الذي لم يدعها تبكيه طوال حياتها وهي معه فقد كان الحمى والسند وأسد أمه لا يترك أي شيئ يرهقها ولا يدع أحد يدعس لها على خاطر !
خرجت فوزيو منارة ليتلقاها فايز وفوزي يطمىنون عليها ودخلت رنيم الغرفة لتجد فواز يضع رأسه بين يديه ورفع رأسه ينظر لها والدموع في عينيه لتجري عليه وتحضنه .. حضن فقط هو كل ما كان يحتاج وأي كلمة لن تفيده ..
____
في الجانب الآخر في المستشفى ... زين الدين كان هو الآخر مازال متأثرًا بشدة بالمرض ... عندما علم أن فواز عرف الحقيقة، شعر كأن سكينًا اخترقت قلبه. حاول أن يتماسك، لكن الألم النفسي كان أقوى من أي شيء. لم يستطع أن يتخيل ماذا سيحدث لعلاقتهما كأب وابن. فواز، الذي طالما اعتبره ابنه ووقف بجانبه في كل محنة، كيف سيواجهه الآن بعد أن عرف أن أمه الحقيقية خانته وهربت، وأنه هو الآخر أخفى عنه هذه الحقيقة المؤلمة؟
زين الدين، الذي كان يعاني من مشاكل في القلب منذ فترة طويلة، لم يتحمل الصدمة. بمجرد أن استوعب أن فواز قد اكتشف السر، فقد توازنه وسقط أرضًا. ارتجفت يداه وبدأ يتنفس بصعوبة . نقلوه على الفور إلى المستشفى، والأطباء قالوا إنها أزمة قلبية، وكانت حالته حرجة.
فوزية، التي كانت تشعر أن حياتها تتفكك أمام عينيها، جلست في المستشفى بجواره، تنتظر الأخبار بفزع. كانت دموعها لا تتوقف، وفكرة أن تفقد زين الدين الآن كانت أكثر من أن تتحملها. وفي نفس الوقت، كان خوفها الأكبر هو أن فواز لن يعود يحبها كما كان، وأن علاقتها به لن تكون كما كانت من قبل. كانت تتساءل: "هل ستكفي كل سنوات الحب والرعاية؟ هل سيفهم أنه كان من أجل حمايته؟ أم سيبتعد للأبد؟"
لم يتوقف فايز وفوزي عن المحاولات لإقناع فواز بالذهاب لكنها كلها كانت فاشلة ..
فوزية ذهبت لتجلب لها ماء لتشربه لتعود وتخبرها الممرضة في قلق
_ مينفعش زيارات لأستاذ زين دلوقتي خالص لكن ابنه أصر .. لو حد عرف هيبقى فيه عليا مشكلة كبيرة لو سمحتي خليه يخرج
_ إبنه!
رددت فوزية في استغراب شديد ففايز وفوزي يعرفان مواعيد الزيارة ومدتها
توجهت لزجاج الغرفة فورًا وهنا صُدمت عندما اكتشفت هوية الزائر .. لا تصدق أنه أتى
_ فواز
همست فوزية وهي ترى فواز يمسك يد أبيه ويضع رأسه فوقها كأنه يتوسله ان يستيقظ
_________
**نهاية الفصل**